الاثنين 10 ربيع الثاني 1446 - 14 أكتوبر 2024 , آخر تحديث : 2024-10-01 12:47:36 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2015-05-19 الساعة 09:27:56
شـعـبـان .. شـهـر يـغـفـل عـنـه الـنـاس
الشيخ محمد خير الطرشان

فضل ليلة النصف من شعبان:

وفي هذا الشهر ليلة عظيمة أيضاً، هي ليلة النصف من شعبان، عظَّم النبي صلى الله عليه وسلم  شأنها، وهي من جملة مواسم النفحات الإلية، التي يَعرض الله تعالى فيها عفوَه ورحمته ورضوانه للمذنبين والخاطئين، فهي ليلة مباركة عظيمة، وهي ليلة الأنوار الربانية والتجليات الرحمانية، التي يَنزل الله تبارك وتعالى فيها إلى السماء الدنيا، من غروب الشمس يومها إلى طلوع فجر ليلتها، يَقدُمُ اللهُ فِيها على عباده، بالمغفرة للمستغفرين، وقبول التوبة للتائبين، والعفو عن المذنبين النادمين، فقد يُحَصِّلُ الْمُؤْمِنُ فِي هَذِهِ الليلة المباركة ما لا يُحصله في مئات الليالي سواها، ومن أجل العناية والفوز ببركات هذه الليلة العظيمة، أمر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  المؤمنين بإحياءها، بالصلاة والدعاء والاستغفار، والإكثار من القرآن والتضرع، بكل صدق وإخلاص ويقين، وإن مخازن البر والرحمة والإحسان ومستودعات العفو والصفح والغفران، يُخْرِجُ اللهُ تَعَالَى مَا فِيْهَا لِيَعرضه على عباده، فَيَعْرِضُ اللهُ عز وجل نفحاتِهِ المملوءة بالرحمة والقبول على عباده المخلصين التائبين، فينال هذه الأنوار والنفحات الربانية كل مَن يَتَعرَّفُ لها في هذه الليلة، فأما المؤمن الصادق فيترقَّبُ هذه الأوقات، ويَعبد الله فيها بزيادة الاستعداد لها، بوفرة المبرات والصدقات، والإكثار من ذكر الله عز وجل والطاعات، فيَغسل نفسه وروحه وقلبه من كل ما يدنسها، حتى يُصبح القلبُ صافياً، فإذا لاحت أنوار القرب الرباني في هذه الليلة المباركة، هبطت إلى هذا القلب المحب العاشق لربه، فيسعد بها سعادة الدارين، ويمتلئ قلبه بأنوار اليقين والقرب من رب العالمين، وعندها يكون من عباد الله الصالحين، فقد قال الله تعالى في شأن هذه الليلة المباركة: )فيها يُفرقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيم( فقال بعض المفسرين: إنها ليلة النصف من شعبان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (إذا كانت ليلة النصف من شعبان ، فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله تعالى يَنْزِلُ فِيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مبتلىً فأعافيه، ألا كذا ألا كذا حتى يَطلع الفجر) وتقول سيدتنا عائشة رضي الله تعالى عنها: (فقدت النبي صلى الله عليه وسلم  ، فخرجت فإذا هو بالبقيع، رافعاً رأسه إلى السماء، فقال: أكنت تخافين أن يَحِيْفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُوْلُه؟ فقالت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: (إن الله تبارك وتعالى يَنزل ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) وقال عطاء رضي الله عنه "إذا كانت ليلة النصف من شعبان دُفِعَ إلى ملك الموت صَحيفةً، فيقال له: اقبض من في هذه الصحيفة، فإن العبد ليغرس الغراس وينكح الأزواج ويبني البنيان، وإن اسمه قد نُسخ في الموتى، ما يَنتظر به مَلك الموت إلا أن يُؤْمَرَ بِهِ فَيَقْبِضَه، وما مِن لَيلة بعد ليلة القدر أفضلُ من ليلة النصف من شعبان، يَنْزِلُ اللهُ تعالى فيها إلى السماء الدنيا، نزول رحمة ومغفرة ورضوان، فيَغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن أو قاطع رحم أو قاتل نفس.

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم  يَقوم هذه الليلة فيطيل فيها الصلاة، وَيُكْثِرَ فِيْهَا مِنْ الذِّكْرِ والدعاء، مما لا يفعله في غيرها من الليالي، وتروي لنا عائشة رضي الله تعالى عنها فتقول: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم  من الليل فصلى فأطال السجود، حتى ظننت أنه قُبض، فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك، فرجعت فسمعته يقول في سجوده: (أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) فلما رفع رأسه من سجوده وفرغَ من صلاته قال: يا عائشة: أتدرين أي ليلة هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (هذه ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمستغفرين، ويرحم المسترحمين، ويُؤخر أهل الحقد كما هم) أي يتركهم بلا رحمة ولا مغفرة. ويقول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  : (أتاني جبريل عليه السلام ، فقال: هذه ليلة النصف من شعبان، ولله فيها عتقاء من النار، بعدد شعور غنم بني كلب، ولا ينظرُ الله فيها إلى مشرك، ولا على مشاحن، ولا إلى قاطع رحم، ولا إلى عاق لوالديه، ولا إلى مدمن خمر).

فينبغي للمؤمن أن يَغتنم هذه الليلة المباركة، وأن يتفرغ فيها لذكر الله تعالى، ودعائه بمغفرة الذنوب وستر العيوب، وتفريج الكروب وتفريح القلوب، وأن يُقدم على ذلك كله التوبة، فإن الله تَعالى يَتوب فيها على من يتوب. ويتعين على المسلم في هذه الليلة، أن يَتَجنب الذنوب التي تمنع المغفرة وقبول الدعاء، وقد ورد عن سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، أنه كتب إلى عامله بالبصرة: "عليك بأربع ليال من السنة، فإن الله تعالى يُفرغ فيهن الرحمة إفراغاً: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر وليلة الأضحى". وقال كعب رضي الله عنه "إن الله تعالى يَبعث ليلةَ النصف من شعبان جبريلَ عليه السلام إلى الجنة، فيأمرها أن تتزين، ويقول لها: إن الله تعالى قد أعتق في ليلتك هذه عدد نجوم الليل وعدد ورق الشجر وزنة الجبال وعدد الرمل.

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1588
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *