ومن قرأ عليه أكثر من ختم:
1- الحافظ الجامع المتقن الشيخ محمد هيثم سعيد منيني رحمه الله ، بلغ الغاية في إتقان الحروف ومخارجها وروعة القراءة وحسن أدائها ، وكان رديف الشيخ في إمامة صلاة التراويح وقد توفي شابّاً في حياة الشيخ وحزن لوفاته حزناً شديداً .
2- الحافظ الجامع الشيخ الدكتورعبد المنعم أحمد شالاتي ،لازم الشيخ ملازمة تامة، وكان يقرأعليه أثناء صحبته له في ذهابه وعودته من درس الشيخ أحمد الشامي .
3- ولده الحافظ الجامع محمد نزارمحيي الدين الكـردي ( مُعِدُّ هذه الترجمة ) حيث قرأ عليه هؤلاء الثلاثة القراءات العشر جمعاً وإفراداً ( لكل راوٍ ختمة ) وأجازهم بذلك كله .
العلوم التي كان يُعنى بها :
برع في علم التجويد وتعليمه ، وأبدع في إتقان الحرف القرآني ودقة مخرجه ، ومواطن الوقف والابتداء ، وتألّق في استحضار القراءات القرآنية وشواهدها وتحريراتها ،
* كما برع في الفقه الشافعي ، وهو أحد أبرز فقهاء عصره ، له درس فقه يومي ، صباحاً أو مساءاً ، لا يدعه مطلقاً ، وقد أقرأ الفقه لغالب طلابه، يقصده الناس من أجل الفتوى ، ويعودون إليه في المعضلات من المسائل الفقهية ، وربما عاد إليه في ذلك بعض فقهاء عصره .
* وله اشتغال واسع في علم أصول الفقه :
قرأ كتب الأصول : (كالمستصفى للغزالي ، وحاشية البناني للمحلي على جمع الجوامع للإمام السبكي) منها على الشيخ صالح العقاد ، ومنها على الشيخ عبد الكريم الرفاعي .
وأقرأ علم الأصول لغير واحد من طلابه عدة مرات .
* وله اهتمام كبير في كتب اللغة العربية ( النحو والصرف والبلاغة ) يُقرئها لطلابه ، و يحضهم على قراءتها والمطالعة فيها دائماً .
* وله مشاركات في بقية العلوم : كالتفسير ، والتوحيد ، والمنطق أقرأ ذلك بعض طلابه أيضاً .
أهم أقواله :
* حبي للجنة لأن فيها قراءة قرآن ، ثم يستشهد بحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( يقال لقارئ القرآن : اقرأ وارق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها )) فنشعر منه أنه لا يسعد ولا يتنعم في الدنيا ولا في الآخرة من غير قرآن .
*إذا قال له أحدهم داعياً : ( الله يطول عمرك ) يقول له مباشرة : قل في طاعة الله ، قل في طاعة الله ...متمثّلاً حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " خيركم من طال عمره وحسن عمله "
* يدعو باكياً إذا أثنى عليه أحد : اللهم إن الناس قد ظنَّوا بي خيراً ، وأنت ألقيت ذلك في قلوبهم ، فلا تخيّب ظنهم ، ولا تكذبني عندهم .
المساجد التي خطب بها ، والأماكن التي أعطى بها الدروس :
أ- أسند له في البداية إمامة مسجد الفاخورة في حيّه الذي يسكن فيه حيّ قبرعاتكة وبقي يؤمّ الناس فيه عدة سنوات .
ثم أسند له بالأصالة الإمامة والخطابة في جامع الذهبية في الحيّ ذاته ، (يؤم الناس في صلاة التراويح بالقراءات المختلفة ) وبقي فيه إماماً وخطيباً ومقرئاً ومدرساً وواعظاً نحواً من سبعين عاماً.
ب- أستاذ محاضر لمادة التجويد في قسم التخصص في مجمّع الفتح الإسلامي فرع الأزهر الشريف .
الشيخ يُحوّل علمه إلى عمل يُفيد به المجتمع :
وذلك ، بانصرافه شبه الكلّي لخدمة كتاب الله تعالى ، ليخرج للأمة جيل القرآن .
كان يعيش في زمان ندر فيه حفاظ القرآن الكريم ، و كان الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله متحمّساً جداً لدعوة الشباب ، فاقترح على أبي الحسن أن يفرد رواية حفص بإجازة ترغيباً للشباب ، ولم يكن مشتهراً عن القرّاء وقتئذٍ أن يُجيزوا برواية واحدة ، وأعجب الشيخ أبوالحسن بهذه الفكرة لما رأى فيها من تحفيز للمسلمين وخاصة الشباب ليُقبِلوا على كتاب الله تعالى .
واستشاروا بذلك الشيخ أحمد الحلواني رحمه الله شيخ القراء بالديارالشامية فوافقهم . وطُبعت الإجازة، وقام الشيخ أبو الحسن في نشرها حق القيام ، كان يجلس في مجلس الإقراء مايقارب سبع عشرة ساعة دون كلل أو ملل .
كل هذا مع محافظته على حياته الاجتماعية ؛ فيحضرأفراح الناس ويشاركهم أحزانهم ، ويواسي مريضهم ، ويبذل جهده في معونتهم ، ويصبرعلى جاهلهم .
* وكان للشيخ تجرِبة ناجحة في رعاية وتشجيع الحركة النسوية في حفظ القرآن الكريم في دمشق ، وقد أعطت ثمارها وبارك الله خطاها . ولا يخفى ما للمرأة من دور في التربية والمحافظة على الأسرة المسلمة التي إن صلحت صلح المجتمع كله فكان بالقدر الذي يهتم فيه بالإتقان التام ، يهتم جداً بصلاح المجتمع عن طريق صلاح النساء.
وقد كانت عبارة :( لولا المتشابهات لحفظت البنات ) شائعة في زمانه ، فجعلت الكثيرات يتكاسلن عن حفظ القرآن الكريم ، كان يقول : " ما سمعت أيام شبابي بأن امرأة تحفظ القرآن في بلدنا " . إلى أن جاء بعض الأخوات ، وطلبن أن يقرأن عليه ، ففرّغ لهنّ وقتاً كافياً واهتمّ بشأنهنّ كثيراً ، حتى قرأت عليه ثلّة منهنّ ختمة كاملة برواية حفص ، (ومنهن من جمعت القراءات العشر بعد ذلك) ، وبعد أن أجازهنّ ، قمن بإقراء النساء في المساجد ، ثم يأتين بتلميذاتهنّ - اللواتي آنسن منهن الإتقان وجودة الحفظ - إلى الشيخ فيختبرهنّ اختباراً دقيقاً ، فإذا وجد تلاوة إحداهن متقنة ، وتعليمها دقيقاً ، شهد على إجازتها . كل ذلك من وراء حجاب .
* وهو أول من أحيا سنة قراءة ختم كامل من القرآن الكريم في تراويح رمضان في مساجد دمشق ، وكان البدء في جامع زيد بن ثابت الأنصاري ، وكان لا يقام ذلك في دمشق إلا في المسجد الأموي (مشهد الحسين) فلاقت هذه السّنة انتشاراً واسعاً بعد ذلك ، حتى شملت أغلب مساجد دمشق وأريافها بل ومحافظات سورية ولله الحمد .