إِنَّهَا نِعمَةٌ عَظِيمَةٌ مِن نِعَمِ الله ، أَن جَعَلَ لَنَا مَوَاسِمَ خَيرٍ وَعَطَاء نَستَجلِبُ فِيهَا رَحمَتَهُ وَمَغفِرَتَه ، وَنَتَخَفَّفُ فِيهَا مِن أَحمَالِ الذُّنُوب ، فَأَثقَالُ الأَوزَارِ قَد أَثقَلَتْ كَوَاهِلَنَا ، وَكَثرَةُ الخَطَايَا قَد أَقَضَّتْ مَضَاجِعَنَا وَالكَبَائِرُ قَدْ انتَشَرَتْ بَينَنَا ، حَتَّى حَلَّ بِنَا البَلاءُ وَالعَذَاب ، وَبَعدَ هَذَا الْمَوسِمِ الْمُبَارَكِ نَعُودُ إِنْ نَحنُ أَحسَنَّا استِغلَالَهُ صُفرَاً مِنَ الذُّنُوب ، كَمَا وَعَدَنَا رَبُّنَا وَأَعلَمَنَا بِذَلِكَ حَبِيبُنَا. فَخَيرُ مَا فِي هَذَا الشَّهرِ العَشرُ الأَوَاخِرُ مِنه ، فَلَيَالِيهِ تَاجُ اللَّيَالِي ، فَقَد كَانَ نَبِيُّنَا يَجتَهِدُ فِيهَا مَا لا يَجتَهِدُ فِي غَيرِهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا دَخَلَهَا أَحيَا لَيلَهُ وَأَيقَظَ أَهلَهُ ، وَشَدَّ مِئزَرَهُ وَجَدَّ فِي عِبَادَتِه ، وَاعتَكَفَ العَشرَ كُلَّهُ وَأَحيَا لَيلَه ، كُلُّ ذَلِكَ تَحَرِّيَاً لِلَيلَةِ القَدر ، وَكَانَ نَبِيُّنَا يَفعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَامٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يَخُصُّ هَذَا العَشرَ بِمَزِيدٍ مِنَ العِبَادَاتِ التِي لَم يَفعَلهَا فِي سَائِرِ الشَّهر ، وَكَانَ النَّبِيُّ لا يَدَعُ أَحَدَاً مِن أَهلِهِ يُطِيقُ القِيَامَ إِلا أَقَامَه. |
||||||||
|