الجامع الأموي » خطب الجامع الأموي

العهود والوفاء بها

الشيخ مامون رحمة


العهود والوفاء بها

خطبة الجامع الأموي لفضيلة الشيخ مأمون رحمة

3 من جمادى الأولى 1437 هـ / 12 من شباط 2016 م

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.

عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.

يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )وَأَوفوا بِعَهدِ اللَّـهِ إِذا عاهَدتُم وَلا تَنقُضُوا الأَيمانَ بَعدَ تَوكيدِها وَقَد جَعَلتُمُ اللَّـهَ عَلَيكُم كَفيلًا إِنَّ اللَّـهَ يَعلَمُ ما تَفعَلون( [النحل: 91].

ورد في الحديث الصحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)).

معاشر السادة: إذا أبرم الإنسان عقداً فيجب أن يحترمه، وإذا أعطى عهداً فيجب أن يلتزمه، ومن الإيمان أن يكون المرء عند كلمته التي قالها ينتهي إليها كما ينتهي الماء عند شطآنه، فيعرف بين الناس بأن كلمته موثق غليظ، لا خوف من نقضها ولا مطمع في اصطيادها، فإذا وثق الإنسان عهداً بمعروف فليصرف همته في إمضاءه، ما دامت فيه عين تطرف، وليعلم أن منطق الرجولة وهدي اليَقين لا يتركان له مجالاً للتردد والتراجع، ولا غرو فقد تتابعت آيات القرآن تحض على الوفاء وتحذر من الغدر، حيث قال سبحانه: )وَأَوفوا بِالعَهدِ إِنَّ العَهدَ كانَ مَسئولًا( [الإسراء: 34]، وقد بين الله عز وجل أن الغدر ينزع الثقة ويثير الفوضى ويمزق الأواصر ويرد الأقوياء ضعافاً واهنين، فقال سبحانه: )وَلا تَكونوا كَالَّتي نَقَضَت غَزلَها مِن بَعدِ قُوَّةٍ أَنكاثًا تَتَّخِذونَ أَيمانَكُم دَخَلًا بَينَكُم أَن تَكونَ أُمَّةٌ هِيَ أَربى مِن أُمَّةٍ إِنَّما يَبلوكُمُ اللَّـهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُم يَومَ القِيامَةِ ما كُنتُم فيهِ تَختَلِفون( [النحل: 92].

إن الرجل قد يحل عقداً أبرمه ينتظر ربحاً أوفر من عقد آخر، وإن الأمة قد تَطرح معاهدة مع أمة أخرى جرياً وراء مصلحة أحظى لديها، والدين يكره أن تداعس الفضائل في سوق المنفعة العاجلة، ويكره أن تنطوي دخائل الناس على هذه النيات المغشوشة.

إن الله عزوجل يُحب الأوفياء من عباده، وما أهلك القرى الظالمة إلا بعد أن قال في أهلها: )وَما وَجَدنا لِأَكثَرِهِم مِن عَهدٍ وَإِن وَجَدنا أَكثَرَهُم لَفاسِقين( [الأعراف: 102].

وهنا سؤال يطرح نفسه: ما حكم الله في قوم بيننا وبينهم عهد نبذوه ونقضوه، هل يجوز لنا أن ننبذ عهدهم؟.

إن وفاء الإسلام بالعهود بلغ حداً من الدقة والسمو لم تَعرفه إلى اليوم أرقى المؤسسات الدولية وأحدث الدساتير العالمية، وإن مسلك الإسلام في معاملة أعدائه يتضمن صوراً من الوفاء الكريم، تظهر فيها رقته وسماحته ونبله، كان اليهود لا يرون للعقود والمعاهدات حرمة إذا أبرمت بينهم وبين مخالفيهم في الدين ويستبيحون أكل الحقوق المقررة لغيرهم، فأنكر الإسلام هذه المعاملة الخسيسة وشرع الوفاء العام للناس جميعاً، لا فرق بين ملة وملة، حيث قال سبحانه: )وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * بَلَىٰ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ وَاتَّقَىٰ فَإِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِين( [النساء: 75-76].

وسار الإسلام على هذه القاعدة وهو يتعقب الرذائل، فلما أعلن على النفاق حرباً شعواء واستثار همم المسلمين ليقاتلوا المنافقين وهم جبهة واحدة، وعندما أوصى بأن لا تأخذهم هوادة في منابذتهم بالخصومة ومصارحتهم بالبغضاء، قال سبحانه: )فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّـهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّـهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا( [النساء: 88]، ثم كشف عن خبيئة نفوسهم وحقيقة موقفهم من الدعوة إلى الله ورغبتهم الكامنة في أن تطوي الأرض ظلمات الكفر والضلال، وعلى بينة من هذه النيات الخبيثة قال سبحانه: )وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً( [النساء: 89]، ويبدو أن المعاملة الفاضلة القائمة على رعاية العهود والمبالغة في احترامها بدأت من جانب واحد، أما الجانب الآخر فقد أظهر الموافقة والقبول، وأضمر التربص والكيد ريثما تواتيه الفرصة المناسبة ليعلن غدره ويوقع مكره، فهو يستمسك بالوفاء ما دام ضعيفاً، ويحرص عليه ما ظل يستفيد منه، فإذا أحس بالدفء والقوة تحرك ليلدغ، وبسط يده وفمه بالأذى، وقد ظل المسلمون الأولون حِيناً من الدهر يتعلقون بمثاليتهم ويُحاولون الإبقاء على عهودهم مع مخالفيهم في الدين من اليهود والمشركين، بَيد أن هذه المحاولات ضاعت سدى، فقد نقض يهود المدينة معاهدتهم مع رسول الله عندما ظنوا الفرصة سنحت للقضاء على المسلمين في معركة الأحزاب، كما نقض المشركون عهد الحديبية مع أن بنوده كانت لمصلحتهم، واستبان من اضطراد الحوادث أن المسلمين يعاملون أناساً من نوع ليس لديه شرف ولا وفاء، فأصبح لزاماً عليهم أن يُصححوا مسلكهم وأن يحسموا عهوداً لم يحترمها منذ أُبرمت إلا طرف واحد، وفي ضوء هذه الملابسات نزلت سورة براءة، وفيها تسمع دمدمت الآيات وقعقعت السلاح من وراءها: )بَراءَةٌ مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ إِلَى الَّذينَ عاهَدتُم مِنَ الْمُشرِكين( [التوبة: 1]، وفي هذه السورة أعلن في وضوح أن المعاهدات السابقات قد ألغيت، وأن ألاعيب المشركين الكثيرة قد وضع لها حد أخير، وعندما يستمع الإنسان إلى الآيات التي تَضمنت حيثيات هذا الإلغاء فيجد فيها دلائل الغضب من مسالك المشركين النابية، وتقريعاً شديداً على مخالفاتهم الماضية، ونصاً حاسماً على أن الوفاء لا مَوضع له إلا مَع أهل الوفاء فحسب، ومن ثم قيد القرآن هذا النقض العام لِيُوفر الأمن والسلام مع من حسنت سيرتهم وصدقت كلمتهم، فقال سبحانه: )إِلَّا الَّذينَ عاهَدتُم مِنَ الْمُشرِكينَ ثُمَّ لَم يَنقُصوكُم شَيئًا وَلَم يُظاهِروا عَلَيكُم أَحَدًا فَأَتِمّوا إِلَيهِم عَهدَهُم إِلى مُدَّتِهِم إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقين( [التوبة: 4].

ثم تفيد الآيات في سرد أسباب النقد وضرورات الإلغاء التي أنهت هذه المعاهدات، فتقول: )كَيفَ يَكونُ لِلمُشرِكينَ عَهدٌ عِندَ اللَّـهِ وَعِندَ رَسولِهِ إِلَّا الَّذينَ عاهَدتُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ فَمَا استَقاموا لَكُم فَاستَقيموا لَهُم إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَّقينَ * كَيفَ وَإِن يَظهَروا عَلَيكُم لا يَرقُبوا فيكُم إِلًّا وَلا ذِمَّةً يُرضونَكُم بِأَفواهِهِم وَتَأبى قُلوبُهُم وَأَكثَرُهُم فاسِقون( [التوبة: 7-8]، ثم يكشفوا ثم يكشفوا مشاعر الحقد الغادرة في نفوسهم حيث قال سبحانه: )لا يَرقُبونَ في مُؤمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً وَأُولـئِكَ هُمُ الْمُعتَدون( [التوبة: 10].

ويرسم القرآن بعد ذلك الطريق لمعاملة أمثال أولئك القوم، فيضرب السيئة بالسيئة ويعالج الغدر بالقصاص فيقول: )وَإِن نَكَثوا أَيمانَهُم مِن بَعدِ عَهدِهِم وَطَعَنوا في دينِكُم فَقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفرِ إِنَّهُم لا أَيمانَ لَهُم لَعَلَّهُم يَنتَهون( [التوبة: 12].

إن الإسلام على قدر تنويهه بالمواثيق وتشديده في المحافظة عليها يَصب نقمته على المتلاعبين بها والمستغلين لها، ويَعتبرهم دواب تُضرب بالسياط لا بشراً يُقادون من ضمائرهم، ويأمر أن تُكال لهم الضربات على نحو يثير الرعب في غيرهم، حتى يكون التنكيل بهم عبرة لمن يلهو لهوهم ويحنث حنثهم, حيث قال سبحانه: )إِنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِندَ اللَّـهِ الَّذينَ كَفَروا فَهُم لا يُؤمِنونَ * الَّذينَ عاهَدتَ مِنهُم ثُمَّ يَنقُضونَ عَهدَهُم في كُلِّ مَرَّةٍ وَهُم لا يَتَّقونَ * فَإِمّا تَثقَفَنَّهُم فِي الحَربِ فَشَرِّد بِهِم مَن خَلفَهُم لَعَلَّهُم يَذَّكَّرونَ * وَإِمّا تَخافَنَّ مِن قَومٍ خِيانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّـهَ لا يُحِبُّ الخائِنين( [التوبة: 55-58].

معاشر السادة: في السنوات القليلة الماضية قامت علاقات وطيدة بين دمشق وأنقرة، وأقام الفريقان آنذاك بينهما عهوداً ومواثيق تَخدم البلدين في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتجارية وغيرها، وشعر آنذاك الشعب التركي والشعب السوري بارتياح كبير، وفجأة انقلبت الموازين، ونُقضت العهود والمواثيق من الجانب التركي، وأظهر الساسة الأتراك عداءً للشعب التركي دعانا إلى العجب والاستغراب، فإننا نقول للساسة الأتراك: إنكم أَبيتم إلا أن تبنوا على أنقاضنا، وصبغتم أرجاء الدنيا بدمائنا، وهكذا يَصدق فينا وفيكم قول الشاعر:

مَلكنا فكان العفو منا سجية *** فلما ملكتم سال بالدم أبطح

فحسبكم هذا التفاوت بيننــــا *** وكل إناء بالذي فيه ينضـــــــــــــح

إن أردوغان المغتر الآن بقوته، المعتز بسطوته، ستخبو بعد قليل ناره، ويومئذ ستُحاسب دمشق من دمروا عليها حاضرها ومستقبلها، وإلى جانب ذلك نَجد العقلاء والمفكرين من أبناء الأمة التركية قد أدركوا أنهم بسبب سياسة أردوغان وحزبه قد وَقفوا على حافة هاوية مظلمة عميقة القرار، فاندفعوا من تخوف على مستقبل بلادهم يبحثون عن سبيل الخلاص، فهل سيُعيد أردوغان اليوم أوضاع بلاده إلى الأوضاع التي عاشتها تركيا في الحرب العالمية الأولى؟ حيث انهزمت الدولة العثمانية، وأُرغمت على توقيع هدنة قاسية الشروط، وانفرط عقد قواتها المسلحة، وأصبحت ترُكيا في مَهب الرياح، شعب أفقرته وأنهكته الكوارث والحكام الذين تسلطوا عليه واستعانوا بأحط الوسائل من أجل الاحتفاظ لأنفسهم بسلطان الحكم ومظاهر السيادة.

يا سادة: عندما رأى أعداؤنا -أعداء الجمهورية العربية السورية، أعداء هذا الشعب المقاوم، هذا الشعب الصامد، هذا الشعب الجبار- عندما رأوا أن أذنابهم قد انهزموا، وأن انتصارات الجيش أصبحت تتوالى في كل ساعة وفي كل يوم، أرَّقهم ذلك، فشرعوا يتهمون روسيا الاتحادية بأنها تقتل المدنيين، ولم يذكروا شيئاً عن واشنطن التي قَصفت ما يزيد عن عام وشهرين تقريباً، لم يذكروا في يوم من الأيام أن واشنطن هي التي قتلت الأطفال والنساء، في سوريا، وفي العراق، وفي اليمن، وفي فلسطين، وفي كل مكان من أرض الوطن العربي، شرعوا يكذبون ويروجون، من خلال الإعلام، من خلال الصحف، من خلال أذنابهم الذين يعملون لصالحهم على أرض الجمهورية العربية السورية، فهذا الشعب وقف وصمد، وهذا الجيش الجيش العربي السوري وقف وصمد، وكل الشكر وكل الحب وكل العطاء وكل الوفاء للجمهورية الإسلامية الإيرانية ولروسيا الاتحادية، سبعة وثلاثون عاماً تَحتفل الجمهورية الإسلامية الإيرانية بثورتها، هذه الثورة التي نَهضت ببلادها نحو العلم، نحو المعرفة، نحو الأخلاق، هذه الثورة التي علمت الإيرانيين أن يكونوا يداً واحدة وصفا واحدا في خندق واحد في وجه آل سعود القذرين الأقزام، ألا تستغرب أيها السوري، ألا تستغرب أيها العربي، عندما تجد آل سعود من خلال قنواتهم الكاذبة والفاشلة والخسيسة، كيف يحاولون أن يُظهروا أن هناك ظلم في إيران، أن هناك قهر للمواطن في إيران، إن المنهج الذي سلكوه في سوريا يحاولون اليوم أن يسلكوه اليوم في إيران، لكننا نقول لأصحاب نعاج: خسئتم، الإيرانيون أوعى مما تتصورون، الإيرانيون أفقه وأعلم مما تتصورون، والإيرانيون أعادوا اليوم للعالم بأسره عزتهم وكرامتهم، وبينوا أنهم لن ينبطحوا لا للمؤامرات الأوربية ولا للمؤامرات التركية.

فنحن اليوم -يا سادة- نقف على مفترق طريق، وخيارنا الوحيد أن نقاتل حتى ننتصر، وشرف لنا أن نموت مدافعين عن أرضنا، شرف لنا أن نقف في وجه الظلم والعدوان السعودي شرف لنا أن نقف في وجه الظالمين والماكرين، الذين يُحاولون -وهذه خططهم- أن يحرقوا الجمهورية العربية السورية بأهلها ورجالها وعلمها وحضارتها، وهذا ما أفصح به السعوديون الحاقدون علينا وعلى ديننا وعلى شريعتنا.

فنحن اليوم -أيها السوريون- نقف على منعطف خطير، هذا المنعطف يزيدنا قوة، ويزيدنا عزيمة، ويزيدنا إصراراً، ويزيدنا تمسكاً بحقوقنا، فمهما سمعنا من تهديدات وتوعدات من قبل السعوديين ومن قبل الأتراك أنهم سيدخلون برياً إلى الجمهورية العربية السورية لِيُحاربوا داعش، وعجيب كيف يضحكون على أنفسهم، وكيف يستخفون بعقول الشعوب؟ والله عجيب والله عجيب وغريب، هم من صنع داعش، هم من أرسل الإرهاب والإجرام إلى الوطن العربي، هم من يمكر بأوروبا بأسرها، واليوم يُريدون أن يَدخلوا حتى يُحاربوا داعش، مُخططهم واضح، يُريدون أن يقضوا على الذي لم يقضى عليه بعد، يُريدون أن يقتلوا من لم يقتل بعد، هذا هو مخططهم، هذا هو منهجهم أيها السوريون، فحري بنا أن نكون يقظين، أن نكون متأهبين، أن نقف في خندق واحد، أن نكون يداً واحدة، أن نتعامل مع بعضنا البعض بحزم وجد وصدق ووفاء، ولكن لعن الله الخونة، لعن الله الخونة والمتخاذلين، ولعن الله مَن يتعاونوا مع آل سعود، ومع القطريين، ومع الأتراك، ومع الأمريكيين، ومع الأوربيين، لعن الله كل مَن يتآمر علينا، لعن الله كل مَن هتك عرضنا، لعن الله كل من سلب أمننا وأماننا واستقرارنا الذي كنا نعيش فيه.

ولكن وختاماً نقول لآل سعود القذرين، نعم قذرين قذرين، ولأردوغان القذر، ولغيرهم: سوريا لن ترَكع، لأنها بلد الأسود، لأنها موطن الرجال، فيها بشار حافظ الأسد، فيها رجال الجيش العربي السوري، فيها رجال المقاومة اللبنانية، فيها رجال الحرس الثوري الإيراني، نعتز نفتخر نقف نساند نتعاضد مع كل مَن يُدافع عن أرضنا وكرامتنا وعرضنا وشرفنا.

ورحم الله السيدة الفاضلة والدة السيد الرئيس، نَتوجه إلى سيادة الرئيس بأحر التعازي، نعزيه بوفاة والدته السيدة الجليلة الفاضلة، التي خرجت وولدت الأسود، وربت الرجال، هذا أسد لا يركع، لا ينحني، لا يساوم، وسلوا التاريخ واقرؤوه عن حافظ الأسد، وسلوا حافظ الأسد اليوم في قبره في مقامه الجليل: هل ذهبت يوماً يا أسد العروبة ودمشق، هل ذهبت يوماً إلى واشنطن؟ سلوه سلوه، يقول لكم: لا، لن أنجس نعلي هناك، أما العرب، أما حكام العرب وعلى رأسهم آل سعود، وعلى رأسهم عارض الأزياء عادل الجبير يَأخذ أوامره، يأخذ توجيهاته من كيري، فهو طفله المدلل، وطفله المحبوب، فهل من صحوة، وهل من يقظة، وأين أهل الفهم والوعي والإدراك؟! )إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد( .

الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــ2ـــة:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أنزل علينا من بركات السماء وأخرج لنا من بركات الأرض, اللهم إنا نسألك أن تَنصر الجيش العربي السوري، اللهم إنا نسألك أن تحفهم بعينك ورعايتك التي لا تنام, اللهم إنا نسألك أن تُثبت الأرض تحت أقدامهم، وأن تُسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله، اللهم وفق السيد الرئيس بشار الأسد لما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده لما تحبه وترضاه، واجعله بِشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=336&id=3651