يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل: ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا 71( الأحزاب .
طريق كل نهضة ترمق المستقبل بالأمل وتغالب مصاعب الحاضر بشدة العزم وطول العمل، تجد صنفين من الناس هم أبداً مسار فتنة ومصدر يأس، فأما الصنف الأول فهم المعوقون الذين يَعترضون ببلادتهم كل حركة، وبتشاؤمهم كل رجاء، فإذا رأوا مشروعاً جيداً خلقوا في وجهه الصعاب، وإذا رأوا نية صادقة أثاروا حولها الريب، وإذا رأوا طليعة زاحفة وضعوا أمامها العراقيل، كأن سُرورهم لا يتم في هذه الحياة إلا إذا سَكبوا من بُرودهم على كل حَرارة فأطفئوا لهبها واطمئنوا إلى ظلامها، لأنهم لا يُحبون الخير ولا يُطيقون أن يَروا بَوادره تنبت بين الآخرين، ويأتي بعد هذا الصنف من المعوقين صِنف المهرجين، وهم يَتفقون مع زملائهم في خراب القلب مِن الخير وتمني نجاحه، بَيْدَ أنَّ لهم مسلكاً مُلتوياً في التعبير عما في ضمائرهم من شَر، فهم في صفوف العاملين يُكثرون السواد ويملؤون الجو هتافاً وصياحاً، فإن يكن نصر كانوا أول المطالبين بحقوقهم في الغنيمة، وإن بَدت نُذر الكفاح بَدأت صيحاتهم العالية تخفق ونظراتهم الداوية ترتعش، يدفعون غيرهم إلى الأمام بعنف ثم يبحثون عن أماكنهم هناك في مؤخرة الصفوف وقلوبهم تدق رعباً بانتظار النتيجة .