الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2018-02-25 الساعة 09:21:33
اللهم نسألك لطفك
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي

الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا

إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا

مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَ

تَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ

لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194].

{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} [آل عمران: 195 - 198].

قال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم.

قال جعفر الصادق: من حزبه أمر فقال خمس مرات: (ربنا) أنجاه لله مما يخاف و

أعطاه ما أراد.

قيل: وكيف ذلك؟ قال: اقرؤوا إن شئتم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} إلى قوله: {إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران: 190 - 194].

روى أبو عوانة في صحيحه، عن عامر بن خارجة: أن قوماً شكوا إلى رسول الله

صلى الله عليه وسلم قحط المطر، فقال: «اجثوا على الركب، ثم قولوا: يا رب، يا رب».

عنوان الخطبة: (اللهم نسألك لطفك)

أيُّها الإخوة:

كلما مر بالإنسان العاقل يوم جديد علم يقينا ضعفه وحاجته إلى الله تعالى، وعجزه وافتقاره إلى خالق السموات والأرض.

يعلم أن ما يجري في الأرض لحكمة ولكنه يضعف مرارا عن فهمها، ويدرك أن أقدار

الله كاملة ولكنَّ نقصه لا يعين على سبر كنهها؛ فيجد نفسه طريح الانكسار على باب

الله ومرميَ الضراعة على عتباته ينادي عليه فيقول: اللهم نسألك لطفك.

 كتب "نيتشه" يوما: إنه لمن المخجل حقاً أن ندعو.

فرد عليه أليكسس كارليل يقول: (إذا كان الدعاء مخجلاً, فإن شرب الماء والتنفس يدعوان إلى الخجل مثل ممارسة الدعاء.

إن الإنسان بحاجة لوجود الله أكثرَ من حاجته لاستنشاق الأوكسجين للمحافظة على جذوة الحياة.

ولزام علينا أن نتعشق جمالية العلوم من دون أن نتخلى عن تعشقنا لجمالية الله,

مبدع الكائنات العلي العظيم).

اللهم نسألك لطفك.

ألقي سيدنا إبراهيم في نار النمرود وأراد اليهود صلب سيدنا عيسى ولحق فرعون

بموسى وقال الناس يومها إنا لمدركون وقتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه

وسلم في يوم واحد سبعون وجرح الباقون وأشيع بأن محمداً قد قُتل، وقالت قريش

يومها: اعل هبل، وانكشفت هذه الغمم كلها عن خير عميم وانقلبوا بنعمة من الله وفضل.

اللهم نسألك لطفك.

في سورة الشورى يقول الله تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ

الْعَزِي} [الشورى: 19] قال محمد بن علي الكتاني: اللطيف بمَنْ لجأ إليه من عباده

إذا يئس من الخلق وتوكل عليه ورجع إليه، فحينئذ يقبله ويقبل عليه.

وقيل: هو الذي يجبر الكسير وييسر العسير.

وقيل: هو الذي لا يرد سائله ولا يوئس آمله.

اللهم نسألك لطفك.

ذهبت إلى كتاب الأذكار للإمام النووي لأجمع منه الأذكار التي كان رسول الله صلى

 الله عليه وسلم يحافظ عليها عند الشدائد والمخوفات والكربات لأضعها بين أيديكم لتكون لنا زاداً في التضرع إلى الله تعالى في كشف هذه الكربة عن البلاد والعباد.

اللهم نسألك لطفك.

قال رحمه الله: كتاب الأذكار التي تُقال في أوقات الشِّدَّة وعلى العَاهات:

(بابُ دعاءِ الكَرْبِ والدعاءُ عندَ الأمورِ المهمّة)

روينا في "صحيحي البخاري ومسلم" عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول

الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لاَ إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ العظيم الحليم، لا إله إلا اللَّه رَبّ العَرْشِ العظيم، لا إله إلا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ رَبُّ العَرْشِ الكَرِيمُ».

وفي رواية لمسلم: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حَزَبَه أمر قال ذلك، ومعنى "حزبه أمر" أي نزل به أمر مهم، أو أصابه غمّ.

وروينا في كتاب الترمذي، عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم،

أنه كان إذا كربه أمر قال: «يا حَيُّ يا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أسْتَغِيثُ».

وروينا فيه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا

أهمّه الأمر رفع رأسَه إلى السماء فقال: «سُبْحانَ الله العَظِيمِ»، وإذا اجتهد في الدعاء قال: «يا حَيُّ يا قَيُّومُ».

وروينا في "سنن أبي داود" عن أبي بكرة رضي الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله

عليه وسلم قال:

«دَعَوَاتُ المَكْرُوب: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أرْجُو فَلا تَكِلْنِي إلى نَفْسي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وأصْلِحْ لي شَأنِي كُلَّهُ، لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ».

وروينا في سنن أبي داود، وابن ماجه، عن أسماء بنت عُمَيْس رضي الله عنها، قالت: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ألا أُعَلِّمُكَ كَلِماتٍ تَقُولِيْنَهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ -

أو في الكرب - اللَّهُ اللَّهُ رَبي لا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً».

وروينا في كتاب ابن السني، عن قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله

عليه وسلم: «مَنْ قَرأ آيَةَ الكُرْسِيّ وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ البَقَرَةِ عِنْدَ الكَرْبِ، أغاثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ».

وروينا فيه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله

عليه وسلم يقول: «إِني لأَعْلَمُ كَلِمَةً لا يَقُولُهَا مَكْرُوبٌ إِلاَّ فُرِّجَ عَنْهُ: كَلِمَةَ أخي يُونُسَ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ،

{فنَادَى فِي الظُّلُماتِ: أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ إنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 87]».

(باب ما يقوله إذا راعه شيء أو فَزِعَ)

وروينا في كتاب ابن السني، عن ثوبانَ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا راعَه شيء قال: «هُوَ اللَّهُ، اللَّهُ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ».

وروينا في سنن أبي داود، والترمذي، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جده،

"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: «أعوذ بِكَلِماتِ

اللَّهِ التَّامَّةِ من غضبه وشر عباده، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وأنْ يَحْضُرُونِ»، وكان

عبد الله بن عمرو يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فعلقه عليه.

 (بابُ ما يَقُولُ إذا أصابَه همٌّ أو حَزَن)

روينا في كتاب ابن السني، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أصَابَهُ هَمٌّ أوْ حَزَنٌ فَلْيَدْعُ بِهَذِهِ الكَلِماتِ،

يقول: اللَّهُمَّ أَنَا عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، فِي قَبْضَتِكَ، ناصِيَتِي بِيَدِكَ، ماضٍ فِيَّ

حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أسألُكَ بِكُلّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أوْ أنْزَلْتَهُ فِي

كِتابِكَ، أوْ

عَلَّمْتَه أحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أوِ اسْتَأثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ أنْ تَجْعَلَ القُرآنَ نُورَ

  صَدْرِي، وَرَبِيعَ قَلْبِي، وَجلاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمّي»، فقال رجل من القوم: يا رسول

 الله إن المغبونَ لمن غُبن في هؤلاء الكلمات، فقال: «أجَلْ فَقُولُوهُنَّ وَعَلِّمُوهُنَّ، فإنَّهُ

مَنْ قَالَهُنَّ الْتِماسَ ما فِيهِنَّ أذْهَبَ اللَّهُ تَعالى حُزْنَهُ، وأطالَ فَرَحَهُ».

 

 

(بابُ ما يَقولُ إذا خافَ قوماً)

روينا بالإِسناد الصحيح في سنن أبي داود، والنسائي، عن أبي موسى الأشعري

 رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوماً قال: «اللَّهُمَّ إنا

نجعلك في نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شرورهم».

 (بابُ ما يَقولُ إذا نظرَ إلى عدوّه)

روينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه قال: كنا مع النبيّ صلى الله عليه

وسلم في غزوة، فلقي العدو، فسمعته يقول: «يا مالك يوم الدين إيَّاك أعْبُدُ وإيَّاكَ أسْتَعِينُ» فلقد رأيتُ الرجالَ تصرع، تضربها الملائكة من بين أيديها ومن خلفها.

(بابُ ما يقولُ إذا استصعبَ عليه أمرٌ)

روينا في كتاب ابن السني، عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و

سلم قال: «اللَّهُمَّ لا سَهْلَ إِلاَّ ما جَعَلْتَهُ سَهْلاً، وأنْتَ تَجْعَلُ الحَزْنَ إذَا شئت سهلا».

(بابُ ما يقولُه إذا أصابتهُ نكبةٌ قليلةٌ أو كثيرة)

قال الله تعالى: {وَبَشِّر الصَّابِرينَ الَّذينَ إذَا أصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إنَّا لِلَّهِ وَإِنّا إلَيْهِ

رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المُهْتَدُونَ} [البقرة: 155، 156].

وروينا في كتاب ابن السني عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لِيَسْتَرْجِعْ أحَدُكُمْ في كل شيء حتَّى فِي شِسْعِ نَعْلِهِ، فإنَّها مِنَ المَصَائِبِ».

أيها الإخوة:

سلوا الله لطفه وأكثروا الضراعة بين يديه وتوبوا من كل تقصير معه فإن لطفه مدرك عبده.

إذا اشتملتْ على اليأس القلوب

وضاقَ لِمَا به الصَّدرُ الرَّحيبُ

وأوطأت المكاره واطمأنَّتْ

وأرسَتْ في أماكنها الخطوبُ

ولم تر لانكشاف الضُّرِّ وجْهَاً

ولا أغنى بحيلته الأريبُ

أتاك على قُنوطٍ منك غوثٌ

يَمُنُّ به اللَّطيفُ المستجيبُ

وكلُّ الحادثات إذا تناهتْ

فموصولٌ بها الفرجُ القريبُ

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1483
تحميل ملفات
فيديو مصور