الاثنين 05 ذو القعدة 1445 - 13 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2013-04-10 الساعة 09:42:58
خُــلُــق الحُلم
الشيخ خالد القصير

لقد أخذت الحمية من نفس عمررضي الله عنه   ، ولكنها لم تأخذ من نفس صاحب الحق ، الذي أوذي بغير حق ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم   ، ولا دعاه ذلك إلى البطش بالمعتدي كما هي عادة الزعماء والأمراء ، بل صبر واتأد وترفق بالمعتدي غاية الرفق ، ثم قال قولة التكرم والتسامي: يا عمر ، كُنتُ أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك ، كُنتُ أحوج إلى أن تأمرني بحسن الأداء ، وكان أحوج إلى أن تأمره بحسن الطلب ، اذهب فاقضه حقه وزده عليه لقاء ما خوفته .سمع الحبر كلام رسول الله، ورأى البشر في وجهه ، وتجلى له الخلق العظيم ، الذي جعله الله من دلائل النبوة ، فغسل ذلك قلبه وأزاح عنه غشاوات الباطل ، فهفى قلبه إلى دين الحق والإيمان بالله ورسوله ، ومضى مع عمر ليأخذ حقه ، فلما رأى الزيادة قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال: لقد أمرني بها النبي ، كما سمعت لقاء ما روّعتك ، ولكن أخبرني ما الذي دعاك إلى ما فعلت ؟ قال: يا عمر ، إنه لم يكن شيء أعرفه من علامات النبوة إلا رأيته في وجه رسول الله  حين نظرت إليه إلا شيئين لم أكن رأيتهما بعد ، يسبق حلمُه غضبَه ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً ، فقد رأيت الآن وعلمت ، فاشهد يا عمر أني قد رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً ، وبمحمد  نبياً ورسولاً ، وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد  ، ورجع عمر وزيد إلى النبي  ، فلما مثل زيد بين يدي رسول الله  قال: أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، وهكذا انضم الحبر اليهودي زيد بن سعنة إلى مكتملي الإيمان بين الأصحاب الكرام ، الذين اختارهم الله على العالمين ، ليحملوا مع نبيه  راية الإيمان ، فتحقق فيه قول الله تعالى لكليمه موسى : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُون} [سورة الأعراف (156)].

- رأى زعيم المنافقين في المدينة المنورة عبد الله بن أبي بن سلول في قدوم رسول الله  زوال زعامة له تشمل كل يثرب ، زعامة انتظرها طويلاً وسعى إليها كثيراً ، حتى رآها في متناول يده ، حينئذ تكبر وأعرض جهاراً ، ثم أسر ذلك في نفسه ، وحين غلب جانب النبي  لم يتوقف يوماً عن تدبير الفتن له ، ومحاولات الإيقاع بين المهاجرين والأنصار ، وآذى رسول الله قولاً وفعلاً كلما سمحت له فرصة ، حتى تنزلت آيات القرآن تشير إليه بالبنان ، وتبرز نفاقه للعيان ، فيتحدث الناس أن النبي  يريد قتله ، بل لقد استأذنه عمر بن الخطاب في ضرب عنقه حين استعلن منه النفاق ، فأبى رسول الله  ، وتنامت الأنباء إلى سمع ابنه المؤمن القوي الإيمان عبد الله بن عبد الله ، فأقبل إلى النبي  يقول: يا رسول الله ، بلغني أنك تريد قتل أبي ، فإن كنت تريد ذلك فأنا أقتله ، إني أخشى إن قتله غيري أن تطلب نفسي بثأره ، فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار ، فأجابه سيد أهل الحلم: لا يا عبد الله بل نصبر عليه ونترفق به ونحسن صحبته ، فاطمأنت نفس عبد الله وزاده حلم النبوة إيماناً . وتوالت الأيام وتوالت إساءات ابن سلول ، وتوالى عليه من النبي الحلم والرفق والإحسان ، ورأى قومه ذلك كله فأبغضه أكثرهم وباعدوه ، ومع ذلك بقيت حوله جماعة كبيرة من المنافقين ، ثم انفضوا عنه لما رأوا من إحسان رسول الله  عليه يوم موته ، لقد استجاب لطلب ابنه عبد الله بن عبد الله ، فصلى عليه وكفنه بقميصه ، وأنزله حفرته بيده ، واستغفر له أكثر من سبعين مرة ، لأن ربه قال له: {إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} فقال : سأزيد على سبعين ، ولامه بعض أصحابه فأعرض عنهم ، وعامل ابن سلول بالعفو والحلم والإحسان ، فغسل ذلك قلوبهم وأقبلوا إلى رسول الله  يقولون: نشهد ألا إله إلا الله ونشهد أنك رسول الله .

- أراد فضالة بن عمير الليثي قتل النبي  وهو بالبيت عام الفتح ، فلما دنا منه قال رسول الله : أفضالة ؟ قال: نعم فضالة يا رسول الله ، قال: ماذا كنت تحدث نفسك ؟ فقال: لا شيء ، كنت أذكر الله . فضحك النبي  ثم قال: استغفر الله ، ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه ، فكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إلي منه ، قال فضالة: فرجعت إلى أهلي ، فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها ، فقالت: هلم إلى الحديث ، فقلت: لا ، وانبعث فضالة يقول:



- كان علي بن أبي طالب  يقاتل عمرو بن عبد ود العامري في أحد المعارك ، فلما تمكن منه وارتقاه بصق في وجهه ، وهو يوشك أن يرديَه قتيلاً ، فلم يُعَجِل عليّ بالانقضاض عليه ، بل استدار قليلاً ، ولما قيل له في ذلك ، قال: أردت أن أقتله غضبَاً لله لا غضبَاً لنفسي ؛ ولذا لم يعاجله على الفور ، وإنّما تركه برهة ثمّ صرعه .

- اشترى رجل من أهل دمشق قطيفة فلم تعجبه ، فحلف ليضربنَّ بها رأس الأمير معاوية ، فأتاه وأخبره بما حلف ، فقال معاوية الحليم: "أوفِ بنذرك وليرفقِ الشيخُ بالشيخ" .

- خرج زين العابدين بن علي بن الحسين  إلى المسجد ، فسبه رجلٌ في الطريق ، فقصده غلمان زين العابدين ليضربوه ويؤدبوه فنهاهم ، وقال لهم: كفوا أيديكم عنه ، ثم التفت إلى ذلك الرجل وقال: يا هذا أنا أكثر مما تقول ، وما لا تعرفه عني أكثر مما عرفته ، فإن كان لك حاجة في ذكره - يعني ذكر معايبي - ذكرته لك ، فخجل الرجل واستحيا ، فخلع زين العابدين قميصه له ، وأمر له بألف درهم ، فانصرف الرجل وهو يقول: أشهد أن هذا ولد رسول الله  .

-دخل عمر بن عبد العزيز المسجد ليلة في الظلمة ، فمر برجل نائم فعثر به ، فرفع رأسه وقال: أمجنون أنت ؟ فقال عمر: لا ، فهمَّ به الحرس ، فقال عمر: مه ، إنما سألني: أمجنون ؟ فقلت: لا .

-قال رجلٌ لوهب بن منبه رحمه الله تعالى: إن فلاناً شتمك . فقال: ما وجد الشيطان بريداً غيرك ؟

-شتم رجل الشعبي فقال: إن كنتُ كما قلتَ فغفر الله لي ، وإن لم أكن كما قلتَ فغفر الله لك .

-قال النَّبِيِّ : (مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ) [أخرجه البخاري].
أضف تعليقك عدد التعليقات : 5 عدد القراءات : 1665
1  2  

 تعليقات حول الموضوع
  13:43:18 , 2013/05/22   وزارة العمل
ما أحلى الحلم عندما يتحلى به الرجال فينشأ عن ذلك علاقة طيبة وشراكة مميزة
مي نشواتي  
  16:02:29 , 2013/05/21   دعاء
الله ينفعنا والأمة بكم
عمر الحمصي  
  10:26:35 , 2013/05/18   شكر
جزاكم الله كل خير ونسأل الله أن يجعل هذا العمل فاتحة خير للأمة الإسلامية والشكر الجزيل للأستاذ خالد القصير و تمنياتي له بالنجاح الدائم والله الموفق
عبير الياسمين  
  10:08:07 , 2013/05/18   شكر وتقدير
عمل مبرور جعله الله في ميزان حسناتكم وأخص بالشكر الأستاذ الشيخ خالد القصير على هذه الكلمة الرائعة
محبة الرحمن  
  09:56:13 , 2013/05/18   شكر لكل من ساهم في هذا العمل الطيب المبارك
إن من أجمل الأخلاق وأولاها خلق الحلم فهو من أشرفها وأحقها بذوي الألباب لما فيه من سلامة العرض، وراحة الجسد واجتلاب الحمد. قال معاوية رضي الله عنه لعرابةَ الأوسيِّ: بم سُدْتَ قومك حتى قال فيك الشماخ: رأيت عرابةَ الأوسيَّ يسمو ... إلى الخيرات منقطعَ القرينِ إذا ما رايةٌ رُفعت لِمَجدٍ ... تلقَّاها عرابةُ باليمينِ قال عرابةُ : غيري أولى مني بذلك يا أمير المؤمنين. قال معاوية : عزمتُ عليك لَتُخبرَنِّي. قال عرابة : يا أمير المؤمنين, كنت أحلِم على جاهلهم وأعطي سائلهم، وأسعى في قضاء حوائجهم. عمل مبرور جعله الله في ميزان حسناتكم وبارك لكم في مجهودكم وأثابكم عليه وجزاكم الله خيري الدنيا والآخرة على هذه الفوائد العظيمة التي حملتها هذه الكلمة (خلق الحلم) وأخص بالشكر الأستاذ الشيخ خالد القصير على مجهوده الطيب والمبارك أسال الله له التوفيق والسداد
Golanar Alroman  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *