الأحد 19 شوال 1445 - 28 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2015-12-22 الساعة 10:09:33
معاني وفضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الشيخ أحمد سامر القباني

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

اللهم اعف عنا يا عفو، واغفر لنا يا غفار، وقنا عذاب النار.

اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما لا أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

 

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: رأينا في خطبة سابقة كيف أنه يجب على الإنسان المؤمن أن يَتعرف على حال النبي   عليه الصلاة والسلام، أن يتعرف على شمائله، أن يتعرف على أخلاقه، أن يتعرف على سيرته وسنته، وعندما نقول يجب فمعنى ذلك أنه لا يَسع المؤمن تركه، وإنما أُخذ الوجوب من قول الله سبحانه وتعالى: )وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُول( [المائدة: 92]، ومن قوله سبحانه: )وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَه( [الأنفال: 46]، ولا يمكن لإنسان يَجهل حال إنسان آخر أن يطيعه، وإنما أخذنا الوجوب من قول الله سبحانه وتعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُم( [الأنفال: 24]، كيف نستجيب لإنسان لا نَعرف هديه وأخلاقه وشمائله وسنته وسيرته، إنما أَخذنا الوجوب من وجوب محبة النبي  عليه الصلاة والسلام، كيف تُحب رجلاً لا تَعرف هديه وأخلاقه وهديه وشمائله وسنته، ولِذَلك قال العلماء: يجب على المؤمن أن يتعرف على شمائل النبي  عليه الصلاة والسلام وأخلاقه وسنته وهديه، لأنه واجب الاتباع، )قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيم( [آل عمران: 31]، وواجب الاتباع يَجب أن يعلم ما كان عليه من أخلاق وفضائل وشمائل وسنة وهدي من أجل أن نتبعه.

نحن أيها الإخوة إن سجدنا على الجمر شكراً لله عز وجل على نعمة واحدة فقط طيلة أعمارنا لم نوف رب العزة والجلال فضله بهذه النعمة، ألا وهي نعمة الإسلام والإيمان، الحمد لله على نعمة الإسلام والإيمان، وكفى بهما من نعمة، هكذا كان يحمد النبي  عليه الصلاة والسلام ربنا سبحانه وتعالى على نعمة الإسلام والإيمان، الحمد لله الذي خلقنا مسلمين، وجعلنا مسلمين مؤمنين، السبب في نعمة الإيمان والإسلام مَن كان الواسطة والسبب، هو سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام، لذلك لم يشكر الله لم يشكر الناس، هذا كلام سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام، ويقول أيضاً: ((من أسدى إليكم معروفاً فكافؤه))، وجزاء الإنسان الذي يقدم لنا المعروف أن نكافئه، فيجب علينا أن نشكر النبي  عليه الصلاة والسلام، الذي كان السبب في هذه النعمة، فرسول الله  عليه الصلاة والسلام نعمة الله وفضل الله علينا.

ولذلك ربما يسأل المؤمن كيف نشكر النبي  عليه الصلاة والسلام؟ فأريد أن أقول لك: يا أخي رسول الله  عليه الصلاة والسلام ليس بحاجة شكري وشكرك، لقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، مقامه بين الرسل وفي الجنة وفي الفردوس الأعلى معلوم، ولكن ما نقوم به من شكر النبي  عليه الصلاة والسلام نفعه عائدٌ لنا، بالإضافة إلى أن النبي  عليه الصلاة والسلام يُباهي بنا الأمم يوم القيامة، كيف نشكر رسول الله؟.

أولاً: يقول الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين يقول: الشكر درجات، أعلى درجات الشكر أن يصرف الإنسان النعم التي أنعم الله بها عليه في طاعة الله وفي مرضات الله وأن لا يصرفها في المعاصي والآثام، هذا أعلى درجات الشكر، الصحة، المال، الزوجة، الولد، كلما أعطاك الله من النعم، أعلى درجات الشكر أن تصرفها فيما يرضى الله سبحانه وتعالى، قال: وأدنى درجات الشكر هو شكر اللسان، ومع ذلك يقول رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((إن الله ليرضى إذا أكل العبد الأكلة فحمد الله تعالى عليها، وإن الله سبحانه ليرضى إذا شرب العبد الشربة فحمد الله عليها))، يعني الله يرضى منا أدنى درجات الشكر، وهو شكر اللسان، كيف نشكرك سيدي رسول الله؟ صلى الله عليك يا سيدي يا حبيب الله، نَشكره بأن نتبع هديه، هذا أعلى درجات الشكر.

ثانياً: أن لا ننسى الصلاة على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام كلما ذُكر، وأن نعلم أننا مقصرون جداً في جنابه الطاهر  عليه الصلاة والسلام، لقد كان سبب نعمة الإسلام والإيمان، لقد كان سبب إتمام مكارم الأخلاق، لقد كان سبب رفعة هذه الأمة، وكان سبب عزتها، فهو يستحق منا كل التقدير، وكل الشكر وكل الثناء، فأقل ما يمكن أن نؤديه له  عليه الصلاة والسلام اتباع هديه والصلاة عليه  عليه الصلاة والسلام.

قبل أن نبدأ في سلسلة خطبنا -أيها الإخوة- عن شمائل الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام وأخلاقه، لا بد أن نتعرف على معنى الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام:

-العلامة القسطلاني في كتابه المواهب اللدنية أفرد فصلاً خاصاً عن الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام في صفحاتٍ كثيرة، عشرات الصفحات، ويذكر رحمه الله أن معنى الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام، ما معنى أننا نقول اللهم صلِّ على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ما معنى الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام؟ قال: هناك أقوال كثيرة، لكنه رحمه الله رَجَّح ما قاله العلامة ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري، نَقلاً عن أبي العالية يقول: الصلاة من الله سبحانه وتعالى على النبي ثناءه عليه وتعظيمه، عندما نقول اللهم صل على سيدنا محمد نحن نطلب من الله عز وجل أن يُثني على رسول الله وأن يعظم رسول الله  عليه الصلاة والسلام، قال: ومن الملائكة الدعاء له، أن تَدعو لرسول الله  عليه الصلاة والسلام، هل رسول الله بحاجة إلى الدعاء؟ نَحن نعلم أن رسول الله صلى الله  عليه الصلاة والسلام عِندما أمرنا عَقب الأذان أن نقول مثلما يقول المؤذن، وأن نصلي عليه عقب الأذان، وأن نطلب له المقام المحمود، فإنه مقام لا ينبغي إلا لواحدٍ من عباد الله، يقول رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((وأرجو أن أكون أنا))، صاحب هذا المقام، فالدعاء من الملائكة بأن يجعله الله صاحب المقام المحمود، هو مقام في الجنة لواحد فقط، ورسول الله يرجو أن يكون هو صاحب هذا المقام، نحن نطلب من الله عز وجل إذاً -عندما نقول: اللهم صل على سيدنا محمد- نَطلب من الله أن يُثني عليه وأن يعظمه.

-الإمام الحليمي في شعب الإيمان يقول هذه الكلمات: معنى الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام تعظيمه، فيكون معنى اللهم صل على محمد وآله وسلم: اللهم عظم محمداً، يعني في المكانة، قال: والمراد تعظيمه بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته، قال: فهذا في الدنيا، وأما في الآخرة بإجزال مثوبته وتَشفيعه في أمته، وإبداء فَضيلته بالمقام المحمود.

هذا معنى الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام.

وما هو حكم هذه الصلاة؟ قال: نحن نقرأ في سورة الأحزاب قول الله عز وجل، وكثير من المسلمين لا يَعلم أن هذه آية في كتاب الله في سورة الأحزاب، نقرأ قول الله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا( [الأحزاب: 56]، ما هو حكم الصلاة على نبينا محمد  عليه الصلاة والسلام؟ قال علماؤنا: جاء الأمر بها في القرآن بفعل الأمر، صلوا فعل أمر، صلى ماضي، يُصلي مضارع، صلوا فعل أمر، والأمر للوجوب، وخصوصاً إذا اقترن هذا الوجوب بما يَدل على الوعيد بتركه، إذا لم تفعل ذلك فينتظرك عذاب شديد، إذا لم تفعل ذلك فمأواك النار، قال هذا دليل الوجوب.

وذكر العلامة القسطلاني رحمه الله عشرة أقوال في حكم الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام، أظهر هذه الأقوال وأقواها قولان:

القول الأول: أنه تجب الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام كُلَّما ذُكر ولو في مجلس واحد، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، كلما ذكر، ولو في مجلس واحد، إذا ذكر في مجلس مئة مرة يَجب أن تصلي على الحبيب المصطفى  عليه الصلاة والسلام مئة مرة، كلما ذكر.

من أين أخذتم هذا الوجوب؟ لنستمع أيها الإخوة قال: أَخذنا هذا الوجوب من أحاديث:

الحديث الأول: أخرجه ابن حبان في صحيحه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((من ذكرت عنده فلم يصل علي فمات فدخل النار فأبعده الله)) يدعو عليه  عليه الصلاة والسلام، مَن ذُكرت عنده فلم يصلي علي فمات فدخل النار فأبعده الله، لأنه لو صلى على النبي  عليه الصلاة والسلام لكانت هذه الصلاة قبل أن تفارق الحياة جَسده نافعةً له في آخرته.

الحديث الثاني: أخرجه الحاكم في مستدركه، قال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه الترمذي كذلك في سننه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال  عليه الصلاة والسلام: ((رغم أنف من ذكرت عنده فلم يصلِّ علي)) قال: مَن ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ، مِن هنا أخذوا الوجوب، كلما ذكر يجب الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام.

الحديث الثالث: أخرجه الطبراني، عن سيدنا جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((شقي عبد ذُكرت عنده فلم يصل علي)) اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

قال: فهذه الأحاديث فيها وعيد وفيها تهديد، بأن هذا الأمر إذا تركته يَترتب عليه نوع من العتاب والشقاء والعذاب، قال: فكلما ذُكر  عليه الصلاة والسلام تجب الصلاة عليه.

القول الثاني: الذي رجحه العلامة القسطلاني مع هذا القول هو أنه تجب الصلاة على رسول الله  عليه الصلاة والسلام في المجلس الواحد مرة واحدةً، مرة واحدة، نحن الآن مثلاً في مجلس ذكر رسول الله مئة مرة، قال: الوجوب أن تصلي مرة واحدة يكفي وسقط عنك بقية الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام.

فمعنى الصلاة على رسول الله تعظيم رسول الله والثناء عليه وشكره  عليه الصلاة والسلام، ومن الملائكة الدعاء له بأن يكون صاحب المقام المحمود، وبأن يُعلي ذكره وأن يُبقي شريعته إلى يوم القيامة، وأن يُشفعه في أمته  عليه الصلاة والسلام، وأما الوجوب فكُلَّما ذكر نصلي عليه أو في المجلس الواحد على الأقل نُصلي عليه مرة واحدة  عليه الصلاة والسلام.

أما الأحاديث التي وردت في فضل الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام فكثيرة، أقتصر على هذه الأحاديث، وأنهي بها هذه الخطبة:

الحديث الأول: أخرجه مسلم في صحيحه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((من صلى علي واحدة صلى الله بها عليه عشراً))، كلما قلت: اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم صَلَّى الله عليك أيها العبد، يَعني ذكرك الله، سنرى بعد قليل ما معنى أن يصلي الله علينا نحن البشر، فهمنا معنى صلاة الله على رسول الله، لكن ما معنى أن يصلي الله علينا عشر مرات، قال: أن يَذكرنا بين ملائكته في ملئه الأعلى، هنيئاً لنا، أحياناً يقولوا لإنسان: والله كنا عند فلان وذكرناك، ويهتم اهتماماً كبيراً، مالك ولهذا الاهتمام يا سيدي، صَلِّ على سيدنا رسول الله وسيذكرك الله خالقك في الملأ الأعلى بين ملائكته، بكل صلاة عشر صلوات، هكذا أخرج مسلم في صحيحه.

الحديث الثاني: أخرجه الترمذي في سننه، وقال: حديث حسن صحيح، والطبراني في المعجم، وقال العلامة المحدث ابن كثير: هذا الحديث -الذي سأرويه لحضراتكم- اختاره الضياء المقدسي في المستخرج على الصحيحين، وهو عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (خرج رسول الله  عليه الصلاة والسلام في حاجة له، ابتعد عنا -أدركنا أنه يريد حاجة أو مسألة- قال: فلم أرى أحداً تبعه، فتبعته بمطهرة -وعاء فيه ماء، إذا احتاج لغسل ليديه أكون أنا وراءه- قال: فوجدته ساجداً، قال: فتنحيت عنه، ابتعدت حتى رفع رأسه من السجود، ثم أقبل عليَّ -يَعني التفت على سيدنا عمر بوجهه- فقال: يا عمر، لقد أحسنت عندما تنحيت عني، لقد جاءني جبريل الساعة -وأنا ساجد كان جبريل يكلمني- فقال: يا محمد، إن ربك يقول ألا يرضيك أنه من صلى عليك مرة صلى الله عليه بها عشراً، ورفعه عشر درجات) فيه زيادة على حديث مسلم: (ورفعه عشر درجات)، ورفع مقامك أيضاً في الجنة.

الحديث الثالث: أخرجه الدارمي في سننه، وأحمد في  مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم والنسائي، كلهم عن سيدنا أبي طلحة رضي الله عنه، يقول: قال  عليه الصلاة والسلام: ((إنه أتاني الملك، فقال: يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول: إنه لا يُصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً)) أنت تذكر سيدنا النبي هنا في الدنيا مَرة الله يَذكرك عشر مرات بين ملائكته، ومَن ذكره الله في الملأ الأعلى أيشقى؟ يُسَدَّد، ولو كان صاحب معاصي وآثام، لكثرة الصلاة على النبي  عليه الصلاة والسلام وذكر الله له في الملأ الأعلى: يُسدد هذا الإنسان، يُوجه قلبه من قبل مقلب القلوب سبحانه وتعالى، قلوب العباد بين أصبعي الرحمان يُقلبها كيف يشاء.

الحديث الرابع: أخرجه أحمد في مُسنده وابن ماجه في سننه، عن سيدنا عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله  عليه الصلاة والسلام: ((مَن صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى عليّ)) هي (ما) الظرفية، يَعني مدة دوام صلاته علي الملائكة تصلي عليه، ((فليقل عبد من ذلك أو يكثر)) الأمر لك، هكذا يقول  عليه الصلاة والسلام.

الحديث الأخير: أخرجه الترمذي في سننه وقال: حديث حسن، عن سيدنا أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال: (أتيت النبي  عليه الصلاة والسلام، فقلت له: يا رسول الله، إني أحب الصلاة عليك، وأكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال له: عليه الصلاة والسلام: ((ما شئت)) قال: أجعل لك الربع، قال عليه الصلاة والسلام: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قال: أجعل لك النصف، قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قال: أجعل لك الثلثين، قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير)) فقال سيدنا أُبي بن كعب الصحابي الجليل قال: أجعل لك صلاتي كلها، قال: يا رسول الله أجعل لك صلاتي كلها، فقال عليه الصلاة والسلام: ((إذاً تُكفى همك ويُغفر ذنبك))، إنها تذهب الهموم، وتغفر الذنوب، ونُذكر فيها في الملأ الأعلى، وتصلي الملائكة علينا ما دمنا نصلي على سيد الخلق محمد  عليه الصلاة والسلام، فَكَم نَحن مقصرون -أيها السادة- في صلاتنا على رسول الله  عليه الصلاة والسلام، كم نجعل لها من أورادنا كل يوم، عشر مرات؟ مئة مرة؟ ألف مرة؟ دائماً المكسب أنت صاحبه، والمغنم أنت صاحبه، عندما تُصلي على حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام، لا تنسوا أن رسول الله كم مدحه القرآن الكريم: )لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِين( [آل عمران: 164]، )بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيم( [التوبة: 128]، )لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُم( [التوبة: 128]، وفي رواية: )مِن أَنْفَسِكُم(، )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين( [الأنبياء: 107]، )وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم( [القلم: 4]، رَبُّ العزة والجلال يَمدح حبيبنا المصطفى  عليه الصلاة والسلام، ألا نقتدي نحن بقرآننا؟ وأقل ما نقدمه نحن لرسول الله  عليه الصلاة والسلام هو الشكر، والشكر أن نتبع هديه وسنته، وأن لا ننسى الصلاة عليه  عليه الصلاة والسلام، وللحديث عن ذلك صلة، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2136
تحميل ملفات
فيديو مصور