الأحد 19 شوال 1445 - 28 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2016-01-18 الساعة 13:01:25
المَواطن التي تشرع فيها الصلاة على رسول الله
الشيخ أحمد سامر القباني

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون .

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير.

اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله r، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2] .

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة يا الله، وعمنا جميعاً بفضلك العظيم، اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

 

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: رأينا في أسابيع منصرمة كيف أن معرفة ما كان عليه حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام فرض وواجب، فرسول الله هو الذي نقل لنا تعاليم الله سبحانه وتعالى، هو الذي نقل لنا كتابه الكريم، عن طريق أمين الوحي جبريل عليه السلام، هو المشرّع بعد الله سبحانه وتعالى، فَلا مُشَرِّع إلا الله وإلا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، الحبيبُ المصطفى  عليه الصلاة والسلام كلامه شريعة، وهديه منهج، يَجب علينا أن نتبعه في حياتنا اليومية، )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم( [آل عمران: 31]، )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِر( [الأحزاب: 21]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ( [الأنفال: 24]، )قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين( [التوبة: 24]، محبته واجبة واتباعه واجب، كيف أحب وأتبع رجلاً لا أعرف هديه؟ هذا مِن أكثر المفارقات العجيبة في حياتنا اليومية، لذلك قال علماؤنا: يجب على المؤمن أن يعلم ما كان عليه رسول الله  عليه الصلاة والسلام ليقتدي به في حياته، وانطلاقاً من ذلك وقبل أن نبدأ بشمائل وأخلاق رسول الله  عليه الصلاة والسلام ، وكيف كان يتعامل مع الناس في هديه النبوي الشريف؛ بدأنا بذكر فضل رسول الله  عليه الصلاة والسلام ، وحقه وواجبه علينا، فتكلمنا في الأسبوع المنصرم عن فَضل الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام ، التي قَصَّرنا بها كثيراً في حياتنا اليومية، رَأينا تِلك الأحاديث الصحيحة التي لا مجال للشك ولا للريب فيها، أن الصلاة منا على حبيبنا محمد  عليه الصلاة والسلام تَعود مَنافعها علينا نحن، وأما رسول الله فقد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، تَعود منافعها علينا نحن، بتفريج الهم، ألم يقل لسيدنا أبي بن كعب عندما قال له: يا رسول الله إذاً أجعل لك وقتي كله -والحديث في سنن الترمذي وقال حديث حسن- قال: ((إذاً تكفى همك ويقضى دينك))، ((من صلى علي واحدة صلى عليه بها الله عشراً))، ما أجمل أن يذكرنا الله في الملأ الأعلى، وإذا ذكرنا في الملأ الأعلى من قبل الله عزوجل فهو بداية فرج وتنفيس للكروب والهموم، نَتطلع ونتشوف إليه في هذه الأوقات العصيبة، التي نَحن بأمسِّ الحاجة إليها إلى سبب ولو كان صغيراً يُخلصنا من الهموم والكروب فكيف إذا كان هذا السبب كبيراً سيدنا محمداً  عليه الصلاة والسلام .

نتكلم باختصار -أيها الإخوة- في هذا اليوم عن المواطن التي تُشرَعُ فيها الصلاة على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام ، لنبدأ إن شاء الله في الخطبة القادمة بأخلاق الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام ، خُلُقَاً خُلقاً، وحادثةً حادثةً، مما ذكرته كتب الشمائل، أما اليوم فما هي المواطن التي تُشرع فيها الصلاة على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام ؟.

تجب الصلاة على رسول الله  عليه الصلاة والسلام في عبادتنا في ثلاثة مواطن ومواضع:

الموضع الأول: في خطبة الجمعة، التي نحن فيها، يجب على الخطيب ويفترض أشياء: منها الشهادتان، ومنها الصلاة على حبيبنا محمد  عليه الصلاة والسلام ، عند الإمام أحمد والشافعي رضي الله تعالى عنهما، يقولون في كتب الفقه عند الحنابلة والشافعية: والصلاة على رسول الله  عليه الصلاة والسلام في خطبة الجمعة واجبة.

الموضع الثاني: في التشهد الأخير، عندما نجلس في الصلوات سواء أكان الصلوات ثنائية أو رباعية، في التشهد الأخير بعد أن نُنهي التشهد، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... إلى آخر الصلوات الإبراهيمية، فهي واجبة في التشهد الأخير.

الموطن الثالث: في صلاة الجنازة، وأنتم تعلمون أن صلاة الجمعة أربع تكبيرات، بعد التكبيرة الأولى يقرأ الفاتحة أو دعاء الاستفتاح عند الحنفية، ويُمكن للمؤمن الجمع بينهما، أن يقرأ دعاء الاستفتاح والفاتحة، وبعد التكبيرة الثانية نَقرأ الصلوات الإبراهيمية، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ... إلى آخر الصلوات الإبراهيمية، الصلاة على رسول الله  عليه الصلاة والسلام بعد التكبيرة الثانية في صلاة الجنازة واجبة.

وأما المواطن الأخرى التي تُشرع فيها الصلاة على حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام فهي التالية، نختصر منها ونجتزئ لأنها مواطن كثيرة ذكرها العلامة القسطلاني في المواهب اللدنّية بالمنح المحمدية، وهو كتاب في ثلاثة مجلدات، وقد شرحه العلامة الزرقاني في مجلدات كثيرة، يتكلم فيه فقط عن أخلاق رسول الله  عليه الصلاة والسلام وشمائله، وقد عقد فصلاً خاصاً للصلاة على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام ، لما لها من أهمية في حياة المؤمنين ولكن كثيراً منهم غافلون عن ذلك، من هذه المواطن:

عقب الأذان: الحديث أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، وأصحاب السنن، والإمام أحمد، والحديث غاية في الصحّة، وكلكم يحفظه، والحديث عن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام : ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول)) لما نسمع الأذان، وطبعاً أنتم تعلمون -أيها السادة- أننا عندما يقول المؤذن: الله أكبر الله أكبر، نتبعه، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمداً رسول الله، الحديث صحيح عن رسول الله أنه يقول الإنسان بعد أن يسمع أشهد أن لا إله إلا الله من المؤذن يقول: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبسيدنا محمد  عليه الصلاة والسلام نبياً، فإذا قال: حي على الصلاة، نقول نحن: لا حول ولا قوة إلا بالله، وقال فقهاؤنا: وحوقل في الحيعلتين، حي على الصلاة وحي على الفلاح، ماذا يقول المسلم حين يسمع ذلك؟ يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، لماذا يقول ذلك إذا سمع حي على الصلاة وحي على الفلاح؟ حي على الصلاة معناها أقبل إلى الصلاة، حي على الفلاح معناها أقبل إلى الفلاح، لأن حي اسم فعل أمر بمعنى أقبل، لماذا يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله؟ يقول: يا رب أنت إن لم تعطنِ القوة وإذا لم تعطنِ القدرة فكيف سأقبل على الصلاة؟ فكيف سأكون مقبلاً على الفلاح، لذلك يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله إذا سمع حي على الصلاة وحي على الفلاح، وعندما يَقول في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم، ماذا نقول: صدقت وبررت، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا عليّ، فإنه -هكذا نص حديث مسلم- فإنه من صلى علي صلاة صلى الله بها عليه عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو -يقول رسول الله- وأرجو أن أكون أنا، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له شفاعتي))، فهنيئاً لنا، الحديث صحيح، بعمل صغير، ولكن سأقول لكم ماذا يحصل، الذي يحصل -سبحان الله ودققوا في الأمر- أن الإنسان المؤمن يَسمع الأذان ومعظمنا عندما يسمع الأذان يقول: الله أكبر والعزة لله، يا مرحباً بذكر الله، الله أكبر الله أكبر، لكن قليل من يتابع إجابة المؤذن، ويصل إلى الصلاة على رسول الله وسؤال الوسيلة لرسول الله قليل، لأن الشيطان لا يفرح أن يَجد إنساناً تحل عليه شفاعة رسول الله، لأنه قد أخذ عهداً على نفسه أن يُطغينا وأن يُخرجنا عن جادة الصواب، فكيف يَسمح لك بتكملة الأذان وإجابة المؤذن، ثم الصلاة على النبي بعد الأذان، ثم تسأل الله له الوسيلة والفضيلة والوسيلة، لذلك لاحظ -سبحان الله- ربما تدرك أول الأذان، لكن يشغلك شاغل، يأتيك اتصال، تفتح تلفاز، يحصل مشكلة، المهم أن لا تصل إلى هذه المرحلة، ولكنَّ كثيراً منا يتنبهون لذلك، ويُصرون على أننا يجب أن نكمل إجابة المؤذن، وأن يصلي على سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام ، وأن يدعو الله له بالوسيلة والفضيلة، فانتبهوا إلى ذلك، أجر كبير وشفاعة من سيد الخلق إذا واظبت على إجابة المؤذن والصلاة على رسول الله بعده، وأن تسأل الله له الوسيلة. وكيف تَسأل الله له الوسيلة؟ الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، والإمام أحمد وأصحاب السنن، كلهم عن سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام : ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته: حلت شفاعتي يوم القيامة))، فصار الحديث في البخاري ومسلم وكل أصحاب السنن، ولكن قال العلامة السخاوي في المقاصد الحسنة: وأما زيادة: (درجة العالية الرفيعة) فلم تثبت، وجدت في بعض نسخ الشفاء للقاضي عياض، (الشفا للتعريف بحقوق المصطفى  عليه الصلاة والسلام ) قال: فراجعت كافة النسخ فلم أجدها فيها، ووجدت القاضي عياضاً قد أفرد فصلاً للوسيلة في هذا الكتاب، ولم أجد فيه هذه الزيادة. (آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً) وزيادة: (والدرجة العالية الرفيعة) لا تثبت.

أيضاً من المواطن التي تشرع فيها الصلاة على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام بل من  أفضلها يوم الجمعة، الحديث -أيها الإخوة- أخرجه ابن حبان في صحيحه وابن خزيمة كذلك، والدار قطني والإمام أحمد وأبو داود والنسائي وأصحاب السنن، كلهم عن سيدنا أوس بن أوس الثقفي قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام : ((من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة -النفخ في الصور يكون يوم الجمعة- وفيه الصعقة -يُصعق الناس بعد النفخ في الصور، ويكون أيضاً يوم الجمعة- فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ)) الحديث صحيح، قال الصحابة: يا رسول الله، وكيف تُعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني وقد بليت، تبلى الأجساد، يأكلها الدود وتصبح جزءاً من التراب، كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله قد حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)) الدليل الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام : ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)) الحديث في سنن أبو داود عن سيدنا أبو هريرة، ((ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)).

الموضع الرابع: الاجتماع والافتراق إذا اجتمعنا في مجلس ولم نصل على سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام ثم افترقنا، قال: هذا المجلس فيه عتابٌ علينا من الله عز وجل ومن سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام ، الحديث أخرجه النسائي في سننه الكبرى، عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وكذلك أخرجه الترمذي في سننه، قال: ((لا يجلس قوم مجلساً، ثم لا يصلون فيه عليّ إلا كان عليهم حسرةً، وإن دخلوا الجنة، لما يرون من الثواب)) لأن ثوابه كبير، وفي سنن الترمذي رواية أخرى: ((ما جلس قوم مجلساً لم يصلوا فيه على رسول الله إلا كان عليهم ترة يوم القيامة)) يُفسره الحديث الآخر حسرةً، ((إن شاء عذبهم الله، وإن شاء غفر لهم)) هذه رواية الترمذي.

الموضع الخامس: دخول المسجد، أخرج الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وأيضاً غيرهم كثير، عن السيدة فاطمة رضي الله عنها، ابنة الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام ، والأحاديث التي روتها السيدة فاطمة عن رسول الله قليلة بسبب أنها قُبضت بعد النبي  عليه الصلاة والسلام بستة أشهر، السيدة عائشة نَظرت إلى تلك القصة أن السيدة فاطمة كانت مع النبي  عليه الصلاة والسلام في مجلس، فأوعز إليها شيئاً في سرها، فبكت السيدة فاطمة، ثم دعاها، اقتربي، ثم قال لها شيئاً في سرها فضحكت، وانتهى المجلس، فجاءت السيدة عائشة، قالت: يا ابنة رسول الله، لقد رأيت عجباً، دعاك رسول الله وأسرك لك سراً فبكيت، ثم أسرك لك سرا ًفضحكت، قال: والله ما كنت لأفشي سر رسول الله  عليه الصلاة والسلام ، فلما قبض رسول الله سألتها السيدة عائشة، قالت: لها تذكرين لما رسول الله كذا، قالت: نعم، أما الآن فنعم لما توفي رسول الله أقول لك ماذا قال لي، ولكن في حياته لا أفشي سره، قالت: ما قال لك حتى بكيت؟ قالت: قال لي: إن الأجل قد دنا، أجلي اقترب، فبكيت، ثم دعاني وقال لي: إنك أول أهل بيتي لحوقاً بي، أنت أول من يموت بعدي من أهل بيتي، فقالت: فضحكت السيدة فاطمة لأنها ستلتقي بوالدها بسيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام .

اللهم إنا نسألك أن تجمعنا به يوم القيامة، وأن تُوردنا على حوضه، وأن تسقينا من يده شربةً لا نظمأ بعدها أبداً.

هذا الحديث بدخول المسجد والخروج من المسجد، أخرجه كما قلت لكم ابن ماجة والإمام أحمد وابن أبي شيبة، عن السيدة فاطمة رضي الله عنها، قالت: (كان رسول الله  عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد صلى على محمد، وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج من المسجد صلى على محمد -رسول الله يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد- وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك)، فنصلي على رسول الله  عليه الصلاة والسلام كلما دخلنا المسجد وكلما خرجنا من المسجد.

الموضع الأخير الذي أختم به هذه الخطبة، أخرجه الطبراني في معجمه الكبير، والهيثمي في مجمع الزوائد، وغيرهم كالمنذري في الترغيب والترهيب، عن سيدنا أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام : ((من صل علي حين يُصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)) إذاً نَذكر رسول الله ونُصلي عليه عشر مرات في الصباح وعشر مرات في المساء.

اللهم إنا نسألك أن تجعلنا يوم القيامة تحت لواءه وفي زمرته، وأن توردنا على حوضه، وأن تسقينا من يده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً، إنك سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، استغفروا الله يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1048
تحميل ملفات
فيديو مصور