بتاريخ: 13 من ربيع الأول 1439 هـ - 1 من كانون الأول 2017 م
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.
عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم مُلاقوه وبشر المؤمنين.
يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ [المائدة: 67].
معاشر السادة: إنَّ البَشر لا يستغنون عن رزق الله ولا عن هدايته، إنهم فقراء إليه فيما يطعم أبدانهم من جوع وفيما يُزكي أرواحهم من كدر، ومهما أوتي بعضهم مِن ذكاء أو صفاء فإنه لن يستطيع تدبير شأنه وإصلاح أمره بعيداً عن وحي الله وتعاليم أنبيائه.
إنَّ مواهب الإنسان المادية والأدبية كبيرة وربما مَرَّت به أوقات يحس فيها أنَّه بحسبه ما وصل إليه بتفكيره وأسعفته قِواه، بيد أنَّ هذا الغرور لن يجر في عواقبه إلا الشَّرَّ، وسيكدح الإنسان ويمضي وحده محروماً من هداية السماء، ثم يلتفت إلى مكاسبه بعد ما جرى شوطاً طويلاً فلا يرى شيئاً، بل سيرى أن جهوده التي ذهل فيها عن ربه كانت عليه وبالاً، ولذلك قال الشاعر:
إذا لم يكن عون مِن الله للفتى *** فأول ما يجني عليه اجتهاده
ولعل مصداق ذلك حال العالم منذ قرن، إنَّه يتقلب بين فلسفات شتى، بعضها ينكر الذات الإلهية، والبعض الآخر يُسيء معرفة الله، ويغلب هواه على وحي الله، فماذا جنى العالم من بعده عن الله وجهله بحقوقه؟ لقد جنى العالم من بعده عن الله شقاءً، يرجم الحياة بالدماء في أيام الحروب، ويرجمها بالقلق في أيام السلام، فهو بين الحروب الباردة والساخنة محطوم الأعصاب فارغ الفؤاد.
لقد مرت بالعالم عصور طويلة ليس مِن بينها عصر خفت فيه حاجته إلى دعوة الله وصوت الوحي، لكن هذا العصر الذي نعيش فيه هو أشد العصور فقراً إلى الاتصال بالسماء، والانعطاف إلى الدين والتوقير لكلمات الله، ذلك أنَّ الرقي العقلي المحض الذي بلغته الإنسانية يجعل مستقبلها على حافة الهاوية إن لم يقترن هذا الرقي باكتمال روحي معتمد على الله ورسله، فإن البعد عن الله ومجافاة رسله شقاء وتعاسة في الدنيا والآخرة، ويؤكد هذه الحقيقة قوله سبحانه: ﴿وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا * قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى * وَكَذلِكَ نَجزي مَن أَسرَفَ وَلَم يُؤمِن بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبقى﴾ [طه: 124-127].
إنَّ الذَّكاء الحادَّ في الرجل الخبيث سلاح شَرِّ وأداة فتك، وما يَعيب أحد الذَّكاء، وإنما يعيب النفس الرديئة التي تُسخره في الآثام، ونحن الآن في فَترة مِن تاريخ الدُّنيا يَظُنُّ الإنسان فيها أنَّه امتلك الفضاء وأوتي مفاتحه، فهل ذلك بشير خير؟ لا.
إنَّ الجفاف الروحي والانقطاع الرَّهيب عن الله رب العالمين، والصدود الغريب عن هداية النبيين، وغلبة الأثرة والجشع على الأقوياء، وسيادة المنطق المادي في كل شيء، إن هذا نَذير شؤم، وأي تقدم يحرزه العلم في تلك الميادين لا يبعث على التفاؤل ما لم يصحبه عود سريع إلى الله، وإعزاز لأمره وإعلاء لشرعه، مع احترامنا البالغ للعقل الإنساني والضمير الإنساني، لا نرى فيهما غناء عن كلام الله وسنن المرسلين، ذلك أن هناك مَعارف تتصل بذات الله، وما ينبغي له وما كلف به عباده من فروض لا مجال لتلقيها إلا مِن مُخبر عن الله موثوق بأخباره.
لقد رأينا أناساً في ظل العقل الإنساني والضمير الإنساني يَرون الإنكار للذات الإلهية تَفكيراً حسناً، والزِّنا عملاً عادياً، والربا قاعدة عادلة، وظلم الأمم المختلفة شيئاً لا حرج فيه، واحتقار جنسٍ مَا حقاً لجنس آخر، فما قِيمة عقل يَصُدُّ عن الله، وضمير يستسيغ ذلك الصدود، أي خير للناس إذا حرموا السير مع وصايا ربهم وتوجيهاته.
إنَّ الوحي الإلهي دواء للعلل وشفاء من السقم، وإلى ذلك أشار القرآن بقوله سبحانه: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا﴾ [الإسراء: 82]، فمتى يستغني العليل عن الشفاء والشقي عن الرحمة؟!.
يا سادة: إنَّ العالم اليوم بِحاجة إلى أن يَعرف محمداً صلى الله عليه وسلم، وأن يَدرس سيرته دراسة بعيدة عن الافتراء والتزايد، وسيعرف كل دارس لحقيقة هذا الإنسان الكبير، أنَّ المثل التي ذكرها أصحاب النظريات الخلقية العليا قد تَجَسَّدت في هذا الرجل، واستحالت سنناً وضيئاً يُثير الحب والإعزاز والاقتداء.
قال الكاتب المسرحي البريطاني "جورج برنارتشو": ]لما قرأت دين محمد أحسست أنَّه دين عظيم، وأعتقد أنَّ هذا الدِّين العظيم سيسود العالم ذات يوم قريب مقبل، إذا ما وَجَدَ الفُرصة لانتصاره، ليتعرف العالم عليه بلا تعصب[.
وقال الفيلسوف البريطاني "برترانتراسل": ]لقد قرأت عن الإسلام ونبي الإسلام، فوجدت أنَّه دين جاء ليصبح دين العالم والإنسانية، فالتعاليم التي جاء بها محمد والتي حفل بها كتابه ما زلنا نبحث ونتعلق بذرات منها، وننال أعلى الجوائز من أجلها[.
من أجل ذلك -يا سادة- لفت القرآن أنظار أهل الكتاب إلى محمد ورسالته، وبَيَّن لهم أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم تضم في أطوارها الخير والنور والسعادة والهداية والاستقامة في الدنيا والآخرة، حيث قال سبحانه: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّـهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [المائدة: 15-16].
إنَّ العالم اليوم مُحتاج إلى أن يُدرك جملة الحقائق التي جاء بها الإسلام، مِن عقائد وعبادات وأخلاق ومعاملات، فإنَّ هذه الحقائق هداية نافعة له، والعمل بها مجتمعة يحصل خيراً جزيلاً وينفي شراً كبيراً.
إنَّ الأديان كلها نبعت مِن الشرق، فلما انتقلت إلى الغرب فقدت الكثير مِن روحها، وأضحت بعض شؤون الحياة التي لها وقتها ومكانها لا تتعداهما، فلم تدخل في الحياة العملية ولم تتسرب إلى القلوب على الصورة التي تسربت بها إلى قلوبنا نحن الشرقيين.
إنَّ القارَّتين الكبيرتين في أوربا وأمريكا تَعيشان في عُزلة عن الله وغربة عن الوحي، لأن المادية السَّائدة أقوى وأعتى مِن أن تَصدها عقيدة مَزعزعة الأسس العقلية والروحية.
ويُحزننا أن نقول: إنَّ الدَّعوة الإسلامية تتعثر في هذا العصر، لأن القُوى التي تُواجهها أعتى منها وأدهى، وهي داخل نطاق الأمة الإسلامية أو وراء حدودها، تعمل بنشاط لضرب الإسلام في صميمه، بل إنَّ هذه القوى وضعت برامج محددة وسنوات معدودة، لكي يذوى شأن الإسلام ويختفي في جميع أقطاره، والغزو الثقافي يحيط بالدعاة مِن نواحٍ شتى، ولذلك فإنَّ الدعوة اليوم تحتاج إلى يقظة وروح جديدة ومواجهة صريحة لكل الأزمات الروحية والعلمية التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، نعم هُناك جُهود تُبذل من أجل صيانة الإسلام والذود عنه، لكن هذه الجهود تُشبه بعض الترع التي تكلف بري الصحراء الكبرى، لقد ترك كثير مِن الدعاة مع الأسف، لقد ترك كثير مِن الدعاة الشيطان يلقي غراسه في الأرض ويتعهد نماءها، فلما بدأت الثمار السامة تغص بها الحلوق وتتقزز منها النفوس تَعالت صرخات الألم، وشعر رجال الدعوة بالأخطار الهائلة التي تهدد الإسلام في صميمه، ونخشى أن يكونوا قد جاؤوا بعد مرور القطار وفوات الأوان.
يا سادة: الدَّعوة المحمدية التي كُلِّف وأُمر بها النَّبي عليه الصلاة والسلام كانت دعوة لإنارة العقول واستنارة النفوس، والداعي الأول محمد بن عبد الله، والدعاة الذين جاؤوا مِن بعده أدركوا أن دعوة نَبيهم الأكرم صلى الله عليه وسلم تُركز وتُؤكد على استنارة وإنارة العقول والنفوس معاً، فهي لا تُهمل جانب العقل على الإطلاق، لا من ناحية التوعية ولا من ناحية العلم ولا من ناحية التفكير والمعرفة، فلذلك أثمرت الدعوة في العالم العربي والإسلامي، وانطلقت جحافلها في مشارق الأرض ومغاربها، تنشر هداية الإسلام وتنشر رسالة رب العالمين إلى الإنسانية جمعاء، وتقبلها الناس آنذاك لأنهم كانوا يجدون أن أولئك الدعاة يُخاطبون عقولهم، يقيمون الحجة والبرهان والدليل الساطع من خلال العقل.
وإنَّك لو نظرت -أيها المسلم- في القرآن الكريم فإنك تجد الكثير من الآيات اعتمدت على الحجة العقلية والمنطقية، أكثر مما تعتمد على الحجة العاطفية، قال سبحانه على لسان فرعون: ﴿قالَ فَمَن رَبُّكُما يا موسى * قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى﴾ [طه: 49-50]، لم يقل له الله رب العالمين أعطاه حجة قاطعة: ﴿قالَ رَبُّنَا الَّذي أَعطى كُلَّ شَيءٍ خَلقَهُ ثُمَّ هَدى﴾، بهذا المنطق، بتلك الحجة، بذاك البيان البليغ، انتشرت رسالة محمد في أصقاع هذه المعمورة، ووجدت الإنسانية في ظلها في ظل رسالة النبي الأعظم صلوات الله وسلامه عليه وجدت الرحمة والأخوة والمحبة والتسامح، واستراحت إلى ذاك الفكر النير القيم.
ونحن اليوم صُبَّ علينا فكر الإخوان، الفكر الدموي، وصب علينا الفكر الوهابي، والفكر الدَّموي أيضاً، وبلاد الغرب منذ سِنين عديدة تُدرك تماماً أنَّ خُطباء مساجدها وأن دعاة مَساجدها في بلادهم يَتبنون الفكر الوهابي، وقد سَمعنا مِن الكَثير مِن الذين زَارُوا الغرب وأوربا وبشكل خاص أمريكا، أنَّ الأئمة والخطباء في الغرب جُلُّهم يَعتنقون الفكر الوهابي، وهذا الأمر كان السَّبب الأكبر في البَلاء الذي صُبَّ على هذه الأمة، حَيث جاءنا أولئك المتنطعون المتشدقون المجانين، جاؤونا بعقيدة تكفيرية، ناظرين إلينا بأننا كفار وذبحنا حلال، فَهُم عندما يذبحون أحدنا يَظنون أنفسهم الخبيثة أنهم يتقربون بعملهم الخبيث إلى الله جل جلاله، فالفكر الذي ضَرب الأمة الإسلامية اليوم آلمنا وآذانا، وها هو اليوم أصبح يضرب في عمق أوربا.
مَا حدث في الأسبوع الماضي في صلاة الجمعة مِن ذاك التَّفجير والاعتداء الإرهابي في مسجد الرَّوضة في سيناء في مصر الحبيبة آلمنا كثيراً، وآذى نفوسنا كثيراً، أيُّ فِكر خطير، أي فكر نجس يعتنقه أولئك الأرذال، أي عقيدة يتمثلون بها أولئك الملعونون، رجل يأتي هو وولده إلى المسجد ليستمع إلى كلمة تُنير قلبه، تُنير عقله، تنير فكره، ليتقرب إلى الله عز وجل بنفحة رحمانية، يُذبح في المسجد، أين وصلت الأمة اليوم، أين وصلت الأمة اليوم، ويزيدك ألماً أكثر مِن ذلك أنَّك تجد النظام السعودي المنافق يَجمع بعض الدول العربية الذين اشتراهم بأمواله النَّجسة، يجمعهم ليقيم تحالفاً إسلامياً عسكرياً في كل شيء يجعلون للإسلام يداً، تحالفاً إسلامياً عسكرياً لمواجهة الإرهاب والتطرف كما يزعمون ويكذبون، ونسمع من خلال محلليهم ومن خلال أبواقهم السياسيين -مع الأسف- أنَّ الفِكر المتطرف والإرهاب المتطرف يَكمن في المقاومة ويَكمن في الفكر الإيراني، أما هم لَيسوا بقتلة وليسوا بمجرمين، وفكرهم ملأ العالم خيراً ونوراً وهدى وسعادة، هكذا يَنظرون، إذاً الإرهابيون بنظرهم هي سوريا وإيران وحزب الله محور المقاومة، والجيش العراقي مع الحشد العراقي الجليل والعريق هؤلاء بنظرهم هم المتطرفون وهم الإرهابيون، ويَجب عليهم أن يَقطعوا يَدهم من هذه المنطقة، وأين دعاة الإسلام وأين العلماء الذين يقفون بحق بجرأة بصراحة في وجه أولئك المنافقين الكاذبين الغادرين.
وبالأمس تُعدم داعش -مع الأسف- مِن خلال هذا الفكر الذي يُقيمه النظام السعودي والذي يتبناه ويدعمه ويموله، أحرق الدواعش الطيار الجليل الشهيد عزام عيد، الذي سقطت طيارته فوق ريف القلمون أو في القلمون الشرقي منذ عام ونصف، الشهيد عزام عيد أُحرق أو قُتل حرقاً بنار الدواعش، هل يُوجد في الإسلام حَرقٌ؟ وإذا كان الدواعش مُسلمون وهم فَجرة فاسقون إذا كانوا مُسلمين كيف عامل الإسلام الأسير؟ نَسألهم؟ نسأل حماقتهم؟ نسأل جُبنهم؟ نَسأل رعونتهم؟ نَسأل خبثهم؟ نسأل مكرهم وكيدهم؟ كَيف عامل الإسلام الأسير؟ إنَّهم فَجرة، إنهم فاسقون، كل داعشي فاسق، كل داعشي فاجر، كل داعشي هو عبارة عن خادم صَغير للصهيونية والإمبريالية العالمية، ونحن مع كل ما أصابنا ومع كل ما يُكاد لنا ويُحاك لنا ويُحاط بنا كُلَّما ودعنا شهيداً نَرفع هذا العلم من أجلك يا عزام عيد، أيها الشهيد البطل، أيها الطيار العملاق، من أجلك نرفع هذا العلم، لولاك يا عزام عيد، ولولا الطيارين الشهداء، ولولا سلاح الجو السوري العظيم، لما ارتفع هذا العلم، لما ارتفعت هذه الرَّاية، كُلَّما قتلتم بَطلاً مِن أبطالنا يرتفع هذا العلم، يزداد شموخاً هذا العلم، يَزداد قوة هذا العلم، نحن نتكلم بجرأة وبحق وبصراحة، لأن وراءنا رجال، لأن هؤلاء رجال هم وراءنا، لولا رجال الله لولا هذا الجيش العظيم لما استطعنا أن نقف هنا على هذا المنبر أبداً، ولما استطعتم أنتم أن تأتوا إلى هذا المسجد، ولما استطعتم أن تتجولوا في شوارع مدينة دمشق، فنحن نُجِلُّ شهداءنا، نجل رجالنا، نجل رجال الله رجال الجيش العربي السوري، وواجب على العلماء اليوم لا سِيَّمَا الصَّامِتين منهم والسَّاكتين والجبناء والخائفين والرَّماديين والمنحازين أن يَقفوا بجرأة وحق، وأن يُقيموا مؤتمراً عالمياً دولياً يتكلم فيه كل واحد منهم عن موقفه تجاه أولئك الدواعش، لا نُريد ضَباباً اليوم، ولا نُريد رماداً اليوم، ولا رمادية اليوم، إنما نريد جرأة، نريد صراحة، نريد قوة، لأن هذا العلم علمنا، والوطن وطننا، ونحن أصحاب الحق، وما دمت صاحب حق فَسِر إلى الأمام، ولا تلتفت إلى ورائك، فإن الله سينصرك ولو بعد حين.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله, اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير, اللهم ارحمنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك, ربنا آتنا مِن لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً, اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاً غدقاً طبقاً مجللاً إلى يوم الدين, اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأعطنا ولا تحرمنا، اللهم لا تؤاخذنا بسوء فعلنا، ولا بما فعل السفهاء مِنَّا, إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي بها من تشاء, أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين, اللهم إنا نسألك أن تنصرَ رِجالك رجال الجيش العربي السوري, وأن تَكون لهم مُعيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان, اللهم إنَّا نَسألك أن تُثبت الأرض تحت أقدامهم، وأن تُسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله, وأن تُسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, وأن تجعلهم دائماً شوكة في حلوق الصهاينة والمتصهينين, اللهم وفق القائد المؤمن والجندي الأول بشار الأسد إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه, واجعله بشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية, ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِين﴾.