الجمعة 17 شوال 1445 - 26 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-03-13 الساعة 14:07:52
إن هذا الدين يسر /3/
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 27 من جمادى الأولى 1438 هـ - 24 من شباط 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله r، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

اللهم ارحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: كنا نتكلم في الخطبة المنصرمة عن دعائم وأسس هذا الدين، وهذا التشريع الإسلامي التي بني عليها، وقلنا مِن أهم الدعائم: العلم: فأول كلمة نزلت في ديننا "اقرأ". ثم الرحمة: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ([الأنبياء: 107]. ثم اليسر: فهذا الدين يسر، ((إن خير دينكم أيسره))، )يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ([البقرة: 185]. ومن هذه الدعائم: التسامح والفطرة السليمة: فقد جاء تشريعنا بالفطرة السليمة التي تتماشى مع خلق الإنسان، وبالتسامح، ((بعثت بالحنيفية السمحة)). ومن أركان ودعائم هذا الدين: الأخلاق:) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ([القلم: 4], ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) أو ((مكارم الأخلاق)).

وتكلمنا عن الرحمة، وعن يسر هذا الدين، ورأينا في الخطبة المنصرمة كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبدى مَظهراً جميلاً مِن مظاهر يسر هذا الدين وهو المزاح، فيقول عليه الصلاة والسلام: ((إني لأمازحكم ولا أقول إلا حقاً))، قالوا: يا رسول الله إنك لتمازحنا! قال: ((نعم، ولا أقول إلا حقاً))، ورأينا في الخطبة المنصرمة ما هو المزاح المحرم شرعاً، وما شروط المزاح المباح.

واليوم نتكلم عن مظهر جديد من مظاهر يسر هذا الدين، وهذا المظهر هو ملاعبة الأطفال والأولاد ومداعبتهم، فرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أرسل رحمة للعالمين كان من شمائله وأخلاقه وصفاته أنه يُداعب الأطفال الصغار ويُلاعبهم، وأظن أنَّ هذا مظهر عظيم من مظاهر هذا الدين، تخلينا عنه في كثير من مفاصل حياتنا، فرسول الله صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى حثه على تعليم الأطفال، وعلى العناية بسلوكهم، وحفظ كتاب ربهم، وشمائل وأخلاق نبيهم، وحَثِّهم المتواصل للأطفال والأولاد على قوة الإيمان وتقوى الله عز وجل، وعلى أن يَغرس في نفوسهم مسؤوليةً مُنذ الصغر، بالإضافة إلى هذا كله لم يكن ينسى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذلك الجانب الهامَ الموجودَ عند الولد والطفل والفتاة الصغيرة، بل كان عليه الصلاة والسلام يُلاعبهم ويُداعبهم لِيُبين لنا أن هذا الدين دين الفطرة، رُبما يأتيك تشريعات كثيرة لكنك تجد في مفاصلها ما يَتناقض مع الفطرة، وأن ((هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)).

فرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري، عن سيدنا أنس رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس خُلُقاً، هكذا يقول سيدنا أنس، كان أحسن الناس خلقاً، وكان لي أخ يقال له: أبو عمير، أحسبه فطيماً -يعني الآن فطمته أمه- صغير جداً، فكان إذا جاء قال: ((يا أبا عمير، ما فعل النغير))، النُّغير: طائرٌ صَغير كان عنده يَلعب به: ((يا أبا عمير، ما فعل النغير))، أحسبه فطيماً، ولد صغير، فكان يلاعبه صلى الله عليه وسلم.

وكان يقول لسيدنا أنس في حديث الترمذي وأبي داود وأحمد، كان يُمازحه ويُداعبه ويقول: ((يا ذا الأذنين)).

ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه ابن حبان في صحيحه، وبمعناه أخرج البخاري ومسلم وغيرهما أيضاً، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدلِعُ لِسَانَهُ لسيدنا الحسين، يخرج لسانه مِن فِيْهِ، إذا فعل أحدنا ذلك يُلعب ولداً الآن يقال عنه عقله صغير، يعني سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم -والحديث صحيح- يقول سيدنا أبو هريرة: كان يُدلع -أي يخرج- لسانه يمسك سيدنا الحسين ويخرج لسانه من فيه، قال: فيرى الصبي حمرة لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهش إليه، يبتسم ويضحك هذا الصغير، سيدنا الرسول أخرج لسانه، فيرى حمرة لسان النبي صلى الله عليه وسلم فيهش إليه، أي يبتسم ويضحك، فقال له عيينة بن حصن بن بدر، صحابي جليل، قال له: ألا أرى تَصنع هذا بهذا، والله إني ليكون لي الابن قد خرج وجهه وما قبلته قط، قال له: بحياتي ما قبّلت ولداً، فقال له عليه الصلاة والسلام: ((مَن لا يرحم لا يُرحم)).

ومثله حديث سيدنا الأقرع بن حابس رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَبَّل ولداً مِن أولاد بناته، فقال له سيدنا أقرع بن حابس لما رآه يُقبل هذا الولد الصغير قال: والله يا رسول الله إن لي عشرة مِن الولد والله ما قبلت واحداً منهم قط، قال له: والله بحياتي ما قبلت واحداً مِن هؤلاء الأولاد الصغار، فقال عليه الصلاة والسلام: ((مَن لا يرحم لا يُرحم)).

فالشاهد: يُداعب سيدنا الحسين، يُخرج لسانه فيرى حمرة لسانه فيهش إليه.

الحديث الثاني: أخرجه البخاري في الأدب المفرد والطبراني، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سَمْعَ أُذني هاتين وبَصَرَ عَينَيَّ هاتين، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ بكفي الحسن أو الحسين، -نَسِيَ مَن سيدنا الحسن أم سيدنا الحسين، وكان الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الإخوة إذا شك في شيء ذَكره في حديثه، في حديث سيدنا معاذ الذي تحفظونه قال: ((ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يَكب الناس على وجوههم في نار جهنم)) ثم شك الراوي قال: ((أو قال على مناخرهم))، قال: أنا نسيت، سيدنا الرسول قال: يَكبهم على وجوههم أو على مناخرهم، والله نسيت، فكان يذكر إذا شك في الحديث، ((هل يكب الناس على وجوههم أو قال على مناخرهم في نار جهنم إلا حصائد ألسنتهم))- فهو سيدنا أبو هريرة هنا شك: سَمْعَ أذني هاتين، وبَصَرَ عيني هاتين، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ بكفي الحسن أو الحسين، وجعل قدميه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني أمسكه مِن يديه وأوقفه، ووضع رجليه الصغار على رجلي سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ارقَه ارقَه، -يعني اطلع بالعامية- يمشي على صدره رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول له: ارقَه، -هنا الهاء هاء السكت، ارقه، قال: فرقي الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((افتح فاك))، قال: ففتحه، قال: فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليس قَبَّلَ فَمه قَبَّلَ الصَّغير، كان رسول الله يُلاعب الأطفال ويُداعبهم, يُحب الأطفال الصغار، قال: فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ((اللهم أحِبَّه فإني أُحبه)).

وذكر ابن حجر العسقلاني رحمه الله صاحب فتح الباري المحدث الحافظ أمير المؤمنين في الحديث مشهور جداً، ذَكر هذه القصة في كتاب الإصابة في تمييز الصحابة، وزاد في رواية هذا الحديث أن رسول الله كان يقول له: ((حُذُقَّه حُذُقَّه، تَرَقَّ عَينَ بَقَّة))، قال: الحُذُقَّة: هو الضعيف المتقارب الخطوات، الصغير المتقارب الخطو في اللغة العربية يُقال له: حُذُقَّه، تَرَقَّ: يعني اصعد، عَينَ بَقَّة، بالنصب، أو عينُ بقة، يعني يا عينَ بقة، مِن باب الكناية، أي :يا مَن عينه عين بقة بالرفع، قال: هو كناية عند العرب عن صِغَرِ عَيني الصغير، إذا كانت عُيونه صغيرة يقولون: عين بقة، البَقَّة الناموسة، ((حُذُقَّه حُذُقَّه، تَرَقَّه، عَينَ بَقَّة)) هذه في الإصابة لابن حجر العسقلاني، انظر إلى يسر هذا الدين، وملاعبة ومداعبة النبي صلى الله عليه وسلم للأطفال.

الإمام أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، والنسائي في سننه، أخرجوا جميعاً عن سيدنا شداد بن الهادي الليثي، يقول سيدنا شداد رضي الله تعالى عنه: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا في إحدى صلاتي العشي، الظهر أو العصر، نسي لاحظ إذا شك الراوي كان يذكر شكه في الحديث، لدقتهم في نقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لأن رسول الله قال: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار))، وهذا الحديث قال العلماء: متواتر معنوي، وبعضهم قال: متواتر لفظي، حديث صحيح متواتر، فكانوا يخافون إذا نقلوا حديث رسول الله وشكوا في كلمة أو في معنى ذكروه، قال: خرج علينا رسول الله إلى المسجد من حجرته، وهو حامل أحد ابنيه الحسن أو الحسين، قال: فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة، وقف في المحراب ليصلي بالناس، فوضعه عند قدمه اليمنى، ثم صلى بالناس، والصغير قاعد في الجامع أمام سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدة فأطالها، يقول سيدنا شداد راوي الحديث: فرفعت رأسي مِن بين الناس كل الناس، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد، وإذا الغلام راكب على ظهره، قال: فعدت فسجدت، قال: فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن صلاته، قال الناس: يا رسول الله، لقد سجدت في صلاتك، هذه سجدة ما كنت تسجدها، أفشيء أُمرت به؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((صلوا كما رأيتموني أصلي))، أفشيء أُمرت به، أو كان يُوحى إليك؟ سيدنا الرسول كان في الصلاة أحياناً يُوحى إليه، يا رسول الله، لقد سجدت في صلاتك هذه سجدة ما كنت تسجدها، أفشيء أُمرت به، أو كان يُوحى إليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ ذلك لم يَكن، ولكن ابني هذا ارتحلني -ركبني مثل الراحلة- فكرهت أن أعجله حتى يَقضي حاجته))، الله أكبر، سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم طول صلاته كلها لأنه سيدنا الحسن أو الحسين ركب على ظهره في الصلاة، حتى لا يعجله فأطال السجود، ما هذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، الحديث صحيح أخرجه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين، والإمام أحمد في مسنده، والنسائي في سننه، هذا هو نبينا العظيم صلى الله عليه وسلم.

أحاديث كثيرة -أيها الإخوة- تُبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُلاعب الصغار، وكان يُداعبهم لِيُعطي هذا الدين هذا المظهر الحقيقي له، وهو اليسر، ((إن هذا الدين يسر، ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه)).

نعم، ولكن -أيها الإخوة- سؤال هام: نحن في هذه الأوقات كثيراً ما نرى الآباء يأخذون الأبناء إلى أماكن الألعاب، اللهو واللعب، اللهو المباح، هل أخذ الأولاد لهناك ولعبهم، فيه شيء من الناحية الشرعية، أبداً، بالعكس، هكذا أنت تُفرح قلبه، ونقول له: إنك تُراعي سِنَّه، وإنك حريص على أن يتمتع بطفولته، وهناك أشياء أخرى هامة، أن نَلعب معهم، يعني أن يكون هذا اللعب لعب فيه رياضة لهم، رياضة لأجسامهم، وهذا فقدناه في كثير من مرافق الحياة اليوم، كما ورد في الحديث الذي رويته لحضراتكم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَصف سيدنا عبد الله وعبيد الله، وكثير من أولاد العباس يصفهم رسول الله، ثم يقول لهم: مَن سَبق إلي فله كذا وكذا، قال: فيتسابقون، ((مَن سبق إليَّ فله كذا وكذا))، قال: فيتسابقون إلى رسول الله، فيقعون على بطنه وظهره، وكان رسول الله يُقبلهم ويلتزمهم.

إذاً كان يُلاعبهم يعلمهم المسابقة، والأثر المعروف عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، بعض الناس يقولون عنه حديث: ((علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل))، هذا الحديث موقوف على سيدنا عمر بن الخطاب: ((علموا أولادكم العوم، وعلموا مقاتلتكم الرمي))، مقاتلتكم جمع مقاتل، علموهم الرمي، وفي رواية عن سيدنا عمر: (علموا أولادكم العوم والرمي، وخير عمل المرأة المغزل، أو خير لهو المرأة المغزل)، علموا البنات الصغيرات يَغزلوا، يعني يَشتغلوا بالسنارة، هذا كلام سيدنا عمر، ورفعه إلى رسول الله، هذا الحديث لا يَصح فيه إسناد، لكن إسناده ضعيف، وله إسنادان، وكلا الإسنادين ضعيف، هذا الأمر إذاً أن نُعلم أولادنا السباحة، أن نعلمهم السباق، أن نعلمهم الرياضة في الأمور الجسدية مطلوب جداً، بالإضافة إلى أن نُمازحهم وأن نُلاعبهم، وأن نأخذهم إلى مدينة الملاهي، هذا يُقوي مِن بنياهم، يَجعلهم يتعرضون للشمس، يجعلهم أكثر نضجاً وأكثر قوة، هذا شيء هام، ولكن شيء هام آخر أن كثيراً مِن أولادنا اليوم يجلسون ساعات طويلة خلف الفضائيات، وهذا أمر تجدر الإشارة إليه وهام، يقعد ساعتين أو ثلاثة أو أربعة، يقلب من قناة إلى قناة، ويجلس ساعات طويلة خَلف الشاشة، المعالجة الصحيحة لا أن نمنعه فجأة، المعالجة الصحيحة أن نُبين له آثار ضرر هذه المشاهدة الطويلة، وأن هذا الغلام هو غلام عليه مسؤولية كبيرة في المستقبل، لا يَجلس خلف التلفاز، هناك برنامج للأطفال عوض أن تأخذ بيد أطفالنا إلى الخير تأخذهم إلى السوء، إما من خلال مناظر غير سليمة، معيبة أن يراها الطفل، ولو كانت أفلام كرتون لكن معيبة، أو أشياء خيالية أصبحت مخيلة الطفل بالمركبات الفضائية، وهذه المركبة اسمها كذا، وهذه المركبة اسمها كذا، هذه الأمور تضر بالبنية النفسية للطفل.

أيها الإخوة: الحديث تعرفونه أخرجه الإمام الترمذي، والإمام أحمد، يقول لسيدنا ابن عباس وقد أردفه خلفه، أركبه وراءه إما على الجمل أو على الفرس، فيقول سيدنا ابن عباس: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات، وقد أردفني خلفه: ((يا غلام، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت -أو لو اجتمعوا رواية- على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، رُفعت الأفلام وجفت الصحف))، يعني ما قُدر وكُتب في اللوح المحفوظ فهو كائن، معنى رُفعت الأقلام وجفت الصحف، المكتوب انكتب، فإذاً لا أحد يَستطيع أن يَضرك، ولا أحد يَستطيع أن يَنفعك، انظر إلى توجيهات رسول الله بقوة الإيمان للطفل، هذه نفتقدها اليوم، يعني نلاحظ أحياناً نحن الآباء نحتاج من يُقوي إيماننا، أو نفتقد الوسيلة في تعليم الأطفال، كيف نحن نعلمهم قوة الإيمان؟ ((احفظ الله يحفظك)) كيف نعلمهم مراقبة الله عز وجل، فالحل هو ليس فقط بالمنع من مشاهدة الفضائيات، الحل أولاً: بساعة يومياً، ثانياً: بألعاب أخرى قابلة لتمرين عقل الطفل، هناك ألعاب فيها أشكال معينة، في أمور على الحاسب فيها ألعاب مُهمة، ثقافية علمية، أسئلة وأجوبة وما شابه ذلك، استبدال هذا الوقت الضائع عند الطفل بوقت هام جداً في ثقافته، أيضاً أن نحرص على تعليمهم القرآن الكريم، فالحديث في مسند الربيع وفي غيره: ((علموا أولادكم القرآن، فإنه أول ما ينبغي أن يتعلم مِن علم الله هو))، هو يعني القرآن من علم الله، أول شيء يجب أن يتعلمه مِن علم الله هو القرآن.

هناك شيء هام جداً في الصيف وفي الشتاء، الآن الدورات موجودة في كل المساجد صيفاً وشتاءً لتعليم الأطفال القرآن الكريم، بالقرآن الكريم تستقيم ألسنتهم، يَستقيم نطقهم، تتوسع مداركهم، يُصبح الطفل عنده فصاحة في الكلام، أشياء كثيرة -أيها الإخوة- هناك مُطالبات لنا كأولياء أمور، كآباء وكأمهات، أن نفعلها تجاه أولادنا غير الملاعبة، وغير موضوع المداعبة مع الأطفال واللعب معهم.

فإذاً اليوم عندنا مشكلة كبيرة جداً، وهو أن أطفالنا يجهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني هذه الأحاديث التي أقرؤها لحضراتكم موجودة في كتب الشمائل، شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعنى كلمة الشمائل جمع شميلة وهي الخصلة، وهي الخُلق، يعني أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصاله صلى الله عليه وسلم، هذه القصص قصص جميلة، يجب أن نُعلمها لأولادنا من كتب الشمائل، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث -وهو مروي من عدة طرق-: ((أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب آل بيته، وقراءة القرآن))، وفي رواية: ((تلاوة القرآن))، كيف نُعلم أولادنا حب رسول الله، وآل بيته؟ عن طريق كتب الشمائل.

إذاً نحن مُقصرون: ((علموا أولادكم القرآن، فإنه أول ما ينبغي أن يُتعلم من علم الله هو))، ((علموا أولادكم -وفي رواية- أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وآل بيته، وتلاوة القرآن الكريم))، سيدنا عمر: ((علموا أولادكم السباحة والرماية -وهنا رواية أخرى موقوفة أيضاً- وركوب الخيل))، للبنات: ((خير لهو المرأة أو البنت المغزل))، إذاً يوجد عندنا أشياء كثيرة نحن مقصرون بها غير موضوع اللعب، هناك أشياء هامة يجب أن تفكر فيها مِن أجل طفلك.

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، استغفروا الله يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1736
تحميل ملفات
فيديو مصور