السبت 11 شوال 1445 - 20 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2013-07-22 الساعة 14:03:37
وانــتصــف رمــضـــان
الشيخ بلال سلمان

 لَقَد بَاشَرَ الصَّالِحُونَ لَيَالِيَ رَمَضَانَ ، بِصَفَاءِ وُجُوهِهِم وَقِيَامِ أَبدَانِهِم ، خَالَفَ خَوفُ اللهِ بَينَهُم وَبَينَ السُّهَاد ، وَأَطَارَ مِن أَعيُنِهِمُ الرُّقَاد ، عُيُونُهُم مِن رَهبَةِ اللهِ تَدمَع ، وَقُلُوبُهُم مِنْ خَوفِهِ تَلِينُ وَتَخشَع ، يَعبُدُونَهُ فِي ظُلمَةِ اللَّيْلِ وَالنَّاسُ ضُجَّع ، قَومٌ أَبرَارٌ لَيسُوا بِآثِمِينَ وَلا فُجَّار ، فَيَا مَن قَضَيتَ لَيلَكَ فِي مَعصِيَةِ الخَالِق ، وَأَضَعتَ لَيَالِي رَمَضَانَ الشَّرِيفَةَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالبَوَائِق ، يَا لَهَا مِن خَسَارَةٍ لا تُشبِهُهَا خَسَارَة ، أَن تَرَى أَهلَ الإِيمَانِ وَاليَقِين ، وَرَكَائِبَ التَّائِبِينَ وَقَوَافِلَ الْمُستَغْفِرِين ، قَد حَظُوا فِي سَاعَاتِ اللَّيلِ بِالقُربِ وَالزُّلفَى وَالرِّضْوَان ، وَقَدْ رُمِيتَ أَنتَ بِالطَّردِ وَالإِبعَادِ وَالحِرمَان ، استَدرِك مِن رَمَضَانَ ذَاهِبَاً ، وَدَع اللَّهوَ جَانِبَاً ، وَلْحَق مَعَ الْمُؤمِنِينَ بِالقَافِلَة ، وَتَقَلَّب فِي مَنَازِلِ العُبُودِيَّةِ بَينَ فَرضٍ وَنَافِلَة ، وَاجعَلِ الحَيَاةَ بِطَاعَةِ رَبِّكَ حَافِلَة ، وَحَافِظ عَلَى التَّرَاوِيحِ وَالقِيَامِ ، فِيمَا تَبَقَّى مِنَ الأَيَّام ، فَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيْمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه) [أخرجه النسائي] وقال النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيْمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِه) [أخرجه البيهقي] وَقَالَ الْمُصْطَفَى عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَة) [أخرجه أبو داود].

أَيُّهَا الإِخوَة: شَهرُ رَمَضَانَ شَهرُ تِلاوَةِ القُرآن ، وَتَدَبُّرُ آيِ الفُرقَان ، شَرَّفَنَا اللهُ تَعَالَى بِهَذا الكِتَابِ الْمُبَارَك ، فَتَدَبَّرُوا آيَاتِهِ ، وَتَفَكَّرُوا فِي بَيِّنَاتِه ، وَقِفُوا عِندَ عِظَاتِه ، فَلَقَد كَانَ السَّلَفُ الكِرَامُ رضي الله عنهم ، يُكثِرُونَ مِن خَتمِ القُرآن ، فَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ ازدَادُوا مِن ذَلِكَ لِشَرَفِ الزَّمَان ، وَكَانَ جِبرِيلُ عليه الصلاة والسلام يَلقَى رَسَولَ اللهِ  فِي كُلِّ لَيلَةٍ مِن رَمَضَانَ فَيُدَارِسَهُ القُرآن . وَفِي آخِرِ عَامٍ مِن حَيَاتِهِ عليه الصلاة والسلام عَارَضَ جِبرِيلُ القُرْآنَ مَرَّتَيْن مَعَ رَسُولِ اللهِ عليه الصلاة والسلام.

يَا عِبَادَ الله: هَذَا كِتَابُ اللهِ يُتلَى بَينَ أَظهُرِكُم وَيُسمَع ، وَلَو أُنزِلَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعَاً يَتَصَدَّع ، فَهَل سِرنَا عَلَى مِنهَاجِهِ الْمُطَهَّر ؟ وَهَل طَبَّقنَاهُ فِي كُلِّ أَمرٍ وَنَهيٍ وَخَبَر ؟ وَهَل حَكَّمنَاهُ فِيمَا بَطَنَ مِن أُمُورِنَا وَظَهَر ؟ فَإِنَّ كُلَّ شَأنٍ كَبِيرٍ أَو صَغِير ، وَكُلَّ إِحدَاثٍ أَوْ تَغيِير يَتَنَاقَضُ مَعَ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِه ، وَحَسرَةٌ عَلَى جَالِبِه ، وَشَرٌّ عَلَى طَالِبِه ، وَلَقَد شَاهَدنَا فِي مَن لَم يُحَكِّم القُرآنَ وَالسُّنَّة ، شَاهَدنَا فِيهِم مِنَ الآيَاتِ مَا فِيهِ مُزدَجَر ، وَسَمِعنَا فِيهِم مِنَ العُقُوبَاتِ وَالحَوَادِثِ مَا فِيهِ مُعتَبَر ، فَخُذُوا بِكِتَابِ اللهِ بِقُوَّةٍ وَاعتِزَاز ، وَلا تَشغَلَنَّكُمُ الدُّنيَا عَن أَدَاءِ الْمَفرُوض ، فَإِنَّهَا لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوض.

شَهرُ رَمَضَانَ شَهرُ العِتقِ مِنَ النِّيرَان ، شَهرُ فِكَاكِ الرِّقَابِ مِن دَارِ الشَّقَاءِ وَالخُذلَانِ وَالهَوَان ، فَلَقَد قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ للهِ عِندَ كُلِّ فِطرٍ عُتَقَاء ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيلَة) [أخرجه ابن ماجه] فَاجتَهِدُوا مَا استَطَعتُم فِي إِعتَاقِ رِقَابِكُم وَفِكَاكِ أَبدَانِكُم وَشِرَاءِ أَنفُسِكُم ، فَهَذَا أَوَانُ التَّوبَةِ وَالاستِغفَارِ وَالانكِسَار ، وَالتَّضَرُّعِ وَالرُّجُوعِ وَالافتِقَار ، وَهَذَا زَمَانُ إِقَالَةِ العِثَار ، وَغُفرَانِ الذُّنُوبِ وَالأَوزَار ، وَهَذَا شَهرُ الإِنَابَة ، هَذَا رَمَضَانُ فِيهِ الإِجَابَةُ مِنَ الكَرِيمِ لِمَن طَرَقَ بَابَه ، (يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللهِ تَوْبَةً نَصُوحَاً) [سورة التحريم (8)] اقصُدُوا بَابَ التَّوبَةِ تَجِدُوهُ مَفتُوحَاً ، وَابذُلُوا ثَمَنَ الجَنَّةِ بَدَنَاً وَرُوحَاً ، وَأَقبِلُوا عَلَى اللهِ مَا دَامَ الأَجَلُ مَفسُوحَاً.

يَا عَبدَ الله: لَو بَلَغَت ذُنُوبُكَ كَثرَةً عَنَانَ السَّمَاء ، وَمَا انتَهَى إِلَيهِ البَصَرُ مِنَ الفَضَاء ، حَتَّى فَاقَتِ العَدَّ وَالإِحصَاء ، لَو بَلَغَت ذَلِكَ تُب وَلا تَتَرَدَّد ، فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَى التَّائِب ، وَيَغفِرُ زَلَّةَ الآيِب ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام فِي الحَدِيثِ القُدسِي: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَا ابْنَ آدَم ، إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِيْ وَرَجَوْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَم ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوْبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ وَلا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَم ، إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِيْ بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيْتَنِيْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئَاً لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَة) [أخرجه الترمذي] وَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: (إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوْبَ مُسِيْءُ النَّهَار ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوْبَ مُسِيْءُ اللَّيل ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا) [أخرجه مسلم].

اللهم اختم لنا شهر رمضان بالمغفرة والرحمة والرضوان ، وأكرمنا بالعتق من النيران ، وَمُنَّ علينا بالقبول والإحسان ، وتقبل منا أعمالنا يا حنان ويا منان .

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2005
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *