بتاريخ: 21 من جمادى الآخرة 1439 هـ - 9 من آذار 2018 م
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.
عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.
يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّـهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ * كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ([غافر: 4-5].
معاشر السادة: تكررت كلمة الجدال خمس مرات في سورة غافر، كاشفة الغطاء عن أسلوب المبطلين في معاملة الحق، إنهم أصحاب عناد وليسوا أتباع دليل، يَستولي على نفوسهم قهر الخصم، وفرض النفس على أية صورة وراء كل نزعة عدوانية وسياسة باطشة، مجادلون بالباطل، يعرفون الحق ويرفضون اتباعه.
وقد تعرض الأنبياء لأذى أولئك الأشرار وجورهم وكبرهم، ولكن الحياة الأرضية فترة اختبار يجب أن يتحمل أصحاب الحق آلامها مهما فدحت، وإن مَلائكة الرحمن لَترقبهم مِن عليائها وتدعو لهم بالثبات والسداد، ومِن هُنا جاء في هذه السورة قوله سبحانه: )الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ( [غافر: 7].
وقد جاء على لسان الرجل المؤمن الغيور وهو ينصح أهله الفراعنة ويُحاول كفكفة شرهم، إنَّه يقول لهم: )وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّـهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّـهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ( [غافر: 34].
إن يوسف عليه السلام هو مِن دُعاة التوحيد، شرح أصول الدين الحق، وهاجم الوثنية السائدة، وحكم مصر حكماً حافلاً بالعدل والرضى، فهل دخل الناس في دينه أفواجاً؟ لا، ما زالوا في شَكٍّ مما جاءهم به حتى انتقل إلى ربه جل جلاله، فلما أرسل الله مِن بعده مُوسى تكررت المأساة وامتد حبل الباطل على نحو أغلظ، فالرجل المؤمن مِن آل فرعون محامٍ مِن أقدر المحامين عن قضايا الإيمان، يَرِقُّ حِيناً ويَشتد حيناً، ويظهر حيناً ويستخفي حيناً، ليستغرق أطول وقت ممكن في خدمة الحقيقة وتجليتها في بيئة يَبسط فرعون فيها سلطانه ويفرض عليها عنفوانه.
إنَّ ضُمور المعرفة مع تَضخم الهوى بَلاءٌ جَسيم، وعلاجه تَكثير المعارف حتى يتسع الأفق النفسي، وتقوية الضمير حتى لا يَلين للشهوات والأفراد والجماعات في ذلك سواء.
إنَّ كثيراً مِن المخطئين لا يَعرف مِن نفسه أنَّه مُخطئ، بل يَحسب نفسه راسخاً في الصَّواب، وما يَفيق إلا على قارعة تقصم كبره وغروره، كما حدث لفرعون عندما أدركه الغرق حيث قال: )...آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المُسلِمينَ( [يونس: 90].
هناك أقوام لا تُصيب الحقيقة مِن قلوبهم هَدفاً ولا تجد بها مَقراً، فَهُم كما وصفهم القرآن الكريم: )أَمواتٌ غَيرُ أَحياءٍ وَما يَشعُرونَ أَيّانَ يُبعَثونَ( [النحل: 21]، وقِيمة الإنسان في الدنيا والآخرة تَرتبط بمدى صلاحية قلبه للإدراك الناضج والحكم الصحيح، لا في قضية فرد بعينه أو حالة بعينها، بل في شؤون الحياة كلها، ومع أهل الأرض أجمعين، ولعل ذلك ما عناه النبي الكريم بقوله في الحديث الذي رواه البخاري: ((ألا وإنَّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).
ونستطيع أن نؤكد بقوة أنَّ تَقدم جماعة أو تأخرها مَنوط بمدى ما لديها مِن أصحاب هذه القلوب الواعية، القلوب التي تتصل بالعالم وأحداثه اتصالاً فاقهاً نظيفاً، فهي لا تَنخدع في إدراك مَسألة، لأنها تَلتقط لها صوراً صحيحة، ولا تَزيغ في إصدار حكم، لأن وسائلها في الأداء والبلاغ لم يُدركها عوج ولم يُصبها عطب.
خِداع العناوين أمر بَغيض حقاً، ويبدو أن الأوربيين قديماً وحديثاً يُتقنون هذا الفن مِن الخداع، ويَسيرون وراءه نحو أغراضهم، فَتَحت عُنوان "الدعوة إلى السلام" يَستعدون للقتال ويُتقنون صناعة الموت، وتحت طلاءٍ مِن الـمَدَنِيَّة يَقترفون ألوان الهمجية ويثقلون كواهل الشعوب بالدُّيون والآلام، وفي الوقت الذي يُخبئ الأوربيين فيه مَخالبهم وأظافرهم خَلف قُفَّازَاتٍ مِن حرير يَصفون غيرهم بما هُم مِنه بَرَاء، ويَعملون جاهدين على إِظهار المدافعين عن أرضهم وعِرضهم بأنهم مُعتدون.
إنَّ الكاتب الفرنسي "غوستا فلوبون" وَصَفَ أفاعيل الفِرنجة عندما اجتاحوا بَيتَ المقدس أواخر القرن الرابع الهجري حَيث قال: ]كان قومنا يَجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت لِيَرووا غَليلهم مِن التقتيل، كانوا يذبحون الأطفال والشبان والشيوخ ويقطعونهم إرباً إرباً، وكانوا لا يستبقون إنساناً، وكانوا يشنقون أناساً كثيرين بحبل واحد بُغية السرعة، وكانوا يَبقرون بُطون الموتى بحثاً عن قطعاً ذَهبية[.
ويَستأنف "غوستا فلوبون" وصفه الكَئِيب فيقول: ]لقد أَفرط قومنا في سفك الدماء في هيكل سليمان، فكانت جُثث القتلى تعوم في السَّاحة هنا وهناك، وكانت الأيدي والأذرع المبتورة تَسبح كأنما تُريد الاتصال بجثث غَريبة عنها[.
وهنا سُؤال يطرح نفسه: ماذا صَنعت أوربا الحديثة للرَّقيق؟
إنَّ أوربا -يا سادة- لا تَعرف الدِّين إلا وسيلة لإشباع آثامها وإِرضاء أطماعها، وليس لديها مِن بأس في أن تَنتفع بالعقائد الدينية أو برجال الدين إذا كان ذلك يُشوه الحقيقة ويَنتقص منها.
عندما اتصلت أوربا بإفريقيا السوداء كان هذا الاتصال مَأساةً إنسانيةً عَرَّض الزُّنوج لبلاء عظيمٍ طِوال خمسة قرون، فإن الدول الأوربية عملت على استرقاق الزنوج وإذلالهم في كل مكان، فلما اكتُشفت أمريكا آخر القرن الخامس عشر ازداد البلاء النَّازل بهؤلاء السود التُّعساء، لأن عِبء الخدمة المنوطة بهم أصبح يمتد إلى قارتين بَدل قارة واحدة.
كان احتكار الرَّقيق تجارة، هذه التجارة كانت مقصورة على سواحل إفريقيا ومحصورة في الإسبانيين، ثم انتقلت إلى البرتغاليين، ثم تسابقت الدول الأوربية إلى هذه التجارة بعد ذلك، وقد طَلبت بريطانيا من رجال الدِّين مُبرراً لهذه التجارة، فأسعفوها بنصوص التوراة التي تقدمت في الكلام على الرِّق عند اليهود، وبمقتضى هذه الفتوى التي تَبدو فيها الصِّبغة العنصرية واضحة رغم السِّتار الديني الشَّفاف، كان استعباد الزنوج مباحاً بل واجباً عند الأوربيين، لأنهم سُلالة "يافث بن نوح"، وظَلُّوا على هذه العقيدة حتى القرن العشرين.
ألا ترى -أيها المسلم، أيها العربي- أنَّ النِّظام السعودي الوهابي والنِّظام التركي الإخواني قد هَيَّأ الظروف تماماً للسياسة الأمريكية لاسترقاق الشعوب العربية! فقد أَمَروا شُيوخهم -شيوخ الفتنة والدَّجل- أن يُفتوا بأن طاعة "ترامب" واجبة على المسلمين، فكما اتخذت بريطانيا رجال الدين وسيلة لها في استرقاق الزنوج اتخذت أمريكا أيضاً رجال الدين السعوديين وسيلة لها لاسترقاق الشعوب التي تَحتضن المقاومة وتتمسك بالقادة الشرفاء، فالحروب التي تشتعل نِيرانها في الوطن العربي هي حروب استرقاق تَستمد رُوحها الدينية مِن شيوخ الإخوان والوهابية.
معاشر السادة: إنَّ مَجلس الأمن يَتباكى على الغوطة الشرقية، ويَكذب ويُجند خُدامه الصغار مِن أجل مَسرحية كِيماوية، إنهم يَكذبون في كل مكان وفي كل زمان، السياسة الأوربية منذ القدم تقوم على الخداع والنفاق، لكي تصل إلى مآربها وأغراضها بأقل كلفة وبأسرع وقت، هذا هو مبدأ السياسة الأمريكية والسياسة الغربية بشكل عام.
ونحن اليوم نجد بِفضل الله جل جلاله أبناء هذا الوطن يَلتفون جميعاً خلف هذا الجيش، خلف جيش وطنهم، هذا الجيش العقائدي، هذا الجيش المقاوم، الذي يدافع عن الأرض والعرض، والذي يَدوس تحت أقدامه الطاهرة تلك المؤامرات الخبيثة التي تُحاك وتُخطط لهذا الوطن، مِن أجل دماره وخرابه وسرقته وإبادته، فنحن اليوم كسوريين واجب علينا جميعاً أن نُدرك تماماً أن الغرب لم يَكن في يوم من الأيام يَغار على حقوقنا ولا على مَصالحنا.
أين مجلس الأمن مِن مدينة الرقة؟ لماذا لم يتكلم مجلس الأمن عن مدينة الرقة التي أبادها التَّحالف الأمريكي؟ أين هو مجلس الأمن الذي يَتعامى عن الجرائم التي يَقوم بها السَّفاح المجرم النظام السعودي "سلمان" في يمننا الحبيب؟ أين مجلس الأمن؟ أين منظمة حقوق الإنسان؟ أين هيئة الأمم المتحدة؟ فلذلك نحن كشعوب لا نُعول على الإطلاق أبداً، لا على تلك المؤسسات الدولية، ولا على تلك الهيئات ولا المنظمات، إنما نُعول على شيء واحد، هو وعينا بعد إيماننا بربنا جل جلاله، هو وعينا وأن ندرك تماماً أنَّ الغربي لم يَكن في يوم من الأيام يُريد لنا خيراً ويريد لنا أمناً وسلاماً أبداً على الإطلاق.
ها هم الغربيون يتباكون على المدنيين في الغوطة الشرقية، وينقل الإعلام بكل دقة وتَفصيل ما يَجري هناك، لِمَ لم يَخرج المدنيون مِن الغوطة الشرقية؟ لم لم يَخرج المدنيون؟ ألا يَرى أولئك المتعامون أولئك الحاقدون أولئك الماجنون، ألا يَرون أنَّ الغرب هو الذي يَدعم وهو الذي يُوجه وهو الذي يُريد أن يقتل ويبيد، وهو الذي يُريد أن يُطيل مِن أمد هذه الحرب ومِن معاناة هذا الشعب الأبي الكبير؟ ألا يَرى مجلس الأمن ذلك؟ ألا ترى منظمة حقوق الإنسان ذلك؟ ألا ترى هيئة الأمم ذلك؟.
ها هو الجيش العربي السوري مع حلفائه الأشاوس يَقولون للمدنيين: يا أهل الغوطة الشرقية اخرجوا من هناك لكي نَدخل ونبيد تلك الجراثيم الضارة التي فَتكت بأمنكم وحياتكم واستقراركم وأعراضكم وسرقت أموالكم، لكن أذناب الصهيونية وخُدامهم مِن المسلحين المجرمين المارقين أصبحوا يَقتلون المدنيين ويَقصفونهم بقذائف الحقد مِن كل معبر يُريدون أن يَخرجون منه، ولكن أهلنا في الغوطة الشرقية وقفوا موقفاً مُشرفاً كما هو حال أبناء هذا الوطن جميعاً، وقفوا موقفاً مشرفاً حيث رفعوا علم الجمهورية العربية السورية في بلدة "حمورية" الأبية، هذا العلم كما وعدناكم -أيها الإخوة- قُلناها لكم مُنذ أسابيع قليلة، لأننا نُؤمن بأن الحق هو الذي سينتصر في النهاية، ولأننا نُؤمن أن الظَّلام لن يدوم مهما طال، ولأننا نُؤمن بأن المارقين المجرمين الظالمين الكاذبين الفاجرين مَصيرهم إلى مَزبلة التاريخ.
أهلنا في "حمورية" رفعوا علم هذا الوطن، وسارع أهالي بلدة "سقبا" إلى رفع هذا العلم، وسارع أهالي "كفربطنا" إلى رفع هذا العلم، فَما كان مِن المسلحين المجرمين إلا أن قاموا بِحملة عَشوائية اختطفوا كل من يقول": نحن نريد هذا الوطن، ونريد قائد هذا الوطن بشار حافظ الأسد، وقاموا أيضاً بِسَرقة الموبايلات لكي لا يُظهروا صوراً حقيقية تُعبر عما يجري بكل دقة وتفصيل في الغوطة الشرقية، سرقوا هواتفهم النقالة لكي يَفصلوهم تماماً عن العالم بأسره وعن مدينة دمشق، ولكننا رأينا المرأة الطاهرة الأبية في بلدة "حمورية" تقول وهي تفضح وتُعري المسلحين المجرمين تُعريهم قائلة: {لقد سرقتم أموالنا وهتكتم أعراضنا، وعملتم على إجاعتنا، وذهبتم وهربتم بعدها إلى تركيا}، هذه الكلمات على أي شيء تَدلك أيها السوري؟! تدلك على أنَّ كل الأكاذيب التي أشاعتها قناة "الجزيرة" وقناة "العربية" وقناة "الوصال" وكل مَن يدور في فَلكهم أنها كانت تَكذب على العالم بأسره وتكذب على المواطن السوري نفسه.
المسلحون المجرمون مَا قَدَّموا لأهلنا في الغوطة الشرقية وفي كل مكان مِن أراضي هذا الوطن الحبيب حتى في عراقنا حتى في يمننا مَا قَدَّموا إلا القتل والاختطاف والاغتصاب والسرقة والجوع والإذلال، إنها عملية استرقاق يقودونها بتوجيه مِن أصابع خفية تترأسها الماسونية العالمية، فأهلنا في الغوطة الشرقية يهتفون في كل لحظة من هذه الساعة ومن خلال الأيام الماضية أنهم مع هذا الوطن، ورفعوا علم هذا الوطن، وخرجت مظاهرات تُندد بالإجرام والمجرمين والمسلحين، وأصبحوا يهتفون بقول واحد: {واحد واحد واحد، الشعب السوري واحد}.
يا أهلنا في الغوطة الشرقية، يا أهلنا الأشاوس، يا أصحاب الغيرة والناموس، يا أصحاب النخوة والكرامة، هذا اليوم هو يومكم، انتفضوا في وجه من أجاعكم، انتفضوا في وجه من أذلكم، انتفضوا في وجه من حاصركم سنين طويلة، أنتم تبكون دماً ونحن نشعر بآلامكم، أنتم تُعانون مِن الجوع ونحن نشعر بجوعكم، أنتم تُعانون مِن الذُّل ونحن نشعر بذلكم، وها هم أبناء دمشق الحبيبة تَقدموا جميعاً لِيَلتحقوا بصفوف رجال الله رجال الجيش العربي السوري لِيدافعوا عنكم، ها هم الرجال الأشاوس ها هم شباب هذا الوطن مِن دمشق الحبيبة ومِن ريف دمشق ومِن حمص الأبية ومن جبلة الأبية ومِن كلماخو المقاومة ومِن إبريخية ومن الحويز ومن وادي القلع ومن تعنيكة ومن ظهر صفرا ومِن جبل العرب ومِن السويداء ومِن دير الزور الأبية ومِن حلب الشهباء، ومِن كل مكان جاؤوكم يا أهل الغوطة، جاءكم أهلكم، جاءكم شبابكم، يقولون لكم: أنتم أهلنا، أنتم عِرضنا، أنتم إخوتنا، تعالوا جميعاً لنرفع هذه الراية، لنقول للعالم أجمع: لا راية بعد اليوم إلا هذه الراية، فوق سماء الغوطة، وفوق سماء ريف حماة، وفوق سماء عفرين، وفوق سماء كل شبر مِن أراضي هذا الوطن الحبيب.
يا أهلنا في الغوطة الحبيبة: جيشكم هو أهلكم، هم أولادكم، هم إخوانكم، كونوا عوناً لهم، كونوا عوناً لهم، هذا اليوم هو يوم عزكم، انتفضوا في وجه أولئك المرتزقة، انتفضوا في وجههم، وافتحوا صدوركم وقلوبكم طيبة نقية للمصالحة الوطنية، وافعلوا كما فعل أهلنا في مدينة التَّل الحبيبة، وافعلوا كما فعل أهلكم وإخوانكم في مدينة قدسيا، وافعلوا كما فعل أهلكم وإخوانكم في مدينة المعضمية، وارفعوا علم هذا الوطن لكي تحقنوا الدم وتصونوا الأرض وتصونوا العرض، ولكي تعيشوا بكرامتكم، لا نرضى على الإطلاق بعد هذا اليوم أبداً أن نعيش بذل وأن نعيش بهوان، لا نرضى أن يستعبدنا سعودي مرتزق، مَن هذا عبد الله الحسيني؟ هذا الاستخباراتي السعودي، هذا المرتزق السعودي، مَن هذا حتى يَستذلنا، مَن هذا؟ مَن هذا الشيخ الوهابي الشيخ الإخواني الذي يَدعو إلى الجهاد في سوريا حتى نَسير خلفه ونَسمع كلمته وننخدع بكلامه المعسول؟ مَن هؤلاء يا سادة؟ ماذا قدموا لنا يا سادة؟ قولوا لنا، اسأل نفسك أيها السوري: ماذا قدموا لنا؟.
نحن في دمشق نُدافع عن أرضنا، ندافع عن عرضنا، نُدافع عن كرامتنا، ويا أهل الغوطة الشرقية معروف عنكم أنكم أصحاب نخوة، أنكم أصحاب كرامة، قائد الوطن يحبكم، قائد الوطن يغار عليكم، قائد الوطن يريد حَقن دمكم، الذي أجرم بكم وقتلكم هو السفاح "سلمان بن عبد العزيز"، الذي قتلكم وأجرم بكم هو النظام القطري، الذي قتلكم وأجرم بكم هو الأمريكي، هو البريطاني، هو الفرنسي، عليك -أيها السوري- أن تكون يقظاً، أن تكون حذراً، إياك أن تركع، إياك أن تخنع، إياك أن تخاف، نحن معكم يا أهل الغوطة، وقَسماً سنحمل البندقية وسنأتي لكي ندافع عنكم، ونعيد لكم كرامتكم، ونعيد لكم عزتكم، ونطعمكم اللقمة التي نأكلها هنا في دمشق، لأنكم صبرتم، لأنكم تحملتم، لأنكم عانيكم، أنتم أهل الوفاء، أنتم أهل الإباء، أنتم أهل الصدق، فجيشكم معكم، كونوا عوناً لهذا الجيش، كونوا عوناً لهذا الجيش.
وكل الحب وكل الإجلال لكل ضابط مُخلص مُقاوم شريف.
وكل الحب والإجلال لِكل جندي يُقاتل ويُدافع عن أرض هذا الوطن.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير، اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً، اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, وأن تكون لهم مُعيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان, اللهم إنا نسألك أن تُؤيد القائد المقاوم والمجاهد سهيل الحسن وكل المقاومين معه وكل الجنود الأشاوس معه ومع هذا الجيش العظيم، اللهم إنا نسألك أن تنصرهم وأن تُؤيدهم بمدد مِن عندك، اللهم إنا نسألك أن تَنصرهم وأن تُؤيدهم بمدد وملائكة مِن عندك يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله، وأن تُثَبِّتَ الأرض تحت أقدامهم، وأن تُسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم وفق القائد المؤمن والجندي الأول بشار الأسد إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، واجعله بشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية, )سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(.