الأربعاء 15 شوال 1445 - 24 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2013-07-22 الساعة 14:03:37
وانــتصــف رمــضـــان
الشيخ بلال سلمان

 

أَيُّهَا الإِخوَةُ الْمُسلِمُون: إِنَّ شَهرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَك شَهرٌ لا يُشبِهُهُ شَهر ، عَظِيمُ الأَمرِ جَلِيلُ القَدر ، هُوَ مِن أَشرَفِ أَوقَاتِ الدَّهر ، فَضَائِلُهُ لا تُحصَى وَمَحَامِدُهُ لا تُستَقصَى ، مَوسِمٌ وَافِرُ الأَربَاحِ لِمَن اتَّجَر ، مُهلِكٌ لِأَروَاحِ مَن طَغَى فِيهِ وَفَجَر . لَقَد مَضَى مِن رَمَضَانَ صَدرُه ، وَانقَضَى مِنهُ شَطرُه ، وَاكتَمَلَ مِنهُ بَدرُه ، فَاغتَنِمُوا فُرصَةً تَمُرُّ مَرَّ السَّحَاب ، وَلُجُّوا قَبلَ أَن يُغلَقَ البَاب ، وَبَادِرُوا أَوقَاتَهُ مَا أَمكَنَكُم ، وَاشكُرُوا اللهَ عَلَى أَن أَخَّرَكُم إِلَيهِ وَمَكَّنَكُم ، وَاجتَهِدُوا فِي الطَّاعَةِ قَبلَ انقِضَائِه ، وَأَسرِعُوا بِالْمَتَابِ قَبلَ انتِهَائِه ، فَسَاعَاتُهُ تَذهَبُ وَأَوقَاتُهُ تُنهَب ، يُوشِكُ الضَّيفُ أَن يَرتَحِل ، وَشَهرُ الصَّومِ أَن يَنتَقِل ، فَأَحسِنُوا فِيمَا بَقِيَ مِنهُ يُغفَر لَكُم مَا مَضَى ، فَإِن أَسَأتُم فِيمَا بَقِيَ أُخِذتُم بِمَا مَضَى وَبِمَا بَقِي . فَقَدَ تَنَصَّفَ الشَّهرُ وَانهَدَم ، وَفَازَ مَن بِحَبلِ اللهِ اعتَصَم ، وَخَافَ مِن زَلَّةِ القَدَم ، وَاغتَنَمَ شَهرَ رَمَضَانَ خَيرَ مُغتَنَم ، وَشَقِيَ الغَافِلُ العَاصِي بَينَ الذُّلِّ وَالنَّدَم ، وَيَا وَيلَهُ يَومَ تَحِلُّ عَلَى أَهلِ الْمُخَالَفَةِ الآفَات ، يَومَ تَنقَطِعُ أَفئِدَةُ أَهلِ التَّفرِيطِ بِالزَّفَرَات ، يَومَ يُحشَرُ أَهلُ الذُّنُوبِ وَالدُّمُوعُ عَلَى الوَجَنَات ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي الحَدِيثِ القُدسِي: (يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعمَالُكُم أُحصِيهَا لَكُم ثُمَّ أُوَفِّيكُم إِيَّاهَا ، فَمَن وَجَدَ خَيرَاً فَليَحمَدِ الله ، وَمَن وَجَدَ غَيرَ ذَلِكَ فَلا يَلَوُمَنَّ إِلا نَفسَه) [أخرجه مسلم].

أَينَ مَن كَانُوا مَعَنَا فِي رَمَضَانَ الْمَاضِي ؟ أَمَا أَدَارَت عَلَيهِمُ الْمَنُونُ رَحَاهَا ، وَحَكَّ وُجُوهَهُمُ الثَّرَى فَمَحَاهَا ؟ ثُمَّ أَينَ مَن صَامُوا مَعَنَا فِي أَوَّلِ الشَّهر ، وَقَامُوا أَوَّلَهُ يَبتَغُونَ الأَجر ؟ أَتَاهُم هَادِمُ اللَّذَاتِ وَقَاطِعُ الشَّهَوَاتِ وَمُفَرِّقُ الجَمَاعَات ، فَنُقِلُوا مِنَ القُصُورِ الْمُنِيفَةِ إِلَى بُطُونِ الحُفَر ، وَمِنَ الفُرُشِ الوَثِيرَةِ إِلَى خُشُونَةِ الْمَدَر ، وَنَحنُ يَا عِبَادَ اللهِ عَلَى الأَثَر ، فَتَأَهَّبُوا لِمِثلِ مَا حَلَّ بِهِم مِنَ الغِيَر ، وَتَذَكَّرُوا مَرَارَةَ الْمَوتِ الذِي لا يَسلَمُ مِنهُ بَشَر ، وَلَو سَلِمَ مِنهُ أَحَدٌ لَسَلِمَ سَيِّدُ البَشَر.

إِنَّ أَيَّامَ رَمَضَانَ تَاجٌ عَلَى رَأسِ الزَّمَان ، مَن رُحِمَ فِيهَا فَهُوَ الْمَرحُوم ، وَمَن حُرِمَ خَيرَهَا فَهُوَ الْمَحرُوم ، وَمَن لَم يَتَزَوَّد مِن عَامِهِ فِيهَا فَهُوَ الظَّلُومُ الْمَلُوم ، فَلَقَد صَعِدَ رَسُولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام الْمِنبَرَ فَقَال: (آمين) ، فَسُئِلَ عَن ذَلِكَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام: (أَتَانِي جِبرِيلُ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ مَن أَدرَكَ رَمَضَانَ فَلَم يُغفَر لَهُ فَأَبعَدَهُ الله ، فَقُلتُ: آمِين) [أخرجه ابن حبان].

فَيَا مَن فَرَّطتُم فِي شَهرِ رَمَضَانَ القَائِم ، هَل أَنتُم عَلَى يَقِينٍ مِنَ العَيشِ إِلَى رَمَضَانَ قَادِم ؟ فَقُومُوا بِحَقِّ شَهركِمُ ، وَاتَّقُوا اللهَ فِي سِرِّكُمْ وَجَهرِكُم ، وَاعلَمُوا أَنَّ عَلَيكُم مَلَكَينِ يَصحَبَانِكُم طُولَ دَهرِكُم ، وَيَكتُبَانِ عَلَيكُم كُلَّ أَعمَالِكُم ، فَلا تَهتِكُوا أَستَارَكُم عِندَ مَن لا تَخفَى عَلَيهِ أَسرَارُكُم.

إِنَّ أَيَّامَ رَمَضَانَ يَجِبُ أَن تُعَظَّمَ وَتُصَان ، وَتُكَرَّمَ وَلا تُهَان ، فَهَل حَبَستُم أَنفُسَكُم فِيهَا عَن فُضُولِ الكَلَامِ وَالنَّظَر ؟ وَكَفَفتُم جَوَارِحَكُم عَن اللَّهوِ وَالأَشَر ؟ وَهَيَّأتُم مِنَ الزَّادِ مَا يَصلُحُ لِلسَّفَر ؟ أَم أَنتُم مِمَّن تَعَرَّضَ فِي هَذَا الشَّهْرِ لِلمَسَاخِط ، وَقَارَفَ الْمَظَالِمَ وَالْمَسَاقِط ، وَتَاهَ بِالدُّنْيَا وَكَأَنَّهُ خُلِقَ فِيهَا لَهَا ، وَسَلَكَ بِنَفسِهِ طَرِيقَ الهَوَى فَأَهلَكَهَا ، ولْتُحرَسْ مِنكُم فِي هَذَا الشَّهْرِ العَينَان ، وَلْيُحفَظْ فِيهِ اللِّسَان ، وَلْتُمنَعْ مِنَ الخُطَا في الخَطَأ القَدَمَان ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ فِي كُلِّ زَمَان ، وَلَكِن يَتَعَاظَمُ فِي رَمَضَان ، فَيَقُولُ سَيِّدُ الأَنَام عليه الصلاة والسلام: (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّوْرِ وَالعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ للهِ حَاجَةٌ بِأَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَه) [أخرجه الترمذي] وَيَقُوْلُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام: (رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِن صِيَامِهِ الجُوْعُ وَالعَطَش ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِن قِيَامِهِ السَّهَر) [أخرجه ابن خزيمة] وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: (إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنْ الكَذِبِ وَالْمَحَارِم ، وَدَعْ أَذَى الخَادِم ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِيْنَةٌ يَومَ صَومِك ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ وَيَوْمَ فِطْرِكَ سَوَاء) [أخرجه البيهقي].

يَا عَبدَ الله: جَدَّ القَومُ وَأَنتَ قَاعِد ، وَقَرُبُوا وَأَنتَ مُتَبَاعِد ، وَقَامُوا وَأَنتَ رَاقِد ، وَتَذَكَّرُوا وَأَنتَ شَارِد ، إِن قَامَ العُبَّادُ لَم تُرَ بَينَهُم ، وَإِن عُدَّ الصَّالِحُونَ فَلَستَ مَعَهُم ، تَرجُو النَّجَاةَ بِبِضَاعَةٍ مُزجَاة ، فَلا صَلَاةَ وَلا مُنَاجَاة ، وَلَا تَوبَةَ وَلا مُصَافَاة .

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 2005
1  2  

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *