كلمة الأسبوع

أخلاقـــــــه وشمائلــــــه عليه الصلاة والسلام

الشيخ مأمون مغربي


أخلاقـــــــه وشمائلــــــه عليه الصلاة والسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين( [الأنبياء: 107] وقال الله سبحانه: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون( [سبأ: 28] وقال الله عز وجل: )وإنك لعلى خلق عظيم( [القلم: 5] وقال الله جل شأنه: )ولَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا( [الاحزاب: 33].

قال الله تعالى: )فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين( [آل عمران: 159].

وقال الله سبحانه: )لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِين( [آل عمران: 164].

وقال الله عز وجل: )لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيم * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم( [التوبة: 128-129].

وقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن) [أخرجه أحمد].

أيها المسلمون: تُظلنا في هذه الأيام مناسبة ذكرى ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا لا بد من الحديث عن مجمل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، لعلنا -وهو القدوة والأسوة الحسنة- نتمثل هذه الأخلاق أو بعضها، لأننا لن نجد مثلها أبداً عند أحد من العالمين، وذلك لأنه رسول الله وخاتم النبين، والرؤوف الرحيم بأمته، ولأن الله تعالى وصفه فقال: )وإنك لعلى خلق عظيم( ومن المعلوم أن الأخلاق الفاضلة هي مقياس إنسانية الإنسان، فمن لم يكن ذا خُلُق لم يَكن ذا دين، ومن لم يكن ذا دين لم يكن ذا خلق، والدين والأخلاق قرينان لا ينفكان، ولذا جعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مقياس أهلية الإنسان لأعظم حادثة في حياته وهي الزواج، وذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض)) [أخرجه الطبراني].

والشاعر يقول:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فـإن هُمُ ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا

أيها المسلمون: ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة والأسوة الحسنة، كما أخبرنا ربنا سبحانه، وهو أعظم إنسان وجد على وجه الأرض بكامل صفاته؛ فتعالوا نستمع -أيها المسلمون- لبعض صفاته الخلقية الكريمة، كما نقلها عنه أصحابه الكرام رضي الله عنهم:

-روى الترمذي بسنده عن أنس رضي الله عنه قال: (خَدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما قال لي أفٍّ قَطُّ، وما قال لشيء صنعته لِمَ صنعته، ولا لشيء تركته لِمَ تركته، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقًا، ولا مَسست خَزًّا قطُّ ولا حَريرًا ولا شَيئًا كان ألين مِن كفِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكًا قطُّ ولا عِطرًا كان أطيب من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم) [أخرجه الترمذي].

-وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحّشاً، ولا صخّاباً في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح) [أخرجه الترمذي].

-وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ الله) [أخرجه مسلم].

-وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منتصراً من مظلمة ظُلمها إلا أن تُنتهك محارم الله، فإذا انتُهِكَ من محارم الله شيء كان أشدهم في ذلك غضباً، وما خُيِّرَ بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مأثماً) [أخرجه الحميدي].

-وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه غنماً بين جبلين، فأتى قومه فقال: أي قوم أسلموا، فو الله إن محمداً لَيعطي عطاء من لا يخاف الفاقة) [أخرجه أحمد].

-وسُئلت عائشة رضي الله عنها: ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته؟ فقالت: (كان بشراً من البشر، يغلي ثوبه -يُنظفه ويتعهده بالطوي ووضعه في مكانه- ويَحلب شاته، ويَخدم نفسه) [أخرجه الطبراني]. وفي رواية قالت: (كان يَكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة قام فصلى) [أخرجه الترمذي].

ومن هديه صلى الله الله عليه وسلم قوله: ((إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) [أخرجه البيهقي] ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)) [أخرجه أبو داود] ((إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)) [أخرجه البخاري] ((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً)) [أخرجه الترمذي] ((إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله)) [أخرجه البخاري] ((من يحرم الرفق يحرم الخير)) [أخرجه مسلم] ((الحياء خير كله)) [أخرجه مسلم] وفي الحديث القدسي: ((ابغوني في الضعفاء؛ فإنما تُرزقون وتُنصرون بضعفائكم)) [أخرجه الحاكم].

ومن دعائه عليه الصلاة والسلام إذا نظر في المرآة: ((اللهم كما أحسنت خَلقي فحسن خُلقي)) [أخرجه أبو داود الطيالسي] ((اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق)) [أخرجه النسائي]

أيها المسلمون: إن هذه النصوص تُشير بوضوح إلى مكانة مكارم ومحاسن الأخلاق، ولذلك كانت الصفة المميزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

هذا غيضٌ من فيض من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتعالوا نبدأ حياتنا من جديد، فنتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، عسى الله تعالى بسبب ذلك أن يُفرج عن الأمة الإسلامية، ويُعيد لها عِزتها وقُوتها وكرامتها ووحدتها، إن الله على كل شيء قدير.

والحمد لله رب العالمين

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=33&id=2787