وإلى جانب اهتمامه بالكتابة والتأليف والنقد، كان قلمه مبثوثاً في أكثر الصحف والمجلات السورية والمصرية على عهده، وخاصة في مجلة الهداية الإسلامية التي أنشأها صديقه العلامة محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر، وفي مجلة الفتح المصرية، يكتب فيهما مقالات ذات شأن في الدين والأدب واللغة، والتاريخ.
ثم شارك في تأسيس مجلة الحقائق الدمشقية وتناوب رئاسة تحريرها مع صديقه العلامة الشيخ عارف الصواف الدوجي، حيث كانا يتناوبان على كتابة كلمة التحرير، وكانت هذه المجلة إحدى أهم الميادين، والمنتديات العلمية والفكرية.
صفاته :
كان زاهداً ورعاً، يقوم الليل، ويكثر من قراءة القرآن،لم تجرّب عليه كذبة، ولا عرفت عنه غدرة ولا نقيصة، يحسن للآخرين، ولا يقبل الإحسان منهم، ويواسي آله وذويه وإخوانه، ويكرم ضيوفه، ويحرص على طلابه ويرعاهم. صاحب ذكاء، وبديهة حاضرة ممزوجة مع الفكاهة.
رحلته إلى المدينة المنورة على رأس وفد من علماء دمشق وتجارها:
وقد بادر الشيخ محمود ياسين مع أعضاء جمعية الهداية الإسلامية سنة (1359هـ/1940م) لتنظيم رحلة برية من دمشق إلى المدينة المنورة ، أشرف على هذه الرحلة ونظم أمورها رئيس الجمعية المحدث الشيخ محمود ياسين، وأحد أنشط أعضاء الجمعية السيد الحاج مصطفى العطار، وشارك في الرحلة عدد من العلماء من أشهرهم السيد الشيخ محمد الشريف اليعقوبي، والسيد الشيخ محمد مكي الكتاني ([2]).
وكان الهدف من الرحلة فتح الطريق البري بين دمشق والمدينة المنورة، وتشجيع الحجاج والمعتمرين على سلوكه، وذلك بعد نسف الخط الحديدي الحجازي أثناء الحرب العالمية الأولى (1332هـ/1914م)، واستئثار الشركات الأجنبية بنقل الحجاج وحصر سفرهم عن طريقها من مرفأ بيروت إلى مرفأ جدة، مما أدى إلى حالة شديدة من الفقر عانى منها أهل المدينة المنورة، فبادر الشيخ محمود مع إخوانه لفتح الطريق البري من خلال هذه الرحلة، وفي سنة (1358هـ) تواصلت وفد جمعية الهداية الإسلامية برآسة الشيخ محمود ياسين، والشيخ محمد كامل القصار، والشيخ ياسين عرفة، والسيد مصطفى العطار مع رئيس المديرين في الحكومة السورية، ومعتمد الملك عبد العزيز آل سعود بدمشق، لترتيب أمور هذه الزيارة، وبتاريخ يوم الأربعاء 11/صفر/1359هـ الموافق 20/آذار/1940م أبلغت المندوبية الفرنسية السامية بدمشق الجمعية موافقتها على تسيير الطريق البري من دمشق إلى المدينة المنورة.
عقدت الجمعية جلسة خاصة لدراسة ترتيبات الرحلة، وأرسلت نحو عشرين كتاباً للمندوب السامي الفرنسي (الكونت دي هو تكلوك)، ورئيس مجلس المديرين، وللإذعة والصحف المحلية، وللملك عبد العزيز آل سعود، وغيره من المسؤولين للإعلان عن الرحلة وطلب تقديم التسهيلات، وقررت الحكومة السعودية إعفاء الزوار من كل الرسوم.
وقد انتدبت الجمعية وفداً مؤلفاً من أعضائها السادة: الشيخ محمد مكي الكتاني، والشيخ عبد القادر العاني، والشيخ ياسين عرفة، والشيخ محمود الحفار، ووفد من شركة السيارات ليكونوا طليعة الرحلة، ويزوروا الأمير عبد الله بن الحسين الهاشمي أمير شرق الأردن لتقديم التسهيلات.
واستمرت هذه الرحلة نحو عشرين يوماً ذهاباً، وخمسة عشر يوماً أقاموها في المدينة المنورة، ونحو ثمانية عشر يوماً إياباً إلى دمشق، فكان المجموع قريباً من شهرين، وعانوا فيها من مشقة الطرقات غير المعبدة، إضافة إلى نقص الماء والطعام، والوقود، وشدة الحر، وغير ذلك من المشقات الكثيرة، والتقوا أمراء القبائل، والمدن، واتفقوا معهم على ما يسهل حركة الزائرين القاصدين للمدينة المنورة من دمشق.
كما قام بزيارة أخرى إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج، ودون جميع ما عرض له من أفكار وخطرات، وعاد بسِفْرين عظيمين يحويان علماً وأدباً وفقهاً وديناً ولغةً وتفسيراً وتاريخاً وفكاهةً، هما (الرحلة إلى المدينة المنورة)، ورحلة الحج والعمرة).
وله رسائل وكتب في الفقه والتوحيد والنحو والصرف والبلاغة والمنطق لجميع الصفوف الابتدائية والثانوية بعضها مطبوع، ومختارات من عيون السنة والأدب واللغة والفرائد العلمية والفكاهية.
جمع مكتبة نادرة حوت الذخائر وخاصة كتب علوم السنة. وقد ظفرت بها الثانوية الشرعية بدمشق.
طلابه :
من أشهر تلامذته الملازمين له: الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت، والشيخ عبد الحميد الحواصلي، والشيخ محمد الكامل القصار، والشيخ رشدي عرفة، والأستاذ محمد نديم الصواف، والدكتور شكري فيصل ابن أخته، والأستاذ مأمون ياسين ابنه، وغيرهم.
وممن درس عليه في الكلية الشرعية من كبار العلماء: الشيخ أحمد راجح، والدكتور وهبة الزحيلي، والشيخ محمد بشير الباري، والشيخ محمد وحيد العقاد.
وفاته :
توفي فجأة في 4 ذي الحجة 1367 وفق 7 تشرين الأول سنة 1948م، ودفن في مقبرة الدحداح.
بقلم أ.د محمد شريف الصواف
المصادر:
- تاريخ علماء دمشق في القرن (14 هـ) د. محمد مطيع الحافظ، د. نزار أباظة.
- مجلة التمدن الإسلامي مج 15/802، مقال بقلم الشيخ محمد كامل القصار.
- إتحاف ذوي العناية، الشيخ محمد عربي العزوزي.
- موسوعة الأسر الدمشقية، أ. د. محمد شريف الصواف.
- نثر الرياحين من سيرة الجدين الكريمين، أ. د. محمد شريف الصواف.
() الأعضاء المؤسسون لجمعية الهداية الإسلامية (حسب الترتيب الهجائي للأسماء):
الشيخ محمد أبو الخير الميداني (الرئيس الفخري)، الشيخ راشد القوتلي، الشيخ عارف الصواف الدوجي (نائب الرئيس)، الشيخ عبد الرزاق الحفار، الشيخ عبد القادر شموط، الشيخ عبد القادر العاني، الشيخ محمد كامل القصار، السيد محمد توفيق عمار، الشيخ محمد صالح العقاد، السيد محمود ياسين (رئيس الجمعية)، السيد ياسين الجويجاتي، ثم انضم لهم عدد من علماء وتجار دمشق.