السبت 18 شوال 1445 - 27 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2013-12-04 الساعة 14:18:13
الهدي النبوي في التعامل مع الفتن
الشيخ بلال سلمان

أيها المؤمنون: أمانة في الأعناق يجب أن تُؤدَّى ، يُرثى حالُ الأمة التي اجتمع عليها عدوُّها كما تجتمع الأكلةُ على قصعتهم من الطعام ، و يتناوشونهم و يتهاوشونهم ويفرِّقون بينهم ، وكل واحد يقول عنهم ما يريد ، كأن الأمرَ تحت دولتهم وفي محلِّ حُكمهم ، شؤون المسلمين كأنها تحت حكمهم وفي أمرهم ، يَتشاورون هُم فِيها ، بل يَصَرِّحُون تصريحاً واضحاً بيِّناً ، ويقول قادتهم: "إنا سنتصرف في الحادثة الفلانية والبلدة الفلانية حسب ما تقتضيه المصلحة العليا لنا" قادتهم يقولون هكذا ، ويبرزونه للناس ، حسب مصالحهم نكون نحن جسوراً لإنفاذهم ، لوصول مصالحهم التي فيها ما يُناقض أمرَ الدين من أصله ، أو يهدف إلى إيذاء المسلمين وضعفهم ، وهم يُصرحون بهذا ونحن نقول لهم أغيثونا ؟ وتفضلوا إلى بلداننا وإلى إخواننا ؟ وقَطِّعُوا الرباط واضربوا البنيان ؟ وهدّموا وسط ديارنا وبلداننا ؟ ما أعظمها مِن فتن ؟ أزال اللهُ عنا هذه المحن ورفعَ الشر عن المسلمين .

تعامل المؤمن في هذه المرحلة:

يتعامل المؤمن في زمن الفتن بالعمل بالذكر والشكر والتعاون على البر والتقوى ، وأما إذا كان أمامه ما تُنكره القلوب وما ليس بواضح ولا بَيّن فيبتعد عنه ، ومهما كان من العلماء من يقول كذا ومن يقول كذا ، فإنه على يد منسوبين إلى العلم تَكثُر الفتن بإخبار النبي  ، بل يَكونوا هُم الأساس فيها والعياذ بالله تبارك وتعالى . وندعوك مع ذلك أن لا تسيء الظنَّ لا بذا ولا بذاك ، وتطوي باطنَك على حُسن ظَنٍّ بعباد الله ، ولكن لا تَزُجَّ بِنَفسِكَ فِيمَا قال ذا ولا فيما قال ذاك ، واعتزل تلك الفرق كلَّها بأمرِ صاحب الرسالة ، اعتزل تلك الفرق المتنازعة المتشابكة المتناحرة المتقاتلة ، فاعتزل تلك الفرق كلها ، عملاً بقول رسول الله (خير لأحدكم أن يصيبه ما يصيبه ولا أن يتبع أحداً من تلك الفرق) فلنتقِ الله ولنهتدِ بهدي المصطفى  ، ونسأل الله الهداية لعلمائنا ولأمرائنا ولأغنيائنا ولفقرائنا ولحكوماتنا ولشعوبنا وللأمة في المشرق والمغرب.

 

أثر الدعوة المحمدية في جمع الشمل:

إن دعواتِ التنازع دعواتُ الفشل ودعواتُ الهزيمة ، ولكن دعوة محمد دعوة النجاح ودعوة النصر ، وإنه بالقلوب التي تُصغي لهدي محمد ولندائه في هذه الأمة تستمر نزولُ الرحمات واللطف من الله في الشدائد والملمَّات ، وتأخذ الفتن من تأخذ ، ويأتي بعدها فرجٌ لا ريب فيه ولا شك من الله العلي العظيم القوي ، لقومٍ لا يستندون إلى شرق ولا إلى غرب ، ولا إلى حكومات ولا إلى غيرها ، بل إلى الله يستندون وعليه يعتمدون ، لا تحملهم لذلك عصبية ولا رأي ولا حزبية ولا إرادة سلطة ولا إرادة مال ولا غير ذلك .

إن سُنة الله تعالى قد مضت في عباده ، وينصر الله من يشاء ويؤيد من يشاء ، وإن العاقبةَ للمتقين وحدهم ، لا نصيبَ لسواهم فيها مهما خططوا ومهما دبروا ، لكن انتزع من كثير من القلوب الإيمان بالله تعالى ورسوله ، وما قال الله سبحانه ورسوله، إلى الإيمان بالخطط والإيمان بالمخططين وكأنهم الفعَّالون ، وإن الفعَّال لما يريد واحد ، هو يُبدئ ويعيد )وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ * ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيد( فلنجتمع على الرأفة والرحمة بمَن وقع في الشدائد ووقع في النكبات ، ونأخذ ما نعرف من إنقاذٍ نستطيعه ، من إمدادٍ نستطيعه ، من دعاءٍ نستطيعه ، من دعوةٍ نستطيعها ، من مساعدةٍ بيِّنة واضحة ، ليست طرفاً في النزاع ولا سبباً لتوسيع نطاقه بين العباد والأتباع ، مُستعينين بالله تعالى مُسترحمين له في إخواننا الذين وقعوا في فخِّ تسليطِ الأعداء وتسييرهم لهم في أمورهم ، واتخاذهم جُسوراً يُعبرون عليها .

نقول يا رب أنقذ أمةَ محمد ، وإن فيهم من ينطوي عليه الأمر وتنطوي عليه الحيلة ، وإنهم لا شك على نياتهم سوف يُحشرون ، ويكون مآلُهم على حسب النيات ، إلا أنه لا معنى للتمادي بعد ظهور الآيات ، ووضوح الدلائل من خاتم الرسل  ، ومع ذلك كله فمن انطوى عليه الأمر فالحال كما قال رسول الله  في مَن يُخسَف بأولهم وآخرهم ويُحشرون على نياتهم ، إلا أن طالب الحق لا يَجد شحاً في موارد البيان من القرآن والسنة ، وقد قال (يحمل هذا العلمَ مِن كلِّ خلفٍ عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالِين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) [رواه البيهقي] يصير صافياً نقيّاً كما بلَّغ النبي

 

وسائل لتحقيق النصر:

استنصروا اللهَ بأدبكم مع الله ، وصدقِكم مع الله ، وقيامكم بفرائض الله ، وأدائكم للمندوبات بما استطعم ، وتعاوُنكم على ما يرضي الله في محيط الفرد والأسرة والمجتمعات ، وانتظروا فرجَ الله تعالى للأمة ، ولا تكونوا أطرافاً في هذه النزاعات ، ولا سبباً تجري به خططُ أعداء الله ، واطلبوا الفرج بضراعة واستغاثة بالله جل جلاله ولجوء إليه ، ولا ترتجوا الفرجَ من غيره ، فليست على ظهر الأرض شعوب ولا دول صغُرت أو كبرت قلَّت أو كثُرت مُنقذةً لكم دونَ الله ، فانظروا على من تعتمدون وإلى من تستندون ، واعملوا بما يحب منكم ، خذوا ما تعرفون معرفة واضحة ، ودعوا ما تنكره القلوب ، من كل تَحامُل ومن كل غَيظ ومن كل أذى ، ومن كل انتهاك للحرمات ومن كل سباب وشتم ، اصدقوا مع الله ، وارجوا الله أن يجمع الأمة بعد شتاتها ، وأن يؤلف ذات بينها ، وأن يدفع عنا الشر والزيغ والضلال.

اللهم اهدنا لأحسن الأعمال والأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، ومُنَّ علينا بما مننتَ به على رعيلنا الأول ، حيث خاطبتَهم بقولك: )وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيم( .

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2138
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *