مقالة الشهر

قياس المسافات في الكون: السنة الضوئية

إذا أردت أن تتجول في أرجاء الكون فعليك أن تتآلف مع مفهوم السنة الضوئية، فهي وحدة المسافات التي ستستخدمها عند التنقل من مكان لآخر. فإذا كانت المركبة الفضائية التي تستقلها تسير بسرعة الضوء فستحتاج أربع سنوات حتى تصل إلى النجم ألفا قنطوروس، وهي أقرب منظومة نجمية إلى الأرض، وذلك لأن هذه المنظومة النجمية تبعد عنا أربع سنوات ضوئية. أما لكي تصل إلى أقرب مجرة إلينا، وهي المجرة القزمة في كوكبة الكلب الأكبر، فستحتاج إلى 25,000 سنة فقط، وذلك لأنها تبعد عنا 25,000 سنة ضوئية!

وبذلك فإن السنة الضوئية هي وحدة لقياس المسافة، وليس لقياس الزمن، وهي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة واحدة. فإذا علمنا أن الضوء يقطع مسافة تقل قليلاً عن 300,000 كيلومتراً في الثانية، فإنه سيقطع في السنة الواحدة نفس هذه المسافة ×60 ثانية ×60 دقيقة ×24 ساعة ×365 يوماً في السنة، والناتج هو حوالي 9,461,000,000,000 كيلومتراً فقط!!!

ولا ينطبق ذلك على المسافات البعيدة في الكون فقط، وإنما أيضاً على المسافات القريبة. فالضوء يحتاج إلى حوالي ثانية واحدة حتى يصل إلى الأرض، وبالتالي فهو يبعد عنا ثانية ضوئية واحدة. والشمس تبعد عنا ثمان دقائق ضوئية، وحين ننظر إلى الشمس فنحن نشاهدها كما كانت عليه قبل ثمان دقائق، لأن الضوء الذي وصل إلينا منها قد استغرق ثمان دقائق في رحلته.

أما حين ننظر إلى كوكب المشتري فنحن نشاهده قبل حوالي 45 دقيقة، لأنه يبعد عنا حوالي 45 دقيقة ضوئية. وحين يتواصل العلماء مع مركبة تدور حول كوكب المشتري فإن الأمواج التي يتم إرسالها من الأرض تحتاج إلى 45 دقيقة حتى تصل إلى هناك، وتستغرق الإشارات التي ترسلها المركبة 45 دقيقة أيضاً حتى تصل إلى الأرض، مما يعني أن العلماء يحتاجون إلى حوالي 90 دقيقة (ساعة ونصف) لإعطاء أمر بسيط إلى المركبة ثم التأكد من أن المركبة قد قامت بتنفيذ هذا الأمر.