الاثنين 27 شوال 1445 - 06 مايو 2024 , آخر تحديث : 2024-04-29 12:42:38 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2014-01-23 الساعة 11:36:27
محمد بن عبد الله الرسول القدوة
الشيخ مأمون المغربي

إن وجود القدوة الصالحة المتمتعة بكل الصفات الفاضلة والكريمة ضرورة لنبي البشر ليتأسوا بها، ويتبعوها ويسيروا على نهجها  استجابة لفطرة التقليد الموجودة عند البشر والقدوة الوحيدة الكاملة في الدنيا إنما تتمثل في شخص سيد البشر محمد فقط يشير إلى ذلك  قوله تعالى :
) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ( [القلم/4] ، وما مِن إنسان يَقتَدِيْ بِرَسُول اللهِ  ويَتَعَرَّضُ للأنوار المحمدية ، إلا انْقَلَبَ رأساً على عَقِبْ فصلُح حاله ، وصِيْغَ صِيَاغَةً جَدِيْدَةً في كل شيء  فاستقامت حياته ، وأولُ ما يَجِبُ أن يَظْهَرَ فِيك إذا اقتديتَ بالنبي أمران اثنان:

الأمر الأول: أن تَرتَقِيْ بِعَقْلِكَ فِكراً ، وَبِقَلبِكَ عَاطِفَةً ، وَبِنَفْسِكَ تَزْكِيَةً ، فالعقل تصبح أفكاره في عظائم الأمور ، وفكره في قضايا الأمة الكبرى ، واشتغاله بما يَعود على الأمة بكل خير في الدنيا والآخرة ، وأما القلب فيصبح ألمه لما يَجري على دينك وقضيتك ، وأمله في أن نعود كما كنا قادة الركب وسادة العالم ، وأما النفسُ فتَخَرجُ من دائرة دَسَائِسِهَا وحُظُوظِهَا الفانية من متع وشهوات ، وتخرج من دائرة الأنا إلى دائرة الجماعة ، وتسعَد بالتعرض للنفحات الربانية والأسرار الإلهية . هذا هو الأمر الأول ، الإرتقاء عقلاً وقلباً ونفساً .

الأمر الثاني: اتساع دائرتك ،  وفهمك  ونظرتك للحياة الدنيا والآخرة على حد سواء فانظر إلى جعفر بن أبي طالب  وهو يتحدث إلى النجاشي فيقول: صلى الله عليه وسلمكنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونُسيء الجِوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بَعَثَ اللهُ رسولاً منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لِنُوَحِّدَهُ ونعبدَهُ ، وأمرنا بصدق الحديث وصلة الرحم وحسن الجوار) هكذا اتسعت الدائرة أمام جعفرَ وإخوانه ، وإذا به بعد ذلك يُنافِحُ وَيُناضل عن الذي آمن به ، ويَعْمَلُ من أجله ويقاتل في سبيله ، فيستشهد في غزوة مؤتة وهو حاملٌ للراية في يده اليمنى ، فَتُقطع يمينه فيمسك الراية باليسرى ، فتقطع اليسرى فَيَتَلَقَاهَا بصدره فَيُقتَل ، وإذا به يَطير في الجنة بجناحين ، كما أخبر عنه المصطفى ، لقد اتسع أفقه فطار في الجنة بجناحين .

والملاحظ - ويا للأسف - أن الأمة اليوم قد هَبَطَتْ إلى دائرة الأفُقِ الضيق ، ونَامَتْ في سراديبِ غَفْلَتِهَا ، وَرَسَّخَ الأعداءُ خُبثَهم ومكرهم في عقول أبناء الأمة ، وأفهمونا أن علينا أن نَعيش في هامش الحياة ليس لنا قضية ، وماذا نَستطيع أن نفعل نحن للأمة وللدين وللأرض وللعقيدة ، وصَدّقناهم ونِمْنَا وهم يَحْدُونَ لنا كما يُحْدَى للطفل الصغير ، لكي يَنامَ نوماً عميقاً يُريْحُ أُمَّهُ من شَغَبِهِ وَضَوْضَائِه .

وبعد فإن الأمة العربية والإسلامية لا يمكن أن تنهض من كبوتها وتعيد مجدها فتتوحد بعد فُرقة وتقوى بعد ضعف وتعز بعد ذل ، إلا إذا اهتدت بهدي نبيها القدوة  ، وجعلت من كتاب ربها وسنة نبيه وسيرته المنهج الأول في حياتها لتفوز بخيري الدنيا والآخرة وتنعم برفقة النبيين والصديقين والصالحين كما قال تعالى : ) وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَليْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا(.

 اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً ، وأكرمنا بمتابعة النبي في هديه وسنته وسيرته ، إنك ولي ذلك والقادر عليه ، والحمد لله رب العالمين .

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1797
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *