نحن في حديثنا عن نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم، استوقفني عنوان في كتب الشمائل التي تتحدث عن أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وسلوكه، هذا العنوان الذي استوقفني هو تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع المذنبين والمخطئين وأصحاب الكبائر والصغائر من الذنوب، كيف كان يتعامل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المذنبين والمخطئين، الذين يرتكبون المعاصي والآثام، صغائرها وكبائرها، كيف كان تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع هذه الفئة من الناس، ولقائل أن يقول مع فئة من الناس؟ أوليس كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون؟ أوليست العصمة لم تكتب لأحد إلا للأنبياء والرسل وقبلهم ملائكة الرحمن؟ وبالتالي كلنا من هذه الفئة، من المخطئين والمذنبين، الذين يقترفون الذنوب في ساعة ضعف وغياب بمقام الإحسان عنا، فنحن في مقامات ثلاثة في ديننا، في مقام الإسلام، ومقام الإيمان، ومقام الإحسان، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنك يراك، قد يغيب مقام الإحسان عنا -هذا كلام رسول الله، هذا الحديث صحيح، أنتم تحفظونه- إذا غاب عن أحدنا مقام الإحسان -وهو مراقبة الله عز وجل- إذا غاب مقام الإحسان وضعفت نفس الإنسان قد يقع في الذنوب والآثام، وبالتالي الشرع نجد أنه أعطى إعفاءً لِفئة من الناس، هذا الإعفاء يتجلى في قول سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: ((رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) فيقول واحد من الناس: إذا عندما نخطأ فنحن غير محاسبين لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقول: رفع عن أمتي الخطأ يعني إثم الخطأ وإثم النسيان وإثم ما استكرهوا عليه، إذا أكرهك إنسان على فعل شيء من الأشياء ففعلته، والجواب -أيها الإخوة الكرام- أننا وجدنا علماءنا وفقهاءنا قالوا: إن الإنسان المخطئ يُحاسب دنيوياً إذا أخطأ، ولا يُحاسب يوم القيامة، ولكن عن أي خطأ نسأل، وعن أي خطأ نتكلم، إنه الخطأ الذي لا يقصده الإنسان، ولا نَعني به الذنب والمعصية، فهذا شيء والذنب والمعصية شيء آخر، إنسان أخطأ في مكان ما، في زمان ما، في مسألة ظن أن ما يفعله هو الصواب، فإذا به خطأ، هذا خطأ، أما المعصية فذنب واضح ...