الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2018-05-31 الساعة 08:21:40
رمضان مدرسةٌ تدريبية
فضيلة الشيخ أحمد سامر القباني

التاريخ: 2 من رمـــــــضـــــان 1439 هـ - 18 من أيـــــــــار 2018 م.

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه وهدى ورحمة للعالمين أرسله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير.

فهذا الشهر العظيم الذي مَنَّ الله عز وجل به على هذه الأمة، قد بَلَّغَنَا الله إياه، وَصِرنا في جنباته، واليوم هو الثاني مِن رمضان ولله الحمد، الحمد لله أن بَلَّغنا رمضان، اللهم نَسألك أن تُعيننا فيه على الصيام والقيام، وأن تجعلنا فيه مِن عُتقائك مِن النيران.

ابن خزيمة في صحيحه أخرج حديثاً عن سيدنا سلمان الفارس رضي الله تعالى عنه، وقد ألف الشيخ الخراشي رسالة سماها "البرهان على تحسين حديث سلمان" (سلمان الفارسي)، فهو حديث حَسَن، وَكُلُّ قِطعة مِن هذا الحديث لها رِواية صحيحة في الصِّحاح، كل قطعة منه.

يقول سيدنا سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه: خَطَبَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: ((يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك)) ((أظلكم)) كما تُظلك الغمامة والشجرة، وأيضاً المظلة، يعني أصبح قريباً جداً منكم، لأن المظلة تكون قريبة مِن الإنسان،
((قد أظلكم))، وفيها معنى آخر جميل أنَّ رمضان بالنسبة لكم وقاية، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((الصوم جُنَّة)) أي وقاية، كما تَستظل أنت بِشيء مِن حَرِّ الشمس، فتكون هذه الظُّلَّة بالنسبة لك وقاية، ورمضان كذلك، ((يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم مبارك))، فسيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عن شهر رمضان: ((عظيم مبارك))، يقول عليه الصلاة والسلام: ((فيه ليلة خير مِن ألف شهر))، هذه في القرآن، ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾
]القدر: 3[، ((فيه ليلة خير مِن ألف شهر، قد جعل الله صِيام يومه فريضة، وقيام ليله تطوعاً))، صلاة قيام رمضان سنة مؤكدة، لكن الصيام فرض، ((مَن تقرب فيه –أي: في رمضان- إلى الله -سبحانه وتعالى- بخصلة من الخير -أي: نوع مِن أنواع القربات والمبرات والخيرات والأعمال الصالحة أي نوع- مَن تقرب فيه إلى الله بخصلة مِن الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومَن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه))، لذلك يُخرج التُّجار زكاة أموالهم في شهر رمضان، لا لِيَقولوا قد زكينا عن سبعين سنة مُقدماً، لأن الزكاة فرض، ((ومَن أدى فَريضة فيه -في رمضان- كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه))، لَكن لكي يَأخذوا أجر سبعين سنة، يُخرجون زكاة أموالهم في رمضان، بالإضافة إلى أن الرِّزق فيه مُضاعف، وأن الأعمال الصَّالحة أجرها مُضاعف، بالإضافة إلى ذلك هي زكاة، فيقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه))، يقول عليه الصلاة والسلام في تتمة الحديث: ((وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وهو شهر المواساة))، نواسي الناس بأرزاقنا، فنتصدق وننفق، فهناك فقير ليس عنده إفطار، وليس عنده مؤونة، وهناك امرأة أرملة، وهناك أيتام، وهناك أبناء سبيل، وهناك مساكين، وهناك مِن أصناف الناس المحتاجين ما لا يُعد ولا يُحصى، رسول الله صلى الله عليه وسلم جَعل رمضان شهر المواساة، لكي نُواسيهم بما أعطانا الله إياه مِن أموالنا والنِّعم التي أكرمنا الله بها، قال: ((وهو شهر المواساة، وهو شهر يُزاد فيه في رِزق المؤمن))، لاحظ! ربنا عز وجل يَزيد في رزق الناس في شهر رمضان، لذلك سيدنا الرسول يقول لك عن شهر رمضان: ((شهر يُزاد فيه في رزق المؤمن))، فالذي كان يَصرف 100 ألف تجده في رمضان يَصرف 300 ألف، تسأله: كيف تصرف 300 ألف؟ قال: ربي رزقنا، الحمد لله، إذاً رمضان يقول عليه الصلاة والسلام: ((شهر يُزاد فيه في رزق المؤمن، مَن فَطَّر فيه صائماً كان له مثل أجره وكان عتقاً لرقبته مِن النار))، إذاً مَن فَطَّر صائماً في شهر رمضان كان مَغفرة لِذنوبه وعتقاً لِرقبته مِن النار، ((وكان له مِثل أجره مِن غير أن ينقص من أجره شيء))، هناك أناس جزاهم الله خَيراً يَذهبون إلى الجمعيات الخيرية يقولون: نريد مَشروع إفطار صائم، فَيَطهون ويُوزعون على البيوت طمعاً بهذه القطعة مِن الحديث، ((مَن فطر فيه صائماً كان مَغفرة لِذنوبه وعتقاً لِرقبته مِن النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء))، يقول عليه الصلاة والسلام: ((وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، استكثروا فيه مِن أربعة خصال: خصلتان ترضون بهما ربكم، وخصلتان لا غناء بكم عنهما، أما الخصلتان اللتان تُرضون بهما ربكم: فشهادة لا إله إلا الله وتستغفرونه))، فالإنسان المؤمن في رمضان يُكثر مِنَ الذِّكر، قال: ((وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألونه الجنة، وتَعوذون به مِن النار))، قال عليه الصلاة والسلام مُنبهاً لنا عن برنامج رمضان -أيها الإخوة- مِن أول الحديث إلى نهايته أنا رَويت هذا الحديث لأقول لكم: رسول الله أعطانا برنامج رمضان في هذا الحديث كاملاً:

أولاً: يجب أن نصوم، وهذا الصوم فريضة.

ثانياً: نصلي قيام رمضان التي نُسميها التراويح، نِسبة إلى الترويحة، والترويحة هي الاستراحة بين الركعات، فقالوا عنها صلاة التراويح، وهي صلاة قيام الليل، أو صلاة قيام رمضان، ولا مانع أن تقول التراويح نِسبة إلى الاستراحة بين الصلوات، لكن اسم قيام رمضان أجمل، نُصلي جزءً.

ثالثاً: نلتمس ليلة القدر، لأن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث ليلة القدر قال: ((فيه ليلة خير من ألف شهر))، نجتهد إذاً في العبادة.

رابعاً: نتصدق، لأن سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((هو شهر المواساة، مَن فطر فيه صائماً....))، تُنفق لأن سيدنا الرسول أخبرك في الحديث أنَّه ((شهر يُزاد فيه في رزق المؤمن))، إذا فعلت سنة من السنن كان لك أجر الفرائض، إذا فعلت في رمضان فَريضة كأنك أديت سَبعين فريضة في غير رمضان.

خامساً: تَذكر الله عز وجل: شَهادة لا إله إلا الله، وتستغفرونه، تُكثر مِن الذكر، تُكثر مِن الدعاء، ((الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: تسألونه الجنة، وتعوذون به من النار))، نكثر مِن الدعاء.

إذاً مجموعة مِن الأمور الرائعة جداً في هذا الحديث، تُعطينا ما يَنبغي على الإنسان المؤمن القيام به في شهر رمضان المبارك.

وأقول لكم أيها الإخوة: ما أعظم هذا الدين، وما أعظم تشريع هذا الدين، هذا الدين جاء لكي يُعيننا على أنفسنا، وتَصَوَّر لو لم يكن هذا الإنسان مؤمناً وعنده هذه التَّشريعات، والله مع تطور هذه الحياة المادية سييئس مِن حياته وينتحر، ففي أكثر البلدان تطوراً واقتصاداً يعني أكثرها اقتصاداً وهي الدول الاسكندنافية أعلى نسبة انتحارات في تلك الدول، بإحصاءاتهم وليس بإحصاءاتنا، في الدنمارك والنروج أعلى نسبة انتحارات، كلما كان دخل الفرد أكثر عندما لا يكون عنده إيمان وتشريع عظيم تَجد هذا الإنسان يمل الحياة، لذلك الحمد لله على نعمة الإسلام، وعلى نعمة الإيمان، وكفى بهما مِن نعمة، الإنسان المؤمن عنده أمران يتنازعانه في الحياة: الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، الشيطان لا تَعتقد أن موضوعه موضوع سهل، أنت لا تراه، هو دائماً موجود حولك، لكن قلنا: سُميت الجن جِنَّاً لأنها لا تُرى، عمليته الوسوسة، ونفسك الأمارة بالسوء والنفس الأمارة بالسوء تُحِبُّ المخالفات الشرعية والمعصية والإثم، فيتفق عليك أمران، على عقلك، على تفكيرك، على قلبك المؤمن، على استقامتك، يتفق عليك أمران: الشيطان والنفس الأمارة بالسوء، فيأتي مثل شهر رمضان، هذا التشريع العظيم الإلهي الإسلامي، يأتي شهر رمضان لكي يقول لك رب العزة والجلال عن طريق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ((إذا جاء شهر رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وأُغلقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين))، قُيِّدَت الشياطين بالأصفاد، ربنا عز وجل قال لك الآن أنا قَيَّدت لك واحداً مِن الاثنين اللذين يقومان بإغرائك لكي تترك الصراط المستقيم وتنحرف، بقي عليك نفسك الأمارة بالسوء، يَجب أن تَرتقي بها في شَهر رمضان المبارك.

ثم بعد ذلك في شهر رمضان المبارك تجد هذا الإنسان المؤمن: يَصوم النهار، يقوم الليل، يحفظ لسانه، يحفظ قلبه، يذكر الله، يقرأ القرآن، يصلي التراويح ختم، ويقرأ في البيت أقل شيء ختم، وبعض الشباب يختمون كل خمسة أيام ختمة، ويرون أن روحهم ترتقي، ويكون رمضان بالنسبة لهم دورة تدريبية، وهؤلاء الناس فعلاً استفادوا مِن مظاهر عظمة التشريع الإسلامي أنه في السَّنة يأتي شهر لكي تستعيد قوتك، تُغفر ذنوبك، ربنا عز وجل يُعيدك صفحة بيضاء مِن حيث الذنوب، تُمحى ذنوبك وتعود صفحة بيضاء، يُقوي إيمانك، يُعطيك جرعة مِن أجل بَقية السنة، كل سنة عندك هذه الدورة التدريبية، شهر، لكن الحقيقة أننا نجد كثيراً من الناس لا يستفيدون مِن هذه الدورة التدريبية، لا في صلتهم بالله سبحانه وتعالى، ولا في تعاملهم مع المخلوق، يعني البرنامج الذي أعطانا إياه سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم لا يتم تطبيقه، وبالتالي هذا الإنسان لم يَستفد مِن عظمة التشريع، لو فَكَّرت أنت: لماذا جعل الله هذا الشهر في العام لنصوم نهاره ونقوم ليله؟ فَكِّر فيها تَصلك حكمة التشريع مِن ذلك، وهذا الإنسان ربما يقول: يا أخي هو شهر صيام وإننا نصوم، وتراويح إننا نصليها ثمان ركعات، وانتهى الأمر، أبداً، رمضان دورة تدريبية أخلاقية، بالإضافة إلى موضوع الصلة بالله سبحانه وتعالى، فالمؤمن عنده شِقَّان هامان:

الشِّق الأول: صِلته بالله.

الشق الثاني: معاملته مع المخلوق.

فالدورة التدريبية الخاصة أو التي شِقها يتعلق بالموضوع الأخلاقي ما أكثر ما تكلمنا عنه قبل شهر رمضان، الموضوع الأخلاقي -إخواننا- وأنا أنقل لكم كذلكم هذه الأحاديث مِن أجل أن نَعلم أنها دورة تدريبية أخلاقية:

النسائي في سننه يَروي عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ((الصيام جُنَّة -أي ستر لك مِن النار- وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب))، الصَّخب الجِدال بلا طائل، والأخذ والرَّدّ، والمراء، والرفث هو الكلام بغير الطاعة، بالسباب أو الشتم أو الكلام الفاحش، وفي رواية البخاري: ((الصيام جُنَّة، فلا يرفث ولا يجهل))، لا يجهل: أي لا يتكلم بكلام الجاهلين، ((وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم، إني صائم))، إذاً الصيام دورة تدريبية لحفظ اللسان ولحفظ الجوارح ولحفظ السمع والبصر.

حديث النسائي أيضاً ورويته لكم في الأسبوع الماضي يقول فيه سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: ((الصوم جُنَّة مالم يَخرقها))، جُنَّة قلنا: يعني ستر مِن النار ما لم يخرق صاحبها هذه الجنة هذا الستر من النار، زاد الطبراني في الأوسط أن رسول الله سأله صَحابي أن الصَّوم وقاية لك مِن النار إلا إذا أنت خَرقت هذه الوقاية، دُولاب سباحة إذا خَرقته لا ينفعك، فقام واحد مِن الصحابة فقال: يا رسول الله، وبم يَخرقها -هذه الجنة، الستر من النار-؟ فقال عليه الصلاة والسلام: ((بِكَذب أو غِيبة)).

وأخرج البخاري عن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).

إذاً رمضان دورة أخلاقية، ليس فقط صلة بالله سبحانه وتعالى، إذا لم تترك الحلف بالله كاذباً وأنت تبيع السِّلع، إذا لم تترك الكذب في رمضان، إذا لم تترك السَّبَّ والشتام في رمضان، إذا لم تترك الغيبة والنميمة في رمضان، يَقول لك سيدنا الرَّسول لماذا تصوم: ((فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).

تكلمنا قبل رمضان كم يجب أن نُراقب ألستنا، الآن في رمضان جاءتك الفرصة المواتية، فرصة مواتية تماماً، أنت طوال النهار تقرأ القرآن، وتصلي مع الجماعة، وتذكر الله، الفرصة مواتية لتحفظ لسانك، وتُعَوِّد نفسك الصِّدق وعدم حلف الأيمان بالله صادقاً كنت أو غير صادق، وعدم الغيبة، وأن لا تَنُمَّ بين إنسان وآخر، وأن لا تشتم، فرصة مواتية.

الحديث الذي أرويه لحضراتكم خَطير، هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في سننه والنسائي وغيرهما، والحديث صحيح، يقول فيه عليه الصلاة والسلام: ((رُبَّ صائم ليس له مِن صيامه إلا الجوع،
ورب قائم في الليل ليس له مِن قيامه إلا التَّعب))،
هل تريد أن لا تَستفيد مِن صِيامك وأن لا تستفيد مِن قيامك إلا الجوع والتعب؟! مِن غير أجر وثواب، مِن غير أن تستفيد مِن هذه الدورة التدريبية؟! إذاً إذا أردت ذلك فَكل ما في الأمر أن لا تحفظ لسانك، وأن لا تُقيد نفسك بمكارم الأخلاق في شهر رمضان المبارك.

سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه كان يقول لمن حوله: (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك)، ثلاثة أشياء يجب أن تصوم معك: سمعك وبصرك ولسانك، وكان سلف هذه الأمة يُوصي بعضهم بعضاً فيقول بعضهم لبعض: (إذا صُمت فانظر على ماذا تُفطر وعند مَن تفطر)، إشارة إلى تَلَمُّس الحلال في شهر رمضان، لأن النَّاس يَكونون في تجاراتهم في القِمة في شهر رمضان، فيدخل الحرام في التجارات عبر الغش، وعدم إتقان العمل، أو التلاعب بالمواصفات، أو الحلف على شيء مِن البضائع كذباً، وما شابه ذلك، فيدخل الحرام، ثم بعد ذلك دعاك إنسان لِتفطر عنده انظر هل هو من الصالحين، هل رزقه حلالاً، إذاً اذهب وأفطر عنده، الأمر الأول: انظر على ماذا تُفطر، رزقك ما هو؟ والأمر الثاني: عند مِن تفطر، ((إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك))، ((مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)).

ماذا نُلاحظ بالمختصر وفي ختام الخطبة، نلاحظ أن رمضان جاء لأمرين: لِتقوية صلتنا بالله، لِكي نُحسن معاملتنا فيما بيننا، المخلوق مع المخلوق، أمران يمشيان بالتوازي: أن تُحسن في رمضان صلتك بالله، وأن لا تحسن صِلتك مع الخلق، أنت لم تَستفد مِن دورة رمضان، والعكس كذلك صحيح، والإنسان المؤمن يَستثمر هذه كما نُسميها المواسم: مواسم الخير، كم رمضان يأتي عليك في السنة، هذه الرواية عند النسائي ما أجملها وما أروعها، ((مَن صام رمضاناً إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه))، في البخاري ومسلم هذا الحديث، زاد النسائي: ((وما تأخر))، ((غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر))، للسنة القادمة اللهُ يَغفر له، ليس فقط صيام بالنهار، وبالليل ((مَن قام رمضان إيماناً -ليس فقط مَن صام رمضان- مَن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).

إذاً رمضان أتى لِيأخذ بأيدينا لِنُحسن صلتنا بالله، لِنُحسن تعاملنا مع الخلق، لِيَغفر لنا ذنوبنا، فكم أنعم الله علينا بشهر رمضان، فلنقدر لهذه النعمة قدرها.

أقول هذا القول، واستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 923
تحميل ملفات
فيديو مصور