الجامع الأموي » المعالم الزخرفية

الرخاميات

إدارة التحرير


الرخاميات
الرخاميات:
الرخام الذي يغطي جدران الحرم في الجامع الكبير ، والذي يغطي أقساماً كثيرة من دعامات واجهة الحرم المطلة على الصحن هو رخام حديث قام عمال دمشقيون معروفون بإعداده وتغطية الجدران به على أجمل وأبهى تنسيق .
 
ولقد كان الرخام في السابق يكسو الجدران أيضاً بشكل أوسع من واقعة الحالي ، ويشهد على ذلك الثقوب التي كانت تستوعب المماسك المعدنية المثبتة لألواح الرخام على الجدران .
 
وكان الرخام مجزعاً كما يقول العمري: "وكل أروقته بالعمد والعضائد عليها طاقات القناطر المعقودة بعضها على بعض ، وقد أزرت جدر هذه الأروقة بالرخام الأبيض والمجزع والأحمر المنقط والأخضر المرشوش والأسود الغرابي والأبقع والمعجون الأزرق .
 
وأما أركان القبة الأربعة وجناحا النسر القبلي والشامي فمن الرخام إلى أعلى الجدر والأركان معمول بالفسيفساء ، مسقوف بالبطائن المعمولة بالذهب واللازورد والزنجفر والأسفيداج والأصباغ الخالصة من لون والمركبة من لونين" .
 
فالرخام كان ممشحاً بزرقة ويبدو من بقايا الرخام الأصلية الموجودة في دهليز باب النوفرة حتى يومنا هذا ، على أن الصناع يستفيدون من تجزيعات هذا التمشيح إذ يقطع اللوح الرخامي إلى أربعة شرائح متماثلة في صورة التمشيح حتى إذا وضعت متقابلة شكلت وحدة زخرفية مجردة .
 
وفي المتحف الوطني نموذج من ألواح الرخام هذه ، عثر عليها في صحن الجامع .
 
ولم يقتصر التزيين الرخامي على الألواح الواسعة التي غطت الجدران ، بل إن ثمة شريط من الزخرفة الرخامية كان يحيط جدران الحرم أسفل الفسيفساء الذي غطى الجدران العليا. وكان هذا الشريط الرخامي متمثلاً برسوم تمثل عروقاً نباتية هي أوراق الكرمة وعناقيد العنب.
وكان هذا الشريط وحتى حريق سنة 1311هـ / 1893م واضحاً أخاذاً بألوانه الذهبية التي أمر الملك الظاهر بيبرس بتجديدها وطليت الحجارة بماء الذهب أو بورق الذهب .
 
ونوافذ الجامع الكبير كانت في البداية مشبكات زخرفية ، هندسية أو نباتية ، لكل واحدة صيغة خاصة مختلفة عن الصيغة الأخرى ، ومن هذه النوافذ ست مشبكات مازالت قائمة في نوافذ مشهد عثمان الذي أصبح قاعة الاستقبال الغربية ، ونعتقد أن هذه المشبكات أصلية وأن باقي النوافذ في الجامع الكبير كانت من هذا النوع الرخامي .
 
ومن مستحدثات الزينة الرخامية في الجامع ، ضريح النبي يحيى ، وهو بناء رخامي تعلوه قبة أنشأ بعد الحريق الأخير ، ولم يكن هذا الضريح الرخامي قائماً قبل الحريق بل كان ثمة ضريح خشبي مزين بنقوش التهمته النيران ولم يبق منه أثر وإن كانت الصور تحفظ ذكرى واضحة عنه .
 
على أن أروع زخرفة رخامية كانت قبل الحريق ثم أعيد تصميمها وتنفيذها بعد الحريق ، هي زخرفة محراب الجامع الكبير. يقول ابن جبير: "وكان هذا الجامع المبارك ، ظاهراً وباطناً منزلاً كله بالفصوص المذهبة ، مزخرفاً بأبدع زخاريف البناء المعجز الصنعة فأدركه الحريق مرتين ، فتهدم وجدد ، وذهب أكثر رخامه ، فاستحال رونقه فأسلم ما فيه اليوم قبلته مع الثلاث قباب المتصلة بها ، ومحرابه من أعجب المحاريب الإسلامية حسناً وغرابة صنعة  يتقد ذهباً كله ، وقد قامت في وسطه محاريب صغار متصلة بجداره تحفها سويرايات مفتولات فتل الأسورة كأنها مخروطة ، لم ير شيء أجمل منها ، وبعضها حمر كأنها مرجان ، ولقد هدم هذا المحراب في الحريق الأخير ، وأعيد بناء محراب جديد.
 
ويتألف المحراب الجديد من خلفية رخامية واسعة نستطيع فصلها عن الزخرفة الجدراية المتممة لها تسهيلاً لدراستها فنراها مؤلفة من مريع ضلعه ستة أمتار ، يعلوه شريطان من الكتابة القرآنية من سورة الرحمن مؤلفة من ألواح القاشاني المنقول من قبة مسجد الوزير آقوش النجيبي في محلة السويقة بدمشق ، وتحتها افريز متصل وممتد على طول الجدار ، وفي طرف المربع من الشرق مستطيل قائم مؤلف من حشوتين كبيرتين وحشوة متوسطة مربعة الشكل ، وهذا المستطيل محاط بإطار من المشبكات الهندسية ، وفي الطرف الغربي وفي مكان يقابل هذا المستطيل يقع المنبر الرخامي .
 
وفي وسط هذه الخلفية المربعة يقع المحراب يعلوه قوس ينفتح على نصف قبة مقرنصة ، ولقد حلي بطن المحراب بدعامات رخامية وصدفية رائعة مشكلة زخرفة هندسية رفيعة ، ويحيط المحراب في كل من الجانبين ثلاث حشوات هندسية عدا لوح في أسفلها .
 
ولقد زخرفت أجزاء أخرى من الجدار الجنوبي مع واجهات الدعامات المركزية بزخرفة مماثلة من الرخام والصدف ، ونقلت هذه الزخارف وبنفس الطريقة إلى الصحن حيث أصبحت تكسو الدعامات الجبهية للحرم .
ويعلو المحراب ثلاثة شبابيك محلاة بالزجاج المعشق على ألواح مستطيلة وهي تختلف عن الألواح القديمة التي كانت قبل الحريق. ولقد عدد ابن جبير النوافذ المحلاة بالزجاج المعشق وأطلق عليها اسم شمسية فقال :
 
 "وفي القبة المتصلة بالمحراب وما يليها من الجدار أربع عشرة شمسية وفي طول الجدار إلى يمين المحراب ويساره أربع وأربعون وفي القبة المتصلة بجدار الصحن ست وفي ظهر الجدار إلى الصحن سبع وأربعون شمسية".
ويضيف ابن جبير قائلاً: "وشأن قبلة هذا الجامع مع ما يتصل بها من قبابه الثلاث وأشراف شمسياته المذهبة الملونة عليه واتصال شعاع الشمس بها وانعكاسه إلى كل لون منها ، حتى ترتمي الأبصار من أشعة ملونة يتصل ذلك بجداره القبلي كله ، عظيم لا يلحق وصفه ولا تبلغ العبارة بعض ما يتصوره الخاطر منه" .
 
وتتركز زخارف الحرم عند جدار القبلة ، وبشكل خاص في القسم الوسطي منه الموجود ضمن المجاز المعترض ، وكذلك عند سطوح الدعامات الحاملة للقبة .
 
ويشكل جدار المجاز المعترض مع المنبر والمحراب لوحة جميلة غنية بالمصبعات الرخامية المتعددة الألوان والموزعة بأشكال هندسية متناظرة تعلوها الآيات الأولى من سورة الرحمن منحوتة بخط عثماني جميل ، وتغطي سطوح جدران الدعامات الحاملة للقبة زخارف مشابهة لزخارف الجدار الجنوبي وعلى نفس ارتفاعها .
 
أما زخارف سطوح طرفي جدار القبلة الشرقي والغربي فهي أقل غنى من زخارف جدار المجاز المعترض وأقل ارتفاعاً منها.
 
وتتمثل بقوس دائري يحمله دعامتان جداريتان على شكل محراب سطحي يتكرر على امتداد الجدار .
 
ويلاحظ وجود بقايا أجزاء محترقة من اللوحة الفسيفسائية الموجودة على السطح الجنوبي لجدار المجاز الشمالي ، وأخرى لم يصبها الحريق على سطحي دعامتي القبة الشماليتين المقابلتين له ، وفيها بقايا لشريط الكرمة المحيطي ، ولوحة فسيفسائية جميلة على شكل محراب منقوش في أسفله جملة "خير الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين" وهي تعود إلى ما بعد المرحلة الأموية .
 
وتغطي أرض الحرم بلاطات حجرية مستطيلة الشكل مرصوفة بشكل طولي على هيئة مداميك متوازية ، وهي تعود إلى مرحلة الترميم التي أعقبت الحريق الأخير في سنة 1311هـ / 1893م ، وتغطي البلاط سجاجيد مختلفة الحجم واللون والنوع .
 
ولقد تم تغيير البلاط مرات عديدة بسبب الحرائق والزلازل التي أصابت الجامع خلال تاريخه الطويل. ويذكر أغلب المؤرخين أن تبليط الحرم كان بالرخام الأبيض .
 
Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=147&id=666