الجامع الأموي » خطب الجامع الأموي

و رزق ربّــك خـيــرٌ وأبــقــى

الشيخ مأمون رحمة


و رزق ربّــك خـيــرٌ وأبــقــى

يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى( [طه: 131].

إن المال نعمة من الله عليك إذا سخرته في إسعاد نفسك وإسعاد الآخرين، ولم يَكن عَيب قَارون أن كان رجلاً ذا مال وجاه، ولا عَيب الذين تمنوا مكانه أن طلبوا المال والجاه، إنما عَيب قارون ومن يسير سيره أنهم توسلوا بالمال والجاه للبغي والسطو وإفساد العباد وإشقاء البلاد، وهذه جرائم يجب استئصالها ومصادرة أسبابها، وهؤلاء المتكبرون المتجبرون المفسدون، يَنبتون من صميم الطبقات الكادحة، فإذا نمت دوحتهم وعظمت شوكتهم لم يَلبث النسيان الذي أَدرك أبانا آدم فأخرجه من الجنة أن يُدركهم الآخرين، فإذا بهم يَتنكرون لأصلهم القديم، ألم ترى إلى نابليون كيف بَدأ فقيراً ثم تَحول امبراطوراً؟ وكيف ذَبح مِليوناً من الجنود في معاركه التي أشعلها لتدعيم مجده الشخصي؟ كم تَشقى الشعوب عندما تستبد نشوة الجاه الكاذب بكبرائها؟ وكم يَحتاج هؤلاء المطمورون بكثرة المال إلى مَن يُنكس رؤوسهم ويَقلب أوضاعهم؟

من هنا -يا سادة- نجد أنصار العدل الاجتماعي وحماة الوحي الإلهي، الذين يَستنكرون المظالم ويجتهدون في مكافحة الطغيان، ويَضعون على طرق الشر معالم الخطر حمراء، ويَنتفضون نعم ينتفضون بوجه قارون قائلين له: )وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين( [القصص: 77].

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=336&id=3096