الجامع الأموي » خطب الجامع الأموي

قــل هــــل يــسـتوي الـــذين يعلمون والــذين لا يعلمون

الشيخ مأمون رحمة


قــل هــــل يــسـتوي الـــذين يعلمون والــذين لا يعلمون

20 من ذي القعدة 1436 هـ / 4 من أيلول 2015 م

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارضَ اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستنّ بسنّتهم إلى يوم الدين.

من اعتمد على علمه ضلّ, ومن اعتمد على عقله اختلّ, ومن اعتمد على سلطانه ذلّ, ومن اعتمد على ماله قلّ, ومن اعتمد على الناس ملّ، ومن اعتمد على الله، فلا ضلَّ ولا قلَّ ولا ملَّ ولا ذلَّ ولا اختلَّ, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عزَّ وجل، واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.

يقول المولى جل جلاله في القرآن الكريم: )أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب( [الزمر: 9].

معاشر السادة: إن الإسلام دين يبني كيانه المادي والأدبي على التعمق في العلم والإكثار من الثقافة، وأولو العلم في هذا المضمار قرناء لملائكة الله في التصديق بعظمته والشهادة بعدالته، وإلى ذلك أشار القرآن بقوله سبحانه: )شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم( [آل عمران: 18].

كان حَرِيَّاً بنا -نحن العرب والمسلمين- أن نكون أسبق أهل الأرض إلى التمرُّسِ بعلوم المادة والبراعة في فهمها، والنفاذ إلى أسرار الكون من خلالها، ذلك أن قرآننا هو الكتاب الفَذُّ الذي جعل الإيمان أول ثمرات العلم، والذي يُلِحُّ على قرائه أن يُفكروا ويعقلوا ويُقلبوا أبصارهم بين فجاج الأرض وآفاق السماء، وَالذي يَحض على النظر في عالم النبات والحيوان والجماد، فالقرآن الكريم يَطلب مِن الأمة الإسلامية أن تكون صاحبة نظر دقيق وفكر وثيق، فالذي أبدع هذا العالم الكبير يَعلم أنه أبدع شيئاً يُبهر ويُذهل، وعندما يَلفت النظر إلى أسرار جماله ووثاقة بِناءه فهو يُرجعنا إلى الشعور بِعَظمته ويُثير في أنفسنا الخضوع والإعداد لقدرته وحكمته، عندما خاطبنا الله بقوله في قرآنه الكريم: )انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون( [الأنعام: 99]، فهل هذا الأمر يعني النَّظر القاصر أو النَّظر العقيم؟ لا، بل إن المطلوب من النظر أن يُفتق أمام العقل منفذاً يصله بعظمة الله وآياته، والواقع أنه لا يوجد كتاب يَأمر بالنظر في الكون كالقرآن الكريم، ولا يُوجد أناسٌ في عصورهم الأخيرة عموا عن النظر في الكون كجمهور المسلمين، ولقد كان جديراً بالمسلمين أن يُفكروا في الكون ويَنتهزوا فرصة حياتهم على الأرض لِيَعرفوا عظمة الخالق بدراسة خَواصِّ المادة والقوانين السارية بين شتى العناصر.

لقد أقسم الله في القرآن الكريم بكثير من مخلوقاته، وما ذاك إلا ليدلنا ويلفت أنظارنا وعقولنا إلى قدرته وحكمته، ألا تعجب من هذا الهواء الرقيق المنتشر في الجو، والذي يتبخر فيتصاعد في الجو، ومع ذلك فهو يُضغط داخل عجلات السيارات، فإذا بالهواء المضغوط يَحمل فوقه أوزاناً وكتلاً من الأثقال، إن صانع هذا الهواء يُقسم به في أطواره المختلفة، )وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا * فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِق(  [الذاريات: 1-5]، ما معنى هذا  القسم، إنه لفت نظر لما في هذه الحياة مِن آيات تدل على الخالق المبدع، وليس غريباً أن يقول لك المهندس العبقري الذي صنع سيارةً جيدة: انظر السرعة الفائقة، تأمل في آلاتها الدقيقة، أمعن النظر في أجزائها الجميلة، إنه يَلفت إلى ما صنع لك، ولكنه قبل ذلك وبعده يُلفتك إلى عبقريته ومهارته، ولله المثل الأعلى، فإن الله لا يُعرف بدراسة ذاته فهذا مستحيل، وإنما يُعرف بدراسة ملكوته الجليل وملكوته الضخم، واستجلاء الآيات الدالة عليه هنا وهناك، لا بأسلوب شِعري هائم، ولكن بأسلوب علمي صارم، ولعل هذا هو السر في حظ النبي صلى الله عليه وسلم على طلب العلم والمعرفة عندما قال في الحديث الصحيح: ((مَن سلك طريقاً يَلتمس فيه علماً سهل له الله طريقاً إلى الجنة)).

مُنذ أربعة عشر قرناً وقف أبو هريرة رضي الله عنه في السوق ونادى: (يا أهل السوق، أنتم هنا وميراث محمد صلى الله عليه وسلم يُقسم في المسجد! فذهب الناس إلى المسجد ثم عادوا يقولون: ما رأينا إلا أناساً يَقرؤون القرآن ويتعلمون، قال: ويحكم، وهل تَرك مُحمد ميراثاً إلا هذا؟).

أما سألت نفسك -أيها المسلم-: من ألهم النبي الأمي صلى الله عليه وسلم رِسالة تفخر العقول الذكية في الفقه فيها، وتؤلف في شرح دقائقها وبيان وجوه حكمتها وغرائب أسرارها مَكتبات فيها ألوف من الرسائل والمجلدات؟ هَذا النبي الأمي صلوات ربي وسلامه عليه لم يدخل مدرسة، ولم يسلك إلى أستاذ جامعة، ولكنه هو الذي شاد صرح العلم ووضع حجر الأساس بالمدارس والجامعات بما خلف من ثروة علمية تطلع على الشمس وتبقى على الآباد، وتأكيداً على هذه الحقيقة خاطبه الله بقوله: )وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُون( [العنكبوت: 48-49].

يا سادة: بعد الحرب العالمية الثانية أصبح التقدم العلمي يَسير بخطوات فسيحة ومعدلات خيالية، وثبت أن ثمانين بالمائة من الدخل الموجود في الدول الصناعية يرجع إلى هذا السباق العلمي، وأن عشرين بالمائة يرجع إلى تراكم رأس المال، أدرك الغرب كله أهمية التقدم العلمي من الناحيتين النظرية والتطبيقية، فشرعوا يتجهون إليه، وصفوة العلماء في الدول الكبرى قد عكفوا على دراسة القشرة الأرضية وما تحتوي عليه من يابسة وماء وهواء، وقد أقروا نظرية التركيبات الأرضية اللوحية، ولهذه النظرية ارتباط مباشر بعدة قضايا منها: احتمالات العثور على الثروات المعدنية والنفطية ومستودعات الغاز الطبيعي، واختيار الأماكن التي تدفن فيها النفايات الناتجة عن المفاعلات الذرية، ومتابعة الحركة المعقدة للمحيطات وتياراتها، ومعرفة الأسس لتغير الجو وحدوث الجفاف، ورسم صور لأعماق البحار، واستخراج عينات من صخورها، وأخطار زيادة غاز الكربون في الجو، وظهر التطبيق العلمي الواعي في ميادين الصناعة والزراعة والطب وغيرها، حتى استطاع عالم إنكليزي تحضير مركبات كيماوية تحل محل الصبغات الطبيعية المعروفة، ونتج عن ذلك  الكشف ظهور الأصبغة والأدوية والأسمدة المخصبة والمبيدات الحشرية والألياف وغيرها، وتنافست في هذا المجال انكلترا وفرنسا وألمانيا، ثم لَحِقَت بهم الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي واليابان، وعمل الغرب بَعدها على غزو الفضاء، وعملوا أيضاً على إطلاق الأقمار الصناعية لكي تخدم مجتمعاتهم ومصالحهم في عالم الإعلام والبث الإذاعي، فهذا التطور العلمي الهائل هو الذي جَعل أيادي الغرب باطشة وأسلحتهم فاتكة.

ونستطيع أن نقول إن أوربا تفور وتمور بالثروات الصناعية التي تَخدم أنفسهم ومجتمعهم، وبلاد العرب والمسلمين -مع الأسف- تَفور وتمور بالثروات المزيفة التي يَقصدون مِن وراءها أمن واستقرار بني صهيون.

العلم الواسع في الدنيا والقدرة التامة عليها كانت أموراً بديهية عند أسلافنا، وقد نصروا الحق بهذا الإدراك السديد، ثم خلف من بعدهم من نفض يديه من شؤون الدنيا فخذل نفسه ودينه على سواء.

لقد كان من أسباب انهيار الحضارة الإسلامية -اسمع أيها المسلم، اسمع أيها العربي- لقد كان من أسباب انهيار الحضارة الإسلامية سوء الموقف من الدنيا وعلومها، وبناء التربية الدينية على أفكار غيبية شاعت بين فريق من المتصوفة والزهاد والفقهاء الصغار، إن الإسلام بريء من هذه البلادة، وقد كان المسلمون حتى عهد محمد الفاتح مُتفوقين على خصومهم حضارياً ومدنياً وعسكرياً، ثم غلبهم الضعف العلمي والعجز النفسي، فأخذوا يَتهاوون حتى ذهبت ريحهم وطمع فيهم عدوهم،

يا سادة: إن الأمة التي تنحدر إلى هذا الدرك تتعرض يَقيناً للاغتصاب والمهانة، وإنك لَتعجب من أُناس يدعون التدين ولا يُحِسُّون هذه الحقائق، وبدل أن يَطلبوا النجاة لدينهم وأمتهم من هذا الضياع يتحسرون على طول الثياب وقصر اللحى، إذا رأيت شخصاً يَفقد ولده فيضحك ويفقد نعله فيبكي فلا تَشُكَّن في أنه مجنون، وبعض المتدينين -مع الأسف- يَستبيحون هذه الغرائب، فترى صوته يعلو بالحفاظ على القشور التي لا فائدة منها، ويخفت في الوقت الذي يجب فيه أن ينصر دينه وأمته من الغرق.

إننا نذكر هذا الكلام -يا سادة- لكي يشعر العرب والمسلمون بأن ضِيق الأفق قاتلهم لا محالة، وأن العزلة عن الكون وعلومه جَريمة في حق الإسلام وأهله، وأن تَأييد الحق الذي شرفهم الله فيه لا يَتم بالقصور العلمي أبداً، وحسبان الدين مراسم جوفاء، وأن العبادة كما تكون مناجاة لله تكون مدارسة لعلمه الجليل بكونه الكبير.

معاشر السادة: يَستعد طلاب الجامعات والمعاهد والمدارس لاستقبال عام جديد يَنهلون فيه من العلم، لِكَي يكونوا في المستقبل السلاح المدافع عن أوطانهم وعن بلادهم وعن أعراضهم وعن تاريخهم وعن مجتمعاتهم، ولا شيء في الدنيا أشرف من العلم، ولا شيء في الدنيا أكرم من العلم والعلماء، فَحِرٌّ بنا نحن كسوريين كيمنيين كليبيين كعراقيين، أخص هذه الدول التي حاربها آل سعود بأموالهم النتنة والقذرة، أخص هذه الدول لأن البلاد التي تتعرض للحروب والدمار والخراب من الحاقدين والمتآمرين لا تحتاج إلى هروب أبنائها منها أبداً، إنما تحتاج إلى رجالها، تحتاج إلى

مفكريها وعلمائها وعباقرها،

 فواجب علينا في كل بلد يشن عليه حرب أن يتزود بسلاح العلم، ولا سلاح لنا أفضل من سلاح العلم، كيف نستطيع أن نصنع دبابة أو طائرة إذا كنا نجهل علم المادة وما يتعلق بالمادة وما ورائها؟ كيف نستطيع أن نتعامل مع هذا الكون الذي نعيش فيه إذا كنا لا نَعرف أسرار الكون الذي لفت الله أنظارنا إليه في كتابه الكريم؟ كيف نفعل ذلك؟

لا يتم الإعداد للقتلة والمجرمين والوقوف بوجوههم إلا من خلال العلم، فإن الله سبحانه وتعالى قال: )وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ( [الأنفال: 60] نحن نفخر بدولة روسيا العظمى، هذه الدولة العريقة الشامخة في سياستها الحادقة، في مواقفها التي تدعو الى حقن الدماء ولم الشمل العربي، نحن نفخر بدولة روسيا، لما نرى من آثار علمية واضحة أصبحت تٌجريها على الأرض هذا اليوم وقبل اليوم وبعد هذا اليوم، ونفخر بدولة الصين، هذه الدولة التي غزت العالم بصناعاتها المتطورة، ونفخر بالجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ضاهت الغرب جميعاً بتفوقها العلمي والحضاري، ألا تعجب -أيها المسلم، أيها العربي- عندما تنظر في أحد القنوات والتي يسمونها التمدد الصفوي لهدم الكعبة، ألا تعجب أنهم يَشنون حرباً شعواء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذه قنوات تمولها أموال آل سعود، يمولها أردوغان، يمولها الحاقدون على الإسلام والمسلمين والعروبة، ما رأينا قناة خرجت لتقول للعالم: التمدد الصهيوني لهدم الأقصى، ما رأيناهم فعلوا ذلك، إنهم يُحاربون إيران، لماذا؟ لأن إيران أحرقت قلوبهم، مزقت شملهم، فرقت جموعهم، بأي شيء؟ بعلمها، بحفاظها على العلم والعلماء، بهذا الأمر سادت الجمهورية الإسلامية الإيرانية العالم اليوم، وغزت الفضاء.

ونحن كسوريين جدير بنا -يا سادة- أن نحذو حذو العلماء والعقلاء، لا أن نترك أوطاننا للأوربيين الذين يَتباكون علينا بدموع التماسيح، هذه "ميركل" وزيرة خارجية ألمانيا بكت علينا وقبحها الله، كم جيشت علينا وحرضت على قتلنا، هي وسياستها الآثمة، وكذلك فعل الأمريكيون والفرنسيون والبريطانيون، فهل نحن بعد هذا وذاك نترك سوريا، نترك هذا البلد الحضاري، هذا البلد العلمي؟ مَرة قلت لرجل يُقيم في المملكة السعودية وهو يَحمل جنسية ماليزية واستقر في المملكة السعودية، قلت له: لماذا تأتون إلى دمشق وتداوون أنفسكم في دمشق، قال لي عندها: نحن نأتي إلى دمشق لِنُطَبِّب الأسنان، فعندكم خبرة وثقافة وقدرة ورخص في الأسعار، أما عندنا غلاء في الأسعار وقلة في الخبرة والمهارة. كان أَكثر السعوديين، هم يَعرفون ذلك، هم الكذبة يعرفون ذلك، ولا يستطيعون أن يمكروا هذا الأمر أبداً، فسوريا مَعروفة بأطبائها، بقضاتها، بمحاميها، بمثقفيها، بمفكريها، لم قَتلوا العباقرة؟ لم قتلوا العبقرية؟ الطفل المراهق في بداية عمره في حمص لم قتلوه؟ خافوا من نباهته، خافوا من ذكائه، خافوا من قدراته العلمية الهائلة، هم لا يريدون علماً، لا يريدون حضارة، هم يُريدون أن يُدمروننا -أنسيت أيها المسلم، أنسيت أيها السوري- عيب عليك أن تنسى- عندما صَرَّح بندر بن سلطان عندما قال: نُريد أن نُرجع سوريا إلى العصر الحجري، فها هم قتلوا علمائها ومفكريها وقضاتها والعباقرة من أهلها، ويَدعون بعد أن فشلوا عسكرياً، وفشلوا من خلال أدواتهم المرتزقة أن ينتصروا على قوتنا، على صمودنا، على عزيمتنا، على الثبات على حقنا، يَدعونكم أيها السوريين لكي تتركوا أوطانكم وكرامتكم، لتذهبوا إلى بلادهم حتى تكونوا خدماً لهم.

معاشر السادة: النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((المؤمن كيِّسٌ فطِن)) وينبغي علينا أن نكون كيسون عاقلين، ((المؤمن كيِّسٌ فطِن))، ولم يقل: المؤمن كيس قطن أبداً، يَنبغي علينا أن نتحلى بالوعي والفهم والإدراك والثقافة.

وأُحب أن أختم هذه الخطبة بكلمة أوجه فيها رسالة إلى العالم بأسره، أقول للعالم بأسره: ألا ترون إلى آل سعود كيف فتحوا قنوات عندهم تتمثل بسباق الهجن، وتتمثل بالغناء والشعر الذي يأتي بكلمة من هنا وهناك، قناة الساحة، وقناة السيوف، وقناة سباق الهجن، كلها تدل إلى المستوى العلمي الذي وصل إليه آل سعود وأذنابهم، هذا هو السر -يا سادة- في محاربة الفكر الوهابي في الجهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية، هذا هو مستواهم العلمي، لا يُوجد عندهم بحث علمي، لا يوجد عندهم منهج علمي، لا يفقهون أكثر من شاة ودابة وبعير يسرح في الصحراء الواسعة.

أيها السوريون: يا سوريون، آلامنا كثيرة، مصائبنا جليلة، أحزاننا أعمت قلوبنا وأبصارنا، واجب علينا -والله حرام وكفى- واجب علنيا أن نعقل، أن نفهم، أن ندرك ما يحاك لنا من مؤامرات خبيثة، ولا تخشى أحداً إلا الله، فأنت تدافع عن حقك، عن أرضك، عن وطنك، عن قيمك، عن شعبك، عن حضارتك في تدمر الحبيبة.

إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــ2ــة:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير، اللهم إنا نسألك أن تَنصر الجيش العربي السوري، وأن تكون لهم معيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان، اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية وأن تكون لهم معيناً وناصراً، اللهم وفق السيد الرئيس بشار الأسد لما فيه خير البلاد والعباد، وخذ بيده لما تحبه وترضاه، واجعله بشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=336&id=3433