الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2017-01-15 الساعة 09:36:25
واجباتنا نحو السنة
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

 

قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7]


وقال سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} [المائدة: 92]


وَقالَ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:52]


 قَالَ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «إِنَّ مَثَل مَا بعَثني اللَّهُ بِهِ منَ الْهُدَى والعلْمِ

كَمَثَلَ غَيْثٍ أَصَاب أَرْضاً فكَانَتْ طَائِفَةٌ طَيبَةٌ، قبِلَتِ الْمَاءَ فأَنْبَتتِ الْكلأَ والْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمسكَتِ الماءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاس فَشَربُوا مِنْهَا وسَقَوْا وَزَرَعَوا. وأَصَابَ طَائِفَةٌ مِنْهَا أُخْرَى، إِنَّمَا هِيَ قِيعانٌ لا تُمْسِكُ مَاءً وَلا تُنْبِتُ كَلأ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ

فَقُهَ فِي دِينِ اللَّه، وَنَفَعَه بمَا بعَثَنِي اللَّه بِهِ، فَعَلِمَ وعَلَّمَ، وَمثلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذلِكَ رَأْساً

وِلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» [متفقٌ عَلَيهِ].

عن جابرٍ رضي اللَّه عنه قَالَ: قالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: «مثَلِي ومثَلُكُمْ

كَمَثَل رجُلٍ أَوْقَدَ نَاراً فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَراشُ يَقَعْنَ فيهَا وهُوَ يذُبُّهُنَّ عَنهَا وأَنَا آخذٌ بحُجَزِكُمْ عَنِ النارِ، وأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ منْ يَدِي» [مسلمٌ].

أيها الإخوة:

تُنهي خطبة اليوم السلسلة التي بدأناها أول شهر ربيع الأول: (سنة رسول الله صلى

الله عليه وسلم) لنكثر من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ولنزداد به

علماً وله اتباعاً ومنه قرباً صلوات ربي وسلامه عليه.

عنوان خطبة اليوم: واجباتنا نحو السنة .

أيها الإخوة:

تحدثت السلسلة عن معنى السنة ومنزلتها، وكيف وصلت إلينا، وكيف تعامل المسلمون معها، وأشارت إلى الشُّبه التي يروجها أعداء الإسلام عليها.

والمأمول من كل أخٍ وأخت أن يحمل على عاتقه –على أقل تقدير- أربع واجبات نحو السنة هي مادة خطبة اليوم:

1. اقرأ كتاباً من كتب الحديث وآخر من كتب السيرة:

حريٌّ بكلّ مؤمن ومؤمنة أن يقرأ كتاباً واحداً من كتب الحديث الشريف –على أقل تقدير-  وليكن كتاب رياض الصالحين للإمام النووي، جمع فيه مؤلفه قريباً من ألفي

حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من صحاح الحديث، لتجد نفسك تزداد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم وبه تعلقاً وله حباً.

واقرأ كتاباً في سيرته صلوات ربي وسلامه عليه وليكن كتاب الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري.

إذ لا يحسن بالمسلم ألا يعرف أخبار نبيه وغزواته، وأنباء أبنائه وبناته، وأحواله مع صحابته وجلسائه.

روى الخطيب البغدادي عن زين العابدين علي بن الحسين بن أمير المؤمنين علي

رضي الله عنه، قال: (كنا نعلَّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نعلَّم السورة من القرآن).

وعن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني قال: (كان أبي

يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعدها علينا وسراياه، ويقول: يا بني هذه شرف آبائكم فلا تضيعوا ذكرها).

فإن لم تجد عندك صبراً للقراءة فاحضر مجلس علم يُقرأ فيه الحديث وتُدرّس فيه السيرة .

قال صاحب النوادر السلطانية مخبراً عن سيدنا صلاح الدين الايوبي:

(كان شديدَ الرغبة في سماع الحديث، ومتى سمعَ عن شيخٍ ذي روايةٍ عاليةٍ وسماعٍ

كثير فإن كان ممن يحضرُ عنده استحضره وسمع عليه، فأسمع من يحضره في ذلك

المكان من أولاده ومماليكه المختصين به، وكان يأمر الناس بالجلوس عند سماع الحديث إجلالاً له. وإن كان ذلك الشيخ ممن لا يطرق أبواب السلاطين ويتجافى عن

الحضور في مجالسهم سعى إليه وسمع عليه، وكان يحبّ أن يقرأ الحديث بنفسه..

فإذا مر بحديثٍ فيه عبرةٌ رقَّ قلبُهُ ودمعت عينُه).

بل إنه  ربما طلب من يُسمعُه حديث رسول الله  صلى الله عليه وسلم وهو يسوي

جنده للقتال! قال ابنُ كثير: (سمع في بعض مصافّه جزءاً وهو بين الصفين... وقال: هذا موقفٌ لم يَسمعْ أحدٌ في مثلِهِ حديثاً).

فكن أيها الأخ وأيتها الأخت كصلاح الدين قارئاً للحديث مستمعاً له.

2. احفظ مائة حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إذ في حفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تنشيط للذاكرة وتقوية للنطق بالعربية ومعرفة ببعض الأحكام الشرعية.

خذ مثلاً  كتابي الموسوم بـ: "سبعمائة حديث من صحيح البخاري" فقد جمعت فيه أحاديث قصيرة ورتبته ترتيباً ألف بائياً لتسهيل قراءته وحفظه، بعض هذه الأحاديث مؤلف من كلمتين أو ثلاث أو أربع أو خمس.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العين حق»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحرب خدعة»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتموا الركوع والسجود»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتق دعوة المظلوم»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يجمع بين المرأة وعمتها»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الحديث إلي أصدقه»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة قتات»

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا»

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقيموا صفوفكم وتراصوا»

أفيعجز الواحد منا أن يحفظ مائة من هذه الأحاديث على أقل تقدير.

3. طبق ما استطعت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ففي تطبيق سنته صلى الله عليه وسلم موافقته، وفي الموافقة المرافقة، وقديماً قالوا شرط المرافقة الموافقة.

قالَ ذُو النُّون الْمصْرِيّ: (من عَلامَة الْمُحب لله مُتَابعَة حبيب الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أخلاقه وأفعاله، وأوامره وسننه).

وَقَالَ الإمام الْجُنَيْد: (الطّرق كلهَا مسدودة على الْخلق إِلَّا على من اقتفى أثر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم).

فمهما التزم أحدنا بالسنة في طعامه وشرابه وبيعه وشرائه ووئامه وخصامه ويسره

وعسره فقد التزم طريق الحق وسلك جادة الهدى ، إذ لَا دَلِيل على الطَّرِيق إِلَى الله إِلَّا بمتابعة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي أَحْوَاله وأفعاله وأقواله.

4. ادعم مدارس تعليم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتساب إليها أو بإشادتها أو بتمويلها:

فكم من مدرسة في الشام وغيرها تعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم

من حلقة من حلقات حفاظ وحافظات الحديث النبوي الشريف، وكم من دار للحديث و

كم من مجلس علم يدرس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم من معهد

شرعي وثانوية شرعية وكلية شرعية تخرج أصحاب الشهادات والكفاءات الذين يذودون عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فكن مُنشأً لواحدة من هذه المؤسسات أو داعماً لها أو منتسباً إليها.

فإني قرأت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لأحد علينا يد إلا وقد كافأناه

عليها ما خلا أبا بكر» [الترمذي] فلعلك تقدم خدمة للسنة الشريفة فيكافئك عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أيها الإخوة:

هذه الأربعة واجب كل واحد منا نحو السنة المطهرة ، وهي النتيجة العملية لهذه السلسلة من الخطب:

اقرأ كتاباً من كتب الحديث وآخر من كتب السيرة:

احفظ مائة حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طبق ما استطعت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ادعم مدارس تعليم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانتساب إليها أو بإشادتها أو بتمويلها.

كتب عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد إلى وُلاته في الأمصار يقول: (أصلحوا الناس بالسنَّة، فإذا لم تصلحهم السنة فلا أصلحهم الله)

قَالَ الإمام مَالك : (السّنة سفينة نوح من ركبهَا نجا وَمن تخلف عَنْهَا غرق)   

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2017
تحميل ملفات
فيديو مصور