السبت 06 جمادى الثانية 1446 - 07 ديسمبر 2024 , آخر تحديث : 2024-10-01 12:47:36 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2018-05-23 الساعة 08:17:35
العمل بالقرآن الكريم عند النبي صلى الله عليه وسلم
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

قال الله تعالى: قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ

الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9].

وقال الله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ الله

وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر:21].

عن علي أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلاَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ»، فَقُلْتُ: مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «كِتَابُ اللهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الفَصْلُ لَيْسَ بِالهَزْلِ، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ الله، وَمَنْ ابْتَغَى الهُدَى فِي

غَيْرِهِ أَضَلَّهُ الله، وَهُوَ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ

الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ العُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلَقُ

عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا:

{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنا عَجَبا يَهْدِي إِلى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن:1]، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» [الترمذي والبيهقي].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ، لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَكْتُمْ بِهِمَا: كِتَابَ الله، وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» [مالك].

أيها الإخوة:

كان عنوان خطب رمضان قبل عامين (الصيام والقرآن يشفعان) وانطلقنا فيه نحو

القرآن نتقن تلاوته ولازالت ثماره بيننا بفضل الله في دورة القرآن (يشفعان)؛ وكان

عنوان خطب رمضان العام الماضي (الصيام والقرآن يشفعان) مرة ثانية، وانطلقنا

فيه نحو القرآن نتقن تدبره والتفكر فيه والفهم عنه ولازالت ثماره بيننا بفضل الله

في دورة (يتدبرون)، وسنجعل عنوان خطب هذا العام (الصيام والقرآن يشفعان) مرة ثالثة لنمضي هذه المرة للعمل بالقرآن.

الهدف من هذه الخطب أن ننطلق جميعاً لنتحلق حول القرآن، نعتصم به ونتمسك

بأوامره ونواهيه، نحل حلاله ونحرم حرامه، نحفظه ونحفظه أبناءنا، نتلوه ونجوده ونرتله، نعيش معه وبه وله.

         وعنوان خطبة اليوم: العمل بالقرآن الكريم عند النبي صلى الله عليه وسلم

أيها الإخوة:

الغاية الأسمى من رسالة الله تعالى إلى بني الإنسان هي العمل بما فيها، وهذا مما لا يختلف فيه اثنان، وما القراءة ثم التدبر والفهم إلا هدفان مرحليان للوصول إلى العمل، ليسعد الإنسان في الأرض وفي السماء.

قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: 121] قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (يحلون

حلاله ويحرمون حرامه ولا يحرفونه عن مواضعه) [المستدرك]. وقال عكرمة مولى

ابن عباس: (أي يتبعونه حق اتباعه باتباع الأمر والنهي، فيحلون حلاله ويحرمون حرامه ويعملون بما تضمنه، أما سمعت قول الله تعالى: {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}

[الشمس: 2] أي اتبعها).

قال ابن مسعود: (والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله، ويحرم حرامه،

ويقرأه كما أنزله الله، ولا يحرف الكلم عن مواضعه، ولا يتأول منه شيئاً على غير تأويله).

وقال الحسن البصري: (يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه، ويكلون ما أشكل عليهم

إلى عالمه).

ومن هنا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بين قراءة القرآن والعمل به يقول:

«من قرأ القرآن وعملَ بهِ، أُلبِس والداه تاجاً يوم القيامة، ضوؤه أحسنُ من ضوء

الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عَمِلَ بهذا؟» [أخرجه أبو داود]

 وأخرج الترمذي بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله

صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن فَاستظهره، فأحَلَّ حلالَه، وحرَّم حرامَهُ، أدخله الله بِهِ الجنة، وشفَّعه في عشرة من أهل بيته، كلُّهم قد وجبت لهم النار»

ولقد شنَّع الله تعالى على أقوام من أهل الكتاب قبلنا لأنهم كانوا لا يعملون بما أنزل

 الله عليهم {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ

مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الجمعة: 5] قال البيضاوي في تفسيره: ({مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ} علموها وكلفوا العمل بها. {ثُمَّ لَمْ

يَحْمِلُوها} لم يعملوا بها أو لم ينتفعوا بما فيها، {كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً} كتباً من العلم يتعب في حملها ولا ينتفع بها).

   قال بعض العلماء: إن العبد ليفتتح سورة فتصلي عليه الملائكة حتى يفرغ منها و

إن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها فقيل له وكيف ذلك؟ فقال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته.

ذكر الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء عن محمد بن علي المادرائي قال: كنت أجتاز

بقبر ابن طولون فأرى شيخاً ملازما له، ثم لم أره مدة ثم رأيته فسألته.. فقال: كان له

علي أيادٍ فأحببت أن أصله بالتلاوة قال: فرأيته في النوم يقول: أحب أن لا تقرأ عندي، فما تمر بي آية إلا قرعت بها، ويقال لي: أما سمعت هذه؟ فأين عملك بها.

أيها الإخوة:

إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أول المستجيبين إذا ناداه القرآن، وأول العاملين إذا أمره القرآن. وهاكم أربعة مواقف يسمح بها الوقت في بيان ذلك:

1.       روى البخاري وغيره عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه سورة إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول: «سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي».

وعنها رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي».

 وقالت أم سلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلم آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يجيء

ولا يذهب إلا قال: «سبحان الله وبحمده، استغفر الله وأتوب إليه- قال- فإني أمرت بها- ثم قرأ- إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخرها».

فهاهنا يطلب القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبح ويستغفر فيعمل بما

طلب إليه.

واللافت أيها الإخوة: أن الآية تطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبح بحمد

ربه ويستغفره، فينضبط النبي صلى الله عيه وسلم أيما انضباط ويلتزم الأمر ولا يميل عنه فيكثر من القول: سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي.

وقد كان له صلى الله عليه وسلم أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله

والله أكبر.

أو يقول: سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زينة عرشه.

أو يقول: سبحان ربي العظيم.

ولكنه صلى الله عليه وسلم التزم الأمر ليعلمنا العمل بالقرآن والانضباط بهذا العمل (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)

2-  وعن سعد بن هشام بن عامر قال أتيت عائشة رضي الله عنها فقلت: يا أم

المؤمنين أخبريني بخُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان خُلقه القرآن،

أما تقرأ قول الله عز وجل وإنك {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4])

وفي رواية: كان خلقه القرآن يرضى برضاه ويسخط بسخْطه.

وأخرج الحاكم في المستدرك عن يزيد بن بابنوس، قال: قلنا لعائشة رضي الله عنها:

يا أم المؤمنين، كيف كان خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: «كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن». ثم قالت: تقرأ سورة المؤمنين؟ اقرأ {قد أفلح المؤمنون} حتى بلغ العشر. فقالت: هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3-  وعن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: لما نزَلتْ: {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأَقْرَبِينَ}

[الشعراء: 214] صَعِدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الصَّفا، فجعل يُنادي: «يا بني

 فِهْرٍ، يا بني عدِيّ» - لِبُطونِ قُريشٍ - حتى اجتمعوا. فجعل الرجلُ إذا لم يستْطِعْ أَن يخرجَ أرسل رسولاً، ليَنْظرَ ما هو؟ فجاء أبو لهبٍ وقُريشٌ، فقال: «أرأيْتَكُم لو أخبَرْتُكم

أن خَيْلاً بالوادي، تُريدُ أن تغير عليكم، أَكُنْتمْ مُصدِّقيَّ؟» قالوا: نعم، ما جرَّبنا عليكَ

إلا صِدقاً، قال: «فإِنِّي نذيرٌ لكم بين يديْ عذاب شديدٍ»، فقال أبو لهب: تَبّاً لك سائرَ اليومِ، أَلهذا جمَعْتنَا؟ فنزلت {تَبَّتْ يدَا أبي لهبٍ وتبَّ}» .

فما إن قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كلام الله {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأَقْرَبِينَ}

وفهمه حتى عمل به.

واللافت مرة أخرى أيها الإخوة أن النبي صلى الله عليه وسلم التزم الأمر كما جاءه

في القرآن، فقد قال له القرآن هنا {وأنْذِرْ عشِيرتَكَ الأَقْرَبِينَ} فقال : إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .

ولم يقل: إني أدعوكم إلى رحمة الله وعفوه وغفرانه. إنه العمل بالقرآن والانضباط

بما فيه.

4-  لما دخل النَّبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، أغلق عثمّان بن طلحة

 سادن الكعبة باب البيت، وصعد السَّطح، فطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم

المفتاح، فقيل إنه مع عثمّان، فطلب منه، فأبى وقال: لو علمتُ أنه رسول الله لم أمنعه، فلوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه يده وأخذ منه المفتاح، فدخل رسول الله صلى

الله عليه وسلم البيت وصلى فيه ركعتين، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسدانة، فأنزل الله قول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا

الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاس أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ

اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء:58].

فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُرَدّ المفتاح إلى عثمّان ويُعتَذَر إليه، ففعل

ذلك علي.

فقال له عثمّان: يا علي، أكرَهتَ وآذيتَ ثمّ جئتَ ترفق؟ فقال: لقد أنزل الله تعالى في شأنك قرآناً، وقرأ عليه الآية، فقال عثمّان: أشهد أنّ محمَّداً رسول الله، وأسلم.

فقد قرأ النَّبي صلى الله عليه وسلم حكم الآية وعلم مرادها وباشر العمل بما فيها

فأثرت خيراً كبيراً. 

فيا أيها الأخ الكريم:

هذا شيء من الحديث عن العمل بالقرآن عند النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قرأت القرآن تأسَّ به صلى الله عليه وسلم.

إذا قرأت القرآن اقرأه وكأنك تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، واقرأه

 وكأنه يتنزل عليك؛ فإذا قرأت {يا أيها الذين آمنوا} فاعلم بأن ربك ينادي عليك، فقل لبيك اللهم لبيك، وإذا قرأت {أليس الله بأحكم الحاكمين} فاعلم بأن خالقك يسألك، فقل:

{بلى وأنا على ذلك من الشاهدين}.

واجهد وأنت تقرأ القرآن أن تتدبر وتفهم ما تقرأ، واقتن تفسيراً لمفردات القرآن الكريم – على أقل تقدير- فإن مرت بك كلمة لا تعرف معناها فلا تتجاوزها حتى تتبين المعنى، ثم اعزم على أن تعمل بما قرأت أو بشيء واحد على الأقل لتكون ممن عمل بالقرآن ولتكون من أهل القرآن.

قال الحسن البصري: (إن من كان قبلكم رأوا هذا القرآن رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل ويعملون بها بالنهار).

ختاماً – أيها الأخ - ما المطلوب منك لتلحق بأهل القرآن؟

مطلوبٌ خمسة أمورٍ:

1-  اقرأ القرآن كل يوم، واجتهد أن تحفظ ما تيسر منه، فإن حفظته كله فيا طوبى لك.

2-  احرصْ على أن تفهمَ ما تقرأ، فإن لم تفهم معاني بعض الكلمات فَعُد إلى معانيها في كُتب التَّفاسير، واحضر مجلساً لتفسير القرآن الكريم؛ لأنَّ القرآن نزل ليُقرأ ويُفهم ويُعمل به.

3-  اعملْ بشيءٍ واحدٍ -على الأقلِّ- ممَّا قرأتَهُ في كل يوم.

4-  علِّمْ غيرَكَ ما تعلمتَهُ من القرآن.

5- قدِّم خدمة للقرآن الكريم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفُهُ بَيْدِ اللهِ تَعَالَى،

وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا وَلَنْ تَهْلِكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا».

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1933
تحميل ملفات
فيديو مصور