السبت 18 شوال 1445 - 27 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2016-01-13 الساعة 10:06:56
عــفـو وحـــلـــم رســـول اللــه صلى الله عليه وسلم
الشيخ أحمد سامر القباني

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله  عليه الصلاة والسلام  ، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].


اللهم اعف عنا يا عفو، واغفر لنا يا غفار، وقنا عذاب النار.

اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: تحدثنا في أسابيع منصرمة عن وجوب اتباع ما كان عليه حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام  رداً على هؤلاء القُرآنيين، أو مَن يسمون أنفسهم بالقرآنيين، فيقولون: لا نأخذ إلا بالقرآن، لا نأخذ إلا بكتاب الله، وأما السنة فلا نأخذ بها، لأن فيها الحديث الصحيح والحسن والضعيف، ولأن فيها الحديث المكذوب، وقلت لحضراتكم: إن علماءنا قالوا: ويجب على المؤمن أن يعلم ما كان عليه رسول الله  عليه الصلاة والسلام   في أحواله، وذلك لأن محبة رسول الله  عليه الصلاة والسلام   واجبة، ولا يمكن أن تُحبه إلا إذا علمت ما كان عليه، والمحبُّ يقتدي بمحبوبه، )قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين( [التوبة: 24]، ولأن طاعة رسول الله  عليه الصلاة والسلام   واجبة )أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول( [النساء: 59]، )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم( [الأنفال: 24]، كيف تتبع وتطيع رجلاً لا تعرف أحواله، ولأن رسول الله  عليه الصلاة والسلام   هو المشرِّع، فكيف لا تتبع المشرِّع، ثم انتقلنا بعد ذلك إلى الحديث عن فضل الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام   وأحكامها، وانتقلنا إلى المواطن التي يُصلى فيها على حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام  ووعدنا بأن نبدأ اليوم بشمائله وأخلاقه وهديه، فنقول وبالله المستعان: إن مِن أعظم ما عَلَّمنا إياه رسول الله  عليه الصلاة والسلام   هو حُسن الخلق، وهو القائل  عليه الصلاة والسلام  : ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق))، أي الأخلاق الصالحة، وفي رواية: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق))، وأما الحديث الثاني فهو عند ابن حبان في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، يقول فيه سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام  : ((ألا أُخبركم بأحبِّكم إليّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟)) ألا تريد أن تعرف من هو أحب الناس إلى رسول الله  عليه الصلاة والسلام  ؟ أحب الناس إلى رسول الله، وأقربهم مجلساً من سيدنا رسول الله، من هم؟ ((ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: أحاسنكم أخلاقاً)) -وفي رواية أخرى هناك تتمة: ((الموطؤون أكنافاً، الذين يألفون ويُألفون))- ((ألا أخبركم بأبغضكم إليّ وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة؟)) أبغض الناس إلى رسول الله  عليه الصلاة والسلام  وأبعدهم منه مجلساً يوم القيامة ((قالوا: نعم يا رسول الله، قال: الثرثارون المتشدقون المتفيهقون، قالوا: يا رسول الله؟ قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ فقال  عليه الصلاة والسلام  : المتكبرون))، فرسول الله يَكره ويبغض الثرثارين، يُبغض الذين يَفتحون أفواههم بالكلام يتشدقون فيه على سبيل التكبر والاستعلاء على الناس، وليس على سبيل الفصاحة والبلاغة، ويَكره المتكبرين المتفيهقين، ويُحب ويُقَرِّب أحاسن الناس أخلاقاً.

والأحاديث في حسن الخلق كثيرة، لا يمكن تعدادها اليوم، ولكن من أهم ما تكلم عنه علماؤنا من حسن الخلق، قال: ويزين حسن الخلق كله، كل الحسن يزينه خلق، ألا وهو خلق الحلم، فإذا كان الرجل حليماً هانت عليه بقية الأخلاق، وصارت في متناول يده، لأن الحِلم أساس حسن الخلق، ويتبع الحِلم العفو والرفق والأناة، الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما، عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله  عليه الصلاة والسلام   قال للأشجِّ العبدي -ويُقال له أشج عبد القيس- قال له: ((إن فيك لخصلتين يحبهما الله -صفتان يحبهما الله- الحلم والأناة))، والحديث الذي تحفظونه في البخاري ومسلم أيضاً، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أن سيد الخلق محمداً  عليه الصلاة والسلام  : ((ليس الشديد بالصُّرَعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))، وللأسف -أيها الإخوة- في هذا الزمان زمان الأزمات يَجب أن يَزداد حِلْم الناس بعضهم على بعض، ويَجب أن يتأنّى بعضهم في الحديث مع بعض، ويَجب أن يرفق الناس بعضهم ببعض، ويَجب أن يعفو الناس بعضهم عن بعض، ولَكن ما نراه اليوم هو كثرة حالات الطلاق، لأن الواحد من هؤلاء الناس يَقطن في بيت مع أخيه وأبيه وأمه، وربما مع حميه، وتَكون المشاكل، فلا يتصف بالحِلم، وكأنه لا يُوجد شيء في هذه الدنيا يُعبر عنه هذا الإنسان لِيُخرج غضبه إلا بأن يَحلف الطلاق على زوجته أو أن يُطلق زوجته، كثرت المشاكل بين الأخوة والأخوات في البيوتات، كثرت المشاكل بين الشركاء في العمل، كثرت المشاكل بين الأصدقاء بعضهم مع بعض، لا يريد أحدهم أن يتحمل الآخر، ولا أن يحلم على الآخر، وفي هذه الأوقات العصيبة ما أحوجنا إلى أن نَستمع هذا الكلام مِن سيدنا محمد  عليه الصلاة والسلام  : ((إن فيك لخصلتين يُحبهما الله: الحِلم والأناة)) وفي رواية: وفي غير رواية الصحيحين: ((يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة))، ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب))، ألم نسمع قول الله تعالى: )خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِين(  [الأعراف: 199]، ألم نسمع قول الله عز وجل: )ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم( [فصلت: 34-35]، ألم نسمع قول الله عز وجل: )وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم( [النور: 22]، ألم نسمع قول الله عز وجل: )وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُور( [الشورى: 43]، آيات كثيرة وأحاديث كثيرة، ولكن المهم التطبيق، وليس أن تعلم الآيات، فكل واحد ربما يعلم الآيات ويحفظ الأحاديث ولكنه لا يُطبق.

الحادثة الأولى: أخرج الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وابن حبان في صحيحه، عن سيدنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه، -ولنستمع أيها الإخوة بآذان القلوب إلى هذه القصة من شمائل الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام  -، أن زيد بن سعنة كان يهودياً، يهودي اسمه زيد بن سعنة، أقرض الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام   خمس أوسقٍ من تمر، وفي رواية: من بُر، وجعل رسول الله  عليه الصلاة والسلام   لذلك أجلاً، ضرب للوفاء أجلاً، يعني أخذ منه هذا القمح من اليهودي ووعده مثلاً أن يوفيه هذا القمح بعد شهرين، فيأتي زيد بن سعنة قبل أن يحين الأجل الذي ضربه له رسول الله  عليه الصلاة والسلام  ويَتركه حتى إذا خَرَج من المسجد ومعه صحابته جَاء إليه فأخذه من حاشية ثوبه، وبدأ يَجذبه إليه ويتركه جذباً قوياً، أَمسكه من ها هنا من حاشية الثوب مما يلي العنق، يجذبه إليه جذباً قوياً ويتركه، يجذبه ويتركه، وهو رئيس دولة في ذلك الوقت، قائد دولة، قائد جيش، وقبل هذا كله هو رسول الله  عليه الصلاة والسلام  وبين الواقفين سيدنا علي وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ويَقول: أعطني حقي يا محمد، يشد رسول الله ويتركه، أعطني حقي يا محمد، فإنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْل، -معكم الفلوس ولا تعطون الناس حقوقهم، والمماطلة هي أن يكون معك وفاء ما اقترضته أو استدنته ولا تؤدي للناس حقوقهم، تماطل، يجذبه ويتركه- أعطني حقي يا محمد، فإنكم يا بني عبد المطلب قومٌ مُطل، لا يتحمل سيدنا عمر بن الخطاب هذا المنظر، يَستلُّ سيفه يريد أن يقطع عنقه، أنت تفعل هذا مع سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام  بحضور صحابته، بحضور أصدقائه وأحبابه وجنوده وأتباعه، وأنت يهودي، وأمام مسجد النبي  عليه الصلاة والسلام  وسيدنا عمر كان طويل القامة عريض المنكبين، إذا ركب على الفرس كانت تمشي قدميه مع الفرس، فلما رأى زيد بن سعنة عمر بن الخطاب قد استل سيفه يريد أن يُطيح بعنقه وَجَمَ وتراجع وسقط أرضاً، فزجر رسول الله  عليه الصلاة والسلام   سيدنا عمر بن الخطاب، قال له: مه، ومه اسم فعل أمر بمعنى اُكفف، مه يا عمر، لقد كنت أحوج إلى غير هذا، أصلحك الله يا عمر، لا يجب عليك أن تفعل هذا، يجب أن تفعل غير هذا، أنا أسمع يا رسول الله هذا اليهودي يقف على باب المسجد يأخذ بثوبك يجذبك ويرتكك جذباً قوياً، وفي رواية ابن حبان: (حتى أثرت حاشية الثوب في عنق  النبي  عليه الصلاة والسلام  )، مه يا عمر، لقد كنت أحوج إلى غير هذا، هنا وجد سيدنا عمر على رسول الله في نفسه، فقال: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: ((تأمره بحسن المطالبة، وتأمرني بحسن الأداء))، فيقول ذاك اليهودي -زيد بن سعنة-: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله حقاً وصدقاً، والله لقد قرأت أوصافك في التوراة والإنجيل، فعرفتها كلها، إلا خصلتين اثنتين، أردت أن أُجربهما: يسبق حلمه غضبه -جاء في أوصاف النبي  عليه الصلاة والسلام   في التوراة والإنجيل- يسبق حلمه غضبه، ويُجازي على السيئة بالحسنة، لأن رسول الله  عليه الصلاة والسلام   قال لسيدنا عمر: لقد كنت أحوج إلى غير هذا، تأمره بحسن المطالبة، وتأمرني بحسن الأداء، يا عمر أعطه ماله عليّ وزده خمسة أوسق، جازاه على السيئة بالحسنة، قال: لقد قرأت أوصافك في التوراة والإنجيل فعرفتها، إلا خصلتين اثنتين: يسبق حلمه غضبه، ويُجازي على السيئة بالحسنة.

الحادثة الثانية: لأحد الأعراب، جاء لرسول الله  عليه الصلاة والسلام   فربط ناقته على باب المسجد، ثم دخل، قال: أيُّكم محمد؟ لا يعرف رسول الله، قالوا: هذا، فجاء إليه فأخذه وجذبه إليه، وقال: أعطني يا محمد من مال الله الذي أعطاك، فإنه ليس مالك ولا مال أبيك وجدك، أيضاً يَنزعج سيدنا خالد بن الوليد من هذا المنظر، ويُريد أن يَبطش بالرجل، فينهاه رسول الله  عليه الصلاة والسلام  ويقول له: نعم، المال مال الله، وأنا عبد الله، فأطرق الأعرابي خجلاً من رسول الله  عليه الصلاة والسلام  التفت إليه رسول الله، قال له: ويَقاد منك يا أعرابي، أنت جذبتني من رقبتي وأريد أن آخذ بحقي منك، وهذا يُقال له القَود، ويُقاد منك يا أعرابي؟ قال: لا يا محمد، قال له: ولم؟ أنت تضربني وأنا ما أضربك؟ قال: ولم؟ قال: لأنك لا تُجازي على السيئة بالسيئة، وإنما تجازي على السيئة بالحسنة، فتهلل وجه النبي  عليه الصلاة والسلام  وَسُرَّ بهذا الكلام سروراً كبيراً، وقال: ((بهذا أمرت))، احملوا له على ناقة تمراً وعلى ناقة شعيراً.

الحادثة الأخيرة: نختم بها هذه الخطبة، أن سيدنا رسول الله كان في إحدى حجرات زوجاته عند السيدة عائشة رضي الله عنها، وكان عِنده ضيوف، فجاءت سيدتنا أم سلمة بطعام، وأدخلته إلى النبي  عليه الصلاة والسلام   ليقدمه إلى الضيوف، ولكن السيدة عائشة غارت من هذا الموضوع، الضيوف عندي في بيتي، لماذا تأتين بأكل من بيتك وتأتي به إلى بيتي لرسول الله  عليه الصلاة والسلام  ؟ القصعة كان فيها الطعام فأدخلت إلى النبي  عليه الصلاة والسلام  فقالت السيدة عائشة ما هذا؟ قالوا: أرسلتها أم سلمة لضيوف رسول الله  عليه الصلاة والسلام  قال: لما دخلت الصعقة إلى الضيوف، وما إن وضعت حتى جاءت السيدة عائشة فضربتها فأراقت ما عليها من الطعام وكسرتها، كسرت القصعة، والطعام كله أصبح على الأرض، لو كنت مكان سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام   فماذا تصنع؟ تبسم النبي  عليه الصلاة والسلام   وضحك، ثم التفت إلى الجالسين، وقال لهم: ((غارت أمكم))، غيرة نساء، غارت أمكم، ثم أمر بقصعة عائشة فأعطيت لأم سلمة.

الحقيقة أننا لا نقرأ هذه الوقائع في سيرة وشمائل الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام  ويجب علينا أن نقرأها، لأنني قلت لحضراتكم: إننا نعرف الفرائض في العبادات فقط، أنها الصلاة والصوم والزكاة والحج، ولكن هناك فرائض أخرى مثل هذه الفرائض، في المعاملات، فالأمانة فرض، والصدق فرض، والاستقامة فرض، والوفاء بالوعد فرض، وإنجاز العهد فرض، كل هذه فرائض، لكننا لا نُوقن ذلك في قلوبنا، ولا نُطبقه على جوارحنا.

صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، ما هبت النسائم، وما ناحت على الأيك الحمائم، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1688
تحميل ملفات
فيديو مصور