الجمعة 10 شوال 1445 - 19 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2016-05-31 الساعة 11:23:08
تربية أبناء الثالثة والرابعة والخامسة عشرة - 4 -
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

عنوان خطبة اليوم: تربية أبناء الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة (4)

وهي سنوات البلوغ وبدء التكليف الشرعي وبداية المراهقة، وسبق الاتفاق على أن المراهقة مغنم لا مغرم وعلى أن البلوغ قوة لا هُوَّة. وتتحدث خطبة اليوم عن ما يمكن غرسه تربوياً في أبناء هذه المرحلة:

 أقول – والله أعلم – أهم ما يمكن غرسه تربوياً في أبناء هذه المرحلة الرسائل الإيجابية أو قل التحفيز أو قل التشجيع أو قل التعزيز الإيجابي.

أيها الإخوة:

يتحدث الإعلاميون عن نظرية يسمونها (نظرية الغرس)، وربما عبروا عنها تعبيراً لافتاً فسموها (الإبرة تحت الجلد)، يقولون في نظرية الغرس أو الإبرة تحت الجلد: إذا أردت أن تجعل امرءاً يقتنع بأمر ما؛ فما عليك إلا أن تكرر هذا الأمر في رسالتك الإعلامية عدداً من المرات في كل يوم عدداً من الأيام أو الأشهر، وبعد حين سيقتنع المرء بذلك الأمر ويسلك سلوكاً مدفوعاً من تلك القناعة، وهذا واحد من نتائج التعرض التراكمي لوسائل الإعلام.

في التربية من المؤكد لدى التربويين ودارسي علم النفس أن الابن يتأثر

بالرسائل التي يتلقاها من والديه أو من مدرسيه أو من غيرهم وتعطيه انطباعاً

عن نفسه وتوجه سلوكياته،  فعندما يقول الأب لابنه أو ابنته: سوف تصبح قائداً، أو أرى بين عينيك نور الفهم، أو أنا واثق بك وأستطيع الاعتماد عليك ، أو

أنتِ ذكية وحيية ، أو أنتِ حافظة كتاب الله، أو أنتِ نظيفة وأديبة.

كل هذه الرسائل المتكررة ترسخ قناعة الابن بنفسه وتعطيه انطباعاً عنها وتوجه سلوكياته نحو هذه القناعة.

وإن مما يؤسف أن نجد أسرة تصنِّف أبناء الثالثة عشرة والرابعة عشرة

والخامسة عشرة تصنيفات سلبية فتعطيهم قناعات عن أنفسهم متدنية فيمارسون سلوكيات تتناسب مع هذه القناعات: أنتَ ابن عنيد كسول لا يمكن

الاعتماد عليك، أنتِ بنت مشاكسة، غبية، ثرثارة، مغضوبة – والعياذ بالله تعالى-.!

ويتكلم الدكتور ياسر نصر مدرس الامراض النفسية والاستشاري التربوي في

 كتابه : (كيف تصنع طفلاً مميزاً) عن دراسة بيّنت أننا نتلقى ما بين خمسين ألفاً ومائة وخمسين ألفاً من الرسائل السلبية خلال الثماني عشرة سنة الأولى من حياتنا مقابل أربعمائة إلى ستمائة رسالة إيجابية.!

أيها الإخوة الكرام :

 يعنيني كثيراً في خطبة اليوم أن أحدثكم عن خطورة وأهمية الرسائل التي

نرسلها لأبنائنا في مراحلهم العمرية كافة وفي هذه المرحلة خاصة، وأن أزودكم

بكمٍ مقبولٍ من الرسائل الإيجابية لتحملوها إلى أبنائكم وتنثروها أمامهم مرات ومرات لأن الابن سيسعى جاهداً ليكون هذا الذي تصفونه به وتتحدثون عنه.

تروي كتب السير أن سيدنا معاوية كان صبياً يمشي مع أمه هند فمر بهما رجل

فنظر إلى الصبي فقال: " إني لأرى غلاماً إن عاش ليسودن قومه "، فقالت هند : قومه فقط . ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة .

ومرت الأيام وصار الصبي سيداً. إنها الرسائل الإيجابية والتحفيز والتشجيع والتعزيز الإيجابي.

وتذكر كتب التاريخ أن والدة السلطان محمد الفاتح صنعت لابنها مجسماً خشبياً

لمدينة القسطنطينية وسورها لينظر إليه كل صباح ومساء وكانت تناديه فاتح القسطنطينية، وذكروا مرة أن محمد الفاتح كان يتدرب على الفروسية صغيراً فسقط من على الفرس فجاء أمه يبكي، فمسحت دمعه وقالت أتبكي وأنت فاتح

القسطنطينية عد إلى تدريبك، وتمر الأيام ويفتح محمد الفاتح القسطنطينية التي استعصت على السلاطين قبله، إنها الرسائل الإيجابية والتحفيز والتشجيع والتعزيز

الإيجابي.

ويحدثني أخ فاضل هو الآن أستاذ جامعي في كليات الإعلام والشريعة أنه في سن الخامسة عشرة أحب أستاذاً مربياً، فطلب إليه الأستاذ مرة أن يقرأ عليه آيات

من سورة الأنبياء، فقال الفتى إنه لا يحفظها، فقال الأستاذ المربي: ماكنت أعتقد

أن مثلك لا يحفظ القرآن الكريم كاملاً. يقول لي الأستاذ الجامعي، لما سمعت كلمته هذه استنهضتني لحفظ القرآن فحفظته خلال عام، إنها الرسائل الإيجابية والتحفيز والتشجيع والتعزيز الإيجابي.

وبيننا شاب يحدثه أبوه من صغره أنه يريده شيخاً طبيباً ويكرر عليه مقالته، فيقرر الشاب أن يكون ذلك الشيخ الطبيب، تخرج اليوم في كلية الطب، وأنهى

 بالأمس حفظ القرآن الكريم ويفكر كيف سيدرس في كليات الشريعة، إنها الرسائل الإيجابية والتحفيز والتشجيع والتعزيز الإيجابي.

وشاب آخر ينتظر منه والداه أن يكون إمام المسجد الأقصى فهو –وهو ابن الثامنة عشرة الآن- يعد العدة لذلك على ما أخبرني هو بنفسه. إنها الرسائل الإيجابية والتحفيز والتشجيع والتعزيز الإيجابي.

ترى، هل استطعت أن أوصل إليكم –أيها الإخوة- خطورة  الرسائل الإيجابية

والتحفيز في تربية الأبناء عامة وأبناء الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة. أرجو ذلك.

أما تقديمي لكم كماً مقبولاً من الرسائل الإيجابية والتحفيز لتحملوها إلى أبنائكم وتنثروها أمامهم

فخير من يعلمنا إياها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عندما يرسل لصحابته الكرام الذين تربوا على يديه عشرات بل مئات الرسائل الإيجابية مرات ومرات، فصار القوم خير القرون وخير الأمم علماء فقهاء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء.

اقرؤوا في كتب الحديث في أبواب الفضائل والمناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتتعلموا فن التحفيز والتشجيع وإرسال الرسائل الإيجابية.

 وأبواب المناقب هي أبواب تجمع الأحاديث التي أثنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأشخاص أو الأزمنة أو الأمكنة ، ويعنيني هنا الأحاديث التي امتدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام أفرادا وجماعات.

ولئن كنت في كل خطبة أعرض عليكم كتاباً في التربية فها أنا أعرض عليكم اليوم كتاباً في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه: (جامع الترمذي) ومشهور بسنن الترمذي، أقرأ لكم منه بعضاً مما جاء في أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتعلم منه صلوات ربي وسلامي عليه التشجيع والتحفيز والرسائل الإيجابية:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلاَلِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ».

قال رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله تعالى جعل الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ»

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لكلِّ نبي رفيق، ورفيقي يعني في الجنة عثمانُ»

عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «لَمَّا آخَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

 بين أصحابه، جاءه عليٌّ تَدْمَعُ عيناه، فقال له: يا رسولَ الله آخيتَ بين أصحابِك

 ولم تُؤَاخ بيني وبين أحد، قال: فسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول له: «أنت أخي في الدنيا والآخرة»

عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» .

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْجَنَّةَ تَشْتَاقُ إِلَى ثَلاَثَةٍ: عَلِيٍّ، وَعَمَّارٍ، وَسَلْمَانَ».

أيها الإخوة:

لفتني في تاريخ المسلمين أنهم يهتمون بأسماء أبنائهم وكناهم وألقابهم، فتجد الواحد منهم يسمي ابنه ويكنيه ويجعل له لقباً، فمثلاً اسمه عبد الرحمن ولقبه شمس الدين وكنيته أبو المجد ، والثلاثة -أعني الاسم والكنية واللقب- تحمل

رسائل إيجابية وتعزيزاً. وقد جمعت لكم من كتاب البداية والنهاية لابن كثير في

التاريخ مجموعة من كلمات التحفيز ورسائل التشجيع في الأسماء والألقاب والكنى لعلكم تستخدمونها مع أبنائكم:

أنيس الملوك، أبو المعالي، أبو السعادات، زين الأمراء، المبارك، ست الشام، أبو

البركات، محيي الدين، ناصر السنة، زين الدين، سيف الدين، الأشرف، أبو

 الفتح، أبو الفتوح، العادل، ركن الدين، أسد الدين، رضي الدين، قطب الدين، تاج

الدين، شهاب الدين، قاضي القضاة، بدر الدين، نجم الدين، نور الدين، ضياء

الحق، أبرار الحق، غياث الدين، ابن المجد، الإمام، علاء الدين، ضياء الدين، بهاء

الدين، شيخ الديار، أمة الرحمن، البسام، الكمال، الناصح، الناصر، فخر الدين،

شمس الدين، جمال الدين، زين العابدين، الراكع، السجاد، العابد، أبو الأزهر،

مؤيد الدين، نصر الدين، تقي الدين، علم الدين، أمة اللطيف، أبو الفضائل، أبو المفاخر، ست الوزراء، ست النعم.

أخيرا أيها الإخوة:

أم

أتقدم إليكم بهذه النصائح في ختام خطبة الرسائل الإيجابية:

1-  ما استطعتم أرسلوا لأبنائكم رسائل تحفيز وتشجيع واحذروا الرسائل السلبية المثبطة.

2-  اشكر لابنك كل عمل خيّر، وأثن عليه لكل جهد مبرور يبذله والأحسن أن يكون ثناؤك أمام الناس.

3-  امتدح كل متغير جديد للأفضل عن ابنك.

4-  أجعل ثناءك وشكرك ورسالتك كلمةً حيناً وضمةً إلى صدرك حيناً وتربيتاً على الكتف حيناً وافتخاراً بهام الناس حيناً آخر وهديةً حيناً خامساً.

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسؤْولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإمامُ رَاعٍ، ومَسْؤولٌ عَن رَعِيَّتِهِ، والرجلُ رَاعٍ في أهله، وهو مَسؤولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمرأَةُ في بَيْتِ زَوجِها رَاعيةٌ، وهي مَسؤولَةٌ عن رَعيَّتِها،...والرجلُ في مالِ أبيهِ راعٍ، ومَسْؤولٌ عن رعيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وكُلُّكُم مَسؤولٌ عن رعيَّتِهِ» البخاري ومسلم.

 

والحمد لله رب العالمين

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1475
تحميل ملفات
فيديو مصور

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *