خطب مدير الأوقاف

عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا

الشيخ أحمد سامر القباني


عشر ذي الحجة أفضل أيام الدنيا

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].


اللهم اعف عنا يا عفو، واغفر لنا يا غفار، وقنا عذاب النار.

اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: فإن لله خواصَّ في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، في الخامس من ذي القعدة للسنة العاشرة للهجرة، توجه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بأشهر من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة، وكانت الحجة الوحيدة التي حجها النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت الحجة الأخيرة، ولذلك سميت بحجة الوداع أو حَجة الوداع، لأنك إذا كسرت أخذت الهيئة حِجة، وإذا فتحت أخذت المرة، فحجة الوداع هي الحجة التي حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنتم تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الاثنين في الثاني عشر من ربيع، وقيل من جُمادى في السنة الحادية عشرة للهجرة، فرسولنا صلى الله عليه وسلم توفي في السنة الحادية عشرة، وحَجَّ في السنة العاشرة للهجرة، وفي اليوم الثامن ذهب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى منى، فبات بها، وهو يوم التروية، ثم في اليوم التاسع بعد الفجر توجه إلى عرفات، فصلى الظهر والعصر بالناس إماماً جمع تقديم، كما هو الحج المعروف، في التاسع من ذي الحجة يوم وقفة عرفات، ثم بعد ذلك وقف وخطب الناس صلى الله عليه وسلم، فقال فيما قاله عليه الصلاة والسلام -وكانت خطبة طويلة معروفة بخطبة الوداع- قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((يا أيها الناس، اسمعوني أبين لكم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا.

يا أيها الناس، إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم -هذا يوم عرفة- في شهركم هذا -شهر ذي الحجة، هذا تعظيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهر- في بلدكم هذا -البلد الحرام- فمن كانت عنده أمانة فليؤديها إلى من أتمنه عليها.

يا أيها الناس، إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في بلدكم هذا، ولكن رضي منكم مما تُحَقِّرون من الأمور)) الصغائر يَرضى بها، المهم أن تخالف ربك، يئس أن يُعبد الشيطان من دون الله طبعاً في بلدكم هذا في البلد الحرام، ولكن رضي منكم ما تحقرون من الأمور، الصغائر التي كنا نتكلم عنها.

((يا أيها الناس، إن النساء عوانٍ عندكم -أي أسيرات في البيوت- اتقوا الله في النساء، ما أكرمهن إلا كريم، وما أهانهنّ إلا لئيم، أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله.

يا أيها الناس، إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، ليس لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود فضلٌ إلا بالتقوى)). )إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقَاكُم(.

في هذه الأيام التي نحن نقبل عليها، ويوم الثلاثاء سيكون هو الأول من ذي الحجة غالباً إن شاء الله، في هذه الأيام المباركة المقدسة عند الله عز وجل، أقرأ على حضراتكم هذه النصوص لنعلم على أي شيء نحن قادمون، عشر ذي الحجة من 1-10 ذي الحجة ذُكرت في القرآن ثلاث مرات:

في سورة البقرة في قوله تعالى: )وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَات( [البقرة: 203]، قال المفسرون: الأيام المعدودات عشر ذو الحجة وأيام التشريق، يعني أيام العيد معها.

في سورة الحج في قوله تعالى: )لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَات(  [الحج: 28]، قال بعض المفسرين: الأيام المعلومات أيام ذي الحجة.

في سورة الفجر وكلكم يحفظ هذه السورة: )وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْر( فهذه الأيام العشر من 1– 10 ذي الحجة أقسم الله بقدسيتها ومكانتها عنده، )وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر( [الفجر: 1-4] إلى آخر هذه الآيات.

وأخرج البخاري في صحيحه، وكذلك أصحاب السنن، عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي الحجة)) الله أكبر، يعني عندنا شهر رمضان، شهر رمضان  يكون فيه أعمال صالحة، عشر ذي الحجة الأعمال الصالحة فيه أفضل من رمضان؟ هذا ليس بكلامي ولا كلامك، هذا كلام سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، العمل الصالح في هذه الأيام العشرة من 1-10 ذي الحجة هي أحب الأوقات أن تعمل فيها من الصالحات لله، ومن شهر رمضان، هكذا قال شراح الحديث بالإجماع، لماذا؟ لأن الحديث لم ينتهي بعد: ((ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، أي من عشر ذي الحجة)) فقال الصحابة: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ نحن نعرف أن مكانة الجهاد عالية، طبعاً الجهاد الحقيقي ليس المزيف أن يقتل المسلم المسلم والمؤمن المؤمن، هذا ليس بجهاد، انسخوه من أذهانكم، نتكلم عن الجهاد الحقيقي، الجهاد الذي هو ردٌّ للعدوان، وفتحٌ للقلوب، هذا هو، قالوا: يا رسول الله، الأيام العشر ذي الحجة الأعمال الصالحة فيها هي أحب الأعمال والأوقات إلى الله لنعمل فيها الأعمال الصالحة حتى أفضل من الجهاد في سبيل الله؟ قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله)) الله أكبر، حتى أفضل من الجهاد، حتى نعلم على أي أيام نحن قادمون، ((إلا رجلٌ -يقول عليه الصلاة والسلام- خرج بنفسه وماله ولم يعد من ذلك بشيء)) الذي خرج يجاهد جهاداً حقيقياً أخذ معه ماله ونفسه، فذهب ماله وقُتل في سبيل الله، هذا عمله أفضل من العمل في عشر ذي الحجة فقط، الله أكبر، نحن قادمون على العمل الصالح أفضل من شهر رمضان، ويغفل الناس عنه.

سنكمل كلام سيد الخلق محمد عن فضائل هذه الأيام:

أخرج البزار في سننه، عن سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل أيام الدنيا العشر)) 1-10 ذي الحجة أفضل أيام الدنيا العشر.

وأخرج ابن ماجه والترمذي في سننهما، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أحب إلى الله أن يُتعبد له فيها مِن عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بسنة -عشرة أيام بعشر سنين صيام- وقيام كل ليلة منها بليلة القدر)) هذا الحديث في سنن ابن ماجه وفي سنن الترمذي، قيام كل ليلة من ليالي العشر بقيام ليلة القدر، يعني أنَّ لدينا أعمالاً عظيمةً كثيرة كليالي رمضان، قيام كل ليلة كقيام ليلة القدر.

وأخرج الإمام أحمد في مسنده، وابن أبي شيبة في مصنفه، عن سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام أعظم عند الله تعالى ولا أحب من العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر -عشر ذي الحجة- فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد)) إذاً هي أيام صيام لمن يَقدر، الذي لا يَقدر سنتكلم بعد قليل على الأقل يَصوم يوم عرفة، قيام الليل يجب أن ننشط، تعتبر نفسك كأنك بشهر رمضان، عندك عمل، وسنتكلم لماذا؟ هذا كله لا ينتفع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعبادة الله -يا إخواني- لا ينتفع الله عز وجل بها.

الله عزوجل  يقول في الحديث القدسي: ((يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً)) لو كل الناس أتقياء لا أنتفع ((يا عبادي، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص من ملكي شيئاً)) هكذا يقول الله في الحديث القدسي.

إذاً العمل لنا، نحن المقصرون، نحن الخَطَّاؤُون، نحن الذين نحتاج إلى أن يغفر الله لنا وأن يرحمنا، نحن في أزمة، نحن في ضيق وشدة، نحن في كرب، نحن بحاجة إلى هذه العبادات، لأن هذه العبادات في الأيام المباركات يُستمطر بها الرحمات، الله أكبر إذاً عندنا صيام للقادر أن يصوم الأيام العشرة، عندنا قيام،  عندنا الذكر الحديث يقول: ((فأكثروا فيها من التهليل -لا إله إلا الله- والتكبير -الله أكبر- والتحميد -الحمد لله-)) ، فذكر الله في هذه الأيام مأمورٌ به من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسبحتنا دائماً بيدنا في هذه الأيام، وفي غيرها، ولكن هذه الأيام نتداعى إلى الطاعات وإلى العبادات.

سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يَستحب قضاء رمضان في عشر ذي الحجة لفضل أيامه، إنسان كان مريضاً في شهر رمضان فأفطر، امرأة كانت في حالة الدورة الشهرية أو نُفساء فأفطرت في رمضان، سيدنا عمر مَتى كان يَستحب ويقول للناس اقضوا رمضان في عشر ذي الحجة، قال: لفضل أيامه، فيكون قضاءً لا سنةً، نريد الانتباه لهذا الموضوع، ولكن سيدنا عمر هكذا كان، وروى عنه أصحاب التفسير وكتب السنن.

لذلك كان سيدنا سعيد بن جُبير التابعي الجليل المعروف، الذي قتله الحجاج بن يوسف الثقفي، وبعد أن قتله بأربعين يوماً تُوفي الحجاج، كان يراه كل يوم في المنام آخذاً بعنقه، يقول له: لم قتلتني يا عدو الله؟ سعيد بن جُبير هو أحد أعلام التابعين، وعندما نَقول تابعين يعني هم الذين أخذوا علمهم عن الصحابة وعن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن البصري، محمد بن سيرين، عامر بن شراحيل الشعبي، عطاء ابن أبي رباح، قتادة، طاووس، ومن هؤلاء التابعين الكبار سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، سيدنا سعيد بن جبُير هو راوي سيدنا عبد الله بن عباس، أكثر ما يكتب وينقل عن سيدنا عبد الله بن عباس، وارث علم عبد الله بن عباس، حَبْر هذه الأمة، الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان سعيد بن جبير إذا دخل العشر اجتهد اجتهاداً لا يُقدر عليه، يجتهد كثيراً في العبادة، يُسهر ليله ويُظمئ نهاره، وقلما يتكلّم، كثير الصمت كثير العبادة.

إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: هذه أفضل أيام الدنيا، العبادة فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله، فإذاً نحن قادمون على موسم مثل رمضان وأفضل من رمضان العبادة والطاعة فيه لله تعالى، وكثير من الناس يُهمل هذه الأيام، ولا ينتبه لفضلها، فسيدنا سعيد بن جبير كان يَجتهد اجتهاداً في العبادة ما يكاد يُقدر عليه، ما يكاد لا ينام ولا يضيع أي دقيقة من وقته، وكان يقول سيدنا سعيد بن جبير التابعي الجليل: (لا تُطفؤوا مصابيحكم في العشر)) عشر ذي الحجة، أنتم تعلمون أن مصابيحهم كانت تشتعل بالزيت وفتيل مثل الشمعة، فإذا الإنسان أراد أن ينام يُطفئه وينام، فيقول لهم: ((لا تطفؤوا مصابيحكم)) أي لا تناموا في العشر، لا تطفؤوا مصابيحكم في العشر، قيام كل ليلة كقيام ليلة القدر.

الذي لا يستطيع أن يصوم العشرة أيام، عنده ظروف،  أو مريض مثلاً استمع إلى هذا الحديث في صيام يوم عرفة، يوم الوقفة إن شاء الله سنصوم كلنا، هذا الحديث رواه مسلم، عن سيدنا أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده)) الله أكبر، ما هذا الفضل العظيم من الله! أنا أصوم يوماً واحداً وهو يُكفر لي سنة للأمام وسنة للوراء، والله شيء عظيم جداً، هذا إكرام من الله، لكي نَعلم أن الله يُحِبُّنَا، نحن خطاؤون، وإبليس توعد أن يغوينا، في الحديث القدسي: ((والله لو لم تذنبوا وتستغفروا لذهبت بكم، وأتيت بقوم غيركم يُذنبون فيستغفروني فأغفر لهم)) فَالله أرحم بنا من أنفسنا.

أحد الأعلام من التابعين يقول: (والله لو خيروني يوم القيامة في أن يحاسبني أبي وأمي أو يحاسبني الله عز وجل لاخترت أن يحاسبني الله لأنه أرحم بي من أبي وأمي) لا أريد أبي وأمي، أريد أن يحاسبني الله، لأنه أرحم بي من أبي وأمي، وهذا من رحمة الله، يقول عليه الصلاة والسلام -عن أبي قتادة-: أحتسب على الله أن يُكفر -صيام يوم عرفة- السنة الماضية، سنة قبله وسنة بعده.

يوم الثلاثاء سيكون 1 ذي الحجة، وهناك أناس سيقدمون الأضاحي، الأضحية واجبة على مَن وجبت عليه الزكاة، إذا وجبت عليك الزكاة وجبت عليك الأضحية، هل هناك سنن نقوم بها من أجل الأضحية؟ نعم، يوم الاثنين إن شاء الله يَجب أن تحلق شعرك وتقص أظافرك، لأن السنة عندما يدخل 1 ذي الحجة فأنت لا تقص من شعرك ولا تقص من ظفرك حتى تُضَحِّي، فتذهب لتضحي أول يوم العيد  أو ما بعده ومن ثَمَّ تَحلق شعرك وتقص ظفرك، هذا الكلام ليس كلام فقهاء إخواننا، هناك فرق بين كلام الفقهاء فهو ربما يكون اجتهاداً، وبين كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، )وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى( [النجم: 3-4].

حديثان:

الحديث الأول: أخرجه الدارقطني في سننه، عن سيدتنا أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل عشر ذي الحجة، فأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وظفره)) لا يحلق شعره ولا يقص أظافره حتى يضحي.

الحديث الثاني: عند الحاكم في المستدرك، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، أيضاً عن سيدتنا أم سلمة رضي الله عنها، أنها قالت -وهذا الأمر حديث موقوف له حكم المرفوع، وخصوصاً ورد من موضع آخر مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- قالت: (إذا دخل عشر ذي الحجة فلا تأخذن -تقول لواحد يسألها- فلا تأخذن من شعرك ولا من أظفارك حتى تذبح أضحيتك).

هذه الأحاديث هي من كلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ونحن نقول: لله خواص في الأزمنة والأمكنة والأشخاص، واللهُ يَختص ما يشاء، فهو اختص هذه الأيام العشرة بفضله تعالى، ولذلك نحن أمام موسم خير وفضل، ودائماً الإنسان عندما يكون هناك موسم من مواسم الخير يستثمر هذا الموسم، لأنه لن يعود إلى السنة القادمة، أحد الأشخاص عزينا به بالأمس من آل الأورفلي في حي العمارة، دخلت القذيفة في محله ومات في محله، بالأمس عزينا به، عمره سبع وعشرين سنة، عنده ولدان صغيران، رحمه الله، أحد الأشخاص حُدِّثت عنه أمس من أرحامنا عمره 55 سنة، ليس له إلا خالة واحدة عمرها ثمانون سنة، كتبت له كل شيء من أملاكها، مع ثلاثة قبور، واحد في باب الصغير وقبرين في الدحداح، من أجل أن يدفنها، وحددت له قبر له وقبر لزوجته، عمرها ثمانون سنة وهو عمره 55 سنة، كتبت له كل شيء، أُصيب بالسرطان وتفشى السرطان فيه، وأطباء قالوا له: معك أيام معدودة، فعاد الآن المحامي ليُعيد عملية نقل الأملاك منه إليها، ما زالت هي على قيد الحياة، لعله لا يأتي عليك موسم خير ثاني، الآن سيأتي عليك موسم عشر ذي الحجة، فنحن نستغل ونستثمر هذه الأيام بطاعة الله، ودائماً الإنسان المؤمن عندما يسمع كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحِنُّ إلى هذا الكلام، لأن جذوة الإيمان فيه لا تَنطفئ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يطلب منك وليس أنا، أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=381&id=3461