الخميس 16 شوال 1445 - 25 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2015-09-21 الساعة 10:00:00
فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة
الشيخ بلال سلمان
الحَمدُ للهِ ثُمَّ الحَمدُ لله، الحَمدُ للهِ الذِي هَدَانَا لِهَذَا، وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولا أَنْ هَدَانَا الله، وَمَا تَوفِيقِي إِلا بِالله، وَمَا تَوَكُّلِي وَلا اعتِمَادِيَ إلا عَلَى الله، وَأَشهَدُ أَن لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَه، وَأَشهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً عَبدُهُ وَرَسُولُه، وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُه، خَيرُ نَبِيٍّ اجتَبَاهُ وَرَحمَةً للعَالَمِينَ أَرسَلَه.

اللهُمَّ صَلِّ وَسَلِّم وَبَارِك عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِين، وَمَنْ تَبِعَهُم بِإِحَسَانٍ إِلى يَومِ الدِّين.

إِنَّ مَوَاسِمَ الخَيرَاتِ وَالبَرَكَات، وَأَسوَاقَ الحَسَنَاتِ وَالدَّرَجَات، لا تَزَالُ تَترَى تَتَوَالَى عَلَى هَذِهِ الأُمَّةِ الْمَرحُومَةِ في الحَيَاةِ وَبَعدَ الْمَمَات، فَإِنَّهَا لا تَخرُجُ مِن مَوسِمٍ إِلا وَتَستَقبِلُ مَوسِمَاً آخَر، وَلا تَفرُغُ مِن عِبَادَةٍ إِلا وَتَنتَظِرُهَا أُخرَى، فَهَا هُوَ عَشرُ ذِي الحِجَّةِ قَد أَقبَلَ عَلَينَا، بِخَيرَاتِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَفَضَائِلِه، فَأَعظَمُ الزَّمَنِ بَرَكَةً هَذَا العَشر؛ إِذْ لَهُ مَكَانَةٌ عَظِيمَةٌ عِندَ الله تَعَالَى، تَدُلُّ عَلَى مَحَبَّتِهِ وَتَعظِيمِهِ لَهَا، فَهِيَ عَشرٌ مُبَارَكَاتٌ كَرِيمَات، كَثِيرَةُ الحَسَنَاتِ قَلِيلَةُ السَّيِئَات، عَالِيَةُ الدَّرَجَاتِ مُتَنَوِّعَةُ الطَّاعَات.

فَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ تَعَالَى أَقسَمَ بِهَا فَقَال: )وَالفَجرِ وَلَيالٍ عَشْر(، وَلا يُقسِمُ اللهُ تَعَالَى إِلا بِعَظِيم، وَلَم يُقِسم رَبُّنَا فِي القُرآنِ إِلا بِأَعظَمِ الأَزمِنَةِ وَأَعظَمِ الأَمكِنَة، فَاللهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُقسِمَ بِمَن شَاءَ مِن خَلقِه، وَلَكِن لا يَجوزُ لِأَحَدٍ أَن يُقسِمَ إِلا بِاللهِ سُبحَانَه، فَالقَسَمُ بِهذِهِ الأَيَّامِ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَتِهَا وَرِفعَةِ مَكَانَتِهَا وَتَعظِيمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَهَا.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَرَنَهَا بِأَفضَلِ الأَوقَات، فَقَالَ اللهُ سُبحَانَه: )وَالفَجرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْر(، وَكُلٌ مِن هَذِهِ الأَوقَاتِ لَها فَضَائِلُ عَظِيمَةُ القَدرِ جَلِيلَةُ الفَضل، فَلَقَد اختَارَ اللهُ الزَّمَان، فَأَحَبُّ الزَّمَانِ إِلَى اللهِ الأَشهُرُ الحُرُم، وَأَحَبُّ الأَشهُرِ الحُرُمِ إِلَى اللهِ ذُو الحِجَّة، وَأَحَبُّ ذِي الحِجَّةِ إِلَى اللهِ العَشرُ الأَوَّلُ مِنه، فَهُوَ أَفضَلُ أَيَّامِ السَّنَة، لِقَولِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَان، وَأَعظَمُهَا حُرمَةً ذُو الحِجَّة))، وَقَالَ مُجَاهِدٌ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: (مَا مِن عَمَلٍ فِي أَيَّامِ السَّنَةِ أَفضَلُ مِنهُ فِي العَشرِ مِن ذِي الحِجَّة)، وَهِيَ العَشرُ التِي أَتَمَّهَا اللهُ لِسَيِّدِنَا مُوسَى عَلَيهِ السَّلام.

ومِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ تعالى أَكمَلَ فِيهَا الدِّين؛ فَلَقَد حَسَدَنَا اليَهُودُ عَلَى هَذَا الكَمَال، فَقَالَ حَبرٌ مِن أَحبَارِ اليَهُودِ لِسَيِّدِنَا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: آيَةٌ فِي كِتَابِكُم لَو نَزلَتْ عَلَينَا مَعشَرَ اليَهُودِ لاتَّخَذنَا ذَلِكَ اليَومَ الذِي نَزَلَتْ فِيهِ عِيدَاً: )اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسلاَمَ دِينَاً(، فَقَالَ سَيِّدُنَا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: (إِنِّي أَعلَمُ أَيَّ يَومٍ نَزَلَت هَذِهِ الآيَة، نَزَلَتْ يَومَ عَرفَةَ فِي يَومِ جُمُعَة) وَكَمَالُ الدِّينِ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الأُمَّة.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ اللهَ تَعَالى أَتَمَّ فِيهَا النِّعمَة بِأَنوَاعِ الطَّاعَاتِ القَولِيَّةِ وَالفِعلِيَّةِ وَالتَّعَامُلِيَّة، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ أَنَّ اللهَ فَتَحَ قُلُوبَ العِبَادِ لِلإِسلَام، فَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللهِ أَفوَاجَاً، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ مَنعُ الكُفَّارِ مِن دُخُولِ الحَرم، وَاختِصَاصُ الْمُسلِمِينَ بِذَلِكَ إِلَى يَومِ القِيَامَة، وَمِن تَمَامِ النِّعمَةِ مُضَاعَفَةُ الأُجُورِ وَالحَسَنَاتِ فِي هَذَا العَشر.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّ كَثِيرَاً مِن العِبَادَاتِ تَجتَمِعُ فِيهَا وَلا تَجتَمِعُ فِي غَيرِهَا، فَفِيهَا دُعَاءٌ وَاستِغفَار، وَصَلَوَاتٌ وَصَدَقَات، وَصَومٌ وَحَجّ، وَذِكرٌ وَتَلبِيَة، فَاجتِمَاعُ هَذِهِ العِبَادَاتِ شَرَفٌ عَظِيمٌ لِهَذَا العَشرِ الْمُبَارَك.

وَمِن فَضَائِلِ هَذِهِ الأَيَّام: أَنَّهَا أَفضَلُ أَيَّامِ الدُّنيَا عَلَى الإِطلَاق، دَقَائِقُهَا وَسَاعَاتُهَا وَأَيَّامُهَا وَأُسبُوعُهَا، فَهِي أَحَبُّ الأَيَّامِ إِلَى الله، وَالعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى الله، لِأَنَّهَا مَوسِمٌ لِلرِّبحِ وَالفَوز، وَهِيَ طَرِيقٌ لِلنَّجَاةِ وَالفَلَاح، وَهِيَ مَيدَانُ السَّبقِ إِلَى الخَيرَات، لِقَولِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ((مَا مِن أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِن هَذِهِ الأَيَّام)) يَعنِي أَيَّامَ عَشرِ ذِي الحِجَّة، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله؟ قال: ((وَلا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ الله، إِلا رَجُلٌ خَرجَ بِنَفسِهِ وَمَالِه، فَلَم يَرجِعْ مِن ذَلِكَ بِشَيء)) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ العَمَلَ فِي أَيَّامِ العَشرِ أَفضَل مِنَ الجِهَادِ بِالنَّفسِ وَالْمَال، وَأَفضَلُ مِنَ الجِهَادِ بِهِمَا، وَالعَودَةِ بِهِمَا أَو بِأَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُ لا يَفضُلُ العَمَلُ فِيهَا إِلا مَن خَرَجَ بِنَفسِهِ وَمَالِه وَلَم يَرجِعْ لا بَالنَّفسِ وَلا بِالْمَال. وَقَد رُوِيَ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّهُ قَال: (كَانَ يُقَالُ فِي أَيَّامِ العَشر: كُلُّ يَومٍ بِأَلفِ يَوم، وَيَومُ عَرَفَةَ بِعَشرَةِ آلافِ يَوم) يَعنِي فِي الفَضل. ورُوِيَ عَن الإِمَامِ الأَوزَاعِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: (بَلَغَنِي أَنَّ العَمَلَ فِي يَومٍ مِن أَيَّامِ العَشرِ كَقَدرِ غَزوَةٍ في سَبِيلِ الله، يُصَامُ نَهَارُهَا وَيُحرَسُ لَيلُهَا، إِلا أَنْ يَختَصَّ امرُؤٌ بِالشَّهَادَة).

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1229
1  2  3  
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *