الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد :
قال الله عزّ وجل في صفة عباد الرحمن: { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} .
وقال تعالى في صفة المتقين: { كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) } الذاريات.
التهجّد هو : هجد الرجل إذا نام بالليل ، وهجد إذا صلى بالليل ، وأما المتهجِّد فهو القائم إلى الصلاة من النوم ، فصلاة التهجد سنة مؤكدة ثابتة بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة.
وممّا ورد عن فضل التهجد :
1 - عناية النبي صلى الله عليه وسلم بقيام الليل حتى تفطرت قدماه ، فقد كان يجتهد في القيام اجتهاداً عظيماً، عن عائشة رَضي الله عنها : أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ فَقُلْتُ لَهُ : لِمَ تَصنَعُ هَذَا يَا رسولَ الله ، وَقدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ : (( أَفَلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْداً شَكُوراً )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ ، وهَذَا لفظ البخاري.
2- من أعظم أسباب دخول الجنة، عن عَبْد اللَّهِ بْن سَلَامٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ وَقِيلَ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ثَلَاثًا فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصِلُوا الْأَرْحَامَ وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ سنن ابن ماجة.
3- قيام الليل من أسباب رفع الدرجات في غرف الجنة؛ لحديث أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلانَ الْكَلامَ ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ)).
4 - شرف المؤمن قيام الليل؛ لحديث سهل بن سعد t قال: جَاءَ جِبْرِيلُ , عَلَيْهِ السَّلاَمُ , إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، فقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ)).
ومن المستحبات في التهجد :
1 - يُستحبُّ أن يكون تهجدُه في بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجَّد في بيته؛ ولحديث زيد بن ثابت أن النبي قال: ((...فعليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة)).
2 - يُستحب له أن يوقظ أهله؛ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ فَإِذَا أَوْتَرَ قَالَ « قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَةُ ».صحيح مسلم.
3 – يجوز للمتهجد التنوع في القراءة عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قَامَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- بِآيَةٍ حَتَّى أَصْبَحَ يُرَدِّدُهَا ، وَالآيَةُ (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
وهذا يدل على التنويع في القراءة في صلاة الليل على حسب ما يفتح الله به على عبده، وعلى حسب الأحوال وقوة الإيمان.
4 - وأما الجهر بالقراءة والإسرار بها في قيام الليل، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ يَجْهَرُ أَمْ يُسِرُّ قَالَتْ كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ رُبَّمَا جَهَرَ وَرُبَّمَا أَسَرَّ .
معجزة علمية في قيام الليل
جاء في كتاب "الوصفات المنزلية المجربة وأسرار الشفاء الطبيعية" وهو كتاب باللغة الانجليزية لمجموعة من المؤلفين الأمريكيين أن القيام من الفراش أثناء الليل والحركة البسيطة داخل المنزل والقيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة، وتدليك الأطراف بالماء ، والتنفس بعمق له فوائد صحية عديدة ،
والمتأمل لهذه النصائح يجد أنها تماثل تماماً حركات الوضوء والصلاة عند قيام الليل .