الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2018-01-30 الساعة 09:42:10
(المعايير الشرعية)
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

قال الله تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ

عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة 112]

قال القرطبي: مَعْنَى" أَسْلَمَ" اسْتَسْلَمَ وَخَضَعَ. وَقِيلَ: أَخْلَصَ عَمَلَهُ. وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ أَشْرَفَ مَا يُرَى مِنَ الْإِنْسَانِ... وَالْعَرَبُ تُخْبِرُ بِالْوَجْهِ عَنْ جُمْلَةِ الشَّيْءِ.

وقال سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ

حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء 135].

عنوان خطبة اليوم: المعايير الشرعية

أيها الإخوة:

لعل أصعب صناعة في العالم وأحدثها صناعة المعايير، ما معيار الطريق الدولية،

  بمعنى متى يقول العالم أن هذه طريق دولية وهذه طريق فرعية، ما معيار الفنادق

ذات النجوم الخمسة، ما  معيار الإجازة الجامعية، ما معيار الجودة في صناعة ما، ما معيار المشفى التخصصي...

لعل أصعب صناعة في العالم وأحدثها صناعة المعايير، وقد قامت هيئة إسلامية

معتبرة بصوغ المادة الفقهية المتعلقة بمسائل المعاملات المالية بصيغة معايير

   وسمّتها (المعايير الشرعية)، وقد أصدرت حتى اليوم ثمانية وخمسين معيارا، و

لا تزال تعمل مشكورة في إصدار باقي المعاملات.

وها أنا في خطبة اليوم أقدم لكم لمحة عن هذه المعايير، وأدعو كل عامل في السوق التجاري أو الصناعي أو الزراعي أو المالي، وكل دارس وباحث للاطلاع على هذه المعايير والإفادة منها في علمه أو عمله، ليكون المسلم فينا مسلماً وجهه لله وهو

محسن، بمعنى أنه مستجيب لأمر الله تعالى في بيعه وشرائه وأخذه وعطائه فينال

خاتمة الآية في سورة البقرة: {لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}

علماً أن المعايير الشرعية هذه مطبوعة في كتاب مؤلف من 1388 ورقة،

 ومنها نسخة الكترونية بالاسم نفسه، أذنت الهيئة الصانعة للراغبين بتنزيلها وحفظها مجانا باللغتين العربية والانكليزية، ومنها نسخة تصلح أن ترسل عبر برنامج

الواتس آب.

رابط النسخة العربية:   http://aaoifi.com/download/24203/

رابط النسخة الانكليزية: http://aaoifi.com/download/

ومن المعايير التي حواها الكتاب: المتاجرة في العملات، بطاقة الحسم وبطاقة

الائتمان، المدين المماطل،

المرابحة، الإجارة المنتهية بالتمليك، الاستصناع والاستصناع الموازي، والشركة والشركات الحديثة، الاعتمادات المستندية،  الأوراق المالية (الأسهم والسندات)،

الوقف،  الزكاة،  التعاملات المالية بالإنترنت

 المسابقات والجوائز،  وغيرها.

فما هي المعايير الشرعية هذه، ومن أصدرها، وكيف صنعت؟

صدرت المعايير الشرعية عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، والتي أسست

عام ١٩٩٠ م في الجزائر، وسجلت عام 1٩٩١  في دولة البحرين بصفتها هيئة

عالمية ذات شخصية معنوية مستقلة غير هادفة للربح.

وتتألف الهيئة من جمعية عمومية، ومجلس أمناء، ومجلس معايير، ومجلس شرعي ولجنة تنفيذية، وأمانة عامة يترأسها أمين عام. وكل هؤلاء الأعضاء من العلماء والمتخصصين في جانب المعاملات المالية من عدد كبير من البلاد الإسلامية. من

المذاهب الإسلامية المعمول بها.

طريقة صناعة المعيار:

يستكتب المجلس الشرعي للهيئة أحد الباحثين المختصين في الموضوع المقصود

 إصدار المعيار فيه، فيُعدّ دراسة ضافية تستوعب المسائل المتعلقة به في ضوء القرآن الكريم والسنة الشريفة ومذاهب الفقه المتبوعة مع بيان أدلتها وذكر المسائل

المستجدة مع بيان آراء العلماء المعاصرين فيها، كما يعدّ مسودة مقترحة للمعيار المطلوب إصداره. ثم تعرض المسودة والدراسة على لجنة فرعية للمجلس تتكون من بعض أعضاء المجلس وعدة من العلماء الآخرين المختصين من الخارج.

فتراجع اللجنة مسودة المعيار وتعده للعرض على المجلس الشرعي، الذي يناقش

في اجتماعاته المسودات المقترحة من قبل اللجان بندا بندا مناقشة حرة ومستفيضة،

إلى أن يقر المعيار إما باتفاق الآراء أو بأغلبيتها.

ثم تعقد الهيئة جلسة للاستماع يُعرَض فيها المعيار المقترح على علماء وفنيين من ذوي الشأن، ليتمكنوا من إبداء آرائهم فيه، ثم تعرض آراؤهم على المجلس في اجتماعه اللاحق، فيناقشها ويعيد النظر في ذلك المعيار قبل إصداره، فيحذف أو يضيف أو يعدل.

 وبعد هذه الخطوات يصدر المعيار.

يقول الأمين العام للهيئة في مقدمة كتاب المعايير الشرعية:

(من أهم ما أنتجه الاجتهاد الفقهي المعاصر في فقه المعاملات المالية هو

   (المعايير الشرعية) الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي)، والتي بلغت بفضل الله ومنته أربعة وخمسين معيارا – كذا كان

عدد المعايير يوم كتابته هذه المقدمة، وقد صارت اليوم ثمانية وخمسين وهي تزداد باستمرار- ، عالجت تفصيلات جزء كبير من عقود الصناعة المالية الإسلامية و

منتجاتها (بما تشتمل عليه من مصرفية، وتكافل، ومصرفية استثمارية، وأسواق

المال ومنتجاتها، وشركات تمويل، وغيرها).

وقد جعل الله لهذه المعايير القبول، وعمَّ بنفعها حتى بلغت الآفاق من أقصى الدنيا إلى

  أدناها؛ بل إنه يمكن القول بأنها أصبحت المرجع الأبرز والأهم للصناعة المالية الإسلامية على مستوى العالم كله من جهات تشريعية وإشرافية ورقابية وبنوك و

 شركات استثمار وتأمين وتمويل، وغيرها من الجهات المهنية الداعمة كالمحامين والمحاسبين والاستشاريين، بالإضافة إلى الجامعات ومراكز البحث وجهات الفتوى الرسمية وغيرها، ... كما إن مجموعة من البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول قد اعتمدت هذه المعايير رسميا باعتبارها إلزامية أو إرشادية، و

 عليه فإن معايير (أيوفي) تعد بكل تجرد مفخرة من مفاخر الصناعة المالية الإسلامية وأحد أهم منجزاتها).

والخلاصة: إن هذه المعايير أعدت وتطورت دورياً على أساس المذاهب الأربعة

 ومذاهب أخرى قريبة مما صح دليلها، وهي إنجاز للأمة بأكملها استغرق العمل عليها إنشاءا وتطويرا أكثر من خمسة وعشرين عاماً، شارك في هذا المنتج كثير من

 علماء الأمة المتخصصين بالمعاملات المالية من مختلف البلدان.. وباتت هذه المعايير معتمدة في جميع المؤسسات المالية الدولية وغير الدولية..

وها أنا أعرض عليكم – أيها الإخوة- جزءاً من نموذج من هذه المعايير وهو معيار المسابقات والجوائز:

 أولا- نطاق المعيار:

يتناول هذا المعيار بيان أحكام المسابقات والجوائز والهدايا التجارية، وأحكام ممارسة المؤسسات لها أو رعايتها.

ولا يتناول المعيار الحوافز التي تقدم لحسن أداء المتعاملين أو منسوبي المؤسسات،

  ولا المسابقات الوظيفية والمناقصات، كما لا يتناول أحكام الجعالة في غير المسابقات؛ لأن لها معيارا خاصا بها.

   ثانياً - المسابقات:

1-      تعريف المسابقة: تنافس بين طرفين أو أكثر لتعيين الأفضل منهم.

2-      أنواع المسابقات: المسابقة قد تكون بغير عوض، وقد تكون بعوض من

  المتسابقين أو من بعضهم أو من غيرهم، فإن كانت بعوض فالعوض لازم على

     من التزمه.

3-      أحكام المسابقات:

ألف - تجوز المسابقات بشروط:

1.       أن تكون في الأمور المباحة، مثل: المسابقات العلمية، والثقافية، والرياضية.

2.       ألا تشمل المسابقة محظور ومن ذلك:

أ- تفويت واجب شرعي كالصلاة والصوم.

ب- إثارة النعرات، أو الفتن، أو التعصب، أو النزاع.

ج- كشف العورات، أو الاختلاط بين الرجال والنساء.

د- إلحاق ضرر بالإنسان، أو المجتمع، أو الحيوان، أو البيئة.

 باء- ويشترط لجواز المسابقة بعوض:

١ أن تكون المسابقة معلومة علما نافيا للجهالة من حيث زمانها، ومكانها، وجنسها، وصفتها، وأدواتها، وطريقة أدائها.

٢ أن يكون العوض من طرف ثالث، أو من واحد من المتسابقين فقط؛ فإن كان العوض من اثنين من المتسابقين فأكثر فإنه لا يجوز.

  ثالثاً - الجوائز:

1-      تعريف الجائزة: عطية تمنح لشخص طبيعي أو معنوي لتحقيقه تصرفا معينًا.

2-      الجائزة التسويقية: جائزة يقصد بها ترويج سلع أو خدمات معينة، أو جذب المستثمرين إلى أسواق أو متاجر معينة، إما بالسحب على جائزة، أو باحتساب نقاط،

 أو بهدية مع شراء كل سلعة أو خدمة.

3-      حكم الجائزة التسويقية بالسحب:

1.       يجوز منح جائزة يتمّ السحب عليها دون اشتراط شراء سلعة أو خدمة.

2.       يجب أن تكون السلعة أو الخدمة المشترط شراؤها للدخول في السحب، وكذلك الجائزة محل السحب جائزة شرعا.

3.       يجوز منح جائزة يشترط للدخول في السحب عليها شراء سلعة أو خدمة بالشروط الآتية:

أ‌- ألا يزاد في ثمن السلعة أو الخدمة المشترط

شراؤها للدخول في السحب عن سعرها بدون حق

السحب.

ب‌-أن تكون السلعة أو الخدمة المشترط شراؤها للدخول في السحب مما يقصد شراؤه بصرف النظر عن

الجائزة، وعلى المؤسسة تنبيه الجمهور إلى ذلك عند الإعلان عن الجائزة. فإن غلب

 على الظن أن الداخلين في السحب لا يشترونها إلا لغرض الحصول على الجائزة؛ فلا يجوز وضع الجائزة في هذه الحال.

ج- أن تكون فرص الفوز في كل سحب متساوية لجميع الداخلين في السحب.

د- ألا يقصد بوضع الجائزة إلحاق الضرر بالآخرين.

ه- لا يجوز اشتراط دفع رسم أو ثمن للدخول في السحب على الجائزة بشكل مباشر أو غير مباشر؛

كالزيادة في سعر المكالمات الهاتفية عن المثل.

ثم يتكلم المعيار عن بطاقات التخفيض وجوائز الخدمات وغيرها من الجوائز و

 المسابقات.

أيها الإخوة:

 أخرج الترمذي بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التاجر الصدُوقُ

الأَمِينُ مَعَ النَّبيينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلاً إذا باع،

سهلاً إذا اشترى، سهلاً إذا اقتضى».

وأخرج أبو داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يقول: أنا ثالث

الشَّريكين

ما لم يخُن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجتُ من بينهما».

كل هؤلاء نالوا الرتب والأجور لأنهم انضبطوا بمعايير الشريعة في معاملاتهم المالية.

 كما تشير الأحاديث.

والحمد لله رب العالمين

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1382
تحميل ملفات
فيديو مصور