ثالثاً- أداء ما استطعت من النَّوافل:
النَّافلة في اللُّغة الزِّيادة ، وكلُّ ما زاد على الفريضة فهو نافلة ، أدِّ ما استطعتَ من النَّوافل ، وما رغبتَ من السُّنن ، وما قدرتَ عليه من القُرُبات . فصلاةُ الضُّحى نافلة ، وسننُ الصَّلوات نافلة ، مساعدة الجوار نافلة ، قضاءُ حاجات الخلق تَقرُّباً إلى الله تعالى نافلة ، صيام ستة أيام من شوال نافلة ، الصَّدقات الزَّائدة على الزَّكاة نافلة . أدِّ ما استطعت من النَّوافل ، ففي تتمة الحديث القدسي السَّابق ، قال الله تعالى: (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّه) [أخرجه البخاري] وأي شرف أعظم للعبد من أن يُحبَّه ربه ؟ قال رسول الله: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّه ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيل ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاء: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوه ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاء ، ثمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْض) [أخرجه البخاري] . وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [سورة مريم (96)] . لما حضَرتِ الوفاةُ الصَّحابيَّ الجليل معاذَ بن جبل -وكان معروفاً بالإكثار من النَّوافل-، استقبل القبلة وقال: مرحباً بالموت مرحباً ، زائرٌ جاءَ بعد غياب ، وحبيبُ وَفَدَ على شوق . ثمَّ جعل ينظر إلى السَّماء ويقول: اللَّهم إنَّك كنتَ تعلم أنِّي لم أكن أحب الدُّنيا وطول البقاء فيها لغرس الأشجار وجري الأنهار ، ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة السَّاعات في القُربات ، ومزاحمة العلماء بالرُّكب عند حِلَقِ الذِّكْرِ والعلم . ثمَّ فاضت روحُهُ.
وقد قال رسول الله عن معاذ بن جبل يوماً: (نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بنُ جَبَل) [أخرجه الترمذي] وفي حديث آخر قال له: (يَا مُعَاذ ، وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّك) [أخرجه أبو داود].
رابعاً: حضورُ مجلس علم في الأسبوع:
فمجلس العلم يُذَكِّرُك بالحلال والحرام ، ومجلس العلم يدعوك إلى إتقان الفرائض ، ومجلس العلم يُرغِّبُك في أداء النَّوافل ، ومجلسُ العلم يَجمعك بالصَّالحين ، ومجلسُ العلم يُدنيك من الذَّاكرين ، ومجلس العلم يُقربك من ربِّ العالمين . قال رسول الله: (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوْتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى ، وَ يتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُم ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِيْنَة ، وَغَشيَتْهُمُ الرَّحْمَة ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَة ، وَذَكَرهُمُ اللهُ فِيْمَنْ عِنْدَه) [أخرجه مسلم] . وقال النَّبي: (مَن سَلَكَ طريقاً يلتمسُ فيه علماً سَهَّلَ اللهُ له به طريقاً إلى الجنَّة) [أخرجه مسلم] . وقال النَّبي: (يَا أَبَا ذَرّ ، لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّي مِائَةَ رَكْعَة) [أخرجه ابن ماجه] . تعلَّموا العلم ، فإنَّ تعلُّمَهُ لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومذاكرتَهُ تسبيح ، والبحثَ عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يَعْلَمه صدقة ، وبَذْلَه لأهله قُربة ؛ لأنَّه معالم الحلال والحرام ، ومنارُ سُبُلِ أهل الجنَّة ، وهو الأنيس في الوحشة ، والصَّاحب في الغُّربة ، والمحدِّث في الخلوة ، والدَّليل على السَّراء والضَّراء ، والسِّلاح على الأعداء ، والزَّين عند الأخلاء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخير قادة تُقْتَصُّ آثارُهم ، ويُقتدى بفعالهم ، ويُنتَهَى إلى رأيِهِم.
المطلوب منَّا بعد رمضان أربعة أمور:
1) تركُ الحرام.
2) إتقانُ الفرائض.
3) أداء ما استطعنا من النَّوافل.
4) حضور مجلس علم في الأسبوع.
والحمد لله ربِّ العالمين