الجامع الأموي » خطب الجامع الأموي

يُــحبُّــون أن تــشيـع الـفـاحـشة

الشيخ مأمون رحمة


يُــحبُّــون أن تــشيـع الـفـاحـشة

يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُون( [النور: 19].

عندما تجتاح الحروب بَلداً ما تَعم الفوضى، وينتهزُ الفرصة أصحاب النُّفوس الدَّنيئة للصيد في الماء العكر، ويكثر المسيؤون ويسعون في الأرض فساداً، وفي مقابل ذلك تجد الكثير من الناس يَصمتون إزاء ذلك، فهذا الأمر يَجعلك تتساءل: هل يوجد هناك أزمة شهامة بين أبناء البلد لم تكن تعرف فيهم قديماً؟ كَان اللِّص إذا اختطف شيئاً من أحد تبعه المارون بالشارع، حتى يمسكوا بخناقه ويُوسعه ضرباً ويسلموه لرجال الشرطة، وكانت صيحة "حرامي" لا تكاد تُسمع حتى تَهرع الجماهير إلى مصدر الصوت لنجدته، أما الآن فَقَد تَغَيَّرَت الحال يَهجم لِصَّان على سيارة ملأى بالرجال والنساء، فيُباشر أحدهما السرقة ويُشهر الآخر سلاحه حامياً له، والنَّاسُ سُكوت، والأنظار تائهة، إلى أن تتم الجريمة ويختفي اللصان في أقرب محطة، ماذا لو عَلَت صيحات الاستنكار، ونهض أهل الشهامة والجراءة بمقاومة المغيرين ولو تعرضوا لبعض الأذى، إنهم مُنتصرون عليهم يقيناً، فَلن يَغلب اثنان عِشرين أو ثلاثين مِن الرُّكاب، ولكن أزمة الشَّهامة استحكمت، فَقَوِيَ اللُّصوص وطَغَى شَرُّهُم، ولو قَذفوا باللص الْمُغير مِن السيارة المنطلقة لَسُفك دمه وذهب غير مأسوف عليه، ولكن النَّاس مِن خَوفِ الذُّلِّ فِي ذُل.

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=336&id=2645