الخميس 23 شوال 1445 - 02 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2016-12-05 الساعة 13:44:13
وجوب التعرف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله
الشيخ أحمد سامر القباني

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2]

إِلهِي إِنْ يَكُن ذَنبِي عَظِيمَاً
فَمِمَّنْ أَرتَجِي مَولايَ عَطفَاً
تَرَكتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ وَرَائِي
فَعَامِلنِي بِلُطفِكَ وَاعفُ عَنِّي

 

فَعَفوُكَ يَا إِلَهَ الكَونِ أَعظَمْ
وَفَضلُكَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ مَغنَمْ
وَجِئتُ إِلَيكَ كَي أَحظَى وَأَنعَمْ
فَإِنْ تَغضَبْ فَمَنْ يَغفِر وَيَرحَمْ

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة يا الله وعمنا جميعاً بفضلك الكبير.

اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

أعذني ربِّ من حَصَر وعيٍّ *** ومن نفس أعالجها علاجاً.

وبعد أيها الأخوة المؤمنون: وَلَّى عام وأتى عام جديد هجري، وهَكذا الأيام دَوَاليك تمضي بسرعة، والملكان يُسَجِّلان، سَلْ مَن أصبح طاعناً في السِّن, سَلْ مَن بلغ الستين والسبعين والثمانين, قل له: كيف وجدت هذه الحياة، وكيف وجدت هذا العمر؟ فيقول لك: بالأمس القريب كنا أطفالاً نلعب في الحارة، ما هي إلا كَرمشة عينٍ وانتفاضتها، هكذا هي الحياة، تمر علينا وتأخذ معها ما عملناه، وقد سُجِّلَ في صحائفنا كل هذه الأعمال، إن صالحاً فثواب، وإن طالحاً فإثم وعقاب.

ولكن العاقل -أيها الإخوة- مَن يَغتنم مثل هذه الفرض، فيغتنم مناسبة جديدة, سنة جديدة، شهراً جديداً، أسبوعاً جديداً، يوم جمعة جديداً، فجراً جديداً، فيُصلح العلاقة بينه وبين الله سبحانه وتعالى، وينتقل مِن ذل المعصية إلى عِز الطاعة، لأن المعصية ذل، وأي ذل هذا، ينتقل من التقصير في جناب الله سبحانه وتعالى إلى الإكثار من العمل الصالح، هكذا شأن الإنسان المؤمن، وقد أكرم الله عز وجل المؤمنين المسلمين بمزية لم يُعطها أحد قبلهم، هذه المزية هي أن سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ورسالته خاتم الرسالات السماوية، ونحن شهداء على الناس، وأمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم تَتَّبع رسولها المعصوم، تتبع رسولها الكامل، فحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم كَمُلَ في أخلاقه، وعندما نتكلم عن الكمال فإننا نتكلم عن الكمال النِّسبي، أما الكمال المطلق فهو لله سبحانه وتعالى وحده، ولكن بين البشر كَمُلَ النَّبي صلى الله عليه وسلم، وما أَجمل أن نتبع إنساناً كاملاً، والدليل على كمال النَّبي صلى الله عليه وسلم الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه، وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجا، وأخرجه أحمد وأخرجه البيهقي، قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)), وفي رواية الحاكم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الاخلاق))، مِن باب إضافة الصِفة إلى موصوفها، أي: إنما بعثت لأتمم الأخلاق الصالحة، والنَّاقص لا يُمكن أن يُتمم، كيف تكون ناقصاً وتريد أن تتمم، لا يُتمم الشيء إلا الكامل، ولذلك أخذ علماؤنا الدليل على كمال شخصية النَّبي صلى الله عليه وسلم مِن هذا الحديث، ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)), وأما عِصمته فهي شيء آخر غير الكمال، الأنبياء كلهم معصومون عن الخطأ، وأما الكمال فأخذوه من هذا الحديث، شخصية كاملة ماثلة أمامنا، بأحاديثه صلى الله عليه وسلم، التي وُثِّقَت في كتب السُّنَّة النبوية، ونَشأ علم الجرح والتعديل مِن أجل أن يُقَوَّم هَؤلاء الرجال رجال السَّند، من أجل أن يُقوم هؤلاء الرجال الذين يَنقلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لِتَصفيته من الكذب ومِن الادعاء، ومِن أن يكون هذا الكلام مَنحولاً مَكذوباً على سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، بيننا أحاديثه، بيننا سيرته، بيننا أخلاقه وشمائله، فكم وكم أُلِّفَ في أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله مِن الكتب، ولم يَبقَ علينا إلا الاتباع، لم يَبقَ علينا إلا أن نُبرم صلحاً مع الله عز وجل مع بداية عام هجري جديد، أن يكون هذا الرَّجل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قُدوة لنا في حياتنا، وأن نتبعه في أمرنا كله.

قال علماؤنا: ويَجب على المؤمن ويُفترض على المؤمن -وَلاحظ عندما نَقول: يُفترض, أصبح فرضاً كفرض الصلاة, أَصبح فَرضاً كفرض الصيام والحج والزكاة- ويُفترض على المسلم والمؤمن أن يَعلم مَا كان عَليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مِن قَول أو فعل، مما يَمَسُّ الدِّين بالضرورة، في عبادة الإنسان ومعاملته، ويُفترض على المؤمن أن يعلم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هل يفترض علي أن أقرأ أحاديث رسول الله؟ وأن أقرأ كيف كان يتعامل رسول الله؟ وأن أقرأ شمائل رسول الله؟ قال: يُفترض, ولماذا؟ قال: لأن الله عز وجل قَبل كل شيء أوجب مَحبة النبي صلى الله عليه وسلم علينا, أوجب محبته علينا.

حديث البخاري ومسلم، وعند أصحاب السنن، وفي المسند، عن سيدنا أنس وعن سيدنا أبي هريرة -روايتان- يقول عليه الصلاة والسلام: ((والله لا يؤمن أحدكم -وفي رواية بغير قسم: لا يؤمن أحدكم- حتى أكون أحب إليه من ماله وولده ووالده)), وكان سيدنا عمر في إحدى الروايات واقفاً، والرواية فيها زيادة: ((حتى أكون أحب إليه وولده ووالده والنَّاس أجمعين، ونفسه التي بين جنبيه)) أن تُحب رسول الله أكثر مِن نفسك التي بين جنبيك، لا يؤمن حتى يكون هذا شأنه، فيقول سيدنا عمر بن الخطاب: يا رسول الله, والله إنك أحب إلي من ولدي ومن والدي ومن النَّاس أجمعين إلا نفسي التي بين جنبي، وهكذا كان سيدنا عمر صَريحاً في كل شيء، فأعادها صلى الله عليه وسلم وقد نَظر بعينيه إلى صدر سيدنا عمر، ومن نظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كفاه شرفاً، فكيف إذا كانت هذه النظرة فيها إعادة صياغة وإعادة تقييم وإعادة صناعة، نظر إليه رسول الله نَظرة أَعاد فيها صناعة سيدنا عمر، نَظرة واحدة، وهذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يؤمن أحدكم يا عمر حتى أكون أحب إليه من والده وولده ونفسه التي بين جنبيه والناس أجمعين)), قال سيدنا عمر: أما الآن يا رسول الله فنعم، والله أنت أحب إلي من نفسي التي بين جنبي.

وآية سورة التوبة معروفة: )قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها( -إن كانت هذه الأشياء- )أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِه( -قال سيدنا ابن عباس: أي فتربصوا حتى يأتي الله بعقابه وعذابه- )وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ( [التوبة: 24].

فقد أوجب الله محبة نبينا صلى الله عليه وسلم علينا، ويجب على المحب أن يَتبع المحبوب، وإلا فأي حب هذا، والله عز وجل جَعل مَحبته مِن محبة نبيه، واتباعه من اتباع نبيه، فكيف لا يجب علينا أن نعلم ما كان عليه رسول الله، فقال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [آل عمران: 31].

قال: وأوجب الله طاعته، فكيف تُطيع إنساناً لا تعرفه؟ ﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ﴾ [النساء: 80], ﴿وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [المائدة: 92]، فعل أمر، والأمر للوجوب، فأوجب محبته، وأوجب طاعته، وأوجب اتباعه، وأوجب الاستجابة لأوامره، فقال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَجيبوا لِلَّـهِ وَلِلرَّسولِ إِذا دَعاكُم لِما يُحييكُم﴾ [الأنفال: 24]، كتاب الله وسنة رسول الله دائماً فيهما الحياة للأمم، المجتمعات والأفراد.

نعم أيها الأخوة، أوجب علماؤنا أن نعلم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فرض، فكم واحداً مِنَّا يقوم بأداء هذا الفرض؟ يتعلم ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كم مِنَّا مَن يقرأ -كم واحداً يقرأ- في كتب شمائل النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى شمائله أي أخلاقه، يعني الكلام عن صفاته الخَلقية والخُلقية، مِن حلم وعفو وأمانة وصدق، وإنجاز بالعهد ووفاء بالوعد، وما كان عليه الصلاة والسلام مِن الأخلاق التي أشار الله إليها بقوله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4].

ألف الترمذي كتاب (الشمائل المحمدية)، فكم بيتاً فيه هذا الكتاب؟ وألف القاضي عياض كتاباً في شمائله وأخلاقه سماه: (الشِّفَا بتعريف بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم)، وشرحه الملا علي القاري، وألف العلامة القسطلاني كتاب (المواهب اللَّدنية في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وأخلاقه)، وألف شيخ السلف الصالح مِن المتأخرين، شيخنا الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله كتاب (محمد رسول الله)، كم بَيتاً مِن بيوتنا يَحوي هذه الكتب، وكم واحداً مِنَّا قرأتها مِن ألفها إلى ياءها.

الغرب يعاني مِن مشكلتين:

المشكلة الأولى: غياب القدوة، فتجد الواحد من الغربيين عندما يرى أنه سَئِم حياة الترف، وسَئِمَ النساء والخمور، وسَئِمَ هذه الأشياء التي نعبر عنها بلذات ومتع، وليس بالسعادة، السعادة شيء والمتع واللذات شيء آخر، قد تكون المتعة واللذة في طاعة الله، (يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟)، ((وفي بضع أحدكم صدقة))، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((أرأيتم إن وضعها في الحرام، أكان عليه وزر؟)) قالوا: نعم، قال: ((فكذا إذا وضعها في الحلال كان له بها أجر))، قد تَكون المتعة واللذة بطاعة الله، وقد تكون بغير طاعة الله، فإذا كانت بغير طاعة الله لا بد لصاحبها أن يأتي عليه زمان يصل فيها إلى درجة القرف، القرف من نفسه التي بَين جنبيه، وهو يعصي الله عز وجل، فهؤلاء مَلُّوا وسَئِمُوا هذه الحياة، كان عندهم مشكلة كبيرة: البحث عن القدوة، فترى أحدهم ينتحل اليهودية عامين أو ثلاثة، فيرى أنها على باطل لأنها محرفة فيتبع النصرانية سنتين أو ثلاث، وبعضهم ذهب إلى شرق آسيا، وتقلد الديانة البوذية والهندوسية، وأنتم تسمعون عن الغرب، كيف يتخبط أحدهم عندما يبحث عن القدوة، وفي النهاية إذا جاءه مَن يَدُلُّه على الله وعلى طريق الإسلام، اعتنق الإسلام فلا يَخرج منه، فكم أنعم الله علينا بأن القُدوة سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم موجود بيننا، ولكننا للأسف لا نتعرف عليه.

المشكلة الثانية عند المسلمين أنهم أمة لا تقرأ، المسلم لا يقرأ، المؤمن لا يقرأ، إلا قليلاً وإلا نادراً، لا يتثقف، وكأنه يوجد عداوة بينه وبين الكتاب، ويوجد صلح بينه وبين التلفاز، صلح مع الأنترنت، وصلح مع التلفاز، وعداوة مع الكتاب، لم يا أخي؟ قال: لقد هشت نفوسنا، ضعفت نفوسنا، عندما ابتعدنا عن الله وعن ذكر الله الذي تحيا به القلوب، عندما لم يُصبح كل شاب بيده مسبحته التي يسبح بها الله في حله وترحاله، عندما أصبحنا لا نَقوم الليل قبل الفجر، وعندما أصبحنا لا نصلي الفجر بجماعة أو في المنزل، عندما تركنا قراءة القرآن الذي هو ربيع قلوبنا، عندما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، التي يُصلي علينا بها الله عشراً، فإذا صلى الله علينا عشراً أتى بنا إلى جانب الطاعة وابتعدنا تلقائياً عن المعصية، هَشَّت النفوس، فأصبح هناك عداوة بين الكتاب وبين المؤمن، لأنه يَشعر أنه سيقوم بأعمال شاقة، إذا أراد أن يأتي بالكتاب ويفتحه، وأن يُصَبِّر نفسه ليقرأ ربع ساعة من الزمان، وكأنه سيفتح القدس، أليس هذا الواقع -أيها الإخوة-؟ نَحِنُّ إلى التلفاز وإلى الأنترنت، وقلوبنا بَعيدة عن العلم، بعيدة عن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي نوع من أنواع العلم والثقافة، ألا يَجدر بالإنسان المؤمن أن يكون عنده كتاب، فيقرأ قبل نومه كل يوم نصف ساعة؟ ألا يَجدر به أن يَقرأ كل يوم شيئاً من كتاب الله عز وجل؟ أن يَحفظ شيئاً من كتاب الله عز وجل؟ وكلنا أو مُعظمنا يقرأ في صلاته دائماً بقصار السُّوَر، والقرآن كله عظيم قصار سوره وطوالها، ولكن أترضى من نفسك دائماً أن تقرأ في الصلاة بقصار السور؟ لكي تشرد وتبيع وتشتري وتقضي أمورك وأنت في الصلاة، لكن إذا حفظت حفظاً جديداً وأردت أن تتابع نفسك في الصلاة فإنك لن تشرد في الصلاة.

أما ترون -أيها الإخوة- ما آل إليه أمر هذه الأمة، جماعات، أمماً، أوطاناً، أفراداً، ألا يجعل ذلك في نفوسنا شيئاً، أن نُعيد الصُّلح مع الله عز وجل بعد كل ما رأيناه، يَسأل أحدنا نفسه: هل تغير الناس يا سيدي، تَغيرت نفوسنا بعد كل شيء رأيناه؟ مَا تغيرت، البَعض إلى الأسوأ، ولكن البعض لجأ إلى الله عز وجل.

نحن مدعوون الآن وفي ظل هذه الظروف وقبل كل شيء -أيها الإخوة- مَدعون بأن نقبل على الله عز وجل، وهذا عام هجري جديد أتى عليك قبل أيام، اجعل منه عاماً في طاعة الله عز وجل وفي العلم، وأول ما نزل في نبينا: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ [العلق: 1]، الغَرب يَطبع من أي رواية أقل شيء مائة ألف نسخة، ويصل بعض الروايات إلى خمسة ملايين نسخة ورقية، يعني رواية، والرواية تكون أحياناً ألف صفحة، نحن نطبع في دور النشر عندنا في بلاد الشام وفي البلاد العربية ألف نسخة من الكتاب، ويَزيد نصفهم عند المكتبة، بعد خمس سنين يبيع خمسمائة نَسخة، وتبقى خمسمائة نُسخة ثانية تحتاج لعشر سنين لِتُباع، انظر إلى هذا الفارق، إذا خرجت في مترو -وكثير منكم زار أوربا وزار أمريكا وزار الغرب، في المترو عندما يَذهب الإنسان مِنهم إلى عمله- يَفتح الكتاب ويقرأ في أي وقت، يفتح ويقرأ، ونحن لا أقول نُبدد الأوقات أنا أستخدم مصطلحَ نَقتل الأوقات قتلاً.

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.

نسألك اللهم أن تجعلنا من عبادك الصالحين المهتدين، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب.

أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم فيا فوز المستغفرين.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 852
تحميل ملفات
فيديو مصور