ما أشد إيلام تلك الصورة التي تَناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لطفل سوري مُشرد يَضع كتبه في حقيبة مَصنوعة من كيس أرز.
لا يكفي أن نتألم إن كان باستطاعتنا أن نَصنع فرقاً.
أيها الغني الكريم: صحائف أعمالك تُناديك، واعلم أن كفالة طالب العلم لَون من ألوان الصدقة الجارية، فقد قال رسول الله r: (إذا مات الإنسانُ انقطع عملُه إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، وعلمٍ يُنْتَفَعُ به، وولدٍ صالحٍ يدعو له) [أخرجه الترمذي].
الرسالة الثالثة: رسالة إلى الأبناء:
أيها الأبناء، أيها الطلاب: أنتم الأمل، وبكم سنعيد بناء المستقبل.
سامحونا كان ينبغي علينا أن نُؤمن لكم ظروف حياة مريحة، ولكن اعلموا أن النجاح يُولد من رحم الآلام.
أيها الشاب: لا بُدَّ مِن العِلم مهما كانت الظروف، ومهما كانت الأحوال، أنت تَرى بعينك الآلام التي نُعانيها هذا العام، غلاء وبطالة، تهجير وتقتير، فإن كنت من سعداء الحظ وسجلت في المدرسة؛ فأنت في نعمة كبيرة، حافظ عليها بالشكر، حافظ عليها بالأدب، حافظ عليها بالتفوق.
اعلم أن معلمك لحم وعظم، مشاعر وأحاسيس، هو مثلك يُعاني صعوبات الحياة المادية، ربما فقد في الصيف قريبه، ربما تهدم داره، مثلك يعاني من صعوبات التنقل، وقلة وسائل النقل، مثلك يُعاني من ازدحام الصفوف، وتزاحم الأعباء، لكنه يحمل فوق ذلك عبء الرسالة السامية، يحمل أمانة العلم التي يَنبغي أن يُوصلها صحيحة سليمة، فكن عوناً له على عمله، ولا تكن عبئاً جديداً فوق أعبائه.
الرسالة الرابعة: رسالة إلى المعلمين:
أيها المعلم الكريم: مهما قلنا لك لن نكافئك، يَكفي أنك بقيت في البلد مرابطاً، والبلد تُعاني نزيفاً حاداً في الكفاءات، هنيئاً لك صنعة الأنبياء: فقد روى ابن ماجه عن ابن عمر t قال: دخل الرسول r المسجد، فإذا هو بحلقتين إحداهما يقرءون القرآن ويدعون الله، والأخرى يتعلمون ويعلمون، فقال: (كل على خير، هؤلاء يقرءون القرآن ويدعون الله، فإن شاء أعطاهم وإن شاء منعهم، وهؤلاء يتعلمون ويعلمون، وإنما بعثت معلماً).
أخي المعلم: تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي رسالة مِن طالب سوري إلى معلمه، اسمح لي أن أضعها بين يديك: "أطلب منكم في بداية هذا العام أن تُضيفوا إذا سمحتم إلى مِهنتكم الإنسانية النَّبيلة في التَّعليم دَوراً آخر لَيس جَديداً عَليكم ولكننا بأشد الحاجة إليه الآن، نحن خرجنا من بيتنا الواسع، وكلنا نَعيش الآن في غرفة واحدة، لم يعد والدي يذهب إلى متجره، بل كل مَا يملكه الآن بسطة على رصيف الشارع، لذلك أرجوك أرجوك، لا تطلب مني دفتراً لكل مادة، صدقني لا توجد طاولة في بيتنا، وصرنا نكتب وندرس على الأرض، فلا تَصرخ في وجهي إن لم يُعجبك خطي.
معلمي: أنا ما جِئت لأتعلم فقط، إنك إن لم تشعر بألمي فلن تصل كلماتك إلى قلبي.
لم أعد أستطيع أن أراك ترفع عصاك لتضربني بها، بل أريدك أن تفتح قلبك لتضمني إلى صدرك.
لا تَسخر مِن نُطقي إذا تلعثمتُ في القراءة أمام زملائي، فأنا الطفل الصغير صِرت خائفاً من الموت والرصاص، ولم أعد أحتمل مزيداً من الألم.
معلمي: أَستحلفك بالله؛ ألا تُخيب أملي فيك، وأن تكون بسمة أمل لي، لا مَصدر هَمٍّ جَديد".
أيها السادة الكرام:
الحياة مستمرة، والفرج قريب، قال الله تعالى: )فإن مع العسر يسراً * إن مع العسر يسراً(.
رسائل عاجلة مع بداية العام الدراسي:
أيها الأب: صحح نيتك واحتسب نفقتك على الله.
أيها الغني بادر لخير مُستمر في حياتك وبعد مماتك، اكفل طالباً وادعم المسيرة العلمية.
أيها الطالب: اشكر نعمة الله عليك بالأدب والالتزام والتفوق.
أيها المعلم: أعانك الله تعالى فيما أقامك.
قال الصادق المصدوق r: (الدّنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلّا ذكر اللّه، وما والاه، أو عالما أو متعلّماً) [أخرجه ابن ماجة].
جعلني الله وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أقول قولي هذا وأستغفر الله 12/9/2014