يقول المولى جل جلاله في القرآن الكريم: حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ( [الدخان/1-5] معاشر الإخوة القرآن الكريم هو ما بقي من وحي في هذه الدنيا، هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ما شانه نقص ولا شابته زيادة منذ نزل إلى يوم الناس هذا فهو في حفظ الله مصون من أهواء الناس ووساوس الجن والإنس، فإن بقاء هذا القرآن هو العزاء الوحيد عن ضياع مواريث النبوة الأولى لأنه استوعب جوهرها وقدم في هدايته خلاصة كافية لها حيث قال سبحانه: إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى [الأعلى/18، 19] فإذا اطلعت الأجيال المستأخرة على هذا القرآن فكأنها وعت ما قاله السابقون المرسلون وانتظمت مع الركب السماوي في الإيمان والعمل له وكأن موقف المسلمين من القرآن الذي شرفوا به يثير الدهشة ومن عدة قرون ودعوة القرآن مجمدةٌ ورسالة الإسلام كنهر جفّ مجراه أو بريق خمد ثناه، والأمة التي شرفها الله تتعامل مع القرآن تعاملاً لا يجوز السكوت عنه .