السبت 11 شوال 1445 - 20 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-05-09 الساعة 15:20:30
الرفق في الدين
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 10 من رجب 1438 هـ - 7 من نيسان 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره, وأستفتح بالذي هو خير.

تحدثنا في الخطبة المنصرمة عن شهر رجب وعن حرمة الأشهر الحرم، وكيف أن هذه الأشهر الحرم يُضاعف فيها الأجر والثواب للطاعات كما يُضاعف فيها الإثم للمعاصي والمنهيات.

أما في الخطبة التي قبلها فما زلنا نُواصل الحديث -أيها الإخوة- عن الأركان والأسس والدعائم التي بني عليها هذا الدين، وهي: العلم: فأول كلمة نزلت في ديننا "اقرأ", والرحمة: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ([الأنبياء: 107], واليُسر: )يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ( [البقرة: 185]، ((إنَّ هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فيسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وسددوا وقاربوا))، ومِن هذه الدَّعائم والرَّكائز التي بُني عليها هذا الدين وهذا التَّشريع: الأخلاق: ((إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق)), وفي رواية: ((مَكارم الأخلاق)), ومِن الدعائم والأسس: التَّسامح: وأن هذا التشريع جاء مُوافقاً للفطرة السليمة للإنسان، ((بُعثت بالحنيفية السمحة)).

وما زلنا وإياكم نَتكلم عن اليُسر في الدين، فقال علماؤنا: (مِن مَظاهر اليُسر في هذا الدين: الرِّفق والعفو عمن أساء إليك، والعفو عمن كان لك عنده حق)، وعَنْوَنَ أصحاب كُتب الشمائل -وقلت لحضراتكم: إنَّ الشمائل جمع شميلة، والشميلة هي الخُلق والطبع للإنسان، والصفة اللازمة له، فشمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم معناها صفات رسول الله وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم- عَنون أصحاب كُتب الشمائل عُنواناً وهو: "رِفقُ النبي صلى الله عليه وسلم"، وعَرَّفوا الرِّفق بأنه: ]لِين الجانب والأخذ بالأيسر والعفو عن الإساءة[، ثلاثة أشياء, ماذا تعني كلمة الرِّفق؟ "لين الجانب": أن يَكون الإنسان مُتواضعاً، أن يَكون الإنسان لطيفاً ظريفاً, و "الأخذ بالأيسر": كما قالت السيدة عائشة: (مَا خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً), و "العفو عمن أساء إليك", هَكذا ترجم هؤلاء الكرام مِن العلماء الأفذاذ، هكذا ترجموا لهذا البحث: "رِفق النبي صلى الله عليه وسلم".

فإذاً الإنسان المؤمن إنسان لَطيف, إنسان ظَريف, إنسان مُيَسِّر, إنسان لا يُبادل الإساءة بالإساءة، بل يُبادل الإساءة بالإحسان, إنسان إذا أساء إليه شخص ما فإنه دائماً يَجعل نُصب عينيه أن قُدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه يجب أن يَتبع رسول الله بالعفو عمن أساء إليه.

أخرج الإمام مسلم في صحيحه، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا عائشة، إن الله رَفيق يُحب الرِّفق، ويُعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف))، وبضدها تتميز الأشياء، نَعرف معنى كلمة الرِّفق بعد شرحها بضدها أيضاً، نشرح ماهيتها وحقيقتها ثم تتبين تبيناً كاملاً بضدها، فعكس الرفق وضد الرفق العُنف، وديننا ليس دين العنف، عكس الرفق هو الغضب، فرسول الله يقول: ((إن الله رَفيق))، هل يُوجد أرحم مِن ربي سبحانه وتعالى بنا؟ أحد الصالحين يقول: [لو قال لي إنسان: أتريد أن يَحكم بك أباك وأمك أو نُحكم بك الله]؟ كم الأب والأم رحيمين بالطفل؟ إذا مَرض لا ينامون طوال الليل، ]أتريد أن نحكم بك أباك وأمك أو نحكم بك الله[؟ نترك أمرك إلى الله هو الذي يحكم بك؟ قال: ]والله لو قيل لي ذلك لاخترت أن يَحكم بي ربي، لأنه أرحم وأرأف بي مِن أبي وأمي[، هل يوجد أرحم من ربي؟ ((إن الله رفيق))، تنظر إلى البشرية في هذا الوجود فتجد سَبعة مِليارات إنسان، ثلاثة مليارات ونصف منهم لا يُؤمنون بوجود الله، وكذلك أشخاص آخرون مَليارات يجعلون معه شريكاً آخر، ويَرزقهم، إذا كان هُناك شخص يُنكر إحساناً أحسنته إليه لا تُسلم عليه أبداً في حياتك، كل هؤلاء المليارات يَرزقهم الله، يعافيهم الله في أبدانهم، يُمدهم بالقوة، هذا مِن رحمة الله، ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يُعطي على سواه))، هكذا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأخرج مسلم، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه))، جعله زَيناً، جعله جميلاً حسناً، ((وما نُزِعَ الرِّفق مِن شيء إلا شانه))، أي جعله مَعِيباً، الشين في اللغة هو العيب، وهذا الشيء حقيقة مَوجود، الإنسان الرحيم الحليم اللطيف يُغطي بحلمه ورفقه ولطفه أحياناً على كثير مِن الأشياء ربما السيئة الموجودة فيه، هو يعلم أن عنده سلبيات وعنده سيئات في أخلاقه، لكنه حليم رفيق، وبرفقه هذا يجعل صفاته كلها حسنة، وأحياناً يكون الإنسان عنده أخلاق فاضلة، وعنده من الصفات الجميلة الكثير، ولكنه سريع الغضب، عنيف إذا تعامل مع الناس مِن حوله، ليس برفيق ولا لطيف، فسبحان الله سرعة غضبه وتَعنيفه للآخرين يُغطي على كل صفاته الحسنة، تُصبح الناس تقول: انظروا إلى فلان كم هي أخلاقه سيئة، كم سمعتموها وسمعناها بآذاننا، هو الإنسان مَسكين، أخلاقه جيدة، لكن لأنه لم يكن رفيقاً لطيفاً في التعامل انعكست هذه الصفة على كل صفاته، مَن الذي يقول هذا الكلام؟ إنه مُوافق لما نَشعر به في الحياة اليومية، لأنه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول عليه الصلاة والسلام: ((وما نزع الرفق مِن شيء إلا شانه))، جعله أمراً شيناً مَعيباً.

وأخرج الإمام أحمد في مسنده، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها أيضاً، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً))، -هناك في الحديث السابق يتحدث عن الرفق بشكل عام، أن الرفق أحياناً يُغطي على عيوب، ويجعل صفات الإنسان حسنة عندما يكون لطيفاً مع الآخرين، وإذا كان الإنسان ذا أخلاق وعنده كثير من الصفات الحسنة، ولكن عنده سرعة غضب وعنف وتعنيف للآخرين، يُغطي هذا أيضاً، يُعيبه عند الناس، الآن حديث خاص- ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً))، الأسرة، العائلة، الزوج، الزوجة، الأولاد، أبوك، أمك، إخوتك، ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق))، أَدخل عليهم الرفق، فتجد الأم طويلة بال، الأب باله طويل، إذا حصل خَطأ في المنزل يُعالَج بطرق دبلوماسية جميلة، بغاية اللطف والحلم والأناة، دون صَخب، دون صراخ، الصراخ في المنزل ورفع الأصوات والتَّسرع والغضب والضَّرب أحياناً والشتم، كما نرى في بعض العائلات الملتزمة للأسف، هذا الأمر لا يأت بخير، هذا يُفكك العائلة، لا يُريد الله بهم خيراً... أدخل عليهم العنف في التعامل فيما بينهم، ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق))، اللطف واليسر ولين الجانب، وأن تكون المعالجة معالجة صحيحة، طبعاً هناك فرق كبير بين الحزم وبين العنف، وبين القسوة بين التوبيخ والشتم، الحزم شيء مطلوب من الوالد في الأسرة، من أجل أن تَسير هذه الأسرة بشكل صحيح، ولكن لا نُفسر الحزم بالقسوة والعنف، هذا خطأ، فرسول الله يُعلمنا: ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق))، فانظر إلى تعاملك في البيت، إذا أراد الله بك خيراً، ولو أخطأت الزوجة، بأخلاق فاضلة نَستطيع تقويمها، ابنك بتوجيه لطيف بالإقناع والحجة والحوار، لأن كثيراً مِن الناس يكتفون بالصراخ والتأنيب والتعنيف في منازلهم، يكتفون به عن الإقناع والحوار، وهذه طريقة سلبية في معالجة الأمور، أحياناً تَكون مُحقاً وأحياناً تكون أنت -أيها الأب أو أيها الابن- مُجانباً للصواب في المنزل، الطرف الثاني يجب أن يستمع، ربما كان الحق مع ابنك فيما يقوله أو فيما فعله، وربما أنت أيها الولد كان الصَّواب ما فعله أبوك وأنت المخطئ، فاستمع إلى رأيه، وحينئذ لا بد أن يكون هناك اتفاق حول وجهات النظر، لأن العقل السليم يَدعم الفكرة السليمة، فيكون هناك نتائج صحيحة، ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق))، ففي ديننا لا يُوجد شيء -أيها السادة- اسمه: [أيٌ هكذا خُلقتْ، وعنزة ولو طارت[, هذا يا أخي يَطير، هذا ليس اسمه عنزة! حَبيبي عنزة ولو طارت، هذا اسمه اعتداد بالرأي إلى درجة أعمى هذا الاعتداد بالرأي والتصلب في الموقف أعمى بَصر الإنسان حتى أصبح لا يرى الحقائق، فعبرت عنه العرب بقولها: ]أيٌ هكذا خُلِقَت[، لا يريد لا أن يرفعها ولا أن ينصبها ولا أن يجرها, أي: معربة تحتمل حركات الإعراب وأنت تريد أن تلزمها طريقة واحدة هذا لا يصح في العربية، ]أيٌ هكذا خُلقتْ، وعنزة ولو طارت[، يضربونه مثلاً للمتشبث بالرأي المعتد بنفسه اعتداداً كبيراً، حتى خَفِيت عليه الحقائق، أصبح هناك غشاوة، ديننا يرفض الغشاوة، يرفض الغشاوة أن تكون على وجه الابن، وعلى وجه الأب والزوجة والإخوة، ويطلب الحوار، يرفض ويطلب، يطلب الحوار والاستئناس واللطف، والله -أيها الإخوة- كم مِن أب عندما رحل إلى الله وفارق هذه الحياة الدنيا يُذكر عند أبنائه، فيقول أبناؤه كلهم: رحمه الله ويبكون، تجد الدمعة بدأت تَسقط من أعينهم لما يُذكر والدهم ووالدتهم، يقول: رحمه الله، ما كان يوجد ألطف منه في الدنيا كلها، ماذا يقول؟ رحمه الله مَا كان يُوجد ألطف منه في الدنيا كلها، سمعنا ورأينا أشخاصاً كان أبوهم قاسياً عليهم، يوجههم في شؤون الحياة وفي شؤون الدين، حول الاستقامة والأمانة وإنجاز العهد والوفاء بالوعد والصدق، والله لما نذكر آباءهم أمامهم أيضاً يبكون، يقولون: رحم الله والدي، جعلنا رجال، كان يوجهنا، لأن الحزم الذي كان يقوم به الأب كان في موضعه في التوجيه، وهناك أناس لما تذكر والدهم أمامهم وتقول الله رحم الله والدك، يقول لك: تعيش، ويُكمل حديثه، ولا يريد أن تذكره، رحمه الله في عمرنا كلها ما رأينا منه يوم أبيض الله، رحمه الله دائماً يَضربنا ويشتمنا، ]ما هكذا يا سعد تورد الإبل[، وأنت أيها الابن، الله عز وجل طلب منك أن تكون رفيقاً رحيماً بأبيك وأمك، وخُصوصاً إذا كبرا في السن، إياك أن تظن أن الأب عندما يكون حازماً في البيت فمعنى ذلك أنه يريد أن ينتقص مِن قيمتك، أنت مخطئ، هو لا يريد أن ينتقص من قيمتك، إنه يريد أن يعلمك، والله لأنه يُريدك أن تكون أفضل الناس، وإلا لم يقم بهذا التصرف أبداً معك، أبداً، فعل ذلك لأنه يريدك أن تكون خيراً منه، فلا يجوز أن ترفع صوتك أمامه، حتى لو كنت تُناقش وتحاور لا ترفع صوتك.

علماؤنا قالو: (الله عز وجل في القرآن الكريم لم يَسمح بالذل للإنسان المؤمن) -أن يكون ذليلاً أبداً- )إلا أمام طرفين: الطرف الأول: )وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ( ]الشعراء: 215[)، -الإنسان عندما يتعامل مع أخيه المؤمن، كما قيل في الأثر: )إذا عزَّى أخوك فَهُن)- )والطرف الثاني: الأب والأم، قال ربي سبحانه وتعالى: )وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرًا ( ]الإسراء: 24[)، فعندما تسمع والدك حازماً في موقف في توجيه اعلم أنه لمصلحتك وغالباً ما يريد ذلك أو ما يقول ذلك ويتشبث به لأنه يريدك أن تكون أفضل الناس، لا ترفع صوتك فوق صوته.

قال علماؤنا: (قال رب العزة والجلال )فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ( ]الإسراء: 24[، -أف لا يجوز أن تقول لأبيك وأمك- قال: وفي معنى الأُفِّ الإعراض عندما يكلمه، قال: فذكر اللهُ الأدنى كلمة أف ليكون ما فوقها محرماً من باب أولى، وسموه دلالة النص، وأن ما ثبت بدلالة النص كالثابت بالنص، فهو أقوى من القياس والاجتهاد)، لا تقل لهما أف، وانتبه عندما يَكبران في السن عن كل كلمة تَجرحهما، لأنه يصل الإنسان أحياناً إلى أرذل العمر، إذا كبر في السن -إن شاء الله ربي عز وجل يُديم الصحة عليكم جميعاً وعلى جميع آباءنا وأجدادنا وكل المسلمين والمؤمنين، إن شاء الله, إن شاء الله لا تحتاجوا لأحد, ربي يُغنيكم إن شاء الله بصحتكم وعافيتكم، ما أحيانا وأحياكم بإذن الله- لكن أحياناً الإنسان تجد الأب بَرَك، أنا أعرف أشخاصاً برك والدهم، والله يأتون بالتناوب، ما يسمحون لأحد أن يَكشف على عورة أبيهم، بالتناوب كل يوم ولد، وكلهم يجتمعون عنده في البيت، كل يوم، ولكن كل يوم يوجد ولد لخدمته، وفوق ذلك والله يُقبلون يده ورجله، والله وانظروا إلى الرِّضى، سبحان الله كم هم مَرضيون، سبحان الله كم هم مُوفقون في حياتهم، قال: ورضى الوالدين يظهر بعد موتهما أكثر مِن حياتهما، يظهر التوفيق للإنسان للعبد بعد موت الوالدين، الرضى يظهر أثره بعد موتهما أكثر مِن حياتهما، فانظر إلى التوفيق والرزق، ((إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق)).

الحديث الرابع: أخرجه مسلم في صحيحه، عن سيدنا جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يُحرم الرفق يُحرم الخير))، الإنسان الذي ليس لديه رِفق وظرافة ويُسر -قال عليه الصلاة والسلام- هذا إنسان محروم من الخير، سرعة الغضب هذا الأمر ليس طبيعة لا تتغير في الإنسان، يمكن أن يقول الإنسان: هذا طبع في الإنسان لا يستطيع تغييره، ما هذا الكلام، هذا الكلام غير مقبول، العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، سيدنا عمر هل كان إنسان أكثر منه غضباً؟ كان معروفاً بسرعة الغضب، انظر كيف صقله الإسلام بعد أن صار خليفة، كان ماراً إلى صلاة الجمعة وقد لبس ثياباً جديدة بيضاً، فمر في طريقه من جانب منزل سيدنا العباس بن عبد المطلب، عم سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت زوجته قد ذبحت فرخة على السطح، والميزاب مُوجه إلى الطريق، فمر سيدنا عمر فنزل الدم على ثوبه، فنظر إلى الميزاب فوقف وخلع الميزاب من مكانه، ثم ذهب إلى بيته فغير ثيابه وعاد إلى الصلاة، فلما جاء سيدنا العباس، قالت له زوجته: لو رأيت ما فعل عمر، قال: وما فعل عمر؟ قالت: إنه نزع الميزاب، ذهب إليه سيدنا العباس، قال: يا عمر، قال: نعم، قال: أأنت نزعت ميزاب بيتي؟ قال: نعم، قال: ولمَ؟ قال: أصاب ثوبي الدم منه، وهو يُؤذي المسلمين، قال: يا عمر، أتعلم من وضع الميزاب في هذا المكان، قال: ومن وضعه؟ قال: والله الذي وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه، فبكى سيدنا عمر لأنه نزع ميزاباً وضعه رسول الله، قال: أقسم بالله يا عباس إلا رقيت ظهري ووضعت الميزاب في المكان الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أحلني، قال: لا أحلك، فطلع سيدنا العباس على ظهر سيدنا عمر وركب الميزاب.

لما استلم الخلافة سيدنا عمر أتاه رَجل مِن الأعراب، والأعراب تُحب الرجز، قال: يا عمر الخير جوزيت الجنة، أكس بنياتي وأمهن، أقسم بالله لتفعلن، الشخص عندما يَستلم منصباً جديداً يَذهب الناس إليه إذا خليفة يَطمعون فيه، يعطيهم دنانير، رضي الله عن سلفنا الصالح، كان بالنسبة إليهم استلام المنصب بلاء، يبكي أحدهم ويرفض، لأنها مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى، قال: يا عمر الخير جُوزيت الجنة، أكس بنياتي وأمهن، أُقسم بالله لتفعلن، فقال له سيدنا عمر: إذا لم أفعل يكون ماذا؟ قال: إذاً أبا حفصٍ لأذهبن،

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 869
تحميل ملفات
فيديو مصور