بتاريخ: 25 من جمادى الآخرة 1438 هـ - 24 من آذار 2017 م
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.
عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.
يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل:) أَلا تُقاتِلونَ قَومًا نَكَثوا أَيمانَهُم وَهَمّوا بِإِخراجِ الرَّسولِ وَهُم بَدَءوكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخشَونَهُم فَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخشَوهُ إِن كُنتُم مُؤمِنينَ ([التوبة: 13].
معاشر السادة: كما يحتاج المقرور إلى الدفء بعدما جمد البرد أطرافه، وكما يحتاج العليل إلى الدَّواء بعدما بَرَى السقام عظامه، تحتاج الشعوب المعتدى عليها إلى نجدات من القوة، ترفع عنها الضيم الذي أخزاها، وتكسر القَيد الذي أضرعها، إنها تستقبل القوة الوافدة عليها استقبال الظمآن للماء البارد، لأنها ترى فيها مُتنفسها من ضيق وأمنها مِن ترويع.
إنَّ الله عز وجل يأمر بنصر الحق والنضال دونه، ومُجاهدة المعتدين بالنفس والنفيس، ويُوصي عباده ألا يَستكينوا للعدو، ويُحرضهم على مقابلة العدوان بمثله، وعلى ألا يتركوا الضلال يَستعلي ويستعلن فلا يجد من يقمعه ويردعه، حيث قال سبحانه: )فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ([البقرة: 194].
ومن هنا هَشَّ المسلمون وهم أهل السلام لِلِقاء عدوهم بعدما أخذوا له الأُهبة وجمعوا السِّلاح, وانظر إلى القرآن الكريم كيف يُذكِّر المستضعفين بآلامهم الأولى، وما لاقَوا من تشريد واستباحة وإرهاق، وكيف يَجعل مِن هياج هذه الذكريات في دمائهم دافعاً إلى خوض المعارك وتأديب الطغاة والمعتدين، حيث قال سبحانه: )قاتِلوهُم يُعَذِّبهُمُ اللهُ بِأَيديكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ ([التوبة: 14]، إنه قتال ليس فقط تأديباً لما وقع في الماضي، فإن الماضي يغفر لمن تلمح عليه بوادر التوبة، ولكنه حياطة للمستقبل كي لا يعود المعتدون إلى طبيعتهم الشرسة، يجب إذاً أن تقلم أظافرهم وتتقى غوائلهم.
وإذا قرأت تاريخ السيرة النبوية فإنه يَطوف بقلبك طائف مِن الرهبة لصرامة القصاص الذي وقع ببني النضير، ثم تقول: هي العدالة في عقاب المجرمين، وما ينبغي أن تأخذنا رحمة مع من ظلم نفسه وظلم غيره.
لقد واجه المسلمون في المدينة عدواً خطيراً، إنهم اليهود، وقد كانوا على جانب مِن الثراء والمنعة يُغري بالتطاول والعناد، وهذا الأمر جعلهم يَظنون أن كفتهم سترجح في أي قتال، فحذرهم الله سبحانه إلى أن هذا الغرور لن يُجديهم شيئاً، حيث قال سبحانه: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللهِ شَيْئًا وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ ([آل عمران: 10]، فلما بلونا اليهود وخياناتهم أدركنا أن الإطاحة بهؤلاء الناس لَيست عدالة فقط، بل هي رحمة أسداها أطباء البشرية للبشرية، أو يَدٌ تُذكر وتشكر لمن أفاءها.
والعصر الذي يظلنا يوجب علينا أن نقدر مستقبل الإنسانية، وأن نقصي عنها نوازع الإثم وأسباب الهوى، وأن ندع مكاناً للحق المجرد يفصل في قضاياها، فيريح المعذبين ويَكف يد الظالمين.
إنَّ مِن الخطر على رسالتنا أن نَبني سياستنا على السماحة المفرطة، بينما يَبني اليهود سياستهم على خسف الأرض مِن تحتنا، ومِن الخطر أن نَطرح الحذر جَانباً ونسترسل مع سجايا الأمان والثقة، بينما يَستدير خُصومنا ليغرزوا خناجرهم في ظهورنا، ومع أن الحروب شُؤم وعاقبتها وخيمة، فإنك تجد اليهود يُسعرون الحروب دون مبالاة، ويُؤثرون أن يُهدموا القصور وينشؤوا القبور، ويُحبون أن يروا أجيالاً تعلوها الكآبة والأحزان.
لقد بين لنا القرآن الكريم أنَّ البَّغي والعدوان هما مِن صفات اليهود، وأنهم استحقوا غضب الله عليهم لما أصروا على عدوانهم ولم يُقلعوا عن إجرامهم، حيث قال سبحانه: ) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ( [المائدة: 78-79].
يا سادة: قُبيل احتفال اليهود بمرور أربعين سنة على إنشاء كيانهم في فلسطين، قاموا بغارة حربية على تونس، انتهت بمقتل القائد العربي للكتائب الفلسطينية "خليل الوزير" مع عدد من الحراس، ثم ركب اليهود البحر عائدين من حيث أتَوا، مخترقين أمواجه في زهو، ومستمتعين بنسيمه الرطب، كأنهم ما ارتكبوا جرماً أو عانَوا مِن رحلتهم نَصَبَاً, ومما يُؤلمك أن مَندوب إنجلترا في مجلس الأمن قال: ]إن العالم لا يعرف مَن القاتل[، أما مندوب الولايات المتحدة فَكان يوزع بسماته بين الشَّماتة والسُّخرية، ووظيفته معروفة هي حماية إسرائيل مِن قرار يُدينها، ومعروف أن هذه الدول لا تحترم إلا مَن له ناب وظفر، أما الحق الأعزل فإن مجلس الأمن هو صَانع كفنه ومُهيل التراب عليه في صفاقة نادرة، لاسيما إذا كان الحق يمس العرب أو يُرجح كفتهم، إن وأده فريضة لازمة نافذة، وفي ظل ذاك العدوان والاعتداء كانت هناك جهود كبيرة تُبذل سراً وعلناً لإشاعة الخرافة والأكذوبة التي تقول: إن الجيش الإسرائيلي جيش لا يُقهر، وأن المقاتل الإسرائيلي مقاتل ذو بأس شديد، مِن وراء هذا الكلام كان مَطلوباً من العرب والمسلمين أن يُصدقوا هذه الفرية، وأن يَقبلوا الكيان الإسرائيلي على ترابهم، وأن يُؤمنوا بأن الشعب اليهودي شَعب شجاع لا يُقهر وصُلب لا يلين.
ومنذ سبعة قرون ونيف انطلقت هذه الشائعة بين أيدي التتار، الذين أغاروا على العالم العربي والإسلامي، وأسقطوا الدَّولة العباسية ودمروا المدائن والقرى، ووقر في نفوس الناس أن الجيش التتري لا يُهزَم، وأن جحافله إذا انطلقت لا تُرد، وللشائعات سلطان على الدُّهماء، وقد يكون لها في ضعاف القلوب موقع، وقد ظهر ذلك عندما التقى التَّتار والمسلمون في معركة عين جالوت، حيث كانت الرَّهبة تُخامر النفوس، وهذه الرهبة وحدها سلاح قاتل كاد ينال من المسلمين وجيشهم، لولا الصيحة الهائلة التي دَوَّت كالرعد في آذان المقاتلين، صيحة القائد المظفر "قطز"، عندما صاح: "وا إسلاماه"، فإذا اليقين يعمر الأفئدة والحماس يلهب الأنفاس، واشتبك التتار والمسلمون، وهبت رياح الحرب فما هي إلا جولة تتبعها أخرى، حتى كان التتار بين هارب ومقتول، وهكذا سقطت في الوحل أكذوبة الجيش الذي لا يُقهر، وأصبح الوجود التتري يَتقلص مع الأيام، حتى اختفى إلى الأبد.
إنَّ التاريخ يُعيد نفسه اليوم، والمحاولات ماضية في إلحاح لإشعارنا أن الإسرائيليين اليوم هم تتار الأمس، الذين سفكوا الدماء ودمروا البلاد ولم يُوقفهم أحد، والواقع أنهم أذل وأقل مِن أن ينهضوا بهذا الدور، وأن مُؤامرات القوى الكبرى هي التي تُريد توكيد هذه الخرافة، وهي تتدخل سافرة لترجيح كفة اليهود إذا انهاروا، حتى يظلوا شبحاً مرعباً في المنطقة التي نُكبت بهم، إنهم شبح يُهول في ظلمات الخداع وغيوم الفوضى التي تزحم الأجواء.
لقد هَيأ الله عز وجل في كل زمان ومكان رجالاً يُقلمون أظافر المعتدين ويردون كيدهم ويدوسون أوهامهم، وقد أخبرنا النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة لن تذل ولن تخزى ما دام فيها رجال لا يعرفون الخوف والذل والهوان، عندما قال في الحديث الصحيح: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم، حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك)).
وإننا لنقول لجيشنا العقائدي: إن ردكم الأخير على اليهود المعتدين، وإسقاطكم لطائراتهم المعادية، زادنا قوة وعزيمة، وأخرس المتخاذلين والخونة، وأثبت للعالم أن جذوة المقاومة لن تخمد، وأن عزيمة الأبطال لن تضعف، وأن كل هدوء يعقبه إعصار يُلحق بالمعتدين الخزي والعار.
يا رجال الله, يا رجال الجيش العربي السوري: إذا كانت قوى الشر كلها تُظاهر اليهود وتُساندهم، أما أنتم فإنكم تَستندون إلى الله القادر، وتعتمدون عليه في هذا العِراك المرّ.
يا رجال الله: حَيَّا الله كفاحكم، ونضر وجوهكم، لقد أثبتم أن الوطن كان ولا يزال وسيبقى صَانعاً للرجال الأبطال، ومُلهمَ المقاومة الباسلة، ومقدم الشهداء الأبرار.
في حرب تشرين التحريرية حَطَّمتم أسطورة اليهود التي كانت تقول: إنَّ جَيشها لا يُقهر، وها أنتم اليوم تُحطمون الأسطورة مِن جديد بانتصاراتكم على يهود خيبر في مدينة جَوبر.
أيها الشعب العظيم: لك الحق أن ترفع رأسك عالياً، أن تمشي إنساناً عظيماً مختاراً جليلاً في الكون، لأن لك جيش عظيم، وهذا الجيش أنت الذي ولدته، وأنت الذي صنعته، وأنت الذي ساندته، هذا الجيش الذي حماك طيلة ست سنوات، هذا الجيش الذي كسر أسطورة اليهود في حرب تشرين التحريرية، وأعاد لك هويتك، وأعاد لك كرامتك، ونحن اليوم لا نخشى على دمشق أبداً أبداً، ولا نلتفت إلى قنوات التضليل الإعلامي بأن دمشق غير آمنة، بأن دمشق منطقة عسكرية، بأن دمشق ستسقط، خسئتم يا خونة، هنا الأسود، هنا الرجال، هنا القائد المقاوم بشار الأسد، هنا رجال الله رجال الجيش العربي السوري، وكل مَن حاول أن يقترب مِن أسوار دمشق سيُدفن على أسوارها، وسيُسحق تحت أقدام رجال الله رجال الجيش العربي السوري، فنحن لا نخاف على دمشق، ما خِفنا عليها في البداية حتى نخاف عليها في النهاية، شعبنا قوي وجيشنا عظيم، والله من ورائه والله من خلفه، وقائدنا قائد مقاوم لا يلين ولا يستكين ولا يستسلم، فنحن نقول هنا أرضنا وهذه دمشق سنحميها سنفديها بدمائنا بأرواحنا، وستبقى دماء الشهداء، وستبقى كل قطرة نزلت هنا على أرض دمشق، من طرطوس من جبلة من دير الزور من ريف دمشق، كل قطرة دم سقطت دفاعاً عن هذا الوطن ستبقى منارة لنا إلى يوم القيامة، وسنُعلم أجيالنا عبر التاريخ والزمان أن هذه الدماء وأن هؤلاء الرجال هم الذين سَطَّروا التاريخ من جديد، وهم الذين أثبتوا للعالم أجمع أن سوريا كانت وما زالت وستبقى بلد الأسود ومصنع الأسود والرجال.
﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.
الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
عباد الله اتقوا الله، واعلموا أنكم ملاقوه، وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.
قفوا أيها الإخوة احتراماً وتعظيماً لجيشنا العظيم، ولدماء شهدائنا وجرحانا الأبرار والكرام، لندعو لهم واقفين، مِن حقهم علينا أن نقف أمامهم، وأن ننحني إجلالاً لدمائهم الطاهرة الزكية التي قَدَّمت وما زالت تقدم، والتي تعلم الأجيال عبر التاريخ أن سوريا ستبقى بلد أمن وأمان واستقرار، ومهما ظن اليهود أنهم سيصفعونا، مهما ظنوا أنهم لا نستطيع أن نرد سنوصل لهم رسائل كثيرة من خلال جيشنا العظيم، من خلال جيشنا العقائدي، ومن خلال المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله، أن هذا الجيش وأن هذه المقاومة سيبقون دائماً شوكة في حُلوق الغزاة المعتدين، ومَن يدور في فلكهم.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تُعذبنا فإنك علينا قدير, اللهم إنا نسألك أن ترحم شهداء الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تجعل دماءهم الزكية والطاهرة نوراً يتلألأ بين أيديهم, اللهم إنا نسألك أن تشافي وتعافي جرحى الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تنصر رجالك رجال الجيش العربي السوري, اللهم إنا نسألك أن تنصر رجالك رجال الجيش العربي السوري, وأن تكون لهم معيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان, اللهم إنا نسألك أن تمدهم بملائكة من عندك, اللهم إنا نسألك أن تمدهم بمدد من عندك, اللهم إنا نسألك أن تكون لهم معيناً وناصراً, اللهم إنا نسألك أن تكون لهم معيناً وناصراً, اللهم إنا نسألك أن تثبت الأرض تحت أقدامهم، وأن تسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله, وأن تُثبت الأرض تحت أقدامهم، وأن تسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم وفق القائد المؤمن والجندي الأول بشار الأسد إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، واجعله بشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية, )سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(.