الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-03-28 الساعة 15:43:45
التوبة مظهر من مظاهر اليسر في الدين
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 25 من جمادى الآخر 1438 هـ - 24 من آذار 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله r، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: عرضنا لحضراتكم أحاديث كثيرة عن اليسر، بعد أن تكلمنا عن الرحمة، وقلنا إنَّ مِن عظمة هذا التشريع الإسلامي أنه جاء لرفع الحرج عن الناس، )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ( [الحج: 78], )يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ([البقرة: 185]، ولذلك كان في شريعة مَن كان قبلنا:

-في الشريعة اليهودية إذا أخطأ الإنسان خطأ كبيراً وأراد أن يتوب فلا تُقبل توبته حتى يَقتل نفسه، فيكون قتله لنفسه تكفيراً عن ذنبه، وأنتم تَقرؤون ذلك في سورة البقرة في قوله تعالى: )فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ ([البقرة: 54]، فارجعوا إلى تفسير هذه الآية.

-وصلاة الإنسان لا تصح في الشريعة اليهودية إلا في المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((وجُعلت لي الأرض مسجداً وطَهوراً)).

-وإذا أصابت النجاسة ثوب إنسان لا تَطهر بالغسل، فيجب عليه قَصُّ موضع النجاسة، ولكن في دِيننا إذا غُسلت في شريعتنا طهر الثوب، وهذا مِن فضل الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة.

ورأينا كيف أنَّ هذا التَّشديد في الشريعة اليهودية جاء مِن أجل بني إسرائيل، الذين شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، وسمعنا قصة البقرة التي أمر الله عز وجل بذبحها في سورة البقرة في الخطبة المنصرمة.

فأقول أيها الإخوة: مِن مَظاهر يُسر هذا الدين وفضل الله عز وجل علينا في هذا الدين أن التوبة مفتوح بابها إلى يوم القيامة، وبالنسبة للشخص ذات الشخص مفتوحة مالم يُغرغر، أي ما لم يصل إلى درجة الاحتضار، فيقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يقبل توبة أحدكم ما لم يغرغر))، إذا وصل إلى الغرغرة وكانت الروح تخرج مِن الجسد لا تقبل هذه التوبة, ((إن الله يبسط يده بالليل))، وهذه الأحاديث تحفظونها وهي أحاديث صحيحة ((إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار, ويَبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تَطلع الشمس مِن مغربها))، أليس هذا فضلاً من الله عز وجل على عباده؟ أنه فتح باب التوبة للإنسان، فكلما أحدث خطأ تاب ورجع إلى الله سبحانه وتعالى؟!.

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما أيضاً، -هذه القصة أرجو أن نستمع إليها بإمعان- يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعاً وتسعين نفساً)) كم واحد قتل؟ تسعة وتسعين نفساً, قال: ((ثم أراد أن يتوب، فسأل عن أعبد أهل الأرض))، مَن أكثر عابد لله في هذه الأرض وتقي وصالح؟ ((فدُلَّ عليه، فذهب إليه فقال له: إني قتلت تسعاً وتسعين نفساً، فهل لي من توبة؟ قال: ليس لك مِن توبة))، هذا قتل النفس من أعظم الكبائر بعد الشرك بالله سبحانه وتعالى، وهو مِن السبع الموبقات، والقتل جريمة كبرى، ولذلك يقول رب العزة والجلال:) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ([النساء: 92]، القرآن يقول ليس من معقول أن يقتل المؤمن المؤمن، لأنه يُوجد في اللغة العربية أسلوب من أساليب الحصر والقصر، "وما" نافية،) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً(، إلا: أداة حصر، يوجد مُؤمن يقتل مؤمناً ليس خطأ، قال: هذا غير مؤمن، أي ليس مؤمناً حقيقياً، لم يكتمل عنده الإيمان، لذلك) وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِه(، فمن يُسر هذا الدين أنَّه يُحاسب على الخطأ في الدنيا ولا يحاسب على الخطأ يوم القيامة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه))، طيب لماذا نحاسبه في الدنيا؟ قال: لو لم نُحاسب المخطئ في الدنيا لادعى كل إنسان أنه أخطأ وهو يكون متعمداً ويدعي أنه أخطأ وينجو بفعلته، فلذلك من عظمة هذا الدين الحساب للمخطئ في الدنيا، ولكن يوم القيامة ((رُفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه)) الإكراه, فإذاً القتل جريمة كبيرة جداً، فقال له: قتلت تسعاً وتسعين نفساً؟ قال: نعم، قال: ليس لك من توبة، قال: ليس لي مِن توبة؟ قال: أبداً، ((فقتله فأكمل به المائة))، مَن قتل؟ أعبد أهل الأرض وأكثرهم صلاحاً وتقوى في ذلك الوقت، ثم بعد ذلك ((سأل عن أعلم أهل الأرض))، يُوجد فرق بين أعبد وبين أعلم، لا يشترط في العابد والتقي والصالح أن يكون عالماً، وهذا الرجل كان جاهلاً، ولو أنه كان عالماً لما أجابه بهذا الجواب، قال: ليس لك من توبة، لذلك قتله فكانت نتيجة الجهل القتل، تسبب بقتل نفسه، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فذهب إليه قال له: أنا قتل تسعة وتسعين نفساً، فسألت عن أعبد أهل الأرض، سألته: هل لي من توبة؟ قال: لا، فقتلته فأكملت به المائة، فما رأيك؟ قد تقولوا لي: هذا الشخص خاف على نفسه، لا، العلماءُ الربانيون يصدحون بالحق بما أُمروا، لأنهم ورثة الأنبياء، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر))، فلذلك لما سأله أجابه بالحق، هل لي مِن توبة؟ قال: ومن بينك وبين الله، ومن بينك وبين الله؟ مِن أين أنت؟ قال: مِن بلدة كذا، قال: أولئك قوم فاسدون طالحون، اذهب إلى قرية كذا، فإنهم قوم صالحون، اذهب فاعبد الله معهم، قال: فتاب إلى الله، ثم ذهب إلى هذه القرية الصالحة ليكون بينهم، هناك روايتان للحديث وكلا الروايتين صحيح، الرواية الأولى: أنه جاءه أجله، فجاءت ملائكة الرحمة لتقبض روحه وجاءت ملائكة العذاب لتقبض روحه، ملائكة العذاب هذا قاتل مئة نفس، ومِن ضمن المئة أعبد أهل الأرض وأتقى أهل الأرض، وملائكة الرحمة جاءت لأنه جاء تائباً، فتنازعوا مَن يقبض روحه؟ انظر إلى عظيم فضل الله علينا، مَن يقبض روحه؟ قال: فأرسل الله إليهم ملكاً في صورة رجل، فاحتكموا إليه، قالت ملائكة العذاب: هذا قتل مائة نفس جئنا لنقبض روحه، قالت ملائكة الرحمة: هذا جاء تائباً جئنا لنقبض روحه، فقال لهم هذا الرجل الذي احتكموا إليه: إني أرى أن تقيسوا فانظروا، إذا وجدتموه إلى أهل الصلاح أقرب تقبض روحه ملائكة الرحمة، وإن وجدتموه إلى أهل الطلاح أقرب تقبض روحه ملائكة العذاب، يقول صلى الله عليه وسلم فكان إلى أهل الطلاح والفساد أقرب، فأوحى الله عز وجل لهذه الأرض أن تباعدي، وأوحى لهذه الأرض أن تقاربي، فقاسوا فوجدوه إلى أهل الصلاح أقرب فقبضت روحه ملائكة الرحمة، كم ربنا رحيم بعباده سبحانه وتعالى، باب التوبة مفتوح، من مظاهر يسر هذا الدين.

هل تعلم أن حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن قال إذا لبس ثوباً جديداً: "الحمد لله الذي كساني هذا وألبسنيه من غير حول مني ولا قوة" غُفر له)) كم فضل ربي عظيم!.

هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن قال دبر كل صلاة: "سبحان الله" ثلاثاً وثلاثين، و"الحمد الله" ثلاثاً وثلاثين، و"الله أكبر" ثلاثاً وثلاثين، وأتم المئة بـ "لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر))، كم ربنا عظيم؟! ثلاث دقائق عقب كل صلاة، وتصور هذه الثلاث دقائق لا يطبقها كثير مِن الخلق، فأحد الناس سألني عن ذلك، فقلت له: هذا عدم توفيق من الله، التوفيق نادر وقليل، لذلك ذُكر في القرآن مرة واحد بمعنى العناية الإلهية لك،) وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـهِ ([هود: 80]، ذكر التوفيق بمعنى الإصلاح بين الناس، نوفق بين فلان وفلان: )إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا ([النساء: 62]، أي إصلاحاً، أما التوفيق بمعنى العناية الإلهية مِن الله للعبد مرة واحدة:) وَما تَوفيقي إِلّا بِاللَّـه(، فهذا انعدام التوفيق، يقول لي: أنا أصر إن شاء الله سأطبقهم عقب كل صلاة، يأتيني هاتف أو شاغل ينشغلني، فلا أطبقهم، قلت له: هذا انعدام توفيق من الله، لا يوجد توفيق من الله أن تفعل ذلك، ماذا نفعل؟ قال: إذا أردت الصلاة فيجب أن توجه قلبك إلى الله، وعقب الصلاة إذا كان عندك شُغل الدنيا كله لا تلتف له، حتى تستغفر ربنا عز وجل، وتقرأ الأوراد المسنونة، لأنها سبب مغفرة الذنوب، هذا مِن توفيق الله لك، أن يوفقك إلى ذكره، إذا لم توفق إلى ذكر الله فانظر ماذا فعلت، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((رمضان إلى رمضان، والجمعة إلى الجمعة، -ونحن في صلاة جمعة- والصلاة إلى الصلاة، -الظهر العصر المغرب العشاء-، مُكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))، كم فَضل الله عز وجل علينا عظيم -أيها الإخوة- بفتح باب التوبة؟!.

يقول عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث حديث عظيم في هذا الباب، مِن مظاهر يسر هذا الدين، أن الله عز وجل فتح باب المغفرة، فتح باب الرحمة لكل الناس، تصور لو أن الناس يأسوا وقنطوا من رحمة الله، تصور، لفعلوا أضعاف ما يفعلونه من الأخطاء والجرائم، لأنهم يئسوا، والإنسان اليائس والقانط لا يُصبح عنده ميزان، يفعل ما يريد وما يُمليه عليه عقله، لأنه يئس وقنط، فمن رحمة الله علينا أن التوازن موجود عند الإنسان المؤمن، لأنه يؤمن بأن الله عز وجل يتوب ويغفر، هذا الحديث عظيم يقول عليه الصلاة والسلام: ((لله أفرح بتوبة عبده))، ربنا يَفرح إذا تبنا؟ والله يفرح، هذا كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لله أفرح بتوبة عبده مِن رجل كان على دابة له في مَفازة)) المفازة: هي الصحراء, سُميت مفازة للتفاؤل، يدخل إلى الصحراء ولا يخرج، حر شديد وسفر طويل، لا يوجد دلائل ولا علامات على الطرقات، أي خطأ يكون ذاهب للشرق يُصبح باتجاه الغرب، فسميت مفازة عند العرب مِن أجل أن يتفاءلوا أنه إن شاء الله يفوز الإنسان بوصول هدفه, رجل بمفازة معه دابته، عليها طعامه وشرابه، استظل في ظل شجرة، ثم بعد ذلك نام، فاستيقظ فلم يجد دابته، بحث عنها فلم يجدها، قال: فجاء وقنط ويئس، وجلس تحت هذه الشجرة ينتظر الموت، وسط الصحراء لا يوجد شيء، لا طعام ولا شراب ولا مركوب، صحراء طويلة عريضة، يئس فجلس ينتظر الموت، فنام ثم استيقظ، فوجد راحلته وعليها طعامه وشرابه وكل شيء، هذا الإنسان كان ميتاً بيقين، لكن هذا الموقف أحياه، قال مِن شدة الفرح: ((اللهم أنت عبدي وأنا ربك))، قال عليه الصلاة والسلام: ((أخطأ من شدة الفرح))، لماذا أخطأ هذا الرجل؟ أخطأ مِن شدة الفرح، يقول عليه الصلاة والسلام: ((الله يفرح بتوبة عبده أكثر من هذا الرجل))، الذي أخطأ مِن شدة الفرح.

أليس هذا مِن مظاهر عظمة هذا الدين ويسر هذا الدين؟.

 

أختم هذه الخطبة -أيها الإخوة الكرام- بهذين الحديثين:

الحديث الأول: أخرجه الترمذي في سننه، عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل)) -عندما نقول ((يقول الله عز وجل)) ما اسم هذا الحديث؟ حديث قدسي، لأنه ورد في السنة هو على لسان الله، ((يقول الله عز وجل: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي)) انظروا يا إخواننا أمران اثنان: دعاء رجاء ((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني))، )قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ([الفرقان: 77]، لولا الدعاء ماذا يُصبح للإنسان، يمكن أنت تظن أنك تدعو ولا يُستجاب، مَن قال ذلك؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن الله يَستحي إذا رفع العبد يديه وقال يا رب أن يردهما صُفراً خائبتين))، لكن الله يؤجل الإجابة لوقت هو الذي يراه فيه مناسباً لك، ((يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غَفرت لك ما كان منك ولا أبالي, يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عَنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي, يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تُشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة)).

جل جلال الله العظيم الرحيم سبحانه وتعالى، العفو الكريم، يُبدل الله عز وجل قراب الأرض خطايا بقرابها مغفرة، أين نجد ذلك في القرآن؟ في قوله سبحانه وتعالى:) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَـئِكَ يُبَدِّلُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّـهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ([الفرقان: 70].

الحديث الثاني: أخرجه الإمام أحمد في مسنده، عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن إبليس قال لربه: "بعزتك وجلالك لأبرح أُغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم", فقال الله عز وجل: "فبعزتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني"))، إبليس يقول: ما دامت الأرواح فيهم سوف أغويهم، ربي عز وجل يقول: ما داموا يستغفرون سأغفر لهم.

الحمد لله على نعمة الإيمان، وعلى نعمة الإسلام، وكفى بها من نعمة.

فيا أيها الإخوة الكرام: إن الله عز وجل قد أنعم علينا بنعمة الإيمان، وهذا ((الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه))، فيجب أن نُعلم هذه الأحاديث والآيات لأبنائنا، لينشؤوا على معرفة حقيقية بهذا الدين، الذي يُشوهُ اليوم في أقطار الأرض تشوهاً كبيراً، ويجب علينا أن نحصن أبناءنا من هذا التشويه، وكلما زاد الخطر كلما زادت الوقاية، وكلما انتشر الداء كلما وجب علينا أن نجد له الدواء، وهذه أمور مُسلَّمة يجب علينا أن نأخذ بها، فمَن يدعي أن هذا الدين هو دين القتل والعنف والقسوة، فذلك مخطئ، وأراد أن يشوه هذا الدين، والغرب الآن ماذا يفعل؟ الغرب ينشر هذه الأفلام الوثائقية لشعوبه، ليقول لهم: هذا هو الإسلام فهل تريدون هذا الدين في بلادكم؟ أكيد أنتم لا تريدونه في بلادكم، يُشوهون صورة الإسلام، فواجب المسلمين صار كبيراً، صار على اتجاهين:

الاتجاه الأول: هو أن نُحصن أنفسنا وأبناءنا، وأنتم ربما لا تعلمون إخواننا أن كثيراً من الناس يخبروننا أن الإلحاد ينتشر الآن بين الناس، رُبما لا يصل هذا الكلام إليكم، مِن أسر مؤمنة، أبناؤهم يلحدون الآن، هذا الاتجاه الأول, التحصين لهذه الأمة.

الاتجاه الثاني: هو إبراز عظمة هذا الدين للغرب، وتسويق الإسلام الحقيقي، كيف؟ أنت عندك بضاعة تضعها في المستودع، مَن سيأتي ويطلب منك هذه البضاعة؟ لن يطلبها أحد، الإسلام دين عظيم جداً، خبأناه ولم ننشره، مَن الذي سيطلع عليه؟ لَن يطلع عليه أحد، لكن يَجب علينا أن نُبين عظمة هذا الدين في هذه الركائز التي قام عليها: العلم, الأخلاق, الرحمة, اليسر, التسامح, الفطرة الإنسانية الصحيحة.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، استغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 876
تحميل ملفات

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *