يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا( [النساء: 104].

الجرأة هي قوة نفسية رائعة، يَستمدها المؤمن من الإيمان بربه، ومن الحق الذي يعتنقه، ومن الخلود الذي يؤمن به، ومن القدر الذي يستسلم إليه، ومن المسؤولية التي يستشعر بها، ومن التربية التي يُنَشَّأُ عليها، وعلى قدر نصيب المؤمن من الإيمان بالله الذي لا يغلب، بالحق الذي لا يخذل، وبالمسؤولية التي لا تكل، وبالتربية السليمة الصحيحة، بقدر هذا كله يكون نصيبه من قوة الشجاعة والجرأة وقول كلمة الحق.

إن الينبوع الذي تسيل منه مخايل الرجولة الناضجة هو الذي تَسيل منه معاني اليقين الحي، الإيمان الحق يَجعل الرجل صلب العود لا يميل مع كل ريح ولا يهتز مع كل زلزال، وإذا أَحصينا الرجال الذين لا تأخذهم الدهشة أمام المفاجآت عَرفنا أَنَّ لهم من أنفسهم ما يُهَوِّنُ عليهم أي مفقود، وما يُسَلِّيهِم عن كل فائت، وبهذا الشعور يُمكنهم أن يقتحموا كل حصار تضربه عليهم الليالي الكوالح، ومن ثم وجب على طلاب الكمال وأهل المروءة أن يَتحصنوا بمُثُلِهِمُ العليا، وأن يلتمسوا السلوى في ظلها، إذا دهمتك شدة فماذا عساك تصنع؟ تَدع الروع ينهب فؤادك، والعواصف الجائحة ترمي بك في مكان سحيق؟ أم تقف مطمئناً وتحاول أن تتلمس بين هذه الضوائق مأمناً يهديك إليه الفكر الصائب؟