يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: )وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون( [العنكبوت: 46].
الخلاف طبيعة البشر، وبين الناس وآرائهم مسافات تتقارب وتتباعد، وقلما يقع الوفاق التام بين الأفراد والجماعات، ولسنا نَتشاءم عندما نَرى رأياً يُخالف رأياً أو حكماً يُغاير حكماً، إنما نتشاءم عندما نستبين بواعث الخلاف ونرى فيها ما يسوء.
إن تقوى الله عز وجل تميت كثيراً من أسباب الشقاء، وتجعل المرء إن كان مخطئاً يتراجع عن خطئه، وإن كان مصيباً لا يتكبر على خصمه، فالحوار المثمر في نظر الإسلام هو الذي يقوم على النقد البناء، ويُقاوم الحجة بالحجة لا بالعصا أو السيف، نقد الخطأ واجب، وإسداء النصح للمخطئين واجب، وعلى المجتمع كله أن ينهض بهذا الواجب لا لشيء إلا لأن الحق ينبغي أن يحيا ويبقى، وأن الصواب يَنبغي أن يظهر ويشتهر.