الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2014-10-21 الساعة 16:13:55
شـــهـــر الـــلــــه الـــمـــحـــرَّم
الشيخ مــحمــد الــفــحَّــام


الحمد لله حمداً يَنْقُلُنا من ظلمة الغفلات إلى نور الطاعات والمسرات, ويرفعُنا المحمود له إلى أعلى الدرجات في الحياة وبعد الممات, حمداً يرقى بنا إلى ضياء المعيَّةِ النبوية الهادية إلى مقاصد سيد السادات عليه أفضل الصلوات وأتمُّ التسليمات, وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له المستحق لخالص العبادات, وأشهد أنَّ سيدنا محمداً عبده ورسوله المظهر والجوهر لسائر المكرُمات, وبعد؛ فلما كان عطاءُ الله تعالى بما هو أهله كانَ سامياً, ولما كان تعالى فعالاً لما يريد كانت خصائصُ رحماته شاملةً في الأزمنة والأمكنة والأشخاص, فالأمكنة كالمشعر والشعائر وكلِّ الأماكن المقدسة, والأشخاص كالأنبياء والأولياء والصالحين, وأما الأزمنة فكالشهور والأيام والتي منها رمضان, ويوم العيد والجمعة, ويوم عرفة, وعليه؛ فما يَجدُر ذكره الساعة هو الكلام عن زمن مبارك نحن على أبواب استقباله، باركَه الله تعالى وبارك أيامه؛ إنَّه شهرُ الله المحرَّم، الذي جاءت خاصيَّته في بيان الحقِّ سبحانه وتعالى القائل: )إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِين( [التوبة: 36] وهي؛ ذو القعدة, وذو الحجة, والمحرم, ورجب الفرد. وسُمِّيَتْ حُرُماً لحرمتِها عند الله تعالى, وأنها مُعظَّمةٌ بتعظيمه سبحانه, مُحترمةٌ بإجلاله يُجَل فيها كلُّ مطلبٍ شرعيٍّ أضعافاً مضاعفة, كما أنه يُضاعف فيها أجرُ الطاعات والمبرات, وقوله تعالى: )ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم( أي ذلك الشرعُ المستقيم, وقوله تعالى: )فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُم( أي لا تظلموا في هذه الأشهر المحرمة أنفسكم، بهتك حرمتِهن وارتكاب ما حرَّم الله تعالى من المعاصي والآثام، كما كان أهلُ الجاهلية يفعلون، من تأخيرٍ وتقديم، فيتيهوا في ظلمة تعيين الشهر الحرام، كما بيَّن ذلك القرآن بقوله: )إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِين( والنَّسيء مصدرُ نسأه إذا أخَّره, وهو تأخير حُرمة الشهر إلى شهر آخر، فكان ذلك جُرأة على أمر الله تعالى وصراطه المستقيم ...، فالمعنى المشارُ إليه إنما هو زيادةُ التأكيد على الالتزام في تلك الأشهر الحرم بما أمر ونهى سبحانه وتعالى لحرمتها وقدسيَّة الآمر سبحانه , فهي لفتة تقتضينا السمو على ما كان عليه أهلُ الجاهلية من هتْكِ الحرمات, تحقيقاً للرغبات بتقديم النَّزوات والشهوات لخسيس الغايات, ثم نرتقي في معراج الحسنات بكامل العطايا وكريم الدرجات على متن الآداب بين يدي موكب التنزلات بالتجليات في تلك الشهور المباركة، لاسيما شهر الله المحرم الذي جعله المولى الكريم مَرْتَعاً خصيباً للطاعة والإنابة، واستهلالٍ منيرٍ في غرَّته للسنة الهجرية الجديدة، بوسيع الرحمات في رحاب منهج الهدي النبوي الداعي لملأه بالطاعات والعبادات تجديداً للعهد بين يدي الله تعالى مع انصرام ما سبَقَه من الأشهر الحرم, ونهاية سنةٍ ثم بداية سنة مع زمَن العُمر لتكون بدايةً مشرقة على مفهوم الحكمة القائلة؛ "من أشرقت بدايته أشرقت نهايته", لاسيما بعبادة الصوم التي ندبنا إليها فيه رسولُ الله عليه الصلاة والسلام بقوله: (أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهرُ اللهِ المحرم, وأفضلُ الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل) [أخرجه مسلم] ولعلَّ مضاعفةَ الأجر في شهر المحرم أن خصَّه الله تعالى بيومٍ لغفران ما سلف من الذنوب وهو العاشر منه، والذي كان صومُه فرضاً قبل فرض رمضان، ثم نسخ بفرضيَّة الشهر الكريم, لكنْ بقيت الإشارة إلى فضله بسنيَّة صومه, وبقوله عليه السلام في الصحيح: (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) وبقي السيد الأعظم يَصومه إلى أن لقي ربه سبحانه, والذي عرف من سببه ما روى البخاري عن ابن عباس أنَّ رسولَ الله قدم المدينة، فرأى اليهودَ تصوم عاشوراء، فقال: (ما هذا؟) قالوا: هذا يومٌ صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوِّهم، فصامه موسى. قال: (فأنا أحقُّ بموسى منكم) فصامَه وأمَرَ بصيامه .

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1766
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *