الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2018-07-03 الساعة 09:59:05
الأخلاق جزء من الإيمان
فضيلة الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 15 من شــــــوال 1439 هـ - 29 من حــــزيــــران 2018 م.

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه وهدى ورحمة للعالمين أرسله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير.

فضمن المنهج العام لخطب الجمعة كنا نتكلم -أيها الإخوة المؤمنون- قبل مجيء هذا الضيف الكريم
شهر رمضان المبارك كنا نتكلم عن موضوع الأخلاق، ونلخص الأفكار فيما يلي:

أولاً: جعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مِن أسباب بِعثته للناس أن يتمم مكارم الأخلاق، فيجب علينا أن نتذكر دائماً أن مِن الأسباب التي أُرسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتمم صالح الأخلاق ومكارم الأخلاق، وهو أمر وجيه، فكر فيه ملياً، رسول الله يقول: ((إنما بعثت لأتمم))، يعني ما هي أسباب بعثته؟ لماذا أَرسلك الله إلينا يا رسول الله؟ قال: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)).

ثانياً: أنَّ الأخلاق جُزء مِن الإيمان في ديننا، بقوله صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة: أعلاها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق))، طيب انتشر بين الناس أنَّ الإيمان مَوضوع اعتقادي، يقول شخص مثلاً: هذا إنسان مؤمن، يُؤمن بوجود الله، وهذا إنسان غير مؤمن، لا يؤمن بوجود الله، يقول: لا إله والحياة مادة، الدنيا كلها أسباب ونتائج، لا إله والعياذ بالله،
فإذاً شاع بين الناس أن الإيمان موضوع اعتقادي فقط، جاء رسول الله لِيقول لنا: الأمر ليس هذا، الإيمان ليس موضوعاً اعتقادياً فقط، بل هو أمر سلوكي بأعمالنا وأفعالنا اليومية، الدليل: ((أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق))، إنسان وجد زجاجة في الطريق فأمسكها ووضعها في مكان بحيث لا تؤذ أحداً، أو وجد حجراً في نصف الشارع يمكن أن تمر سيارة مِن فوقه فيسبب هذا الحجر انقلاب السيارة، أوقف سيارته جانباً ونزل فأزال الحجر، وجد قِشرة موزة يمكن أن تكون سبباً في وقوع إنسان على الأرض فأزالها، وجد خبزاً يمكن أن يَدوس عليه الناس، وهذا لَيس فيه تَعظيم لِنعم الله، أمسك الخبز ووضعه جانباً.

وقلت لكم في خُطبة سابقة: أعرف رَجلاً وضع المسحاة في صندوق سيارته وأكياس قمامة سوداء، وهو معروف في دمشق ولا يزال حياً، فسأله بعض الإخوة: لماذا تضع المسحاة وأكياس قمامة معك
في السيارة؟ ما قِصتهم؟ قال: كُلما وَجدت قِطة مَيتة أو كلباً مَيتاً في شارع أُوقف السيارة على اليمين وأنزل أضع الكَمَّامة وبِواسطة المسحاة أضع الكلب الميت أو القِطة الميتة في الكِيس، وأحفر للميت وأدفنه! أرجو مِن الله أن يُدخلني الجنة ببركة هذا العمل، نحن نَرى هذا العمل صَغيراً لا يَستحق الجنة، ((دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها ولا تَركتها تأكل مِن خشاش الأرض))،
هذه صورة في الحديث النبوي الشريف كلكم يَحفظه، وصُورة مُقابلة: دخلت امرأة بَغي مِن بني إسرائيل، بَغِي ليس فقط معناه أنها تُمارس الفحشاء، بل تدعو إليها أيضاً، ما السبب بِدخولها الجنة؟ قال: وجدت كلباً يَلهث في مَفازة -في صحراء- فأخذت مُوقها فاستسقت له، وفي رواية: بنعلها، فسقته فغفر الله لها وأدخلها الجنة. أيضاً هذا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم صورة مقابلة صورة إماطة الأذى فعل سلوكي ليس له علاقة بالاعتقاد، جعله رسول الله جزءاً من الإيمان، لأن ((الإيمان بضع وسبعون شعبة))، يعني جزءاً، الإيمان مجزأ كم جزء؟ بِضع يعني مِن 3 إلى 9، بضع وسبعون شعبة، جزء وفرع، أحد فروعه إماطة الأذى عن الطريق، نهاية الحديث وختامه: ((والحياء شعبة من الإيمان))، الحياء أمر خُلُقي وأخلاقي، يقول رسول الله للسيدة عائشة رضي الله تعالى عنها لما جاءت صَديقة مِن صديقات السيدة خديجة وهي عَجوز كبيرة في السِّن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن مجلسه واستقبلها، ووضع لها رداءه وأجلسها وكرمها، وقال لها: كيف أنتم؟ ماذا صنعتم بعدنا؟ كيف أحوالكم؟ وسامرها وسايرها بالحديث، عجوز كبيرة في السن، لما ذهبت قالت السيدة عائشة: مَن هذه يا رسول الله؟ ما هذا الاهتمام الكبير العظيم بهذه المرأة؟ من هذه؟ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنها كانت تأتينا أيام خديجة))،
فإذاً رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمها مِن أجل السيدة خديجة، وفاء بالعهد الذي كان بينه وبين السيدة خديجة، ((إنها كانت تَأتينا أيام خديجة، يا عائشة إن حسن العهد من الإيمان))، لاحظ كلمة (مِن الإيمان)، طيب إنجاز العهد والوفاء بالوعد هذا أمر أخلاقي، ليس أمراً اعتقادياً، هو يَنبثق عن اعتقاد لكنه أمر سلوكي، ((إن حسن العهد من الإيمان))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا دين لمن لا أمانة له))، جَعل رسول الله الأمانة جُزءاً مِن الإيمان، لذلك حَدَّث بهذا الأمر إمام مِن أئمة المحدثين اسمه
الإمام البيهقي، تَسمعون فيه؟ تسمعون بكتابه سنن البيهقي؟ معظم أدلة الشافعية قالوا موجودة في
سنن البيهقي، ومعظم أدلة الحنفية موجودة في سنن أبي داود، فقال: جَمع هذه الأحاديث كلها والآيات التي تربط الإيمان بأمر آخر، فكتب بِكتابه "شُعب الإيمان" وهو ثلاثة مُجلدات: أن الإيمان هو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره إلى آخره، قال: الإيمان هو اعتقاد بالقلب يتبعه قول باللسان، لا يَصلح اعتقاد دون قول وعمل بالأركان والجوارح، وجمع هذه الأحاديث وألف كتاباً سَمَّاه "شُعب الإيمان"، أخذه مِن الحديث الشريف: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة))، فَسَمَّى الكتاب "شُعب الإيمان"، أقسام الإيمان أنواع الإيمان أجزاء الإيمان، وذكر فِيه هذه الآيات وهذه الأحاديث التي ربط بها بين الإيمان وشيء آخر، الآن إذا رَاجعت كتاب "شعب الإيمان" للإمام البيهقي تجد أنَّ مُعظم الكتاب أمور أخلاقية سلوكية: الأمانة، الوفاء بالوعد، إنجاز العهد، إتقان العمل، إكرام الجار، ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره))، ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه))، ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))، ربط الإيمان بِشيء آخر، كلها أمور سلوكية إخواننا، فألف هذا الكتاب "شعب الإيمان"، حتى تَعلموا لماذا أَطَلنَا وسَنُطِيل الحديث عن موضوع الأخلاق، شيء عظيم جداً جداً في ديننا الموضوع الأخلاقي.

ثالثاً: أن الموضوع لَيس موضوع "أيٌّ هكذا خُلقت"، و "عنزة ولو طارت"، والله أنا هكذا خَلقني الله،
وأنا لا أستطيع أن أتغير، مَن قال هذا الكلام فهذا انهزم قبل أن يَبدأ بالمعركة، نحن مَعركتنا أزلية قديمة بِقِدم خَلق سيدنا آدم، بين أبينا آدم وبين إبليس، عندما تَوَعَّد رب العزة، لا يتحداه أحد الخالق البارئ المصور سبحانه وتعالى قال: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾
]ص: 82[، أقسم بعزة الله أن يُغوينا، ونحن كل شيء يقوله لنا الشيطان نقول: يا مرحباً أهلاً وسهلاً، أفكار ضالة، سلوكيات منحرفة، ما يقوله لنا إبليس نمشي وراءه مباشرة، لا أتكلم عن الكل طبعاً، لكن أتكلم عن ظاهرة موجودة في المجتمع وفي الأمة العربية والإسلامية، عِداء مُستحكم، هناك معركة، إبليس لا يُريدك أن تكون أخلاقياً،
إبليس أكثر ما يُضايقه أن تكون إنساناً أخلاقياً مؤمناً أخلاقياً، لأنك ستكون قدوة، وهو لا يُريد القدوة، ستكون صالحاً فاعلاً في المجتمع، هو لا يُريدك أن تكون فاعلاً في المجتمع، يُريدك أن تكون مَيتاً كالحالة الآن، حال الأمة ميتة، ما يأمرها إبليس وأعوانه تُطيعه.

وأريد أن ألفت نظر حضراتكم إلى أمر هام، وهو أن موضوع المعركة بيننا وبين إبليس لَيس موضوعاً معنوياً بل موضوعاً حقيقياً، يعني إبليس يُحدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه يُرسل جيوشه -في الحديث الصحيح- عنده جيوش، فليس الموضوع معنوياً، يعني كل إنسان يُرسل له إبليس 2 أو 3 مِن جنوده، يُوسوسون له، يُعد لهم بَرنامجاً خاصاً، مناوبات كل 24 ساعة، هُناك شَيطان مُوكل عليك، والجن عندهم قدرات خارقة، مُمكن واحد مِنهم يجلس معك شهراً كاملاً مُناوباً دون أن يَنام، لأن الجن لا يَنامون، سيدنا الرسول يقول لست أنا الذي أقول، يُرسل جيوشه، فيأتيه فلان مِن الشياطين والأبالسة، يقول له: فعلت كذا وكذا، فيقول له: ما فعلت شيئاً، نَص حَديث الرسول صلى الله عليه وسلم: فيأتيه الآخر فيقول: فعلت كذا وكذا، يقول له: لم تفعل شيئاً، فيأتيه الثالث فيقول: ما تَركته حتى فَرَّقت بينه وبين زوجته، فيقول له: أنت أنت، يعني أنت البطل، قال: ويُكرمه، ما تركته حتى فَرَّقت بينه وبين زوجته، هذا يُفسر لنا بِبرنامج الفتاوى أو بِغيره 90% مِن أسئلة الناس عن الطلاق، يَغضب فيطلق زوجته فوراً، يقول الشرع له: عندك مليون كلمة في المعجم، قل المليون واترك كلمة الطلاق، لأن كلمة الطلاق تُوازي زوجتك، وقبلت لما تعقد العقد تقول لك: زَوَّجتك نفسي، بِحضور أبيها، أو أبوها يزوجها لك: زوجتك ابنتي، تقول: قَبِلت، هذه الكلمة بَنَت أسرة، ما الكلمة التي تهدم الأسرة؟ أنت طالق، فَهذه الكلمة لا نَقولها لأنها لم تُوضع للغضب، لم توضع لتقولها للتهديد بينك وبين زوجتك، لم توضع مِن أجل أن تُبرز رجولتك، بالعكس، كان الشيخ عبد الرزاق الحلبي رحمه الله تَعرفونه جميعاً، يقول: الإنسان الذي يَحلف بالطلاق إنسان جبان، قلنا له: لماذا جبان يا سيدنا؟ قال: هذا الرجل لم يستطع أن تُنفذ زوجته له ما يُريد، فحلف عليها بالطلاق، الرجل الحقيقي زوجته مِن الإشارة تَفهم عليه، من الكلمة تفهم عليه، كلامه صحيح رحمه الله، لم تردّ عليه زوجته حتى قال: عَلَيّ الطلاق كذا، ما هذا الرجل، قال: المفروض يَقول لها: الله يرضى عليك كذا، فتقول: أمرك، انتهى الموضوع، فإذاً الشاهد ما تركته -يقول إبليس- حتى فَرَّقت بينه وبين زوجته، يقول له: أنت أنت، قال: ويُقربه ويُعلي مَكانته.

أنتم تستغربون هذا الكلام: إبليس عنده جيوش، سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لك عنده جيوش مُوكلين، كما أنه هناك ملائكة مُوكلة فينا، هُناك جيوش مِن الشياطين مُوكلة فينا،
معركة أزلية من عهد سيدنا آدم إلى قيام الساعة، الذي يقول: أنا لا أستطيع أن أَتغير وأن أكون أخلاقياً هذا إنسان انهزم قبل أن يبدأ المعركة.

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شبه جزيرة العرب، بُعث في أمة أُمِّيَّة، بين كل مئة إنسان أو مئتي إنسان حتى تجد إنساناً يَقرأ ويَكتب، يغزو بعضها بعضاً مِن أجل الماء والكلأ،
حرب "داحس والغبراء" استمرت أربعين سنة مِن أجل امرأة ومن أجل بعير وناقة، أربعين سنة، ذهب ضحيتها أكثر من أربعين ألفاً مِن العرب من أجل ناقة ومن أجل امرأة، أُمَّة جَاهلية، عِندها مَكارم أخلاق، لا نشك عندهم وفاء، عندهم إنجاز بالعهد، عندهم كرم، عندهم نجدة، عندهم مروءة، عندهم أخلاق ما نشك، لأن سيدنا الرسول قال: ((لأتمم مكارم الأخلاق))، فكان عِندهم مَكارم أخلاق،
ما الذي صَنعه رسول الله في حُقبة صغيرة مِن الزمن؟ الذي صنعه رسول الله صَنع منهم أُمَّة قوية، بَلغت إلى أسوار الصين شرقاً، وإلى حدود فرنسا، وأنتم تَقرؤون في التاريخ مَعركة "بواتيه" في جبال "البيرينيه"، تبعد عن باريس 160 كم فقط، وإلى أواسط إفريقيا جنوباً، وإلى بلاد الأناضول شمالاً، ووصل جيوش التجار إلى إندونيسيا، لأن إندونيسيا وماليزيا والفلبين وتايلند وصل إليها الإسلام عن طريق التجار، يعني بأخلاق التجار، أكبر دولة إسلامية إندونيسيا، 300 مليون مُسلم، والله لم يدخل عليها سيف ولا جيش، فُتحت بأخلاق التجار، الشَّاهد أنه في حُقبة صغيرة كل هذا أُنجز، كيف تَغيروا؟ فكيف تقول:
لا أستطيع أن أتغير، صَنَع مِنهم قادة، مَن كان يعرف سيدنا عمر بن الخطاب وأبا بكر بن الصديق وسيدنا عثمان وسيدنا علياً، لولا سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحد كان يَعرفهم، بصحبتهم لرسول الله وبقربهم، لأنهم مِن آل بيت رسول الله كلهم أصبحوا أعلاماً كباراً، قادة علماء أجلاء كباراً، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، كيف صنعهم رسول الله؟ كيف غَيَّرهم؟ وأنت تقول: لا أستطيع أن أتغير، كلامك غير صحيح، عندك الإرادة، قوة إرادة، قوة عزيمة، أهم شيء عند أعدائنا أن يضعف في هذا الجيل إرادته، يقول شيئاً فلا يستطيع أن يلتزم به، يُعاهد عهداً فينقضه بعد أيام قليلة، لا يُوجد إرادة، لا يوجد همة، لذلك الرسول صلى الله عليه وسلم كل صباح وكل مساء -واجعلها في دعائك كل صباح- كان يقول: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل))، اليوم أصبح الأمة بها عجز وكسل، ولا يوجد علو همة، بل كسل ونوم وعدم تنظيم وقت وعشوائية، ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين ومن قهر الرجال)) قولوا آمين، اللهم إنا نعوذ بك من ذلك كله.

فإذاً الفكرة الثالثة الهامة التي بَقينا ندندن عليها طويلاً: التغيير: ﴿إِنَّ اللَّـهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾ ]الرعد: 11[، ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم﴾ ]الأنفال: 53[، التَّغيير بيدك، لا يمكن أن لا تكون أخلاقياً، يجب أن تكون أخلاقياً، والأمر بيدك، فأرني مَن أنت، هل أنت قوي أو ضعيف، هُناك حزبان في كتاب الله لا ثالث لهما، الله أعطانا عنوان هذين الحزبين: ﴿أُولَـئِكَ حِزْبُ اللَّـهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ]المجادلة: 22[، ﴿أُولَـئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ]المجادلة: 19[، أنت مع من؟ مع الله أم مع الشيطان؟ لا يوجد ثالث في القرآن، اثنان فقط، بَرهن لي، أعطني عنوانك، أَعطني الكود الخاص بك، أنت ماذا أريد أن أعرف؟ يجب أنت تَعرف أنت مَع مَن في هذه الدنيا، وكيف تمشي، وأي هدف رسمته في حياتك، وأي قَضية أنت تَعمل مِن أجلها، وأي غاية وضعتها مِن أجل نُصرة أمتك العربية والإسلامية، وعزتها ومجدها ورفعتها، الجواب عندك.

 

إنمــا لخَّــصــت مـــا تكــلمنــا عـنـــه –أيهـــا الإخـــوة- لنبدأ الحـديـث إن شــاء الله عــن ثمــرات وفوائد حسن الخلق في الخطبة القادمة، وقد أطلت عليكم فسامحوني.


اللهم إنا نسألك يا رب أن تجعلنا مِن عبادك الراشدين، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولوا الألباب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، استغفروا الله يَغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 936
تحميل ملفات
فيديو مصور