الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2016-08-28 الساعة 09:25:07
تربية أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين -3-
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ 

 عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]

قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: قوا أهليكم نَارًا علّموهم وأدّبوهم.

أخرج الترمذي بإسناد مرسل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا نَحَلَ وَالِدٌ وَلَدًا أَفْضَلَ مِنْ أَدَبٍ حَسَنٍ».

أيها الإخوة:

الحياة الزوجية محراب من محاريب العبادة، وتربية الأبناء باب من أبواب القرب

إلى الله تعالى، ولهذا جاءت سلسلة– تربية الأبناء- لعلنا نفيد منها جميعا في زيادة قربنا إلى الله ببرنا بأبنائنا ورعايتنا لهم.

 

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين -3-       

وتتحدث الخطبة عن أهم ما يمكن غرسه في الشباب في هذه المرحلة.

أقول: أهم  ما يمكن غرسه في الشباب في هذه المرحلة الدعوة إلى الله .

بمعنى أن يحملَ الشاب والفتاة همّ دينه، همَّ أُمّته، همَّ مجتمعه، همَّ أسرته، همَّ

 أصحابه،همَّ العالم أجمع؛ ليوصل لهم حقيقة الإسلام، ليدعوهم إلى الخير؛ ليحمل

 لهم سعادة الدارين؛ ليوصل لهم عزّ الدنيا والآخرة؛ ليكون نائباً عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

 أن يحملَ ابنُ هذه المرحلة همَّ أمته؛ ليساعدَ في تخفيف أرقام الأميّة فيها، وليزيدَ الأخلاق في أبنائها، وليساعدَ في نهضتها الاقتصادية والعلمية، وليدعمَ

 صحة أفرادها ونماءَهم؛ ليؤلفَ بينهم ويجمع، وليدافع عن مقدساتها وحرماتها.

أن يحملَ ابنُ هذه المرحلة همَّ أسرته؛ ليأخذَ بيد زوجه بمودة ورحمة، وليخفضَ

لوالديه جناح الذلّ من الرحمة، وليبذلَ لأولاده وإخوانه الهدى والرشاد، لينشرَ الصلة بين أرحامه والبر بين أقاربه.

أن يحملَ ابنُ هذه المرحلة همَّ أصحابه؛ ليحنو على العاصي منهم، ويدُّلَه على درب الله، ويعين الطائع فيهم ليزدادَ طاعة لله.

أن يحملَ ابنُ هذه المرحلة همَّ هذا العالم المسكين الذي أعياه سباق التسلح، وطحنَتْه الفلسفات المادية الوضعية، وسحقَتْه سياسة الأنا، وألقَتْه الإباحية إلى التهلكة.

أنتم أيها الشباب من سيحمل الدعوة الإسلامية إلى أصقاع الأرض.

 أنتم أيها الشباب من سيحمل همَّ الدعوة إلى الله؛ ليكون الواحد منكم خليفةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أنتم يا أبناء التاسعة عشرة والعشرين والحادية والعشرين مَنْ تُعقَدُ عليكم

 الآمال، وتهفو إليكم النفوس والعقول. بصلاحكم تصلح الأُمَم، وبوعيكم تُنارُ الظُلَم، وبهممكم نَصلُ إلى القِمم.

أيها الإخوة، أيها الشباب:

بين يدي بحث مفيد اختصرتُه وأضفتُ عليه قبل عشرين سنةٍ من كتاب لا أذكر

 اسمَه اليوم إذْ لم أُدوّن في مطلع المختصر اسم الكتاب ولا المؤلف، أحب أن

أضع خلاصتَه بين أيديكم؛ لفائدته الكبيرة في مادة الخطبة،  عنوان البحث (كيف نهيّئ الشاب ليكون داعيةً؟):

يمكننا تهيئة الشاب ليكون داعية بأن نقدم له أربعة أمور:

1-  التهيئة النّفسيّة: باطّلاع الشاب على الواقع المؤلم للمسلمين، وعلى صراع

المبادئ والأفكار الموجود في العالم اليوم، وعدم قدرتها على إسعاد الناس،

وببيان ظاهرة الانحلال الأخلاقي والإباحية، وبرسم صورةٍ واضحةٍ عن الإسلام

 وملاءَمتهُ لكلّ زمانٍ ومكانٍ، وأنَّه الحلُّ الأسلمُ لجميع مشكلات العالم،  وبتصوير

 انفتاح العالم الغربي والشرقي على الإسلام، وبحثه عنه، وتقبّله السريع لمبادئه

 السامية، ونُبيّنُ للشاب أنّ        العالمَ كلَّه بخير، ولا يوجد إنسانٌ في العالم ليس فيه خيرٌ يمكننا الدخول إليه منه.

عندها يتهيأُ الشاب نفسياً للعمل بجدّ في تبليغ دين الله وإعزاز شرعه، وإنقاذ البشرية، فالخلقُ كلُّهم عيالُ الله، وأحبُّ الخلق إلى الله أنفعُهم لعياله.     

2 – التّهيئة الإيمانية:  بربط الشاب بذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، ودراسة

  سيرة النبي صلى الله عليه وسلم باستمرار .

بإظهار فضيلة الدعوة إلى الله تعالى، فأمّةُ الدعوةِ هي خيرُ الأُمم {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ

أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]

والدعاةُ هم المفلحون الفائزون {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104]

والدعاةُ هُمُ الذين لا يدانيهم أَحدٌ في الشرف والمنزلة  {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت : 33]

والداعي له من الأجر مثلُ أجورِ مَن اتَّبعوه مِنْ غير أن يَنقص من أجورهم

 شيءٌ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «مَنْ دعا إلى هُدىً كان له من الأجرِ مِثْلُ أجور مَنْ تَبِعَهُ، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً». [مسلم] ، وقال : «فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ» [البخاري ومسلم]

فعندما يمتلئ قلبُ الشاب ذكراً لله تعالى وصلةً بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم و يسمعُ فضائلَ الدعوةِ وثوابَها وتترسّخُ في ذهنه، وتتعمّق في نفسه، ينطلق داعياً إلى الله تعالى .

3-  التّهيئة العلمية : بتزويد الشاب بالمراجع العلمية والفكرية التي يحتاجها في عمل الدعوة، وببيان الأصول المتَّبعة في تبليغ الدعوة: وهي: (العلم والرفق

والتدرج والصبر) فلا دعوة إلى الله تعالى بجهل ولا بعنف ولا بتسرع ولا بجزع.

ومَثَلُ الداعية مَثلُ الطبيب، يبذلُ جهدَه في تعلُّم علم الطبّ، ثمّ يترفّق بالمريض ويتدرّج في سقيه الأدوية، ثم يصبر سائلاً الله تعالى له الشفاء والعافية.

4-  التّهيئة العملية: بأنْ نسلك به على يد مرشدٍ يدرّبه ويعلّمه أساليبَ الدعوة وفنونها، ويهيّئ له صحبةً مع مجموعةِ دعاةٍ مخلصين عاملين، يشاركُهم في

 جِلْساتِهم وبرامجهم الدعوية من خُطبٍ أو كلماتٍ أو تربيةٍ أو نشاطاتٍ، أو

لقاءاتٍ مع أشخاصٍ مهمين أو غير ذلك، ويطلعه على الأعمال الدعوية المحلية والعالمية، ويعرفه على إخوانه من الدعاة المبتدئين والمتقدمين، ويتدارس معه أعمالهم للاستفادة من خبراتهم. 

وبعد هذه التهيئاتِ الأربع (النفسية والإيمانية والعلمية والعملية) وعند التأكُّدِ من بدءِ أهليةِ الشاب تُنفَخ فيه روحُ الثقةِ بالنفس والتوكلِ على الله تعالى، ومِن ثم ندفعه إلى العمل الدعوي؛ كأن يلقيَ كلمةً أمام جمعٍ، أو أن نطلبَ منه أن يدعوَ إنساناً ما إلى الله تعالى، أو نحو ذلك .

وبعد أن يُمارسَ الشاب أيَّ عملٍ من هذه الأعمال يعودُ إلى المشرف عليه، 

ويُقوِّما معاً العملَ والنتائج، ويدرسا سلبياتِه وإيجابياتِه من أجل المرات الأخرى.

 

أيها الإخوة، أيها الشاب، أيتها الفتاة:

السعادة كل السعادة أن يكونَ أحدُكم دليلاً على الخير داعياً إلى الله ناذراً نفسَه لخدمة دينه . والخيرُ كلّ الخيرِ لك ولنا ولأمّتك أن تصير داعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً .

يا شبابنا، يا فتياتنا ، نحن محتاجون إليكم.!

 ورحم الله الشاعر الإسلامي وليد الأعظمي عندما ناداكم:

شبابَ الجيلِ للإسلام عودوا

وأنتــــم سرُّ نهضتِه قديماً

شبابَ الجيل لي مَعَكم حــــديثٌ

عليكم بالعـقــيدة فهي درعٌ

ولستُ أرى السعادة جمعَ مالٍ

حذارِ حـــذارِ من كلّ اختـــلافٍ

أفيقوا من سباتِ الجهل وامضوا

ودربُ الصـــــاعدين كما علمتم

شبـــابَ الجـــيل يا أمــــلاً تغنّـي

فأنتم خيرُ من يســـعى لمجـــدٍ

 

فأنتم روحُـهُ وبكم يسودُ

وأنتم فجرُه الزاهي الجديدُ

عليه ينطـــــوي القلب العميدُ

نصــون به كرامتَنا حَديدُ

ولكنّ التقيَّ هو السعيدُ

به الشّحناء والبَغـــضا تعـودُ

على سَنَنِ الرشاد ولا تحيدوا

به الأشواك تكثُرُ لا الــورودُ

به الأيّـــام نشـــوى تسـتعــيد

فأحيُـــوا مجدَ أمّــــتنا وشيدوا

 

 

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ» [البخاري ومسلم].

 

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1606
تحميل ملفات
فيديو مصور