السبت 11 شوال 1445 - 20 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2015-09-07 الساعة 14:00:00
أزواجـــاً لتـــســكنوا إلــــيـــها
الشيخ أحمد اللوجي

الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه ونثني عليه الخير كله، نَشكره ولا نَكفره، ونَخلع مَن يكفره، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك يا رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، قال تعالى: ]وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين[ [الأنبياء: 107] اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد فيا عباد الله، أوصيكم ونفسي المخطئة بتقوى الله عز وجل، وأحثكم على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير.

أيها السادة: ما زلنا مع حضراتكم في رحاب سورة الروم، وآيات الحق في هذا الخلق البديع، واليوم -أيها الإخوة- مع بعض آيات مِن آياته سبحانه، فيقول: )وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون( [الروم: 21] صنع الله عز وجل بالرابط العظيم والميثاق الغليظ الذي أخذه الله عز وجل عهداً على بني آدم حينما يَعقد على فتاة، فيقول سبحانه: )وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا( [النساء: 21] ورابطاً قوياً، هذا الرابط القوي وهذا الميثاق الغليظ هذا العقد المبرم ما بين ولي الفتاة وما بين الزوج باركه الله عز وجل في عليائه وقدسه، وباركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبمجرد الإيجاب والقبول بين الزوج وبين ولي الفتاة صَار هذا عقداً مباركاً مُقدساً، أحل الحرام وحرم الحلال، والنَّبي عليه الصلاة والسلام يقول: ((فإنما أخذتموهن بأمانة  الله، واستحللتم فروجهنّ بكلمة الله)) [أخرجه الدارمي] هذا الرابط الوثيق والميثاق الغليظ، والإيجاب والقبول هو الذي يبني أسرة صالحة في المجتمع، تنبض صلاحاً وتقتل فساداً.

نعم -إخوة الإيمان- إنه بلا أسرة جديدة تمثل جيلاً إيمانياً جديداً، لا ينتج -هذا الجيل- لا ينتج عن مخادعة ولا مصادقة ولا زمالة مقيتة، فيما بين فتاة وشاب لجآ إلى طريق رخيص، آل فيهم المآل إلى ما لا يحمد عقباه، أبداً، إنما هذا الجيل وتلك الأسرة نشأت بالحلال، عندما يأتي الرجل إلى البيوت من أبوابها، ويَطرق الأبواب ويَطلب تلك الفتاة، ومعه خيرة القوم، دون حياء ولا خجل، ولا سير في الأماكن المظلمة، إنما يأتي في وضح النهار، ويطلب العفة والحلال الطيب المبارك الذي فطر الله الناس عليه، وهذه فطرة الله سبحانه وتعالى.

هذا العقد -أيها الإخوة- الذي ينتج منه جيلٌ إيماني جديد مؤمن تقي، يخاف الله تعالى، ويقيم شعيرته في الأرض؛ إنما نتج من طريق حلال، إنما نتج من نكاح ولم ينتج من سفاح، حيث طهرنا الله عز وجل من عيبة الجاهلية، فتكون الزوجة سكناً لزوجها، والرجل في الحقيقة -معاشر السادة- يحتاج إلى سكنين: سكن يأوي فيه وهو بيته، قال ربنا: )وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا( [النحل: 80]، كما أنه يحتاج إلى سكن يأوي إليه وهو زوجه، كما أوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم المؤمنين خديجة، لما نزل عليه الوحي، فأتى إليها مسرعاً، فقالت: (إن الله لا يخزيك) اعتبر أهل العلم هذا الموقف سَكن الرجل لامرأته، حينما تشاطره أتعاب الحياة وآلامها وآمالها، وتشاطره ما يُكابده في هذه الحياة الدنيا، فيأتي إليها ويركن إليها وتركن إليه، هذا هو السكن الذي جعله الله عز وجل آية من آياته، كما أن السماوات والأرض آية من آياته، وكما أن البحار وما فيها والجبال آية من آيات الله، كذلك السكن فيما بين الزوجين آية من آيات الله عز وجل، كيف لا وقد خلقت من الرجل، والله يقول: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا( [النساء: 1] وقال في سورة الأعراف: )هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا( [الأعراف: 189].

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1266
1  2  
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *