الأحد 19 شوال 1445 - 28 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2015-12-20 الساعة 11:54:19
أنوار الحبيب صلى الله عليه وسلم
الدكتور محمد خير الشعال

الحمد لله، الحمد لله ثمَّ الحمد لله، الحمد لله نحمده ونستعين به ونستهديه ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فهو المهتَدِ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مُرْشِداً، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ سيِّدنا محمَّداً عبده ورسوله، وصفيُّه وخليله، خيرُ نبيٍّ اجتباه، وهدىً ورحمةً للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق ليُظهره على الدِّين كلِّه ولو كَرِه الكافرون، ولو كَرِهَ المشركون، ولو كَرِهَ مَن كَرِه، اللَّهم صلِّ على سيِّدنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلِّم.

أمَّا بعد: فيا عباد الله، أوصيكم ونفسيَ بتقوى الله تعالى، وأحثُّكم وإيَّاي على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير.

قال الله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [الأحزاب: 56]

وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من ينشق عنه القبر وأول شافع ومشفَّع» [مسلم].

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (كان  رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَمِّي لنا نفسَه أسماء، فقال: «أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا المُقفَّي، ونبيُّ التوبة، ونبي الرحمة» [مسلم].

(المُقفِّي): له معنيان الأول: الذاهب المولِّي فهو صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء وإذا قَفَّى فلا نبيَّ بعده، والثاني: (المقفِّي) المتَّبِع، أراد: أنه متَّبِع رسل الله.

أيها الإخوة الكرام:

بمناسبة شهر ربيع الأول؛ شهر ولادة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؛ سأجعل الخطب في هذا الشهر الحبيب بعنوان: ( أنوار الحبيب صلى الله عليه وسلم) أكرر فيها الحديث عن رسول الله لأن في ذكر الحبيب ترويحاً لأفئدة المحبين وترياقاً لآلام البعاد ورضاً لرب العالمين، ولأنَّ في ذكر الحبيب غيثاً يروي القلوب التي كَوَتها نيران الحب وماءً يبرِّد أكباداً أحرقتها لواعج الشوق. ورحم الله ابن الفارض حين قال:

أدِرْ ذِكْرَ مَنْ أهوى ولو بملام

ليشهد سمعي من أُحب وإن نأى

ولي ذكره يحلو على كل صيغة

كأن عذولي بالوصال مُبشِّري

 

فإن أحادث الحبيب مُدامي

بطيف ملامٍ لا بطيف منامِ

ولو مزجوه عذلي بخصامِ

وإن كنت لم أطمع بردِّ سلامِ

وسأجعل خطبة اليوم وهي الأولى في هذه المجموعة ثلاثين حديثاً أسردها سرداً، وصفَ فيها الصحابة الكرام رضوان الله عليهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا:

-(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وجهاً، وأحْسَنَه خَلْقاً، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.

رأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، لم أر شيئاً قطُّ أحسنَ منه). هكذا قال سيدنا البراء بن عازب رضي الله عنه [البخاري].

- (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَزْهَرَ اللون، كأن عَرَقَهُ اللؤلؤ، إِذا مشى تَكَفّأ، وما مَسِسْتُ ديباجة ولا حريرة أليَن من كَفّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شَمِمْتُ مِسْكَة ولا عَنْبَرَة أطيب من رائحة النبي صلى الله عليه وسلم). هكذا قال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه [البخاري].

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم  إذا أَمَرَهُم أَمَرَهُم من الأعمالِ بما يُطيقون. [البخاري]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا فَرَغ من دفن الميت وقَفَ عليه، وقال: «استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآنَ يُسأَل»  [أبو داود].

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قَلَّما يريدُ غزوةً إلاَّ وَرَّى بغيرها. [البخاري]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يومَ الفِطْر حتى يأكلَ تمراتٍ. [البخاري]

- كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يسكُتُ بين التّكبير وبين القراءة. [البخاري]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلّي باللّيل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعة. [البخاري]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلّي العصر والشّمسُ مرتفعةٌ حيَّة. [البخاري]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً، لِتُعقَلَ عنه. [الترمذي]

- كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الهديّةَ ويُثِيبُ عليها. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِر الذِّكْرَ، ويُقِلُّ اللغو، ويُطيل الصلاةَ، ويُقْصِرُ الخطبة، ولا يأنَفُ أن يمشيَ مع الأرملة والمسكين، فيقضيَ له الحاجة. [النسائي]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ النّاس؛ وكان أشجع الناس. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دَخَل العَشْرُ شَدّ مِئْزَره وأحيا لَيْلَهُ وأيقظَ أَهْلَهُ. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من اللّيل يَشُوْصُ فاه بالسِّواك. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ حياءً من العذراء في خِدْرها. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضَخْمَ الكفّين والقدمين؛ لم أر بعده شَبَهاً له. هكذا قال سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعاً. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنا بالموعظة في الأيام كراهةَ السَّآَمَةِ علينا. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأُ عند كلِّ صلاة. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ التّيمُّن في طَهُوره إذا تَطَّهر، وفي تَرَجُّلِهِ إذا ترجَّل، وفي انتعاله إذا انتعل؛ ويحبُّ التيمُّنَ في جميع أموره. [البخاري والترمذي].

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ موافقةَ أهلِ الكتابِ فيما لم يُؤْمَر به. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ إلى جِذْع؛ فلما اتُّخِذَ المنبرُ تحوَّل إِليه، فحنّ الجذع، فأتاه فمسح بيده عليه. وفي رواية: فنزل إليه فاحتضنه، وسَارَّه بشيء. [البخاري]

وفي رواية الترمذي: فأتاه فالتزمه، فَسَكَنَ.

ولهذا الحديث وهذا الجذع قصة ذكرها القاضي عياض في كتابه (الشفا) الذي قال عنه العلماء لو كتب بالذهب أو وزن بالجوهر لكان قليلاً عليه؛ قال القاضي:

حَدِيث أَنِينِ الجِذْعِ هُوَ فِي نَفْسِهِ مَشْهُورٌ مُنْتَشِرٌ؛ والخَبَرُ بِهِ مُتَواتِرٌ قَدْ خَرَّجَهُ أَهْلُ الصَّحِيحِ؛ وَرَوَاهُ مِنَ الصَّحَابَةِ بِضْعَةَ عَشَر مِنْهُمْ أُبَيُّ بن كَعْب وَجَابِرُ بن عَبُدَ اللَّه وَأَنَسُ بن مَالِكٍ – وعدَّ غيرهم- كُلُّهُمْ يُحَدّثُ بِمَعْنَى هَذَا الْحَدِيث؛ قَالَ الترْمِذيُّ: وَحَدِيث أَنَسٍ صَحِيحٌ.

 قَالَ جَابِرُ بن عَبدِ اللَّه: كَانَ الْمَسْجِدُ مَسْقُوفًا عَلَى جُذُوعِ نَخْلٍ فَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خَطَبَ يَقُومُ إِلَى جِذْعٍ مِنْهَا فَلَمّا صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ سَمِعْنَا لِذَلِكَ الْجِذْعِ صَوْتًا كَصَوْتِ العِشَارِ( الناقة الحامل).

وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ: حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِخُوَارِهِ. وَفِي رِوَايَةِ سَهْلٍ: وَكَثُرَ بُكَاءُ النَّاسِ لَمَّا رَأَوْا بِهِ.

وَفِي رِوَايَةِ الْمُطَّلِبِ وَأُبَيّ: حَتَّى تَصَدَّعَ وَانْشَقَّ حَتَّى جَاءَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَسَكَتَ. زَادَ غَيْرُهُ: فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا بَكَى لمَا فَقَدَ مِنَ الذّكْرِ» وَزَادَ غَيْرُهُ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ أَلتَزِمْهُ لَمْ يَزَلْ هَكَذَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَةِ تَحَزُّنًا عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدُفِنَ تَحْتَ المِنْبَر».

كَذَا فِي حَدِيث المُطَّلِبِ وَسَهْلِ ابن سَعْدٍ وَإِسْحَاقَ عَنْ أَنَسٍ.

وَفِي حَدِيث بُرَيْدَةَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شِئْتَ أَرُدُّكَ إِلَى الْحَائِطِ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ تَنْبُتُ لَكَ عُرُوقُكَ وَيَكْمُلُ خلقك وَيُجَدَّدُ لَكَ خُوصٌ وَثَمَرَةٌ وَإِنْ شِئْتَ أَغْرِسكَ فِي الجَنَّةِ فَيَأْكُلُ أَوْلِيَاءُ اللَّه من ثَمَرِكَ، ثُمَّ أَصْغَى لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ فَقَالَ: بَلْ تَغْرِسُنِي فِي الجَنَّةِ فَيَأْكُلُ مِنّي أَوْلِيَاءُ اللَّه وَأَكُونُ فِي مَكانٍ لَا أَبْلَى فِيهِ».

 فَسَمِعَهُ من يَلِيهِ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْتُ»، ثُمَّ قَالَ: «اخْتَارَ دَارَ الْبَقَاءِ عَلَى دَارِ الْفَنَاءِ».

فَكَانَ الحَسَنُ إذَا حَدَّثَ بِهَذَا بَكَى وَقَالَ: يَا عِبَادَ اللَّه الْخَشَبَةُ تَحِنُّ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَوْقًا إليْهِ لِمَكَانِهِ فَأَنْتُمْ أَحَقُّ أَنْ تَشْتَاقُوا إِلَى لِقَائِهِ صلى الله عليه وسلم.

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطُبُ قائماً ثم يَقْعُدُ. [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي ركعتين خفيفتين بين النّداء والإقامة من صلاة الصُّبْح.

[البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي على الـخُمْرة. (السجادة) [البخاري]

-كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه بالموقف، فيقول: «ألا رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشاً منعوني أن أُبَلِّغَ كلام ربي» [أبو داود والترمذي].

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسنَ والحسينَ: «أَعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطانٍ وهامَّةٍ، ومن كل عَيْنٍ لامَّةٍ» [البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأُ في صلاة الفجر يوم الجمعة {آلم. تَنزيلُ} السجدة       و{هَلْ أَتَى على الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهرِ}[البخاري]

- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكونُ في مِهْنَةِ أهلِهِ فإذا حضرتِ الصّلاةُ قامَ إلى الصّلاة. [البخاري]

أيها الإخوة الكرام:

هذا طيف من أنوار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأكثروا من الصلاة والسلام عليه واجتهدوا أن تهتدوا بهديه وتتأسوا بسنته.

والحمد لله رب العالمين

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1734
تحميل ملفات
فيديو مصور