الجمعة 10 شوال 1445 - 19 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2012-06-14 الساعة 17:44:07
دروس من الإسراء والمعراج
الأستاذ محمد خير الطرشان

حينما نقارن معجزة الإسراء و المعراج بأي رحلة سياحية سنجد فوارق كبيرة ، فهنا نستلهم الدروس و العبر التي تجدد لنا حياتنا و تزيد إيماننا ، و لعل من أهم الدلالات التي نستنتجها من رحلة الإسراء والمعراج ، ومن الدروس التي تنعكس على إيمان المؤمن وتزيده ثقةً بالله تعالى؟ و من العبر التي نأخذها من رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا نستشعر معنى العبودية لله تعالى و نتحقق بها على الوجه الأتم عندما نكتشف قدرة الله تعالى اللامتناهية و عظمته اللامحدودة ..

 

الدرس الأول:

 

أنَّ : كل محنةٍ وراءها منحة: فكل محنة وشدة وراءها منحة وعطاء وتكريم من الله، فبعد هذه المحن والشدائد والصعوبات والإيذاء الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم في الفترة الزمنية التي سبقت الإسراء والمعراج جاءت رحلة التكريم ورحلة الإعجاز الإلهي العظيم، لتثبيت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكي يزداد إيماناً ويقيناً بما يدعو إليه من رسالة ربنا.

 

 إذاً بعد كل محنة منحةٌ وعطاء من الله، وقد تعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لمحن عظيمة وشديدة، فهذه قريش قد سَدَّت كل الطرق في وجه الدعوة إلى الله في مكة المكرمة ، وفي ثقيف ، وفي سائر القبائل العربية، وأحكمت الحصار ضد الدعوة الإسلامية، ووقفت في وجه رجالات الدعوة من كل جانب، ولم تفسح لهم المجال في نقل هذه الرسالة وتبليغ هذه الأمانة بأي سبيل من السبل التي كانوا يتخذونها، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم في خطر عظيم بعد وفاة عمه أبي طالب الذي كان أكبر حماته والمدافعين عنه، وأصابه حزن شديد بعد فقد زوجته ومؤنس حياته السيدة خديجة رضي الله عنها، ومع ذلك فقد ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماضياً في طريقه صابراً محتسباً في تبليغ أمر ربه، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا يتأثر بكيد مستهزئ أو ساخر أو من يسيء له بأي كلمة من الكلمات التي كان يتعرض لها كاتهامه بأنه ساحر أو شاعر أو كاهن أو غير ذلك.

إذاً آن الأوان للمنحة الربانية والعطاء الإلهي بلا حدود، فجاءت رحلة الإسراء والمعراج على موعد من رب العالمين فاختاره الله دون جميع الخلائق ليكرمه على صبره وجهاده ولكي يخاطبه دون واسطة ومن غير حجاب، ولكي يطلعه على عوالم الغيب دون الخلق أجمعين، وأكرمه بعد ذلك بأن جمعه بإخوانه من الأنبياء والرسل في السماوات سماء تلو سماء تلو سماء، فكان إشعاراً بأنه إمامهم وقدوتهم وخاتمهم ، وأنه آخر الأنبياء على الإطلاق ، وهذه نعمة عظيمة ومنحة كريمة ما وراءها منحة، وهذا درسً عظيم لكل مسلم يتعرض لشدة أو تصيبه منحة أو كرب فإذا صبر وتحمل الشدائد فلا شك أن الله سيكرمه بالعطاءات الإلهية والمنح الربانية، وإن كل محنة وراءها منحة فلنصبر ولنحتسب ولنتق الله إذا تعرضنا لمحنة أو شدة في حياتنا، فلعل الله يكرمنا بعدها بالمنح والعطاءات الكريمة.

 

 الدرس الثاني :

 

يتبين لنا من خلال الزمن الذي كان يعيشه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو أنه كان يتهيأ للهجرة ولإقامة عاصمة للدولة الإسلامية في المدينة، فبعد أن ضاقت عليه مكة بما رحبت نتيجة عدوان أهلها وطغيانهم، ثم ما تعرض له في ثقيف والطائف، آن الأوان لكي يبحث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المكان الأكثر أماناً والأكثر استقراراً للدعوة الإسلامية، فلا بد من الانتقال إذاً إلى المدينة المنورة.

 

وإقامة الدولة تحتاج إلى قواعد متينة وأساسات عظيمة، وإلى بنيان راسخ يخلو من المنافقين ويخلو من المترددين ومن تزعزع إيمانه ، فهذه المرحلة التي يمر بها النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى أن تكون مرحلة قوية. لذلك اختبر الله سبحانه وتعالى إيمان المؤمنين وبرز بعد هذه الحادثة المنافقون من المؤمنين، فالذين صدقوا أمثال سيدنا أبي بكر الصديق كانوا أول من دعم وساند وثبت مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما انتقل إلى المدينة، فكانوا أجنحة له وكانوا حواريين له، وكانوا داعمين ومؤيدين سفراً وحضراً، ولم يرَ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كل صدق وصبر وثبات ومصابرة.

 

((ألم  أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)) [العنكبوت: 1-2]، إذاً فُتن من فتن، ونجح من نجح ، وفاز من فاز ، وخسر من خسر في هذه الامتحانات الربانية.

ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة المؤمنون الصادقون ، وابتعد عنه المتزعزعون في عقيدتهم الذي كانوا مترددين لا إلى المؤمنين ولا إلى الكافرين، حالة النفاق هذه تخلص منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة الضرورية فبرز المنافقون وظهروا على حقيقتهم ، إذا كانت فرصة قوية للمؤمنين ، كي يترسخ الإيمان في قلوبهم أمام هذه المعجزة العظيمة، كما أنه كان فرصة ليكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان منهم منافقاً ومن كان إيمانه ضعيفاً.

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1806

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *