الأربعاء 15 شوال 1445 - 24 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2012-04-09 الساعة 09:05:02
التعاون الجماعي
د . زكريا الخولي

من ظواهر الروح الجماعية التي غذّاها الإسلام ونماها في قلوب المسلمين ظاهرة التعاون الجماعي، والتي تعدّ من أهم أخلاق الأزمات والشدائد؛ لأنها تنأى بالإنسان عن الانعزالية أولاً ، ثم تنأى به ثانياً عن الانفرادية التي من قبائحها الأنانية المفرطة ؛ فبالتعاون الجماعي يتحقق معنى الجسدية الواحدة في قوله صلى الله عليه وسلم  : " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر".

وهو أيضاً يهيئ المناخ المناسب لإقامة جلائل الأعمال العلمية والتطبيقية ، ولذا أقرّ الله تعالى في كتابه مبدأ التعاون إلا أنه قيده بأن يكون تعاوناً على البر والتقوى في أعمال جماعية نافعة للإنسانية وهو تعاون المؤمنين بالله المتّبعين لتعاليمه؛ لا تعاوناً على الإثم والعدوان يتشارك فيه دعاة الشر والرذيلة والمجرمون لتحقيق الإفساد وخراب العمران ، قال تعالى:{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ }(المائدة/2).

 

وللتعاون مظاهر كثيرة جداً؛ فما هي هذه المظاهر؟

 

1ـ التعاون المعنوي ويشمل التشارك في الفكر والجاه والشفاعة الحسنة والدلالة على الخير والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر  

2ـ التعاون المادي

3 ـ التعاون العملي في الأعمال صغيرها وكبيرها.

 

أولاً: التعاون في الأمور المعنوية :

 

ومن صوره:

 

1ـ التناجي في السر والمشاركة في الرأي: نهى الله عن التناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى}(المجادلة/9).

 

2ـ التناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر: نفى سبحانه وتعالى صفة الخسران عن المتعاونين بالنصح بالحق والصبر فقال:{وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}(العصر1-3).

 

3ـ الشورى : أمر الله تعالى بها وجعلها من صفات عباده المؤمنين؛ فقال تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }(الشورى/38)، وقال سبحانه:{ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ }(آل عمران/159).

 

4ـ التعاون على الخير والدلالة عليه: ففي الدعوة إلى الهدى والمساعدة في التعلم تنشيطٌ لهمة المدعوين لالتزام طريق الهدي وشدٌّ لأزرهم حتى يتغلبوا على نفوسهم وأهوائهم؛ لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من دل على خير فله مثل أجر فاعله"[ صحيح مسلم]، وقال كذلك:"من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً "، وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:" من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء"؛وذلك أن من سنّ سنة حسنة أعان بعمله المتباطئين على نفوسهم، فجعلهم يقتدون به، ويعملون مثله منافسةً أو غيرةً أو اقتداءً حسناً؛ ومن أوجه هذا التعاون أيضاً عمل.

الخازن المسلم الناصح ؛ قال صلى الله عليه وسلم :الخازن المسلم الأمين الذي ينفذ ما أمر به فيعطيه كاملاً موفراً طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين"؛ ذلك أنّ الخازن المسلم الأمين يعين بعمله الباذل ولو شاء لاتخذ المعاذير وثبط همة الباذل وسحبه على البخل كما يفعل بعض المحاسبين عند أرباب الأعمال والشركات وأمناء الصناديق.

 

5ـ المعونة بالشفاعة الحسنة: الشفاعة الحسنة مظهر من مظاهر الجسدية الواحدة وهي تقوية لطلب صاحب الحاجة  ، بطلب شفيعٍ ذي مكانة عند من لديه تلبية الطلب فربما يكون صاحب الحاجة ضعيف التعبير عن حاجته أو مذنباً لدى من بيده تلبية طلبه أو أن بينهما جفوةً لأمر ما؛ وقد حثّ الإسلام على الشفاعة وجعل فيها أجراً؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم  إذا أتاه طالب حاجة أقبل على جلسائه فقال: "اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء " [صحيح مسلم].

وقد تكون الشفاعة بالجاه أو بالوقت والجهد أو بالقول الحسن إلا أن الله قيدها بأن تكون حسنة؛ لذا غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم  حينما شفع أسامة بن زيد في المرأة المخزومية التي سرقت ؛ قال تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا}(النساء/85).

 

ثانياً: التعاون في المال:

 

من أجلِّ صورها الزكاة؛ ولذلك سميت ماعوناً اشتقاقاً من كلمة المعونة ، قال تعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } أي يمنعون المعونة.

والزكاة رأس المعونات الواجبة المفروضة؛ قال تعالى في وصف المؤمنين{ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}(المؤمنون4)، وقال صلى الله عليه وسلم : " من كان معه فضل ظهراً فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل مال فليعد به على من لا مال له؛ وعدّد من صنوف الأموال يقول الراوي حتى رأينا أنه لا حق لأحدنا في فضل مال ".

 

ثالثاً: التعاون في مجال الأعمال الصغيرة والكبيرة :

 

ومن صور ذلك التيسير على المعسر وستر الأخ وإعارته المتاع ومؤازرته في أعماله الخيرة وحاجاته المباحة وتعليمه والشفاعة له؛ قال صلى الله عليه وسلم :" من يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ": وقال صلى الله عليه وسلم :" من ستر مسلماً في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة" وفي الحديث " والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه".

 

ومن صور الأعمال الجليلة التي أمر الله بالتعاون فيها بناء السد في قصة ذي القرنين؛ حيث إن سكان بلاد هذه المناطق ذكروا للفاتح العظيم المؤمن ذي القرنين ما تفعله قبائل يأجوج ومأجوج فيهم من قتل وإفساد في الأرض، وطلبوا منه أن يبني لهم سداً، فوافق على أن يعينوه { قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}(الكهف/95).

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1885

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *