هناك فلاسفة من الشرق والغرب ظلموا الإسلام عندما قالوا: (إن الدِّين يُعلق أتباعه بالدار الآخرة، ويَصرف أفكارهم إلى نَواحٍ غيبية مُبهمة، ويُبدد قواهم وراء العمل للدار التي يتوهمون أنهم يُحشرون فيها أو يعودون إلى ربهم فيها، وذلك كله على حساب علاقتهم بهذه الأرض ومن فيها وما فيها...
هناك سؤال وجيه يطرح نفسه: هل يَستغني الأحياء عن الصبر؟ لا, إنه لازم لكيانهم المعنوي لزوم الماء أو الهواء لكيانهم المادي، نعم قد تَستغني الدواب عن هذا الخلق، لأنها تحيا وفق هواها وتسيرها طباعها وحدها...
اتفقت رسالات السماء جميعاً على أن الناس سواسية، يردهم أصل الخلق إلى عنصر واحد، ويرجع أنسابهم على اختلاف الأمكنة إلى أب واحد، ويخضعون لواجبات وأحكام واحدة...
الإخاء هو صلة الأمة بعضها بالبعض الآخر، فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي على الإخاء الكامل، الإخاء الذي تُمحى فيه كلمة "أنا"، ويتحرك الفرد فيه بروح الجماعة ومصلحتها وآمالها، فلا يَرى لنفسه كياناً دونها ولا امتداداً إلا فيها...
المسجد قلب المجتمع الإسلامي، وملتقى المؤمنين بالغدو والآصال لأداء حقوق الله، واستلهام الرشد واستمداد العون منه جل شأنه، وهو مَصدر طاقة عاطفية وفكرية بعيدة المدى خصوصاً أيام الجمع، عندما تنصت جماهير المصلين في سكينة وخشوع للإمام وهو يَشرح لهم تعاليم الإسلام ويبين لهم حدود الله، ويفقههم على ما في الكتاب والسنة من عظات وآداب.
تواضع الناس على اعتبار التجمعات الوطنية تقليداً حسناً، ورأوا في احتشاد الجموع الغفيرة وانطلاقها إلى هدف مَرسوم وصياحها بكلمات معينة رأوا في ذلك ترجمة قوية عما يَجيش في نفوسهم من آمال ومطالب...